جميع المواضيع

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016


السؤال: تعدُّ رواية تزويج الحسين (ع) للقاسم (ع) من إبنته سكينة محط جدل ، ما هو رأيكم في هذه الرواية ؟ وما هو تعليقكم على إحيائها وسردها على المنبر وفي العزاء ؟
 
الجواب : قضية تزويج القاسم بن الحسن (ع) يوم عاشوراء في كربلاء ليست مورد جدلٍ عند العلماء، فهي ليست ثابتة عند أحدٍ منهم، إذ لم يرد ذكرها في شيئٍ من مصادرنا المعتبرة ولو في الجملة.
نعم تفرَّد كتاب المنتخب المنسوب لفخر الدين الطريحي (رحمه الله) بنقل روايةٍ مفادها انَّ الحسين (ع) عقد للقاسم على إبنةٍ له لم يسمِّها إلا انَّه لم يذكر سنده إليها، فهي ضعيفة نظراً لكونها مرسَلة هذا مضافا إلى انَّه لم يذكر مصدره للرواية ، والفاصلة بينه وبين واقعة الطف تزيد على الألف عام، فليس من وسيلةٍ للتثبُّت من صدور الرواية، على انَّ من غير المحرَز إنتساب كلِّ ما هو مكتوب في كتاب المنتخب للشيخ الطريحي رحمه الله ، فلا يبعد انَّه قد أُضيف عليه ما ليس منه كما إحتمل ذلك بل جزم به بعض المحقِّقين. ولو ثبت انَّ المذكور في كتاب المنتخب مُنتَسِبٌ واقعاً لفخر الدين الطريحي فإنَّ ذلك لا ينفي الضعف عن الرواية المذكورة بعد أنْ لم يذكر لها سنداً بل ولا مصدراً ، وبعد عدم قيام القرائن الموجبة للوثوق أو حتى الظن بوقوعها .
فالرواية ساقطة عن الإعتبار سنداً بل لا يخلو متنها من وهن، فلا ينبغي تناولها في مجالس العزاء حرصاً على المصداقية.
وأما ما يذكره بعض الإخوة الخطباء في مقام الإستدلال على ثبوت الرواية فهو في غالبه من الحديث عن الإمكان، والإمكان ليس مورداً للإشكال إلا انَّه لا يُنتج الإثبات للصدور، أذ انَّ الذي يُثبت الوثوق بصدور الرواية هو إما سلامة سندها إو إكتنافها بقرائن موجبة للوثوق بالصدور، وكلُّ ذلك غير متاح، فالرواية مرسَلةٌ بل هي من أضعف ما تكون عليه المراسيل نظراً لخلوها أساسأ من السند هذا مضافاً إلى انَّه قد تفرَّد بنقلها مَن تفصله عن واقعة الطف فاصلةٌ زمنيَّة تربو على الألف عام، وليس في النصوص الحديثيَّة أو التأريخية ما يُشعر بوقوع ما اشتملت عليه الرواية من مضامين ، وليس ثمة من موانع تقتضي عدم نقلها لو كانت قد وقعت بل الدواعي مقتضيه لنقل مثلها ، وقد نُقلت من الأحداث ما هو أقل شأناٍ منها ، هذا مع قطع النظر عن غرابة بعض مضامين الرواية التي يحتاج الإستئناس بها ورفع الإستيحاش عنها إلى توجيهٍ لا يخلو من تكلُّف.

سماحة الشيخ محمد صنقور

رواية تزويج القاسم (ع) في كربلاء هل هي صحيحة؟


السؤال: تعدُّ رواية تزويج الحسين (ع) للقاسم (ع) من إبنته سكينة محط جدل ، ما هو رأيكم في هذه الرواية ؟ وما هو تعليقكم على إحيائها وسردها على المنبر وفي العزاء ؟
 
الجواب : قضية تزويج القاسم بن الحسن (ع) يوم عاشوراء في كربلاء ليست مورد جدلٍ عند العلماء، فهي ليست ثابتة عند أحدٍ منهم، إذ لم يرد ذكرها في شيئٍ من مصادرنا المعتبرة ولو في الجملة.
نعم تفرَّد كتاب المنتخب المنسوب لفخر الدين الطريحي (رحمه الله) بنقل روايةٍ مفادها انَّ الحسين (ع) عقد للقاسم على إبنةٍ له لم يسمِّها إلا انَّه لم يذكر سنده إليها، فهي ضعيفة نظراً لكونها مرسَلة هذا مضافا إلى انَّه لم يذكر مصدره للرواية ، والفاصلة بينه وبين واقعة الطف تزيد على الألف عام، فليس من وسيلةٍ للتثبُّت من صدور الرواية، على انَّ من غير المحرَز إنتساب كلِّ ما هو مكتوب في كتاب المنتخب للشيخ الطريحي رحمه الله ، فلا يبعد انَّه قد أُضيف عليه ما ليس منه كما إحتمل ذلك بل جزم به بعض المحقِّقين. ولو ثبت انَّ المذكور في كتاب المنتخب مُنتَسِبٌ واقعاً لفخر الدين الطريحي فإنَّ ذلك لا ينفي الضعف عن الرواية المذكورة بعد أنْ لم يذكر لها سنداً بل ولا مصدراً ، وبعد عدم قيام القرائن الموجبة للوثوق أو حتى الظن بوقوعها .
فالرواية ساقطة عن الإعتبار سنداً بل لا يخلو متنها من وهن، فلا ينبغي تناولها في مجالس العزاء حرصاً على المصداقية.
وأما ما يذكره بعض الإخوة الخطباء في مقام الإستدلال على ثبوت الرواية فهو في غالبه من الحديث عن الإمكان، والإمكان ليس مورداً للإشكال إلا انَّه لا يُنتج الإثبات للصدور، أذ انَّ الذي يُثبت الوثوق بصدور الرواية هو إما سلامة سندها إو إكتنافها بقرائن موجبة للوثوق بالصدور، وكلُّ ذلك غير متاح، فالرواية مرسَلةٌ بل هي من أضعف ما تكون عليه المراسيل نظراً لخلوها أساسأ من السند هذا مضافاً إلى انَّه قد تفرَّد بنقلها مَن تفصله عن واقعة الطف فاصلةٌ زمنيَّة تربو على الألف عام، وليس في النصوص الحديثيَّة أو التأريخية ما يُشعر بوقوع ما اشتملت عليه الرواية من مضامين ، وليس ثمة من موانع تقتضي عدم نقلها لو كانت قد وقعت بل الدواعي مقتضيه لنقل مثلها ، وقد نُقلت من الأحداث ما هو أقل شأناٍ منها ، هذا مع قطع النظر عن غرابة بعض مضامين الرواية التي يحتاج الإستئناس بها ورفع الإستيحاش عنها إلى توجيهٍ لا يخلو من تكلُّف.

سماحة الشيخ محمد صنقور

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:49 م

0 التعليقات:

الأحد، 23 أكتوبر 2016


السؤال:
يذكرُ بعضُ الخطباء في سياقِ عرْض مقتلِ الحسين (ع) أنَّ السيِّدة زينب (ع) خرجت تُدافع الشمر حين كان يحزُّ رأسَ الحسين (ع) فألقتْ بنفسها على جسد الحسين (ع) فلكزها برجلِه، ويقول بعضُهم أنَّه لكزها بكعب الرمح فسقطتْ مغشيَّاً عليها في أرض المعركة، فهل مثلُ هذه الأخبار صحيحة؟
الجواب:
ليست صحيحة بل لا أصل لها، ولم نجد لها ذكراً في كتبِنا المعتبرة، نعم بعضُ هذه الأخبار مذكورةٌ في كتبِ مجاهيل من المتأخرين أو في كتب بعض غير المتثبِّتين في النقل مثل كتاب أسرار الشهادات المليئ بهذه الأخبار الموهونة رغم أن مؤلِّفه من العلماء ولكنَّه كان متساهلاً في النقل، وقد أقرَّ هو بذلك في أكثر من موردٍ من كتابه هذا الفاقد في مجملِه للإعتبار.
 
والمذكور في كتب المؤرخين من علمائنا كالشيخ المفيد (رحمه الله) فيما يتَّصلُ بهذه القضيَّة أنَّ الحسينَ (ع) لمَّا صار وحيداً فكان يُجالدُهم: "رشقوه بالسهام حتى صار كالقُنفذ فأحجمَ عنهم، فوقفوا بإزائه، وخرجتْ أختُه زينب إلى باب الفسطاط، فنادت عمرَ بن سعد بن أبي وقَّاص: ويحَك يا عمر! أيُقتلُ أبو عبد الله وأنتَ تنظرُ إليه؟ فلم يُجبْها عمر بشيءٍ، فنادت: ويحَكم أما فيكم مسلم؟!"(1).
 
وقال السيد ابن طاووس في اللهوف انَّ الحسين (ع) حينما سقط عن فرسه قال: "قال الراوي: وخرجت زينبُ من باب الفسطاط وهي تنادى وأخاه واسيداه، وا أهل بيتاه، ليتَ السماءَ أطبقتْ على الأرض، وليت الجبالَ تدكدكتْ على السهل"(2).
 
فخروجُ السيَّدة زينب (ع) - بحسب هذين النصَّين- كان إلى باب الفسطاط، وليس في النصَّين ولا في نصوصِ سائر علمائِنا ما يُشيرُ إلى توسُّطها أرضَ المعركة فضلاً عن التفاصيل التي يتداولُها بعضُ الخطباء، وكذلك فإنَّ ما ذكرَه مؤرخوا العامة لا يتفاوتُ كثيراً عمَّا ورد في النصَّين المذكورين، فمن ذلك ما أوردَه البلاذري في أنساب الأشراف أنَّ زينب بنت عليٍّ (ع) قالتْ لعمر بن سعد: يا عمر أيُقتلُ أبو عبد الله وأنت تنظر؟! فبكى (عمر) وانصرفَ بوجهه عنها"(3).
 
