جميع المواضيع

الخميس، 6 أغسطس 2015


السؤال: يُشنـّع علينا بعض المخلفين في قضية وراثة الأنبياء

فمدرسة أهل البيت (ع) تقول بأن الأنبياء يورثون
ومدرسة الصحابة تقول بأن الأنبياء لا يورثون 

ويستدلون على ذلك بما ورد في بعض تراثنا كالكافي الشريف والتهذيب والبحار
وهنا أكتفي بنقل روايتين فقط فيما ورد في هذا الشأن:

01. كتاب الكافي للكليني باب (ثواب العلم والمتعلم) الجزء الأول (ص34)
 عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً، سلك الله به طريقاً إلى الجنة .....… وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن ورّثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر)

02- الكافي ج7  ص 128
عن ابي جعفر "ع" قال : لا ترث النساء من عقار الأرض شيئاً ..


السؤال
كيف نوفـّق بين الرأيين من خلال الروايات الواردة أعلاه؟

الجواب: في السؤال دعويان اثنتان، إحداهما عن وراثة الأنبياء، والأخرى عن حرمان النساء من وراثة العقار.
أما بالنسبة للدعوى الأولى: فهناك لسانان اثنان في القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت عليهم السلام. 
الأول: عن الأنبياء وأبنائهم وأرحامهم. وهؤلاء يرث بعضهم بعضا مثل سائر الناس، بشهادة القرآن والسنة وسيرة البشر. أرأيت لو كان عند نبي مال يملكه، وخلف أوﻻدا أترى أن امواله تلك كانت لتذهب إلى سائر الناس وتحرم أولاده؟! إن هذا لشيء عجاب!
1- فالقرآن جاء صريحا ليقول: "وورث سليمان داوود". وﻻ معنى لأن تحصر الوراثة في الحكمة والتعاليم، لأن المفروض أن تلك الأمور ﻻ تتعلق بولده دون سائر المؤمنين. ومعلوم أن داوود كان ملكا غنيا متمولا.
2- وقال سبحانه حكاية عن النبي زكريا وهو يدعوه: "رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب". وفي هذه اﻵية طلب زكريا ولدا من صلبه، ﻻ ولدا يتبناه ويقوم على تربيته. ولذلك قال (ولدا يرثني ويرث من آل يعقوب). أي أنه يرثه ويرث سائر أرحامه من بني يعقوب. وواضح أن المقصود هو الوراثة المادية. وإﻻ فالوراثة المعنوية والروحية ﻻ تختص بالولد للصلب. ولذلك عطف عليه بالقول: إنه يرث من بني يعقوب كما يرثني. ومعلوم أن وراثة ابنه يحيى من القوم لن تكون غير وراثة مادية. 
لقد كان زكريا قد بلغ سن الشيخوخة، وأوشك أن ييأس من الإنجاب. لكن الأمل تجدد في قلبه حينما رأى نعمة الله على مريم، فسألها: " يا مريم أنى لك هذا قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. هنالك دعا زكريا ربه؛ قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء" . فهو إذن كان يريد ولدا من صلبه ﻻ ولدا يربيه ويورثه تعاليمه. لذلك حين بشرته الملائكة "قال: رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر". فكان إذن يرغب في ولد من صلبه ومن زوجته يحمل اسمه، ويتقر عيناه به. 
وهنا نكتة طريفة ذكرها القرآن الكريم يفهمها من له اطلاع بقوانين اللغة العربية. فهو قال: " وليا يرثني" بضم الثاء، ﻻ بسكونها. ومعناه أن تكون صفة هذا الولد انه يرث وإن لم يكن هناك ما يورث. فيكون ذكر الوراثة تأكيدا على كونه قانونا شرعيا وإنسانيا متعارفا. فالولد الوارث دائما هو الذي يكون من الصلب. بخلاف ما لو كانت اﻵية بسكون الثاء، حيث يكون المقصود من الولادة حينئذ الوراثة. ويؤكد هذا المعنى المستل من ضم الثاء ما ذكره الله سبحانه بعد ذلك من أنه يرث من بني يعقوب. ( وبضم الثاء أيضا ﻻ سكونها)!.
فعلى هذا هاهو نبي يطلب من الله ان يرزقه ولدا يرثه. والله عز شأنه يستجيب له لكي يرثه. ولو كانت الوراثة بغير ذلك لكان يوجد من الناس من يتحمل تعاليمه، ولا يبقى معنى لاستغراب زكريا عليه السﻻم واستعظامه بسبب شيخوخته وعقم زوجته.
3- قوله تعالى في آية التوريث: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين". والأنبياء مثلهم مثل سائر البشر يدخلون في هذه اﻵية. فيرث أولادهم منهم للولد مثل حظ الأنثيين. ولا يمكن ترك آية صريحة محكمة إﻻ بدليل قوي محكم، وهو غير موجود. 
هذا عن اللسان الأول.
أما اللسان الثاني فهو يخاطب الناس بشكل عام بما هم أمة وأتباع، حتى غير الأرحام. ومعلوم أن الأنبياء بما هم أنبياء لم يخلفوا لهم دينارا وﻻ درهما. بل خلفوا لهم تعاليم وشرائع، عليهم أن يقتفوا أثرها؛ ويتبعوا خطاها. ولذلك وجدنا الحديث يركز على العلماء الذين ينهلون من تركة الأنبياء العلمية والروحية، ﻻ من دنانيرهم وأموالهم.
هذا بالنسبة للدعوى الأولى..
وبالنسبة للدعوى الأخرى وهي نظر الإسلام وأهل البيت في وراثة النساء؛ فنقول: إن السائل أو المعترض خلط بين عناوين متعددة في النساء. والحق أن المرأة التي ﻻ ارث لها من عقار الأرض شيئا إنما هي الزوجة، ﻻ سائر النساء مثل البنت والأم والأخت والعمة والخالة وما إلى ذلك.
وعلى هذا يكون هذا دليلا دامغا على بطلان استحواذ عائشة على بيت النبي مع أنها زوجة. والمفروض أن الزوجة (ﻻ كل امرأة من النساء) ﻻ  ترث من العقار والأراضي. ولو ورثت فإن نصيب الزوجة إنما هو الثمن مع وجود الولد للمتوفى. والربع مع عدم الولد. فعائشة إذن على هذا ﻻ ترث من الأرض شيئا. 
ولو ورثت فإنما هي زوجة من ضمن تسع زوجات بقين بعد النبي صلى الله عليه وآله. فكان حقها - لو كان لها حق - أن ﻻ ترث أكثر من تسع الثمن، أي سهما واحدا فقط من اثنين وسبعين سهما من البيت!.
ثم ﻻ ينقضي العجب حقا، كيف حكموا لها ولسائر الأزواج بالإرث أصلا مع أنهم قالوا إن الأنبياء ﻻ يورثون. فلئن كانوا ﻻ يورثون، فأزواجه أيضا ﻻ يرثن. ولئن كان الأرحام يرثون من الأنبياء فكيف قصروا الحرمان على ابنته وابن عمه فقط؟! ﻻ ينقضي عجبي. 


