جميع المواضيع

الجمعة، 28 نوفمبر 2014


السؤال: ما تقولون في عصيان بعض الأنبياء، وهذا منصوص عليه في القرآن والأحاديث؟ فآدم عصى ربه فغوى، ويونس ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه، وموسى وكز المصري فقضى عليه، وأيوب يمسه الشيطان بالنصب والعذاب، وغيرهم وغيرهم؟

الجواب: إن عندنا مسلمات عقلية ونقلية تكون بمثابة المنطلق لنا في قراءة أي نص من النصوص. من تلك المسلمات عدل الله وحكمته، ومنها أن عهد الله لا ينال الظالمين. ولو ركزنا النظر في الآيات التي ربما توهم ذلك التصور، لرأينا أن الله سبحانه، يمتدحهم مباشرة بعد وصفهم بالخطأ أو السهو والنسيان، وما شابه ذلك. ويمكن لك أن تراجع الآيات المتعرضة لهذه الحال، مثل معصية آدم، ودعاء نوح، وسؤال إبراهيم، وحزن يونس، واستغاثة يوسف وحيلته، ووكز موسى وغضبه وخوفه، وما إلى ذلك.
ففي قصة آدم عليه السلام نرى أن الله تبارك وتعالى يقول مباشرة في كتابه، بعد ذكر أكل آدم من الشجرة، قال عز من قائل: "وعصى آدم ربه فغوى، ثم اجتباه ربه"[1]. وقال سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ"[2]. إذ الاصطفاء والاجتباء لا ينسجمان مع صدور المعصية والظلم.
فلو أننا وجدنا ما يتنافى مع هذه المسلمات المرجعية لكان لا بد من تفسيره على غير ظاهره، وإن لم يمكن أعرضنا عنه، وضربنا به عرض الجدار، وإن لم نفهمه، واحتملنا له محملاً مقبولاً، ولم نتوصل إليه، وكلنا أمره إلى أهل البيت، عليهم أفضل الصلاة والسلام، ليبينوا لنا جلية الأمر فيه.
ولو سبرنا الروايات الواردة عنهم صلوات الله عليهم في المقام، ودققنا النظر فيها، وقارنّا بعضها ببعض، لرأينا أنها في معرض بيان أمر آخر أعمق وأدق مما ينسبق إلى أذهاننا.
 وهذه المسألة كثيرة الذكر في الأحاديث أيضاً، وفي مواضيع مختلفة، فنراها تقول مثلاً إن الناس جميعاً ارتدوا ما خلا أربعة أو خمسة، وفي صورة أخرى تذكر أن الولاية حين عرضت على الأنبياء لم يقر بها إلا المرسلون، وعلى الملائكة فلم يقر بها إلا المقربون، وعلى المؤمنين فلم يقر بها إلا الممتحنون[3]. وفي بعضها: " إن  أمرنا صعب مستصعب لا يقر به إلا ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، أو عبد قد امتحن الله قلبه  للإيمان"[4].
وواضح أن هذه الألفاظ تشير إلى مراتب عالية من الولاية والتسليم، بها يتفاوت فيه السابقون، ويتفاضل المرسلون، فإذا ما ذكرت الحسد، فإنها قطعاً لا تريد الحسد المعتاد، وإذا عَرضت إلى الجحود والإنكار، فهي حتماً تقصد معنى أعمق وأرقى رتبة من هذا الذي يتلبس به الظلمة والعاصون.
فآدم على نبينا وعلى آله وعليه السلام حين أطلعه الله، جلت أسماؤه، على منزلة أهل البيت، عليهم السلام، وأذهله ما رآه فيهم من علو المقام وعظيم المكان، تمنى في نفسه أن يكون له ما لهم. وهو أمر مطلوب في نفسه، جبل الله عليه الخلق، ليتمنوا الخير، وفي ذلك فليتسابق المتسابقون.
 لكن لما كانت هذه المسألة معجونة بالانقياد التام، والتسليم المطلق لمن خلق الله الكون لأجلهم، وجعلهم الحجة على العالمين أجمعين، صار مجرد تمني مكانهم يساوق الحسد في أحد معانيه العميقة الدقيقة. حيث إنه سيكون مشوباً، ولو في الملازمات البعيدة بسلب، أهل البيت (عليهم السلام) تفردهم بذلك المقام. والله سبحانه جعل الخلق جميعاً، بما في ذلك الأنبياء والمرسلون، والملائكة المقربون، فضلاً عن سائر المؤمنين، يدينون لمحمد وآل محمد بالولاء التام، والطاعة المطلقة. وما ذلك إلا لأن الله، عز وجل، علم بكمالهم وجمالهم الذي لا يمكن لأي مخلوق أن يبلغه أو يدانيه.
 وفي الحديث عن أئمة الهدى عليهم السلام: أن آدم كان تمنى منزلة النبي صلى الله عليه وآله، لا أكثر. فقد روي عن الإمام أبي الحسن الثالث عليه السلام قال: الشجرة التي نهى آدم وزوجته أن يأكلا منها، شجرة الحسد. عهد إليهما: أن لا ينظرا إلى من فضّله الله عليه، وعلى خلايقه بعين الحسد، ولم يجد له عزماً[5].