فعلى الإخوة الخطباء أنْ يتحرَّزوا في النقل ويُحاذروا شديداً من تعاطي مثل هذه الأخبار المذكورة في السؤال حتَّى لا يُبتلَوا من حيثُ لا يشعرون بالإساءة لمقام السيِّدة زينب (ع) ومقامِ سيِّد الشهداء (ع).
 
والحمد لله ربِّ العالمين
 
سماحة الشيخ محمد صنقور
 
 

1-الإرشاد – الشيخ المفيد- ج2 ص111-112.
2-اللهوف في قتلى الطفوف - السيد ابن طاووس - ص73.
3-أنساب الأشراف - أحمد بن يحيى بن جابر (البلاذري) - ج3 ص203.

هل السيدة زينب (ع) خرجت تُدافع الشمر حين كان يحز رأس الحسين (ع)؟


السؤال:
يذكرُ بعضُ الخطباء في سياقِ عرْض مقتلِ الحسين (ع) أنَّ السيِّدة زينب (ع) خرجت تُدافع الشمر حين كان يحزُّ رأسَ الحسين (ع) فألقتْ بنفسها على جسد الحسين (ع) فلكزها برجلِه، ويقول بعضُهم أنَّه لكزها بكعب الرمح فسقطتْ مغشيَّاً عليها في أرض المعركة، فهل مثلُ هذه الأخبار صحيحة؟
الجواب:
ليست صحيحة بل لا أصل لها، ولم نجد لها ذكراً في كتبِنا المعتبرة، نعم بعضُ هذه الأخبار مذكورةٌ في كتبِ مجاهيل من المتأخرين أو في كتب بعض غير المتثبِّتين في النقل مثل كتاب أسرار الشهادات المليئ بهذه الأخبار الموهونة رغم أن مؤلِّفه من العلماء ولكنَّه كان متساهلاً في النقل، وقد أقرَّ هو بذلك في أكثر من موردٍ من كتابه هذا الفاقد في مجملِه للإعتبار.
 
والمذكور في كتب المؤرخين من علمائنا كالشيخ المفيد (رحمه الله) فيما يتَّصلُ بهذه القضيَّة أنَّ الحسينَ (ع) لمَّا صار وحيداً فكان يُجالدُهم: "رشقوه بالسهام حتى صار كالقُنفذ فأحجمَ عنهم، فوقفوا بإزائه، وخرجتْ أختُه زينب إلى باب الفسطاط، فنادت عمرَ بن سعد بن أبي وقَّاص: ويحَك يا عمر! أيُقتلُ أبو عبد الله وأنتَ تنظرُ إليه؟ فلم يُجبْها عمر بشيءٍ، فنادت: ويحَكم أما فيكم مسلم؟!"(1).
 
وقال السيد ابن طاووس في اللهوف انَّ الحسين (ع) حينما سقط عن فرسه قال: "قال الراوي: وخرجت زينبُ من باب الفسطاط وهي تنادى وأخاه واسيداه، وا أهل بيتاه، ليتَ السماءَ أطبقتْ على الأرض، وليت الجبالَ تدكدكتْ على السهل"(2).
 
فخروجُ السيَّدة زينب (ع) - بحسب هذين النصَّين- كان إلى باب الفسطاط، وليس في النصَّين ولا في نصوصِ سائر علمائِنا ما يُشيرُ إلى توسُّطها أرضَ المعركة فضلاً عن التفاصيل التي يتداولُها بعضُ الخطباء، وكذلك فإنَّ ما ذكرَه مؤرخوا العامة لا يتفاوتُ كثيراً عمَّا ورد في النصَّين المذكورين، فمن ذلك ما أوردَه البلاذري في أنساب الأشراف أنَّ زينب بنت عليٍّ (ع) قالتْ لعمر بن سعد: يا عمر أيُقتلُ أبو عبد الله وأنت تنظر؟! فبكى (عمر) وانصرفَ بوجهه عنها"(3).
 
فعلى الإخوة الخطباء أنْ يتحرَّزوا في النقل ويُحاذروا شديداً من تعاطي مثل هذه الأخبار المذكورة في السؤال حتَّى لا يُبتلَوا من حيثُ لا يشعرون بالإساءة لمقام السيِّدة زينب (ع) ومقامِ سيِّد الشهداء (ع).
 
والحمد لله ربِّ العالمين
 
سماحة الشيخ محمد صنقور
 
 

1-الإرشاد – الشيخ المفيد- ج2 ص111-112.
2-اللهوف في قتلى الطفوف - السيد ابن طاووس - ص73.
3-أنساب الأشراف - أحمد بن يحيى بن جابر (البلاذري) - ج3 ص203.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:14 م

2 التعليقات:

الجمعة، 21 أكتوبر 2016


السؤال:
شيخنا قيل إنَّ الشهيد جونًا مولى أبي ذرٍّ الغفاري لم يُدفَن مع أنصار الحسين (ع)، فما صحة هذا القول؟
الجواب:
هذا القول لم نجده صريحًا في كتب الأخبار والمقاتل، نعم روى السيد محمد بن أبي طالب في مقتله عن الإمام الباقر عن علي بن الحسين (عليهم السلام): "وإنَّ الناس كانوا يحضرون المعركة ويدفنون القتلى فوجدوا جونًا بعد عشرة أيام يفوح منه رائحة المسك رضوان الله عليه".
 
نقل ذلك العلامة المجلسي صاحب البحار، وأفاد الشيخ عباس القمي في كتابه منتهى الآمال أنه روي عمَّن حضر لدفن القتلى أنهم وجدوا جسد جون بعد عشرة أيام تفوح منه رائحة طيبة أذكى من المسك رضوان الله عليه.
 
وكلا النصين ليسا صريحين في عدم دفنه في القبر الجماعي لشهداء الطف من الأنصار، نعم باعتبار أن الشهداء دُفنوا على الأرجح في اليوم الثالث عشر من المحرم فإن ذلك يقتضي لو صحَّ ما روي عن الإمام الباقر (ع) أنَّ الشهيد جونًا رحمه الله دُفن بمفرده لاستبعاد إعادة حفر القبر الجماعي الذي كان لشهداء الأنصار.
 
وهذا الاستبعاد لو تمَّ قبوله فهو لا يقتضي دفن الشهيد جون (رحمه الله) بعيدًا عن موقع دفن الأنصار، فهو واقع في محيط الحائر الحسيني، وذلك لإطباق النصوص التأريخية على أنَّ الأنصار جميعًا دُفنوا في موقعٍ واحد باستثناء الحر بن يزيد الرياحي رحمه الله، وذلك هو ما تقتضيه أيضًا الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) والمتصدِّية لبيان كيفية الزيارة.
 
ثم إنَّ الخبر المروي مرسلاً عن الإمام الباقر (ع) إنّما يصح قبوله بناءً على أنَّ الذي تصدَّى لدفن الحسين (ع) ومن كان معه من الشهداء هم أهل الغاضرية من بني أسد، إذ من المعقول وقوع الغفلة منهم عن جثمان الشهيد جون حين دفنهم الشهداء، إما لوقوعه خلف تلَّةٍ بعيدة شيئًا ما عن مصارع الشهداء، أو لأنَّ التراب كان قد غطّاه بفعل الرياح أو لأنه وقع في منحدرٍ منعهم من الالتفات إليه.
 
فالغفلة عن دفنه لو كان المتصدِّي للدفن هم أهل الغاضرية معقول جدًّا، أما بناءً على ما هو الصحيح من تصدّي الإمام السجاد (ع) لدفن الحسين (ع) والشهداء الذين كانوا معه فمستبعد جدًّا، فبعد الإيمان بعصمة الإمام (ع) عن الغفلة والخطأ لا بدَّ من الجزم بعدم ذهوله عن دفن هذا الشهيد الجليل، إذ أنه كان متصديًا لذلك، إلا أن يقال إنَّ الإمام لم يكن قد غفل عن دفنه وإنما ترك دفنه عن قصدٍ لحكمةٍ اقتضت ذلك وخفيَت علينا.
 
وثمَّة احتمال يمكن أن يكون وجيهًا وهو أنَّ الشهيد جونًا كان قد دُفن ضمن من دُفن من قتلى المعسكر الأموي اشتباهًا، ولأنَّ عشائر المعسكر الأموي رجعوا إلى كربلاء لتشخيص مواضع قبور قتلاهم أو إعادة تجهيزها فوجدوا جثمان جون ضمن قتلاهم، وحينئذٍ دفنه أهل الغاضرية من بني أسد قريبًا من موقع مدفن أنصار الحسين (ع) كما هو مقتضى نصوص الزيارة ومقتضى النصوص التأريخية التي أفادت أنَّ جميع أنصار الحسين (ع) مدفونون في محيط الحائر الحسيني.
 
وقوّة هذا الاحتمال تنشأ من ملاحظة نص الخبر المرويّ عن الباقر (ع) "وأنَّ الناس يحضرون المعركة يدفنون القتلى"، ومن المعروف تأريخيًا أن قتلى المعسكر الأموي دفنوا يوم الحادي عشر، ودفن الحسين (ع) وأنصاره في اليوم الثالث عشر على الأكثر، وحينئذٍ كيف يُقال "إن الناس يحضرون المعركة يدفنون القتلى" لولا ما ذكرناه من احتمال.
 
ولعلّ الله تعالى أراد أن يُظهر كرامة هذا الشهيد السعيد فكان ما وقع له من التأخر في الإلحاق بمدفن الشهداء.