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

بلاك بيري:
PIN: 769a3d2d

للإشتراك في خدمة الواتسب أرسل كلمة "إشتراك".
 WhatsApp: +97333824084

هل الأنبياء يورّثون؟


السؤال: يُشنـّع علينا بعض المخلفين في قضية وراثة الأنبياء

فمدرسة أهل البيت (ع) تقول بأن الأنبياء يورثون
ومدرسة الصحابة تقول بأن الأنبياء لا يورثون 

ويستدلون على ذلك بما ورد في بعض تراثنا كالكافي الشريف والتهذيب والبحار
وهنا أكتفي بنقل روايتين فقط فيما ورد في هذا الشأن:

01. كتاب الكافي للكليني باب (ثواب العلم والمتعلم) الجزء الأول (ص34)
 عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً، سلك الله به طريقاً إلى الجنة .....… وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن ورّثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر)

02- الكافي ج7  ص 128
عن ابي جعفر "ع" قال : لا ترث النساء من عقار الأرض شيئاً ..


السؤال
كيف نوفـّق بين الرأيين من خلال الروايات الواردة أعلاه؟

الجواب: في السؤال دعويان اثنتان، إحداهما عن وراثة الأنبياء، والأخرى عن حرمان النساء من وراثة العقار.
أما بالنسبة للدعوى الأولى: فهناك لسانان اثنان في القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت عليهم السلام. 
الأول: عن الأنبياء وأبنائهم وأرحامهم. وهؤلاء يرث بعضهم بعضا مثل سائر الناس، بشهادة القرآن والسنة وسيرة البشر. أرأيت لو كان عند نبي مال يملكه، وخلف أوﻻدا أترى أن امواله تلك كانت لتذهب إلى سائر الناس وتحرم أولاده؟! إن هذا لشيء عجاب!
1- فالقرآن جاء صريحا ليقول: "وورث سليمان داوود". وﻻ معنى لأن تحصر الوراثة في الحكمة والتعاليم، لأن المفروض أن تلك الأمور ﻻ تتعلق بولده دون سائر المؤمنين. ومعلوم أن داوود كان ملكا غنيا متمولا.
2- وقال سبحانه حكاية عن النبي زكريا وهو يدعوه: "رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب". وفي هذه اﻵية طلب زكريا ولدا من صلبه، ﻻ ولدا يتبناه ويقوم على تربيته. ولذلك قال (ولدا يرثني ويرث من آل يعقوب). أي أنه يرثه ويرث سائر أرحامه من بني يعقوب. وواضح أن المقصود هو الوراثة المادية. وإﻻ فالوراثة المعنوية والروحية ﻻ تختص بالولد للصلب. ولذلك عطف عليه بالقول: إنه يرث من بني يعقوب كما يرثني. ومعلوم أن وراثة ابنه يحيى من القوم لن تكون غير وراثة مادية. 
لقد كان زكريا قد بلغ سن الشيخوخة، وأوشك أن ييأس من الإنجاب. لكن الأمل تجدد في قلبه حينما رأى نعمة الله على مريم، فسألها: " يا مريم أنى لك هذا قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. هنالك دعا زكريا ربه؛ قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء" . فهو إذن كان يريد ولدا من صلبه ﻻ ولدا يربيه ويورثه تعاليمه. لذلك حين بشرته الملائكة "قال: رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر". فكان إذن يرغب في ولد من صلبه ومن زوجته يحمل اسمه، ويتقر عيناه به. 