وعن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام، في حديث طويل، قال: فلما أسكن الله عز وجل آدم وزوجته الجنة قال لهما: { كُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ـ يعني شجرة الحنطة ـ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ}[6].. فنظرا إلى منزلة محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، والأئمة عليهم السلام بعدهم، فوجداها أشرف منازل أهل الجنة، فقالا: ربنا لمن هذه المنزلة؟!
فقال الله جل جلاله: إرفعا رؤوسكما إلى ساق العرش.
فرفعا رؤوسهما، فوجدا أسماء محمد، وعلي، وفاطمة، والأئمة عليهم السلام مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الله الجبار جل جلاله، فقالا: يا ربنا، ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، وما أحبهم إليك، وما أشرفهم لديك!!
فقال الله جل جلاله: لولاهم ما خلقتكما. هؤلاء خزنة علمي، وأمنائي على سري، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد، وتمنيا منزلتهم عندي، ومحلهم من كرامتي، فتدخلان بذلك في نهيي وعصياني، فتكونا من الظالمين..
قالا: ربنا ومن الظالمون؟!
قال: المدعون لمنزلتهم بغير حق..
إلى أن قال: يا آدم ويا حواء، لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد، فأهبطكما عن جواري، وأحل بكما هواني، {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا}[7].. إلى قوله: {فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ}.. وحملهما على تمني منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد، فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة الخ[8]..
وعن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام، يا ابن رسول الله، أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء، ما كانت؟ فقد اختلف الناس فيها، فمنهم من يروي: أنها الحنطة. ومنهم من يروي أنها العنب، ومنهم من يروي أنها شجرة الحسد؟.
فقال عليه السلام: كل ذلك حق.
فقلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟!
فقال عليه السلام: يا أبا الصلت، إن شجرة الجنة تحمل أنواعاً. وكانت شجرة الحنطة، وفيها عنب، وليست كشجرة الدنيا. وإن آدم لما أكرمه الله تعالى ذكره بإسجاد ملائكته له، وبإدخاله الجنة قال في نفسه: هل خلق الله بشراً أفضل مني؟
فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه فناداه: ارفع رأسك يا آدم، وانظر إلى ساق عرشي..
فرفع آدم رأسه، فنظر إلى ساق العرش، فوجد مكتوباً:
لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين. الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
فقال آدم: يا رب من هؤلاء؟
فقال عز وجل: هؤلاء من ذريتك، وهم خير منك، ومن جميع خلقي. ولولاهم ما خلقتك، ولا خلقت الجنة والنار، ولا السماء ولا الأرض، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد، وتمنى منزلتهم.
فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها، فسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم، فأخرجهما الله تعالى من جنته، وأهبطهما عن جواره إلى الأرض[9].
إن اختلاف التعبير في الأحاديث، فبعضها عبر عنه بالأكل والبعض الآخر بالحسد يجعلنا نفهم أن المقصود منه أمر مغاير لظاهر الحسد المتعارف.
 ومن هنا كان آدم ممدوحاً مستحقّاً للاصطفاء والاجتباء، ولكنه مع ذلك فعل ما لم يكن ينبغي لمثله أن يصدر منه، ولذلك لم يكن من أولي العزم من الرسل.
وهذا يطل بنا على مشهد من مشاهد عظمة أهل البيت عليهم السلام، وعلو مكانهم، بحيث أن الأنبياء مهما بلغوا لا يحق لهم حتى مجرد تمني مكانهم، فضلاً عن إمكان بلوغهم لمنزلتهم السامقة. ولذلك قالت الآية: "وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا "[10]، فعبرت بلفظ النسيان، الذي لا ينسجم مع حقيقة الحسد المعروف، فإن الحسد إحساس باطني غير اختياري، سواء تذكر الإنسان أم نسي. وإذا كان هذا حال نبي الله آدم عليه السلام، الذي أسجد الله له الملائكة كلهم ، فكذلك الحال بالنسبة لغيره ممن لم يحصل له مثل ذلك؟!
وهذا البيان يجري أيضاً في سائر الأحاديث الأخرى المشار إليها في متن السؤال، عن يونس وأيوب وبعض الملائكة عليهم السلام أجمعين.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