سماحة الشيخ محمد صنقور

هل دُفن جون مولى أبي ذر مع أنصار الحسين؟


السؤال:
شيخنا قيل إنَّ الشهيد جونًا مولى أبي ذرٍّ الغفاري لم يُدفَن مع أنصار الحسين (ع)، فما صحة هذا القول؟
الجواب:
هذا القول لم نجده صريحًا في كتب الأخبار والمقاتل، نعم روى السيد محمد بن أبي طالب في مقتله عن الإمام الباقر عن علي بن الحسين (عليهم السلام): "وإنَّ الناس كانوا يحضرون المعركة ويدفنون القتلى فوجدوا جونًا بعد عشرة أيام يفوح منه رائحة المسك رضوان الله عليه".
 
نقل ذلك العلامة المجلسي صاحب البحار، وأفاد الشيخ عباس القمي في كتابه منتهى الآمال أنه روي عمَّن حضر لدفن القتلى أنهم وجدوا جسد جون بعد عشرة أيام تفوح منه رائحة طيبة أذكى من المسك رضوان الله عليه.
 
وكلا النصين ليسا صريحين في عدم دفنه في القبر الجماعي لشهداء الطف من الأنصار، نعم باعتبار أن الشهداء دُفنوا على الأرجح في اليوم الثالث عشر من المحرم فإن ذلك يقتضي لو صحَّ ما روي عن الإمام الباقر (ع) أنَّ الشهيد جونًا رحمه الله دُفن بمفرده لاستبعاد إعادة حفر القبر الجماعي الذي كان لشهداء الأنصار.
 
وهذا الاستبعاد لو تمَّ قبوله فهو لا يقتضي دفن الشهيد جون (رحمه الله) بعيدًا عن موقع دفن الأنصار، فهو واقع في محيط الحائر الحسيني، وذلك لإطباق النصوص التأريخية على أنَّ الأنصار جميعًا دُفنوا في موقعٍ واحد باستثناء الحر بن يزيد الرياحي رحمه الله، وذلك هو ما تقتضيه أيضًا الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) والمتصدِّية لبيان كيفية الزيارة.
 
ثم إنَّ الخبر المروي مرسلاً عن الإمام الباقر (ع) إنّما يصح قبوله بناءً على أنَّ الذي تصدَّى لدفن الحسين (ع) ومن كان معه من الشهداء هم أهل الغاضرية من بني أسد، إذ من المعقول وقوع الغفلة منهم عن جثمان الشهيد جون حين دفنهم الشهداء، إما لوقوعه خلف تلَّةٍ بعيدة شيئًا ما عن مصارع الشهداء، أو لأنَّ التراب كان قد غطّاه بفعل الرياح أو لأنه وقع في منحدرٍ منعهم من الالتفات إليه.
 
فالغفلة عن دفنه لو كان المتصدِّي للدفن هم أهل الغاضرية معقول جدًّا، أما بناءً على ما هو الصحيح من تصدّي الإمام السجاد (ع) لدفن الحسين (ع) والشهداء الذين كانوا معه فمستبعد جدًّا، فبعد الإيمان بعصمة الإمام (ع) عن الغفلة والخطأ لا بدَّ من الجزم بعدم ذهوله عن دفن هذا الشهيد الجليل، إذ أنه كان متصديًا لذلك، إلا أن يقال إنَّ الإمام لم يكن قد غفل عن دفنه وإنما ترك دفنه عن قصدٍ لحكمةٍ اقتضت ذلك وخفيَت علينا.
 
وثمَّة احتمال يمكن أن يكون وجيهًا وهو أنَّ الشهيد جونًا كان قد دُفن ضمن من دُفن من قتلى المعسكر الأموي اشتباهًا، ولأنَّ عشائر المعسكر الأموي رجعوا إلى كربلاء لتشخيص مواضع قبور قتلاهم أو إعادة تجهيزها فوجدوا جثمان جون ضمن قتلاهم، وحينئذٍ دفنه أهل الغاضرية من بني أسد قريبًا من موقع مدفن أنصار الحسين (ع) كما هو مقتضى نصوص الزيارة ومقتضى النصوص التأريخية التي أفادت أنَّ جميع أنصار الحسين (ع) مدفونون في محيط الحائر الحسيني.
 
وقوّة هذا الاحتمال تنشأ من ملاحظة نص الخبر المرويّ عن الباقر (ع) "وأنَّ الناس يحضرون المعركة يدفنون القتلى"، ومن المعروف تأريخيًا أن قتلى المعسكر الأموي دفنوا يوم الحادي عشر، ودفن الحسين (ع) وأنصاره في اليوم الثالث عشر على الأكثر، وحينئذٍ كيف يُقال "إن الناس يحضرون المعركة يدفنون القتلى" لولا ما ذكرناه من احتمال.
 
ولعلّ الله تعالى أراد أن يُظهر كرامة هذا الشهيد السعيد فكان ما وقع له من التأخر في الإلحاق بمدفن الشهداء.

سماحة الشيخ محمد صنقور

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:55 م

0 التعليقات:

السبت، 24 سبتمبر 2016


السؤال: هل النبي صلى الله عليه وآله كان يتعبد بشرائع من كان قبله من الأنبياء عليهم السلام، أم كان يتعبد بشريعته وينزل عليه وحي خاص به من ولادته إلى إظهار نبوته صلوات الله عليه وآله؟
 
الجواب: كان دينه (صلى الله عليه وآله) الحنيفية كما كان دين جده إبراهيم الخليل (عليه السلام) وكما كان دين آبائه وأجداده. ولكن لا يعني ذلك أنه كان صلى الله عليه وآله تابعا لإبراهيم الخليل، بل كانا معا على دين الحنيفية، فإن الحنيفية هي الفطرة. وإلا فإن الأدلة متضافرة على فضل رسول الله وتقدمه على جميع الأنبياء والمرسلين، وتبعية الفاضل للمفضول مرجوحة. بل روي عنه صلى الله عليه وآله قوله: "كنت نبيا وآدم بين الماء والطين"، كما في تفسيري الصافي وكنز الدقائق. وفي نقل العلامة الأميني: أنه (صلى الله عليه وآله) كان نبيا وآدم بين الروح والجسد.
وقد قال الإمام الباقر (عليه السلام) عن الحنيفية: (هي الفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله). وقال الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (الحنيفية هي الاسلام).
وقال (عليه السلام): (كانت شريعة إبراهيم (عليه السلام) التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وهي الحنيفية). وقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال بعد ذكر إبراهيم (عليه السلام): (دينه ديني وديني دينه وسنته سنتي وسنتي سنته وفضلي فضله وأنا أفضل منه).
وقال الشيخ الطوسي في كتاب العدة: إنه (صلى الله عليه وآله) كان يتعبد بشرع نفسه، قال: عندنا أن النبي(صلى الله عليه وآله) لم يكن متعبدا بشريعة من تقدمه من الأنبياء لا قبل النبوة ولا بعدها، وأن جميع ما تعبد به كان شرعا له، ويقول أصحابنا: أنه كان قبل البعثة يوحى إليه بأشياء تخصه وكان يعمل بالوحي لا اتباعا بشريعة.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

دين رسول الله قبل البعثة


السؤال: هل النبي صلى الله عليه وآله كان يتعبد بشرائع من كان قبله من الأنبياء عليهم السلام، أم كان يتعبد بشريعته وينزل عليه وحي خاص به من ولادته إلى إظهار نبوته صلوات الله عليه وآله؟
 
الجواب: كان دينه (صلى الله عليه وآله) الحنيفية كما كان دين جده إبراهيم الخليل (عليه السلام) وكما كان دين آبائه وأجداده. ولكن لا يعني ذلك أنه كان صلى الله عليه وآله تابعا لإبراهيم الخليل، بل كانا معا على دين الحنيفية، فإن الحنيفية هي الفطرة. وإلا فإن الأدلة متضافرة على فضل رسول الله وتقدمه على جميع الأنبياء والمرسلين، وتبعية الفاضل للمفضول مرجوحة. بل روي عنه صلى الله عليه وآله قوله: "كنت نبيا وآدم بين الماء والطين"، كما في تفسيري الصافي وكنز الدقائق. وفي نقل العلامة الأميني: أنه (صلى الله عليه وآله) كان نبيا وآدم بين الروح والجسد.
وقد قال الإمام الباقر (عليه السلام) عن الحنيفية: (هي الفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله). وقال الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (الحنيفية هي الاسلام).
وقال (عليه السلام): (كانت شريعة إبراهيم (عليه السلام) التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وهي الحنيفية). وقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال بعد ذكر إبراهيم (عليه السلام): (دينه ديني وديني دينه وسنته سنتي وسنتي سنته وفضلي فضله وأنا أفضل منه).
وقال الشيخ الطوسي في كتاب العدة: إنه (صلى الله عليه وآله) كان يتعبد بشرع نفسه، قال: عندنا أن النبي(صلى الله عليه وآله) لم يكن متعبدا بشريعة من تقدمه من الأنبياء لا قبل النبوة ولا بعدها، وأن جميع ما تعبد به كان شرعا له، ويقول أصحابنا: أنه كان قبل البعثة يوحى إليه بأشياء تخصه وكان يعمل بالوحي لا اتباعا بشريعة.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:25 م

1 التعليقات:

الأحد، 28 أغسطس 2016


ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻬﻤّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻌﺮﺿﺘﻬﺎ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺼّﺔ ﺁﺩﻡ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﺨﻼﻓﺔ، ﻓﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻّ ﺑﺎﻻﻧﺼﻴﺎﻉ ﻭﺍﻟﺘﺬﻟّﻞ ﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺏ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻋﺰّ ﻭﺟﻞّ، ﻓﺈﺑﻠﻴﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻜﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﻭﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﻨﺺّ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺧﻀﻌﻮﺍ ﻭﺳﺠﺪﻭﺍ ﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻮﺣّﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ.ﻓﺎﻹﻣﺎﻣﺔ ﻣﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻄﻴﻊ ﻭﺍﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﻮﻟﻲّ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻭﺳﻴﻠﺘﻪ، ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺣّﺪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﺄﺟﻤﻌﻪ ﻣﺄﻣﻮﺭﺍً ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﻭﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﻤﻘﺮّﺑﻴﻦ، ﺣﻴﺚ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰّ ﻭﺟﻞّ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻭﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻓﻤﻦ ﻳﺄﺑﻰ ﺫﻟﻚ ﻳﻨﺪﺭﺝ ﺗﺤﺖ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺃَﺑَﻰ ﻭَﺍﺳْﺘَﻜْﺒَﺮَ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻜَﺎﻓِﺮِﻳﻦَ}. ﻭﻻ ﺷﻚّ ﺃﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﺼّﺎﺕ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻹﻣﺎﻣﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﺁﻣﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﺘّﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲّ ﺍﻷﻛﺮﻡ (ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ)، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ، ﻻ ﺯﺍﻟﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲّ ﺍﻷﻛﺮﻡ (ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ)، ﻓﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻄﻠﻖ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻄّﻠﺔ.
ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻛﻠّﻪ ﻧﺨﻠﺺ ﺇﻟﻰ: ﺃﻥّ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰّ ﻭﺟﻞّ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺇﺑﻠﻴﺲ، ﺣﻴﺚ ﻳﺪّﻋﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻃﻦ ﺩﻋﻮﺍﻩ ﺍﻟﺸﺮﻙ، ﻓﻼﺑﺪّ ﺃﻥ ﻳُﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻭﺭﻭﺣﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ ﺃﻭ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻘﺼﺪ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻜﻠّﻒ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴّﺎﺕ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻹﺑﺎﺀ ﻭﺍﻻﺳﺘﻜﺒﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺭﺑّﻪ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺤﻂّ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﺼﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻋﻨﺔ.

المصدر:الإمامة الإلهية.
سماحة الشيخ محمدالسند .

الولاية ركن التوحيد


ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻬﻤّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻌﺮﺿﺘﻬﺎ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺼّﺔ ﺁﺩﻡ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﺨﻼﻓﺔ، ﻓﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻّ ﺑﺎﻻﻧﺼﻴﺎﻉ ﻭﺍﻟﺘﺬﻟّﻞ ﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺏ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﻋﺰّ ﻭﺟﻞّ، ﻓﺈﺑﻠﻴﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻜﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﻭﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﺎﻓﺮ ﺑﻨﺺّ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺧﻀﻌﻮﺍ ﻭﺳﺠﺪﻭﺍ ﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻮﺣّﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ.ﻓﺎﻹﻣﺎﻣﺔ ﻣﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻄﻴﻊ ﻭﺍﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﻮﻟﻲّ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻭﺳﻴﻠﺘﻪ، ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺣّﺪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﺄﺟﻤﻌﻪ ﻣﺄﻣﻮﺭﺍً ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﻭﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﻤﻘﺮّﺑﻴﻦ، ﺣﻴﺚ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰّ ﻭﺟﻞّ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻭﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻓﻤﻦ ﻳﺄﺑﻰ ﺫﻟﻚ ﻳﻨﺪﺭﺝ ﺗﺤﺖ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺃَﺑَﻰ ﻭَﺍﺳْﺘَﻜْﺒَﺮَ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻜَﺎﻓِﺮِﻳﻦَ}. ﻭﻻ ﺷﻚّ ﺃﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﺼّﺎﺕ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻹﻣﺎﻣﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﺁﻣﻦ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﺘّﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲّ ﺍﻷﻛﺮﻡ (ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ)، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ، ﻻ ﺯﺍﻟﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲّ ﺍﻷﻛﺮﻡ (ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ)، ﻓﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻄﻠﻖ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻄّﻠﺔ.
ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻛﻠّﻪ ﻧﺨﻠﺺ ﺇﻟﻰ: ﺃﻥّ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰّ ﻭﺟﻞّ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺇﺑﻠﻴﺲ، ﺣﻴﺚ ﻳﺪّﻋﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻃﻦ ﺩﻋﻮﺍﻩ ﺍﻟﺸﺮﻙ، ﻓﻼﺑﺪّ ﺃﻥ ﻳُﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻭﺭﻭﺣﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ ﺃﻭ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻘﺼﺪ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻜﻠّﻒ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴّﺎﺕ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻹﺑﺎﺀ ﻭﺍﻻﺳﺘﻜﺒﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺭﺑّﻪ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺤﻂّ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﺼﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻋﻨﺔ.

المصدر:الإمامة الإلهية.
سماحة الشيخ محمدالسند .

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:24 م

0 التعليقات:

الجمعة، 12 أغسطس 2016


السؤال: 

فضيلة العلماء الافاضل أود أن اعرف فيما إذا أرسل الله عز و جل رسل أو أنبياء إلى الصين وجزاكم الله خيرا ؟

الجواب: 

ما يستفاد من القرآن الكريم و تصرح به الآيات الكريمة هو أن الله عز و جل قد أتم الحجة على الأمم و الشعوب بإرسال الرسل و الأنبياء إليهم ، و لم يدع أمة إلا و بعث إليهم من يرشدهم و يهديهم سواء السبيل .

قال الله جل جلاله مخاطبا رسوله الكريم محمد ( صلى الله عليه و آله ) : { إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } [1] .

قال الله عز و جل : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين } [2] .

و قال عز من قائل : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم } [3] .

و قال جل جلاله : { ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون } [4] .

و قال سبحانه و تعالى : { وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون } [5] .

و قال تعالى : { . . . وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } [6] .

إذن فالمؤكد هو أن الله عز و جل لم يدع أمة حتى و بعث إليهم الأنبياء و الرسل ، و الصين بلد كبير و لا يمكن أن يترك الله الناس في ذلك البلد الكبير من دون هداية و إرشاد ، أما من هو النبي المبعوث إليهم ، أو من هم الرسل الذين أرسل الله إليهم بالأسم و المواصفات فهذا ما ليس لنا لمعرفته سبيل .


الشيخ صالح الكرباسي


[1] سورة فاطر ( 35 ) ، الآية : 24 .

[2] سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 36 .

[3] سورة ابراهيم ( 14 ) ، الآية : 4 .

[4] سورة يونس ( 10 ) ، الآية : 47 .

[5] سورة القصص ( 28 ) ، الآية : 59 .

[6] سورة الإسراء ( 17 ) ، الآية : 15 .

هل بعث الله أنبياء الى الصين؟


السؤال: 

فضيلة العلماء الافاضل أود أن اعرف فيما إذا أرسل الله عز و جل رسل أو أنبياء إلى الصين وجزاكم الله خيرا ؟

الجواب: 

ما يستفاد من القرآن الكريم و تصرح به الآيات الكريمة هو أن الله عز و جل قد أتم الحجة على الأمم و الشعوب بإرسال الرسل و الأنبياء إليهم ، و لم يدع أمة إلا و بعث إليهم من يرشدهم و يهديهم سواء السبيل .

قال الله جل جلاله مخاطبا رسوله الكريم محمد ( صلى الله عليه و آله ) : { إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } [1] .

قال الله عز و جل : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين } [2] .

و قال عز من قائل : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم } [3] .

و قال جل جلاله : { ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون } [4] .

و قال سبحانه و تعالى : { وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون } [5] .

و قال تعالى : { . . . وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } [6] .

إذن فالمؤكد هو أن الله عز و جل لم يدع أمة حتى و بعث إليهم الأنبياء و الرسل ، و الصين بلد كبير و لا يمكن أن يترك الله الناس في ذلك البلد الكبير من دون هداية و إرشاد ، أما من هو النبي المبعوث إليهم ، أو من هم الرسل الذين أرسل الله إليهم بالأسم و المواصفات فهذا ما ليس لنا لمعرفته سبيل .


الشيخ صالح الكرباسي


[1] سورة فاطر ( 35 ) ، الآية : 24 .

[2] سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 36 .

[3] سورة ابراهيم ( 14 ) ، الآية : 4 .

[4] سورة يونس ( 10 ) ، الآية : 47 .

[5] سورة القصص ( 28 ) ، الآية : 59 .

[6] سورة الإسراء ( 17 ) ، الآية : 15 .

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:30 م

2 التعليقات:

الاثنين، 8 أغسطس 2016


المسألة:ورد في دعات القدح جملة "إله الآلهة". ألا تعتبر هذه الجملة شرك مما يضعف من متن الدعاء؟

 

الجواب:هذا الوصف ورد في روايات عديدة وفي أدعية مأثورة، فمن ذلك ما ورد بسندٍ معتبر عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه إذا دعا ربَّه وهو ساجد، فأيُّ شئ تقول إذا سجدت؟ قلتُ: علِّمني جعلتُ فداك ما أقول؟ قال (ع): قل: يا ربَّ الأرباب ويا ملك الملوك ويا سيد السادات ويا جبار الجبابرة ويا إله الآلهة صلِّ على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا" ثم قل: فإني عبدك ناصيتي بيدك"..(1)

 

ثم إنَّ وصف الله جلَّ وعلا بأنه "إله الآلهة" لا يعني الإقرار بألوهية غير الله جلَّ وعلا فإنَّ الله وحده لا شريك له ولا إله غيره، ومن اعتقد بغير ذلك فهو مشرك وخارج عن الإسلام.