وهنا نكتة طريفة ذكرها القرآن الكريم يفهمها من له اطلاع بقوانين اللغة العربية. فهو قال: " وليا يرثني" بضم الثاء، ﻻ بسكونها. ومعناه أن تكون صفة هذا الولد انه يرث وإن لم يكن هناك ما يورث. فيكون ذكر الوراثة تأكيدا على كونه قانونا شرعيا وإنسانيا متعارفا. فالولد الوارث دائما هو الذي يكون من الصلب. بخلاف ما لو كانت اﻵية بسكون الثاء، حيث يكون المقصود من الولادة حينئذ الوراثة. ويؤكد هذا المعنى المستل من ضم الثاء ما ذكره الله سبحانه بعد ذلك من أنه يرث من بني يعقوب. ( وبضم الثاء أيضا ﻻ سكونها)!.
فعلى هذا هاهو نبي يطلب من الله ان يرزقه ولدا يرثه. والله عز شأنه يستجيب له لكي يرثه. ولو كانت الوراثة بغير ذلك لكان يوجد من الناس من يتحمل تعاليمه، ولا يبقى معنى لاستغراب زكريا عليه السﻻم واستعظامه بسبب شيخوخته وعقم زوجته.
3- قوله تعالى في آية التوريث: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين". والأنبياء مثلهم مثل سائر البشر يدخلون في هذه اﻵية. فيرث أولادهم منهم للولد مثل حظ الأنثيين. ولا يمكن ترك آية صريحة محكمة إﻻ بدليل قوي محكم، وهو غير موجود. 
هذا عن اللسان الأول.
أما اللسان الثاني فهو يخاطب الناس بشكل عام بما هم أمة وأتباع، حتى غير الأرحام. ومعلوم أن الأنبياء بما هم أنبياء لم يخلفوا لهم دينارا وﻻ درهما. بل خلفوا لهم تعاليم وشرائع، عليهم أن يقتفوا أثرها؛ ويتبعوا خطاها. ولذلك وجدنا الحديث يركز على العلماء الذين ينهلون من تركة الأنبياء العلمية والروحية، ﻻ من دنانيرهم وأموالهم.
هذا بالنسبة للدعوى الأولى..
وبالنسبة للدعوى الأخرى وهي نظر الإسلام وأهل البيت في وراثة النساء؛ فنقول: إن السائل أو المعترض خلط بين عناوين متعددة في النساء. والحق أن المرأة التي ﻻ ارث لها من عقار الأرض شيئا إنما هي الزوجة، ﻻ سائر النساء مثل البنت والأم والأخت والعمة والخالة وما إلى ذلك.
وعلى هذا يكون هذا دليلا دامغا على بطلان استحواذ عائشة على بيت النبي مع أنها زوجة. والمفروض أن الزوجة (ﻻ كل امرأة من النساء) ﻻ  ترث من العقار والأراضي. ولو ورثت فإن نصيب الزوجة إنما هو الثمن مع وجود الولد للمتوفى. والربع مع عدم الولد. فعائشة إذن على هذا ﻻ ترث من الأرض شيئا. 
ولو ورثت فإنما هي زوجة من ضمن تسع زوجات بقين بعد النبي صلى الله عليه وآله. فكان حقها - لو كان لها حق - أن ﻻ ترث أكثر من تسع الثمن، أي سهما واحدا فقط من اثنين وسبعين سهما من البيت!.
ثم ﻻ ينقضي العجب حقا، كيف حكموا لها ولسائر الأزواج بالإرث أصلا مع أنهم قالوا إن الأنبياء ﻻ يورثون. فلئن كانوا ﻻ يورثون، فأزواجه أيضا ﻻ يرثن. ولئن كان الأرحام يرثون من الأنبياء فكيف قصروا الحرمان على ابنته وابن عمه فقط؟! ﻻ ينقضي عجبي. 


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

بلاك بيري:
PIN: 769a3d2d

للإشتراك في خدمة الواتسب أرسل كلمة "إشتراك".
 WhatsApp: +97333824084

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  10:37 م

0 التعليقات:

back to top