________
[1] (طه: 121-122).
[2] (آل عمران: 33).
[3] (بصائر الدرجات: ص 67).
[4] (بحار الأنوار، مصدر سابق: ج2 ص183 و185، ح2).
[5] ( تفسير نور الثقلين: ج3 ص402 عن تفسيري العياشي والبرهان: ج2 ص6).
[6] البقرة: 35.
[7] الأعراف: 20.
[8](نور الثقلين ج2 ص12. وراجع ج1 ص67 و68 عن معاني الأخبار وتفسير البرهان: ج1 ص82 و83).
[9] (تفسير نور الثقلين: ج1 ص60 عن عيون أخبار الرضا وتفسير البرهان: ج1 ص83 و84)).
[10] (طه: 115).



مخالفات الأنبياء لم تكن من جنس المعاصي!


السؤال: ما تقولون في عصيان بعض الأنبياء، وهذا منصوص عليه في القرآن والأحاديث؟ فآدم عصى ربه فغوى، ويونس ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه، وموسى وكز المصري فقضى عليه، وأيوب يمسه الشيطان بالنصب والعذاب، وغيرهم وغيرهم؟

الجواب: إن عندنا مسلمات عقلية ونقلية تكون بمثابة المنطلق لنا في قراءة أي نص من النصوص. من تلك المسلمات عدل الله وحكمته، ومنها أن عهد الله لا ينال الظالمين. ولو ركزنا النظر في الآيات التي ربما توهم ذلك التصور، لرأينا أن الله سبحانه، يمتدحهم مباشرة بعد وصفهم بالخطأ أو السهو والنسيان، وما شابه ذلك. ويمكن لك أن تراجع الآيات المتعرضة لهذه الحال، مثل معصية آدم، ودعاء نوح، وسؤال إبراهيم، وحزن يونس، واستغاثة يوسف وحيلته، ووكز موسى وغضبه وخوفه، وما إلى ذلك.
ففي قصة آدم عليه السلام نرى أن الله تبارك وتعالى يقول مباشرة في كتابه، بعد ذكر أكل آدم من الشجرة، قال عز من قائل: "وعصى آدم ربه فغوى، ثم اجتباه ربه"[1]. وقال سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ"[2]. إذ الاصطفاء والاجتباء لا ينسجمان مع صدور المعصية والظلم.
فلو أننا وجدنا ما يتنافى مع هذه المسلمات المرجعية لكان لا بد من تفسيره على غير ظاهره، وإن لم يمكن أعرضنا عنه، وضربنا به عرض الجدار، وإن لم نفهمه، واحتملنا له محملاً مقبولاً، ولم نتوصل إليه، وكلنا أمره إلى أهل البيت، عليهم أفضل الصلاة والسلام، ليبينوا لنا جلية الأمر فيه.
ولو سبرنا الروايات الواردة عنهم صلوات الله عليهم في المقام، ودققنا النظر فيها، وقارنّا بعضها ببعض، لرأينا أنها في معرض بيان أمر آخر أعمق وأدق مما ينسبق إلى أذهاننا.
 وهذه المسألة كثيرة الذكر في الأحاديث أيضاً، وفي مواضيع مختلفة، فنراها تقول مثلاً إن الناس جميعاً ارتدوا ما خلا أربعة أو خمسة، وفي صورة أخرى تذكر أن الولاية حين عرضت على الأنبياء لم يقر بها إلا المرسلون، وعلى الملائكة فلم يقر بها إلا المقربون، وعلى المؤمنين فلم يقر بها إلا الممتحنون[3]. وفي بعضها: " إن  أمرنا صعب مستصعب لا يقر به إلا ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، أو عبد قد امتحن الله قلبه  للإيمان"[4].
وواضح أن هذه الألفاظ تشير إلى مراتب عالية من الولاية والتسليم، بها يتفاوت فيه السابقون، ويتفاضل المرسلون، فإذا ما ذكرت الحسد، فإنها قطعاً لا تريد الحسد المعتاد، وإذا عَرضت إلى الجحود والإنكار، فهي حتماً تقصد معنى أعمق وأرقى رتبة من هذا الذي يتلبس به الظلمة والعاصون.
فآدم على نبينا وعلى آله وعليه السلام حين أطلعه الله، جلت أسماؤه، على منزلة أهل البيت، عليهم السلام، وأذهله ما رآه فيهم من علو المقام وعظيم المكان، تمنى في نفسه أن يكون له ما لهم. وهو أمر مطلوب في نفسه، جبل الله عليه الخلق، ليتمنوا الخير، وفي ذلك فليتسابق المتسابقون.
 لكن لما كانت هذه المسألة معجونة بالانقياد التام، والتسليم المطلق لمن خلق الله الكون لأجلهم، وجعلهم الحجة على العالمين أجمعين، صار مجرد تمني مكانهم يساوق الحسد في أحد معانيه العميقة الدقيقة. حيث إنه سيكون مشوباً، ولو في الملازمات البعيدة بسلب، أهل البيت (عليهم السلام) تفردهم بذلك المقام. والله سبحانه جعل الخلق جميعاً، بما في ذلك الأنبياء والمرسلون، والملائكة المقربون، فضلاً عن سائر المؤمنين، يدينون لمحمد وآل محمد بالولاء التام، والطاعة المطلقة. وما ذلك إلا لأن الله، عز وجل، علم بكمالهم وجمالهم الذي لا يمكن لأي مخلوق أن يبلغه أو يدانيه.
 وفي الحديث عن أئمة الهدى عليهم السلام: أن آدم كان تمنى منزلة النبي صلى الله عليه وآله، لا أكثر. فقد روي عن الإمام أبي الحسن الثالث عليه السلام قال: الشجرة التي نهى آدم وزوجته أن يأكلا منها، شجرة الحسد. عهد إليهما: أن لا ينظرا إلى من فضّله الله عليه، وعلى خلايقه بعين الحسد، ولم يجد له عزماً[5].