 

فالمقصود من أنَّ الله تعالى إله الآلهة وربُّ الأرباب أنّه إله الآلهة المزعومة وربُّ الأرباب المزعومة، أي أنه تعالي إلهٌ حتى للآلهة التي يدعي المضلّون أنها آلهة وربٌّ حتى للأرباب التي يدَّعي المضلون أنَّها أرباب.

 

فالآلهة التي يعتقد المضلِّون أنَّها آلهة والآرباب التي يعبدها المضلِّون من دون الله آلهة وأرباب وهمية ولكنها تُسمى عندهم آلهة وأرباب والتعبير من قبلنا –نحن الموحدين- عن هذه الأشياء كالشمس والصنم بالآلهة إنما هو لغرض الإشارة إلى ما يعتقدون وليس لغرض الإقرار بما يعتقدون ومثال ذلك ما ورد على لسان موسى (ع) مخاطباً السامري ومشيراً إلى العجل ﴿وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾(2)

فالآية المباركة عبَّرت عن العجل بالإله وذلك نظراً لإعتبار السامري إياه إله وكذلك فإنَّ يوسف (ع) عبَّر عن معبودات مَن كان معه في السجن بالأرباب فقال: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ/ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ﴾(3)

 

فهي أرباب بحسب تسميتهم لا أنها أرباب حقيقية.

 

وبما ذكرناه يتضح أنّ معنى "إله الآلهة" و"رب الأرباب" هو أنَّ الله تعالى إله كلِّ شيء فهو إله حتى لما يُسمِّيه المضلون إله، فهو إله الشمس والكواكب التي يسميها بعض الوثنيين آلهة فهو تعالى الذي خلقها وصوَّرها وهو الذي يدبِّر شأنها وهو إله الإصنام والتي هي حجارة أو أخشاب خلقها الله وكوَّنها في هذا الوجود.

 

فالتعبير عن هذه الأشياء بالآلهة والأرباب إنما هو لغرض الإشارة إلى ما يعتقد به المبطلون تماماً كالتعبير بأنَّ الله تعالى "جبَّار الجبابرة" إذ ليس في الكون جبِّار غير الله تعالى، فالإنسان مهما تعاظم شأنه فهو ضعيف بل هو في غاية الضعف إذ أنه لا يملك أن يدفع عن نفسه الموت ولا حتى المرض أو النوم وهو لا يتحمل الجوع أو الظمأ فكيف يكون جبَّاراً وهو أضعف من أن يقاوم لسعة نار أو لفحة برد قارس فليس ثمة من جبارٍ في الكون سوى الله جلَّ وعلا.

الهوامش:

1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 6 ص 340.

2- سورة طه/97.

3- سورة يوسف/39-40

سماحة الشيخ محمد صنقور

معنى "إله الآلهة ورب الأرباب"


المسألة:ورد في دعات القدح جملة "إله الآلهة". ألا تعتبر هذه الجملة شرك مما يضعف من متن الدعاء؟

 

الجواب:هذا الوصف ورد في روايات عديدة وفي أدعية مأثورة، فمن ذلك ما ورد بسندٍ معتبر عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه إذا دعا ربَّه وهو ساجد، فأيُّ شئ تقول إذا سجدت؟ قلتُ: علِّمني جعلتُ فداك ما أقول؟ قال (ع): قل: يا ربَّ الأرباب ويا ملك الملوك ويا سيد السادات ويا جبار الجبابرة ويا إله الآلهة صلِّ على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا" ثم قل: فإني عبدك ناصيتي بيدك"..(1)

 

ثم إنَّ وصف الله جلَّ وعلا بأنه "إله الآلهة" لا يعني الإقرار بألوهية غير الله جلَّ وعلا فإنَّ الله وحده لا شريك له ولا إله غيره، ومن اعتقد بغير ذلك فهو مشرك وخارج عن الإسلام.

 

فالمقصود من أنَّ الله تعالى إله الآلهة وربُّ الأرباب أنّه إله الآلهة المزعومة وربُّ الأرباب المزعومة، أي أنه تعالي إلهٌ حتى للآلهة التي يدعي المضلّون أنها آلهة وربٌّ حتى للأرباب التي يدَّعي المضلون أنَّها أرباب.

 

فالآلهة التي يعتقد المضلِّون أنَّها آلهة والآرباب التي يعبدها المضلِّون من دون الله آلهة وأرباب وهمية ولكنها تُسمى عندهم آلهة وأرباب والتعبير من قبلنا –نحن الموحدين- عن هذه الأشياء كالشمس والصنم بالآلهة إنما هو لغرض الإشارة إلى ما يعتقدون وليس لغرض الإقرار بما يعتقدون ومثال ذلك ما ورد على لسان موسى (ع) مخاطباً السامري ومشيراً إلى العجل ﴿وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾(2)

فالآية المباركة عبَّرت عن العجل بالإله وذلك نظراً لإعتبار السامري إياه إله وكذلك فإنَّ يوسف (ع) عبَّر عن معبودات مَن كان معه في السجن بالأرباب فقال: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ/ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ﴾(3)

 

فهي أرباب بحسب تسميتهم لا أنها أرباب حقيقية.

 

وبما ذكرناه يتضح أنّ معنى "إله الآلهة" و"رب الأرباب" هو أنَّ الله تعالى إله كلِّ شيء فهو إله حتى لما يُسمِّيه المضلون إله، فهو إله الشمس والكواكب التي يسميها بعض الوثنيين آلهة فهو تعالى الذي خلقها وصوَّرها وهو الذي يدبِّر شأنها وهو إله الإصنام والتي هي حجارة أو أخشاب خلقها الله وكوَّنها في هذا الوجود.

 

فالتعبير عن هذه الأشياء بالآلهة والأرباب إنما هو لغرض الإشارة إلى ما يعتقد به المبطلون تماماً كالتعبير بأنَّ الله تعالى "جبَّار الجبابرة" إذ ليس في الكون جبِّار غير الله تعالى، فالإنسان مهما تعاظم شأنه فهو ضعيف بل هو في غاية الضعف إذ أنه لا يملك أن يدفع عن نفسه الموت ولا حتى المرض أو النوم وهو لا يتحمل الجوع أو الظمأ فكيف يكون جبَّاراً وهو أضعف من أن يقاوم لسعة نار أو لفحة برد قارس فليس ثمة من جبارٍ في الكون سوى الله جلَّ وعلا.

الهوامش:

1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 6 ص 340.

2- سورة طه/97.

3- سورة يوسف/39-40

سماحة الشيخ محمد صنقور

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:42 م

0 التعليقات:

الخميس، 4 أغسطس 2016


نص الشبهة: 

إذا كان الزواج إكمال لنصف الدين فهل هذا يعني إن الفتاة غير المتزوجة ناقصة دين أو أن ثواب أعمالها أقل من المتزوجة، و كيف نربط هذا بكمال السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) رغم عدم زواجها؟

الجواب: 

المراد من انَّ الزواج إكمال لنصف الدين هو انَّ الزواج يساهم بمقتضى أثره في تحصين الإنسان من الوقوع في الخطايا، و ذلك لان الكثير من الخطايا تنشأ عن حاجة الإنسان إلى إرواء غريزته فإذا ما ارتوت بالزواج استقرَّت نفسه و انتفت الحاجة إلى اقتحام المعاصي، فمع تديُّن الإنسان و استقرار نفسه و سكونها يُصبح متأهلاً للتكامل.
و أما انَّ السيدة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليها السلام) لم تكن قد تزوجت فذلك لا يضرُّ بكمال دينها، إذ انَّ ثمة نفوس قد بلغ مقدار تعلُّقها بدينها و خالقها مبلغاً لا تجد في غير العبادة مستقراً و مستراحاً، فالزواج إنما يكون وسيلة للكمال لغير مثل هذه النفوس المتألهة، و لذلك مدح الله تعالى نبيَّه يحيى (عليه السلام) بالسيد الحصور فقال تعالى: ﴿ ... وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴾ 1 و كان التوصيف بالبتول واحداً من نعوت السيدة مريم (عليها السلام).
و هكذا كان أهل البيت (عليهم السلام) و كل أنبياء الله جلَّ و علا لم يكن زواجهم وسيلة كمالهم بل كان كمالهم سابقاً لزواج من تزوج منهم.

سماحة الشيخ محمد صنقور

1. القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 39 ، الصفحة : 55 .

عدم زواج السيدة فاطمة المعصومة أليس مخالفا لكمال دينها؟


نص الشبهة: 

إذا كان الزواج إكمال لنصف الدين فهل هذا يعني إن الفتاة غير المتزوجة ناقصة دين أو أن ثواب أعمالها أقل من المتزوجة، و كيف نربط هذا بكمال السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) رغم عدم زواجها؟

الجواب: 

المراد من انَّ الزواج إكمال لنصف الدين هو انَّ الزواج يساهم بمقتضى أثره في تحصين الإنسان من الوقوع في الخطايا، و ذلك لان الكثير من الخطايا تنشأ عن حاجة الإنسان إلى إرواء غريزته فإذا ما ارتوت بالزواج استقرَّت نفسه و انتفت الحاجة إلى اقتحام المعاصي، فمع تديُّن الإنسان و استقرار نفسه و سكونها يُصبح متأهلاً للتكامل.
و أما انَّ السيدة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليها السلام) لم تكن قد تزوجت فذلك لا يضرُّ بكمال دينها، إذ انَّ ثمة نفوس قد بلغ مقدار تعلُّقها بدينها و خالقها مبلغاً لا تجد في غير العبادة مستقراً و مستراحاً، فالزواج إنما يكون وسيلة للكمال لغير مثل هذه النفوس المتألهة، و لذلك مدح الله تعالى نبيَّه يحيى (عليه السلام) بالسيد الحصور فقال تعالى: ﴿ ... وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴾ 1 و كان التوصيف بالبتول واحداً من نعوت السيدة مريم (عليها السلام).
و هكذا كان أهل البيت (عليهم السلام) و كل أنبياء الله جلَّ و علا لم يكن زواجهم وسيلة كمالهم بل كان كمالهم سابقاً لزواج من تزوج منهم.

سماحة الشيخ محمد صنقور

1. القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 39 ، الصفحة : 55 .

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  10:44 م

0 التعليقات:






بعد عمل متواصل دام عدة أشهر انتهينا من صناعة تطبيق "صور ولائية" للايفون والايباد.
 فكرة التطبيق هي تصاميم وخلفيات إسلامية للشاشة وايضا صور تصاميم للأحاديث وكلمات العلماء وصورهم، مع امكانية حفظها في الايفون او نشرها في برامج التواصل الاجتماعي.

للتحميل:
https://appsto.re/us/MT9Ecb.i

تطبيق صور ولائية للآيفون والآيباد!






بعد عمل متواصل دام عدة أشهر انتهينا من صناعة تطبيق "صور ولائية" للايفون والايباد.
 فكرة التطبيق هي تصاميم وخلفيات إسلامية للشاشة وايضا صور تصاميم للأحاديث وكلمات العلماء وصورهم، مع امكانية حفظها في الايفون او نشرها في برامج التواصل الاجتماعي.

للتحميل:
https://appsto.re/us/MT9Ecb.i

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  4:56 م

0 التعليقات:

الاثنين، 1 أغسطس 2016


السؤال . ما هو المقصود بالبداء ؟.

الجواب . البداء في اللغة الظهور بعد الخفاء و يقصد منه في السنة الإلهية ظهور القضاء أو القدر الإلهي بعد أن لم يكن و يطلق على المحو و الإثبات . ( يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب ) ، فيمحو ما يشاء من اللوح و يثبت ما يشاء بالقلم و ليس محوه و إثباته إلا عن علم سابق ، لا كما يبدو عند المخلوقين من جهل بالأمور و من ثم ورد من طرق الفريقين الحث على الدعاء و أنه يحجب القضاء المبرم عن الوقوع و كذلك الحث على الصدقة و أنها تمنع البلاء النازل كما قصه القرآن من حجب العذاب النازل عن قوم يونس بن متى بعد أن أنذرهم نبيهم بالعذاب و ذلك بسبب دعائهم و تضرعهم و إنابتهم إليه تعالى .
فمن ثم يظهر أن الإعتقاد بالبداء في الإرادة الإلهية يفتح باب الرجاء بالله تعالى و يزيل القنوط ( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) في قبال مقالة اليهود بجف القلم بما كان و يكون و لا تغيير ( و قالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم و لعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) .
فيد التصرف و القدرة الإلهية ليست مقيدة و لا محدودة ( كل يوم هو في شان ) و قوله تعالى : (فبأي آلاء ربكما تكذبان ) ، يسأله من في السماوات و الأرض فبأي آلاء ربكما تكذبان ، فدعوى أن يد الله مغلولة تؤدي إلى دعوى الجبر و أن لا إمكان لتغيير الأمور و تبدلها فينفتح بذلك باب اليأس و القنوط و ينقطع الرجاء و يعتقد بعجز الله تعالى و العياذ بالله عن تغيير الأحوال و الأمور .


المصدر: خلاصة معرفية.
الشيخ محمد السند.

ما هو المقصود بالبداء؟


السؤال . ما هو المقصود بالبداء ؟.

الجواب . البداء في اللغة الظهور بعد الخفاء و يقصد منه في السنة الإلهية ظهور القضاء أو القدر الإلهي بعد أن لم يكن و يطلق على المحو و الإثبات . ( يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب ) ، فيمحو ما يشاء من اللوح و يثبت ما يشاء بالقلم و ليس محوه و إثباته إلا عن علم سابق ، لا كما يبدو عند المخلوقين من جهل بالأمور و من ثم ورد من طرق الفريقين الحث على الدعاء و أنه يحجب القضاء المبرم عن الوقوع و كذلك الحث على الصدقة و أنها تمنع البلاء النازل كما قصه القرآن من حجب العذاب النازل عن قوم يونس بن متى بعد أن أنذرهم نبيهم بالعذاب و ذلك بسبب دعائهم و تضرعهم و إنابتهم إليه تعالى .
فمن ثم يظهر أن الإعتقاد بالبداء في الإرادة الإلهية يفتح باب الرجاء بالله تعالى و يزيل القنوط ( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) في قبال مقالة اليهود بجف القلم بما كان و يكون و لا تغيير ( و قالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم و لعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) .
فيد التصرف و القدرة الإلهية ليست مقيدة و لا محدودة ( كل يوم هو في شان ) و قوله تعالى : (فبأي آلاء ربكما تكذبان ) ، يسأله من في السماوات و الأرض فبأي آلاء ربكما تكذبان ، فدعوى أن يد الله مغلولة تؤدي إلى دعوى الجبر و أن لا إمكان لتغيير الأمور و تبدلها فينفتح بذلك باب اليأس و القنوط و ينقطع الرجاء و يعتقد بعجز الله تعالى و العياذ بالله عن تغيير الأحوال و الأمور .


المصدر: خلاصة معرفية.
الشيخ محمد السند.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:58 م

0 التعليقات:

الخميس، 31 مارس 2016


السؤال:
تنتشر بين المؤمنين هذه الرسالة ويتم تداولها على أنها مقولة عن أمير المؤمنين عليه السلام، فهل هي فعلا واردة عنه؟ أليس أمير المؤمنين عدل القرآن فلا يمكن أن يفترقا في التشريع فضلا عن استحالة افتراقهما تكوينا؟

وإذا لم ترد عنه فما هو توجيهكم لعموم المؤمنين عند ورود أحاديث عن أهل البيت عليهم السلام مجهولة المصدر؟

الرسالة المنتشرة بالنص:
"


كان الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
إذا مسك المصحف مسكه باكيا ويقول :
شغلنا عنك ☜الجهاد

ما أجمله من عذر؛ أما الآن :
شغلنا عنك ☜الجهاز

الفرق حرف

✍ تأملها قليلا


الجواب:

الجواب: أحسنتم كثيرا. والأمر كما تفضلتم في السؤال، فإن أمير المؤمنين، وسائر المعصومين عليهم الصلاة والسلام، لا يمكن أن ينقطعوا عن القرآن، كيف وقد نص صاحب الوحي صلى الله عليه وآله، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، بأن القرآن وأهل بيته المعصومين هم الثقلان، وعدلان لا يفترقان أبدا إلى أن يردا عليه الحوض.
ومعنى عدم الافتراق: أن العترة جميعا ملازمون للقرآن، ولا يمكن تصور أي فترة انقطاع، مهما قصرت. 
ثم إن القرآن ليس هو ما بين الدفتين، وإلا فما أكثر البيوت التي تستعرض المصاحف بأجمل حلة، وحياتهم تكفر بالمصحف وتناقضه. بل وليست ملازمة القرآن بتلاوته والتأنق فيها، وإلا فكم من تال للقرآن، والقرآن يلعنه. وإنما حفظ القرآن وملازمته بالعمل به وبتطبيقه، والتقرب إلى الله بخدمته، ونشره بين الخلق. ومتى رأينا أو سمعنا بأنه أو غيره من سائر المعصومين (عليهم السلام) قد انقطع - ولو للحظة - عن مرافقة كتاب الله وخدمته؟
فإنهم صلوات الله عليهم لم يكونوا جميعا في كل لحظات حياتهم سوى قرآن ناطق.
وما أكثر الوضاعين، خصوصا في هذه الأيام، يعتبرون نسبة الحديث إلى الدين وأهل البيت أسهل ما يكون!. ومن هنا فإن ناشر أمثال هذه الأحاديث الكاذبة، يتحمل وزر تحريف الحقيقة، وتشويه صورة أهل البيت، سواء أكان جاهلا أو غافلا، أو حسن النية. فلا بد من التدقيق، وسؤال أهل الاختصاص في مثل هذه الأمور، والتحقق من مصادرها، وإلا والعياذ بالله تدون أسماؤنا في قائمة الكاذبين المفترين على الله ورسوله وأهل بيته المعصومين. وقد صدق الله العظيم حيث قال: "ولا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا".
وفي مستدرك الوسائل عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده، حتى قام خطيبا فقال: يا أيها الناس، قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار
وفي (عقاب الأعمال) عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأوصياء (عليهم السلام) من الكبائر: قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

للإشتراك في خدمة "طريق الفضيلة" للواتس آب أرسل كلمة "إشتراك" ولتوقيفها أرسل "إلغاء". 

WhatsApp: +97333824084

هل شغل الجهاد أمير المؤمنين "ع" عن القران؟!