وعن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام، في حديث طويل، قال: فلما أسكن الله عز وجل آدم وزوجته الجنة قال لهما: { كُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ـ يعني شجرة الحنطة ـ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ}[6].. فنظرا إلى منزلة محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، والأئمة عليهم السلام بعدهم، فوجداها أشرف منازل أهل الجنة، فقالا: ربنا لمن هذه المنزلة؟!
فقال الله جل جلاله: إرفعا رؤوسكما إلى ساق العرش.
فرفعا رؤوسهما، فوجدا أسماء محمد، وعلي، وفاطمة، والأئمة عليهم السلام مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الله الجبار جل جلاله، فقالا: يا ربنا، ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، وما أحبهم إليك، وما أشرفهم لديك!!
فقال الله جل جلاله: لولاهم ما خلقتكما. هؤلاء خزنة علمي، وأمنائي على سري، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد، وتمنيا منزلتهم عندي، ومحلهم من كرامتي، فتدخلان بذلك في نهيي وعصياني، فتكونا من الظالمين..
قالا: ربنا ومن الظالمون؟!
قال: المدعون لمنزلتهم بغير حق..
إلى أن قال: يا آدم ويا حواء، لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد، فأهبطكما عن جواري، وأحل بكما هواني، {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا}[7].. إلى قوله: {فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ}.. وحملهما على تمني منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد، فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة الخ[8]..
وعن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام، يا ابن رسول الله، أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء، ما كانت؟ فقد اختلف الناس فيها، فمنهم من يروي: أنها الحنطة. ومنهم من يروي أنها العنب، ومنهم من يروي أنها شجرة الحسد؟.
فقال عليه السلام: كل ذلك حق.
فقلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟!
فقال عليه السلام: يا أبا الصلت، إن شجرة الجنة تحمل أنواعاً. وكانت شجرة الحنطة، وفيها عنب، وليست كشجرة الدنيا. وإن آدم لما أكرمه الله تعالى ذكره بإسجاد ملائكته له، وبإدخاله الجنة قال في نفسه: هل خلق الله بشراً أفضل مني؟
فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه فناداه: ارفع رأسك يا آدم، وانظر إلى ساق عرشي..
فرفع آدم رأسه، فنظر إلى ساق العرش، فوجد مكتوباً:
لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين. الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
فقال آدم: يا رب من هؤلاء؟
فقال عز وجل: هؤلاء من ذريتك، وهم خير منك، ومن جميع خلقي. ولولاهم ما خلقتك، ولا خلقت الجنة والنار، ولا السماء ولا الأرض، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد، وتمنى منزلتهم.
فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها، فسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم، فأخرجهما الله تعالى من جنته، وأهبطهما عن جواره إلى الأرض[9].
إن اختلاف التعبير في الأحاديث، فبعضها عبر عنه بالأكل والبعض الآخر بالحسد يجعلنا نفهم أن المقصود منه أمر مغاير لظاهر الحسد المتعارف.
 ومن هنا كان آدم ممدوحاً مستحقّاً للاصطفاء والاجتباء، ولكنه مع ذلك فعل ما لم يكن ينبغي لمثله أن يصدر منه، ولذلك لم يكن من أولي العزم من الرسل.
وهذا يطل بنا على مشهد من مشاهد عظمة أهل البيت عليهم السلام، وعلو مكانهم، بحيث أن الأنبياء مهما بلغوا لا يحق لهم حتى مجرد تمني مكانهم، فضلاً عن إمكان بلوغهم لمنزلتهم السامقة. ولذلك قالت الآية: "وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا "[10]، فعبرت بلفظ النسيان، الذي لا ينسجم مع حقيقة الحسد المعروف، فإن الحسد إحساس باطني غير اختياري، سواء تذكر الإنسان أم نسي. وإذا كان هذا حال نبي الله آدم عليه السلام، الذي أسجد الله له الملائكة كلهم ، فكذلك الحال بالنسبة لغيره ممن لم يحصل له مثل ذلك؟!
وهذا البيان يجري أيضاً في سائر الأحاديث الأخرى المشار إليها في متن السؤال، عن يونس وأيوب وبعض الملائكة عليهم السلام أجمعين.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