السؤال:
تنتشر بين المؤمنين هذه الرسالة ويتم تداولها على أنها مقولة عن أمير المؤمنين عليه السلام، فهل هي فعلا واردة عنه؟ أليس أمير المؤمنين عدل القرآن فلا يمكن أن يفترقا في التشريع فضلا عن استحالة افتراقهما تكوينا؟

وإذا لم ترد عنه فما هو توجيهكم لعموم المؤمنين عند ورود أحاديث عن أهل البيت عليهم السلام مجهولة المصدر؟

الرسالة المنتشرة بالنص:
"


كان الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
إذا مسك المصحف مسكه باكيا ويقول :
شغلنا عنك ☜الجهاد

ما أجمله من عذر؛ أما الآن :
شغلنا عنك ☜الجهاز

الفرق حرف

✍ تأملها قليلا


الجواب:

الجواب: أحسنتم كثيرا. والأمر كما تفضلتم في السؤال، فإن أمير المؤمنين، وسائر المعصومين عليهم الصلاة والسلام، لا يمكن أن ينقطعوا عن القرآن، كيف وقد نص صاحب الوحي صلى الله عليه وآله، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، بأن القرآن وأهل بيته المعصومين هم الثقلان، وعدلان لا يفترقان أبدا إلى أن يردا عليه الحوض.
ومعنى عدم الافتراق: أن العترة جميعا ملازمون للقرآن، ولا يمكن تصور أي فترة انقطاع، مهما قصرت. 
ثم إن القرآن ليس هو ما بين الدفتين، وإلا فما أكثر البيوت التي تستعرض المصاحف بأجمل حلة، وحياتهم تكفر بالمصحف وتناقضه. بل وليست ملازمة القرآن بتلاوته والتأنق فيها، وإلا فكم من تال للقرآن، والقرآن يلعنه. وإنما حفظ القرآن وملازمته بالعمل به وبتطبيقه، والتقرب إلى الله بخدمته، ونشره بين الخلق. ومتى رأينا أو سمعنا بأنه أو غيره من سائر المعصومين (عليهم السلام) قد انقطع - ولو للحظة - عن مرافقة كتاب الله وخدمته؟
فإنهم صلوات الله عليهم لم يكونوا جميعا في كل لحظات حياتهم سوى قرآن ناطق.
وما أكثر الوضاعين، خصوصا في هذه الأيام، يعتبرون نسبة الحديث إلى الدين وأهل البيت أسهل ما يكون!. ومن هنا فإن ناشر أمثال هذه الأحاديث الكاذبة، يتحمل وزر تحريف الحقيقة، وتشويه صورة أهل البيت، سواء أكان جاهلا أو غافلا، أو حسن النية. فلا بد من التدقيق، وسؤال أهل الاختصاص في مثل هذه الأمور، والتحقق من مصادرها، وإلا والعياذ بالله تدون أسماؤنا في قائمة الكاذبين المفترين على الله ورسوله وأهل بيته المعصومين. وقد صدق الله العظيم حيث قال: "ولا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا".
وفي مستدرك الوسائل عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده، حتى قام خطيبا فقال: يا أيها الناس، قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار
وفي (عقاب الأعمال) عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأوصياء (عليهم السلام) من الكبائر: قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

للإشتراك في خدمة "طريق الفضيلة" للواتس آب أرسل كلمة "إشتراك" ولتوقيفها أرسل "إلغاء". 

WhatsApp: +97333824084

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:22 م

2 التعليقات:

السبت، 6 فبراير 2016


السؤال: يزعمون أن علم الطاقة هو من علم أهل البيت، وإني أرى الأعمال التي يقومون بها  أقرب إلى الديانة البوذية، فما حكم من عمل به أو لجأ إليها بقصد المعالجة؟

 

الجواب: كل علم نافع فله أصل في كتاب الله، وفرع في كلام المعصومين صلوات الله عليهم، وإن كان في صورة عام كلي. وما كان من نقص أو عيب وشذوذ فالله سبحانه ورسوله وأهل بيته المعصومون عليهم الصلاة والسلام براء منه.

فلقد خلق الله عز وجل الإنسان ويعلم ما يضره وينفعه، وما يؤثر عليه سلبا أو إيجابا. وقد بين سبحانه لنا بالتصريح تارة وبالتلويح أخرى أسماء تلك المؤثرات وأبعادها، فقال عز من قائل: " وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون" (الذاريات: 20 -21)، وقال تعالى: "فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون" (الحاقة: 38 و39). وما أقل ما نبصر وأهونه مقابل ما لا نبصر!.

وما علم الطاقة  الكونية، أو علم التنمية البشرية، أو البرمجة العصبية، مهما تعددت الأسماء، وتلونت المصطلحات، وغيرها كثير مما يظهر لنا أسماؤها كل يوم إلا مصداق من مصاديق تلك المؤثرات غير المرئية. وبذلك تكون منظورة ومشارا إليها في القرآن الكريم، وفي أقوال أهل البيت المعصومين عليهم السلام.

فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: 

دواؤك فيك وما تبصر  ​ وداؤك منك وما تشعر

وتحسب أنك جرم صغير  ​ وفيك انطوى العالم الأكبر

بل إنها شيء بسيط جداّ في مقابل القدرات التي أوجدها رب العزة الكبير المتعال، فإنه نور السموات والأرض، وما من حول أو طول إلا وإليه يرجع، ومن نوره يستميح. وهو قولنا: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، و"لا إله إلا الله" و"الله أكبر"، وما إلى ذلك من الأذكارالربانية التي تفيض بالنور والرحمة والعطاء. وإن ما توصل إليه أصحاب هذه العلوم ليس سوى قطرة في مقابل بحار من الرحمة والنور تملأ الكون والفضاء.

إن هذا النزر اليسير الذي تمكنت أيدي البشر من الوصول إليه واكتشافه لا يمكن التنكر إليه، ورفضه جملة وتفصيلا، لأن بعضه نوروذو أثر إيجابي دون شك. غير أنهم إنما تتبعوا ظاهر الآثار، ولم يستطيعوا أن ينسبوها إلى حقها وحقيقتها، التي هي الله جلت أسماؤه، فأسموها باسم عام هلامي هو الطاقة الكونية. 

وهاهم يخرجون علينا كل حين بتقارير مستدلة ومبرهنة على الطاقات الإيجابية في العبادات الإسلامية، والألفاظ القرآنية والحديثية.فتكرار كلمة التوحيد لها أثر إعجازي على النفس والروح، ومثلها التسبيحات الأربعة، ولفظ الجلالة. بل حتى أوقات الصلوات، ولا سيما أوقات الفضيلة لها، وأثر التسمية على الذبيحة، والأوقات التي حددها الشارع للعبادة والذكر، كالغداة والأصيل والعشي، واستغفار السحر، "وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا".

إنها أمثلة بسيطة لكنها تدل دلالة واضحة على أن وراءها عليم خبير، من يؤمن به ويكفر بالطاغوت فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، هي الطاقة الحقيقية، التي من استعان بها فاز؛ "الذين تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب". هذا هو الحق الذي ما بعده إلا الضلال!.

وفي الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: "شرقا وغربا، لن تجدا علما صحيحا إلا شيئا يخرج من عندنا أهل البيت".

وفي حديث الإمام الصادق عليه السلام: "فليشرق الحكم بن عتيبة وليغرب، أما والله لا يصيب العلم  إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل". إن الإسلام لا يحجر على المسلم أن يستفيد العلم أنى وجده، ويأخذ الحكمة أنى لقيها، لكن الخطورة تكمن في  أن بعض المتسمين بهذه العلوم يلبسون بضاعتهم  بلبوس آخر، تارة بعنوان الدجل والاحتيال، باعتبار أنهم أصحاب معاجز يمصون بها دماء الناس ويصادرون أموالهم، وتارة أخرى بعنوان الكذب والتدليس، وشواهد على صدق أديانهم ونحلهم. 

وشتان ما بين المعجزة والكرامة، وبين التدليس والشعوذة. هنا الخطورة، وهنا تقع الشبهات التي لم تسمّ شبهة إلا لشبه بينها وبين الحقيقة، فالحذر ثم الحذر!..

 

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


ما رأي الدين في علم الطاقة الحديث؟


السؤال: يزعمون أن علم الطاقة هو من علم أهل البيت، وإني أرى الأعمال التي يقومون بها  أقرب إلى الديانة البوذية، فما حكم من عمل به أو لجأ إليها بقصد المعالجة؟

 

الجواب: كل علم نافع فله أصل في كتاب الله، وفرع في كلام المعصومين صلوات الله عليهم، وإن كان في صورة عام كلي. وما كان من نقص أو عيب وشذوذ فالله سبحانه ورسوله وأهل بيته المعصومون عليهم الصلاة والسلام براء منه.

فلقد خلق الله عز وجل الإنسان ويعلم ما يضره وينفعه، وما يؤثر عليه سلبا أو إيجابا. وقد بين سبحانه لنا بالتصريح تارة وبالتلويح أخرى أسماء تلك المؤثرات وأبعادها، فقال عز من قائل: " وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون" (الذاريات: 20 -21)، وقال تعالى: "فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون" (الحاقة: 38 و39). وما أقل ما نبصر وأهونه مقابل ما لا نبصر!.

وما علم الطاقة  الكونية، أو علم التنمية البشرية، أو البرمجة العصبية، مهما تعددت الأسماء، وتلونت المصطلحات، وغيرها كثير مما يظهر لنا أسماؤها كل يوم إلا مصداق من مصاديق تلك المؤثرات غير المرئية. وبذلك تكون منظورة ومشارا إليها في القرآن الكريم، وفي أقوال أهل البيت المعصومين عليهم السلام.

فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: 

دواؤك فيك وما تبصر  ​ وداؤك منك وما تشعر

وتحسب أنك جرم صغير  ​ وفيك انطوى العالم الأكبر

بل إنها شيء بسيط جداّ في مقابل القدرات التي أوجدها رب العزة الكبير المتعال، فإنه نور السموات والأرض، وما من حول أو طول إلا وإليه يرجع، ومن نوره يستميح. وهو قولنا: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، و"لا إله إلا الله" و"الله أكبر"، وما إلى ذلك من الأذكارالربانية التي تفيض بالنور والرحمة والعطاء. وإن ما توصل إليه أصحاب هذه العلوم ليس سوى قطرة في مقابل بحار من الرحمة والنور تملأ الكون والفضاء.