________
[1] (طه: 121-122).
[2] (آل عمران: 33).
[3] (بصائر الدرجات: ص 67).
[4] (بحار الأنوار، مصدر سابق: ج2 ص183 و185، ح2).
[5] ( تفسير نور الثقلين: ج3 ص402 عن تفسيري العياشي والبرهان: ج2 ص6).
[6] البقرة: 35.
[7] الأعراف: 20.
[8](نور الثقلين ج2 ص12. وراجع ج1 ص67 و68 عن معاني الأخبار وتفسير البرهان: ج1 ص82 و83).
[9] (تفسير نور الثقلين: ج1 ص60 عن عيون أخبار الرضا وتفسير البرهان: ج1 ص83 و84)).
[10] (طه: 115).



من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:50 م

0 التعليقات:

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014




السؤال: نسمع من البعض تسمية الخضر بالنبي، فهل كان الخضر نبيّاً أم كان وليّاً من الصالحين فقط؟

الجواب: الروايات في ذلك مختلفة، ففي بعضها أنه لم يكن نبياً، ولكن عبداً صالحاً. وهو حي يرزق، يؤنس الإمام الغائب المهدي عليه السلام في غيبته، وينصره عند ظهوره. ولكن الرواية معلولة في متنها لما يظهر منها من وقوع التحريف في الكتاب المحفوظ، وفي سندها بسبب ذكر المغيرة بن سعيد الكذاب الأشر. وموضع الشاهد من الخبر عن أبي جعفر عليه السلام وقد سئل: وأي شئ المحدَّث؟ قال: ينكت في أذنه فيسمع طنينا كطنين الطست أو يقرع على قلبه، فيسمع وقعا كوقع السلسلة يقع في الطست، فقلت: نبي؟ فقال: لا، مثل الخضر وذي القرنين[1].
وجاء في العلل عن الامام الصادق عليه السلام قوله: "إن الخضر كان نبياً مرسلاً بعثه الله إلى قومه فدعاهم إلى توحيده والإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه، وكانت آيته أنه كان لا يجلس على خشبة يابسة ولا أرض بيضاء إلا اهتزت خضراً. وإنما سمّي خضراً لذلك، وكان اسمه بليا بن ملكا بن عامر بن أرفخشد بن سام بن نوح، آتيناه رحمة من عندنا هي الوحي والنبوة وعلمناه من لدنا علماً؛ قيل: أي بما يختص بنا من العلم وهو علم الغيوب[2].
 ولكن المنقول عن الشيخ الطوسي في تفسيره التبيان أنهم اختلفوا في الذي كان يتعلم موسى منه، هل كان نبياً؟ أم لا؟ فقال الجبائي: كان نبياً، لأنه لا يجوز أن يتبع النبي من ليس بنبي، ليتعلم منه العلم، لما في ذلك من الغضاضة على النبي. وقال ابن الاخشاد: ويجوز أن لا يكون نبياً على أن لا يكون فيه وضع من موسى. وقال قوم: كان ملكاً. وقال الرماني: لا يجوز أن يكون إلا نبياً، لأن تعظيم العالم المعلم فوق تعظيم المتعلم منه. وقيل إنه سمي (خضراً) لأنه كان إذا صار في مكان لا نبات فيه اخضر ما حوله، وكان الله تعالى قد اطلعه من علم بواطن الأمور على ما لم يطلع عليه غيره[3].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

____________
[1] (منقول في البحار ج 7 ص 292 من الاختصاص والبصائر).
[2] (علل الشرائع، للشيخ الصدوق: ص59).
[3] (التبيان في تفسير القرآن، للشيخ الطوسي: ج7 ص70 و71).

الخضر والنبوة




السؤال: نسمع من البعض تسمية الخضر بالنبي، فهل كان الخضر نبيّاً أم كان وليّاً من الصالحين فقط؟

الجواب: الروايات في ذلك مختلفة، ففي بعضها أنه لم يكن نبياً، ولكن عبداً صالحاً. وهو حي يرزق، يؤنس الإمام الغائب المهدي عليه السلام في غيبته، وينصره عند ظهوره. ولكن الرواية معلولة في متنها لما يظهر منها من وقوع التحريف في الكتاب المحفوظ، وفي سندها بسبب ذكر المغيرة بن سعيد الكذاب الأشر. وموضع الشاهد من الخبر عن أبي جعفر عليه السلام وقد سئل: وأي شئ المحدَّث؟ قال: ينكت في أذنه فيسمع طنينا كطنين الطست أو يقرع على قلبه، فيسمع وقعا كوقع السلسلة يقع في الطست، فقلت: نبي؟ فقال: لا، مثل الخضر وذي القرنين[1].
وجاء في العلل عن الامام الصادق عليه السلام قوله: "إن الخضر كان نبياً مرسلاً بعثه الله إلى قومه فدعاهم إلى توحيده والإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه، وكانت آيته أنه كان لا يجلس على خشبة يابسة ولا أرض بيضاء إلا اهتزت خضراً. وإنما سمّي خضراً لذلك، وكان اسمه بليا بن ملكا بن عامر بن أرفخشد بن سام بن نوح، آتيناه رحمة من عندنا هي الوحي والنبوة وعلمناه من لدنا علماً؛ قيل: أي بما يختص بنا من العلم وهو علم الغيوب[2].
 ولكن المنقول عن الشيخ الطوسي في تفسيره التبيان أنهم اختلفوا في الذي كان يتعلم موسى منه، هل كان نبياً؟ أم لا؟ فقال الجبائي: كان نبياً، لأنه لا يجوز أن يتبع النبي من ليس بنبي، ليتعلم منه العلم، لما في ذلك من الغضاضة على النبي. وقال ابن الاخشاد: ويجوز أن لا يكون نبياً على أن لا يكون فيه وضع من موسى. وقال قوم: كان ملكاً. وقال الرماني: لا يجوز أن يكون إلا نبياً، لأن تعظيم العالم المعلم فوق تعظيم المتعلم منه. وقيل إنه سمي (خضراً) لأنه كان إذا صار في مكان لا نبات فيه اخضر ما حوله، وكان الله تعالى قد اطلعه من علم بواطن الأمور على ما لم يطلع عليه غيره[3].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

____________
[1] (منقول في البحار ج 7 ص 292 من الاختصاص والبصائر).
[2] (علل الشرائع، للشيخ الصدوق: ص59).
[3] (التبيان في تفسير القرآن، للشيخ الطوسي: ج7 ص70 و71).

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:27 م

0 التعليقات:

الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014



 

  بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد آل محمد

عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى شهادة سيدنا ومولانا زيد ابن الإمام علي زين العابدين(ع) بمثل اليوم الثاني من صفر سنة 120للهجرة.


[{ كلامكم نور وأمركم رشد }]

" بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي ياآلَ المُصْطَفى، إِنّا لا نَمْلِكُ إِلاّ أَنْ نَطُوفَ حَوْلَ مَشاهِدِكُمْ وَنُعَزِّي فِيها أَرْواحَكُمْ عَلى هذِهِ المَصائِبِ العَظِيمَةِ الحالَّةِ بِفِنائكُمْ وَالرَّزايا الجَلِيلَةِ النَّازِلَةِ بِساحَتِكُمْ الَّتِي أَثْبَتَتْ فِي قُلُوبِ شِيعَتِكُمْ القُرُوحَ وَأَوْرَثَتْ أَكْبادَهُمْ الجُرُوحَ وَزَرَعَتْ فِي صُدُورِهِمُ الغُصَصَ، وَعَلَيْكُمْ مِنَّا السَّلامُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ " .

اسمه وكنيته ونسبه: أبو الحسين، زيد ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين (عليهم السلام).

أُمّه: أم ولد ، اشتراها المختار بن أبي عُبيدة الثقفي، ثم أهداها إلى الإمام زين العابدين عليه السلام أنجبته وأنجبت عمر وعلي وخديجة. 

ولادته: ولد في عام 78 للهجرة و قيل 75 بالمدينة المنوّرة. ولما بشر به الامام علي بن الحسين زين العابدين (ع) اخذ القرآن متفائلا به فخرجت الاية الكريمة (ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بأن لهم الجنة ) فطبق المصحف وفتحه ثانية فخرجت الاية الكريمة ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ) وطبق المصحف مرة اخرى وفتحه ثالثة فخرجت الاية(وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة) فبهر الامام وراح يقول (عزيت عن هذا المولود وإنه من الشهداء) .

وقد تنبأ الامام السجاد (ع) بشهادته واحاط الصحابة علما بها , وعن جابر (رض) عن ابي جعفر الباقر (ع) قال: قال رسول الله (ص)
( يقتل رجل من اهل بيتي فيصلب , ولا ترى الجنة عين رأت عورته) .

لقد نشأ زيد في بيت النبوة والرسالة واغترف من علوم آبائه واجداده , ولازم اخاه الامام الباقر (ع) منذ نعومة اظفاره فكان له الاثر الكبير في تكوين شخصيته وسلوكه ,فكان في هديه يضارع هدي سلفه الطاهر, تعلم القرآن في سنيه الاولى واصبح متضاعا به وفقيها وهو في سن مبكرة , توفي ابوه وهو في الرابعة عشر من عمره فتعهده اخوه الباقر (ع) تدريسا وتوجيها فزوده بالفقه والحديث والتفسير حتى اصبح من علماء عصره البارزين وكان الامام الباقر عليه السلام يجل أخاه زيدآ ويكبره ويحمل له في دخائل نفسه أعمق الود و خالص الود لأنه من أفذاذ الرجال.  

ويقول زيد عن نفسه (والله ما خرجت ولا قمت مقامي هذا حتى قرأت القرآن واتقنت الفرائض واحكمت السنة والادب وعرفت التاويل وكما عرفت التنزيل وفهمت الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والخاص والعام وما تحتاج اليه الامة في دينها مما لابد منه ولا غنى عنه واني على بينة من ربي ) وعندما اطلق رسول الله صل الله عليه وآله الحديث الشريف (يأتي زيد واصحابه يوم القيامة يتخطون رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بغير حساب ), انما كان صلوات الله عليه وآله يرسم مجدا عظيما لحفيده الثائر الكبير زيد بن علي .

أولاده: أبو عبد الله، الحسين، المعروف بذي الدمعة، ويحيى.

صفاته الخَلقية عليه السلام: كان تام الخلق، طويل القامة، جميل المنظر، أبيض اللون، وسيم الوجه، واسع العينين، مقرون الحاجبين، كَثُّ اللحية، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، دقيق المسربة، واسع الجبهة، أقنى الأنف، أسود الرأس واللحية، إلّا أنّ الشيب خالط عارضَيه.قال الوابشي: «كنت إذا رأيت زيد بن علي رأيت أسارير النور في وجهه».