إن هذا النزر اليسير الذي تمكنت أيدي البشر من الوصول إليه واكتشافه لا يمكن التنكر إليه، ورفضه جملة وتفصيلا، لأن بعضه نوروذو أثر إيجابي دون شك. غير أنهم إنما تتبعوا ظاهر الآثار، ولم يستطيعوا أن ينسبوها إلى حقها وحقيقتها، التي هي الله جلت أسماؤه، فأسموها باسم عام هلامي هو الطاقة الكونية. 

وهاهم يخرجون علينا كل حين بتقارير مستدلة ومبرهنة على الطاقات الإيجابية في العبادات الإسلامية، والألفاظ القرآنية والحديثية.فتكرار كلمة التوحيد لها أثر إعجازي على النفس والروح، ومثلها التسبيحات الأربعة، ولفظ الجلالة. بل حتى أوقات الصلوات، ولا سيما أوقات الفضيلة لها، وأثر التسمية على الذبيحة، والأوقات التي حددها الشارع للعبادة والذكر، كالغداة والأصيل والعشي، واستغفار السحر، "وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا".

إنها أمثلة بسيطة لكنها تدل دلالة واضحة على أن وراءها عليم خبير، من يؤمن به ويكفر بالطاغوت فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، هي الطاقة الحقيقية، التي من استعان بها فاز؛ "الذين تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب". هذا هو الحق الذي ما بعده إلا الضلال!.

وفي الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: "شرقا وغربا، لن تجدا علما صحيحا إلا شيئا يخرج من عندنا أهل البيت".

وفي حديث الإمام الصادق عليه السلام: "فليشرق الحكم بن عتيبة وليغرب، أما والله لا يصيب العلم  إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل". إن الإسلام لا يحجر على المسلم أن يستفيد العلم أنى وجده، ويأخذ الحكمة أنى لقيها، لكن الخطورة تكمن في  أن بعض المتسمين بهذه العلوم يلبسون بضاعتهم  بلبوس آخر، تارة بعنوان الدجل والاحتيال، باعتبار أنهم أصحاب معاجز يمصون بها دماء الناس ويصادرون أموالهم، وتارة أخرى بعنوان الكذب والتدليس، وشواهد على صدق أديانهم ونحلهم. 

وشتان ما بين المعجزة والكرامة، وبين التدليس والشعوذة. هنا الخطورة، وهنا تقع الشبهات التي لم تسمّ شبهة إلا لشبه بينها وبين الحقيقة، فالحذر ثم الحذر!..

 

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:40 م

1 التعليقات:

الجمعة، 1 يناير 2016


السنوات والأيام كلها لله ومن الله جل وعلا. لكن الإقبال الملفت على الاعتداد والاحتفاء بمناسبة دخول العام الميلادي الجديد يرسم سؤالا عريضا بحجم الانتماء والترويج للعقيدة. إذ أن كل يوم مرشح ﻷن يكون بداية أو نهاية لعام من الأعوام. وﻻ شك أن للسنة الميلادية فوائدها وإشاراتها الفلكية؛ ﻷنها تحكي دورة كاملة للأرض حول الشمس، وقد قسموا الدورة إلى 360 درجة، ثم قسموا هذه الدرجات إلى 12 قسما، كل قسم منها شهر من الشهور يعادل 30 درجة. كل هذا صحيح ومسلم. لكن ما هي بداية السنة؟ ولماذا السنة اثناعشر شهرا، وليست  عشرين أو تسعة أو سبعة مثلا؟ ولماذا شهر يناير كانون الثاني هو بالتحديد البداية دون سواه؟ ولماذا صار بعض الأشهر 30 يوما وبعضها اﻵخر 31، وبعضها الثالث 28؟ ولماذا؟ ولماذا؟ وكلها أسئلة وجيهة تبقى دون جواب؛ ﻷن الأمر ببساطة هو اعتباري توافقي، توافق عليه بعض البشر، دون أن يعكس حقيقة وراءه!. ومع ذلك نجد امة القرآن تتسابق في تهادي التحايا والتهاني في بداية هذه السنة ونهايتها!.
في الطرف المقابل: لو رجعنا إلى التاريخ القمري لوجدنا دورة القمر تحدد بنفسها عدد الشهور، وعدد أيام السنة، وتضبط أيام الشهور بضبط دقيق. وفوق كل ذلك تم اختيارها بجعل من الله الخلاق العليم الحكيم مقياسا للآجال ومواقيت للطاعات والأحكام، فقال عز من قائل: (إن عدة الشهور عند الله اثناعشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم). فبين تبارك وتعالى خصوصيتها ولزوم الاعتناء بها، واختارها من دون سائر التقاويم، وجعل شهورها الحرم الأربعة علامة فارقة تميزها عن سائر الشهور. بأهلتها تعرف مواقيت الناس والحج، وفي ضوئها تقاس أعمار النساء والرجال، ويتحدد زمان بلوغهم وتكليفهم، ويحسب بها عدة الطلاق،  وبها تقاس ليالي الخير والبركة، والأيام المناسبة لبدايات الزواج والعقود والمعاملات ومآرب كثيرة أخرى. ومع ذلك ﻻ نجد من المؤمنين اهتماما يذكر عند مضي عام منها ودخول عام جديد.
وليست هذه الكلمات دعوة للانكفاء على الذات، أو التنكر لفوائد التقاويم الأخرى، ففوائدها واضحة للعيان، بل التواصل الحضاري نفسه بعد من أبعاد دين الإسلام القويم. 
إن ما شد انتباهي حقا هو هذا السيل الجارف من الرسائل والمعايدات التي كانت تحسب الساعات الأخيرة من العام الميلادي الشمسي بالدقائق والثواني، لتبوح بأمنياتها وتبريكاتها في عامها الجديد وهو يطل على الأبواب.
 وأظن أيها الإخوة والأخوات أنكم معي في اعتبار هذا التيار العارم من الاحتفاء بالمناسبة غفلة عن قيمة جميلة وشامخة من قيم ديننا الحنيف، وانسياقا وراء الغالب في مظهر كئيب من مظاهر الاستلاب الثقافي والحضاري.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

بداية العام القمري أحق وأجدر بالإحياء والاحتفاء


السنوات والأيام كلها لله ومن الله جل وعلا. لكن الإقبال الملفت على الاعتداد والاحتفاء بمناسبة دخول العام الميلادي الجديد يرسم سؤالا عريضا بحجم الانتماء والترويج للعقيدة. إذ أن كل يوم مرشح ﻷن يكون بداية أو نهاية لعام من الأعوام. وﻻ شك أن للسنة الميلادية فوائدها وإشاراتها الفلكية؛ ﻷنها تحكي دورة كاملة للأرض حول الشمس، وقد قسموا الدورة إلى 360 درجة، ثم قسموا هذه الدرجات إلى 12 قسما، كل قسم منها شهر من الشهور يعادل 30 درجة. كل هذا صحيح ومسلم. لكن ما هي بداية السنة؟ ولماذا السنة اثناعشر شهرا، وليست  عشرين أو تسعة أو سبعة مثلا؟ ولماذا شهر يناير كانون الثاني هو بالتحديد البداية دون سواه؟ ولماذا صار بعض الأشهر 30 يوما وبعضها اﻵخر 31، وبعضها الثالث 28؟ ولماذا؟ ولماذا؟ وكلها أسئلة وجيهة تبقى دون جواب؛ ﻷن الأمر ببساطة هو اعتباري توافقي، توافق عليه بعض البشر، دون أن يعكس حقيقة وراءه!. ومع ذلك نجد امة القرآن تتسابق في تهادي التحايا والتهاني في بداية هذه السنة ونهايتها!.
في الطرف المقابل: لو رجعنا إلى التاريخ القمري لوجدنا دورة القمر تحدد بنفسها عدد الشهور، وعدد أيام السنة، وتضبط أيام الشهور بضبط دقيق. وفوق كل ذلك تم اختيارها بجعل من الله الخلاق العليم الحكيم مقياسا للآجال ومواقيت للطاعات والأحكام، فقال عز من قائل: (إن عدة الشهور عند الله اثناعشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم). فبين تبارك وتعالى خصوصيتها ولزوم الاعتناء بها، واختارها من دون سائر التقاويم، وجعل شهورها الحرم الأربعة علامة فارقة تميزها عن سائر الشهور. بأهلتها تعرف مواقيت الناس والحج، وفي ضوئها تقاس أعمار النساء والرجال، ويتحدد زمان بلوغهم وتكليفهم، ويحسب بها عدة الطلاق،  وبها تقاس ليالي الخير والبركة، والأيام المناسبة لبدايات الزواج والعقود والمعاملات ومآرب كثيرة أخرى. ومع ذلك ﻻ نجد من المؤمنين اهتماما يذكر عند مضي عام منها ودخول عام جديد.
وليست هذه الكلمات دعوة للانكفاء على الذات، أو التنكر لفوائد التقاويم الأخرى، ففوائدها واضحة للعيان، بل التواصل الحضاري نفسه بعد من أبعاد دين الإسلام القويم. 
إن ما شد انتباهي حقا هو هذا السيل الجارف من الرسائل والمعايدات التي كانت تحسب الساعات الأخيرة من العام الميلادي الشمسي بالدقائق والثواني، لتبوح بأمنياتها وتبريكاتها في عامها الجديد وهو يطل على الأبواب.
 وأظن أيها الإخوة والأخوات أنكم معي في اعتبار هذا التيار العارم من الاحتفاء بالمناسبة غفلة عن قيمة جميلة وشامخة من قيم ديننا الحنيف، وانسياقا وراء الغالب في مظهر كئيب من مظاهر الاستلاب الثقافي والحضاري.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  6:49 م

2 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top