 لقد أثنى في فضل شأنه وجلالة قدره الأئمة عليهم السلام :فقد قال رسول الله صل الله عليه وآله للحسين عليه السلام : «ياحسين، يخرج من صلبك رجل يُقال له زيد، يتخطّا هو وأصحابه رقاب الناس، يدخلون الجنّة بلا حساب».قال الإمام الباقر عليه السلام : «اللّهم اشدد أزري بزيد».

قال الإمام الصادق عليه السلام : «حدّثني أبي، عن جدّي(عليهما السلام): أنّه يخرج من ولده رجل يُقال له زيد، يُقتل بالكوفة، ويُصلب بالكناسة، يُخرج من قبره نبشاً، تفتح لروحه أبواب السماء، يبتهج به أهل السماوات، تُجعل روحه في حوصلة طير أخضر يسرح في الجنّة حيث يشاء»

لقد كان عليه السلام من العلماء في عصره، فقد أخذ علومه من أبيه الإمام زين العابدين عليه السلام ، ومن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام)، ومنهم أخذ لطائف المعارف وأسرار الأحكام، فأفحم العلماء وأكابر المناظرين من سائر الملل والأديان.

وخير شاهد على هذا، قول الإمام الصادق عليه السلام : «إنّ زيداً كان عالماً، وكان صدوقاً.

وقول الإمام الرضا عليه السلام : «كان من علماء آل محمّد، غضب لله عزّ وجل، فجاهد أعداءه حتّى قُتل في سبيله .

وقول أبو حنيفة : شاهدت زيد بن علي كما شاهدت أهله، فما رأيت في زمانه أفقه منه، ولا أسرع جواباً، ولا أبين قولاً .

أما جهاده وثورته: عُرف الحاكم الأُموي هشام بن عدوا الملك بحقده وكرهه لأهل البيت وقد عهد لبعض شرِطته أن يراقبوا العلويين وتحركاتهم والوقوف على نشاطاتهم السياسية وقد احاطته استخباراته علمآ بنو مكانة زيد وأهمية مركزه الاجتماعي وما يتمتع به من القابليأت التي أوجبت التفاف الناس حوله، إلى أن خرج زيد و قد امتلئت نفسه حماس و عزم على إعلان الثورة على حكم بني أميه الجائر، وكان سبب خروج أبي الحسن زيد رضوان الله تعالى عليه مضافآ إلى غرضه في الطلب بدم الحسين عليه السلام . 

قبل ذلك اختار الكوفة منطلقاً لثورته، ودعا المسلمين لمبايعته، فأقبلت عليه الشيعة وغيرها تبايعه، حتّى بلغ عددهم من الكوفة فقط خمسة عشر ألف رجلاً.

ومن الجلي الواضح أنّه لم يُعلن الثورة من أجل أن يتولّى الخلافة والإمامة بنفسه؛ لأنّه كان يعرف إمامه، بل كان يدعو إلى الرضا من آل محمّد عليهم السلام ، طالباً الإصلاح في أُمّة جدّه التي أذاقها الأُمويون الظلم والجور.

وخير شاهد على ذلك قول الإمام الصادق عليه السلام : إنّ زيداً لم يدعكم إلى نفسه، إنّما دعاكم إلى الرضا من آل محمّد عليه السلام ، ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه، إنّما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه.

قيل أنه دخل على هشام بن عبد الملك وقد جمع له هشام أهل الشام وأمر أن يتضايقوا في المجلس حتى لا يتمكن من الوصول إلى قربه فقال له زيد إنه ليس من عباد الله أحد فوق أن يوصى بتقوى الله ولا من عباده أحد دون أن يوصى بتقوى الله وأنا أوصيك بتقوى الله يا أمير المؤمنين فاتقه فقال له هشام أنت المؤهل نفسك للخلافة الراجي لها وما أنت وذاك لا أم لك وإنما أنت ابن أمة فقال له زيد إني لا أعلم أحدا أعظم عند الله منزلة من نبي بعثه الله وهو ابن أمة فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يبعث وهو إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام فالنبوة أعظم أم الخلافة يا هشام وبعد فما يقصر برجل أبوه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ابن علي بن أبي طالب أن يكون ابن أمة.

فوثب هشام عن مجلسه ودعا قهرمانة وقال لا يبيتن هذا في عسكري فخرج زيد وهو يقول لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا فلما وصل الكوفة اجتمعت إليه الشيعة تختلف عليه وغيرهم من المحكمة يبايعونه حتى أحصى ديوانه خمسة عشر الف رجل من أهل الكوفة خاصة ، سوى أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل وخراسان والري وجرجان والجزيرة ، وأقام بالعراق بضعة عشر شهرآ، وكان منها شهرين بالبصرة والباقي بالكوفة حتى بايعوه أهلها على الحرب ثم نقضوا بيعته وأسلموه .

وخرج زيد بن علي عليهم السلام سنة عشرين ومائة ، فلما خفقت الراية على رأسه قال : الحمد لله الذي أكمل ديني ، والله إني كنت أستحي من رسول الله صل الله عليه وآله أن أرد عليه الحوض غدآ ولم آمر في أمته بمعروف ولا أنهى عن منكر .  

خروجه ومقتله قال أبو الفرج وابن الأثير فلما دنا خروجه امر أصحابه بالاستعداد والتهيؤ فجعل من يريد ان يفي له يستعد وشاع ذلك قال أبو الفرج فانطلق سليمان بن سراقة البارقة فأخبر يوسف بن عمر خبر فبعث يوسف فطلب زيدا ليلا فلم يوجد عند الرجلين اللذين سعي إليه انه عندهما فاتى بهما يوسف فلما كلمهما استبان امر زيد وأصحابه وامر بهما يوسف فضربت أعناقهما وبلغ الخبر زيدا فتخوف ان يؤخذ عليه الطريق فتعجل الخروج قبل الاجل الذي بينه وبين أهل الأمصار وكان قد وعد أصحابه ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة 122 فخرج قبل الاجل فلما خفقت الراية على رأسه قال الحمد لله الذي أكمل لي ديني والله اني كنت استحيي من رسول الله ص ان أرد عليه الحوض ولم آمر في أمته بمعروف ولا أنهى عن منكر وبلغ ذلك يوسف بن عمر فامر الحكم بن الصلت ان يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم فيحصرهم فيه فبعث الحكم إلى العرفاء والشرط والمناكب والمقاتلة فأدخلوهم المسجد ثم نادى مناديه أيما رجل من العرب والموالي أدركناه في رحلة فقد برئت منه الذمة ائتوا المسجد الأعظم فاتى الناس المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد.

وقال ابن عساكر في حديث عن ضمرة بن ربيعة ان يوسف بن عمر لما علم بخروج زيد امر بالصلاة جامعة وبان من لم يحضر المسجد فقد حلت عليه العقوبة فاجتمع الناس وقالوا ننظر ما هذا الامر ثم نرجع فلما اجتمع الناس امر بالأبواب فاخذ بها وبنى عليهم وامر الخيل فجالت في أزقة الكوفة فمكث الناس ثلاثة أيام وثلاث ليال في المسجد يؤتى الناس من منازلهم بالطعام يتناوبهم الشرط والحرس فخرج زيد على تلك الحال.

قال أبو الفرج في حديثه وطلبوا زيدا في دار معاوية بن إسحاق فخرج ليلا وذلك ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم في ليلة شديدة البرد من دار معاوية بن إسحاق فرفعوا الهرادي فيها النيران ونادوا بشعارهم شعار رسول الله ص يا منصور أمت فما زالوا كذلك حتى أصبحوا فبعث زيد القاسم بن عمر التبعي ورجلا اخر اسمه صدام وسعيد بن خثيم ينادون بشعارهم ورفع أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني هرديا من مئذنتهم ونادى بشعار زيد فلما كانوا في صحارى عبد القيس لقيهم جعفر بن العباس الكندي فشد على القاسم وعلى أصحابه فقتل صدام وارتث القاسم فاتي به الحكم ابن الصلت فقتله على باب القصر.

قال أبو مخنف وقال يوسف بن عمر وهو بالحيرة من يأتي الكوفة فيقرب من هؤلاء فيأتينا بخبرهم فقال عبد الله بن العباس المنتوف الهمداني انا آتيك بخبرهم فركب في خمسين فارسا ثم اقبل حتى اتى جبانة سالم فاستخبر ثم رجع إلى يوسف خرج إلى تل قريب من الحيرة فنزل معه قريش وأشراف الناس وأمير شرطته يومئذ العباس بن سعد المرادي وبعث الريان بن سلمة البلوي في نحو من ألفي فارس وثلاثمائة من القيقانية رجالة ناشبة وأصبح زيد بن علي وجميع من وافاه تلك الليلة 218 رجالة ناشبة فقال زيد سبحان الله فأين الناس قيل هم محصورون في المسجد فقال لا والله ما هذا لمن بايعنا فتلقى عمر بن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم بن الصلت عند بعض دور الكوفة فقال يا منصور أمت فلم يرد عليه عمر شيئا فشد نصر عليه وعلى أصحابه فقتله وانهزم من كان معه واقبل زيد حتى انتهى إلى جبانة الصائديين وبها خمسمائة من أهل الشام فحمل عليهم زيد في أصحابه فهزمهم ثم مضى حتى انتهى إلى الكناسة فحمل على جماعة من أهل الشام فهزمهم ثم شلهم حتى ظهر إلى المقبرة ويوسف بن عمر على التل ينظر إلى زيد وأصحابه وهم يكرون ولو شاء زيد ان يقتل يوسف لقتله. ثم إن زيدا اخذ ذات اليمين حتى دخل الكوفة فطلع أهل الشام عليهم فدخلوا زقاقا ضيقا ومضوا فيه فقال زيد لنصر بن خزيمة أتخاف على أهل الكوفة ان يكونوا فعلوها حسينية فقال جعلني الله فداك اما انا فوالله لأضربن بسيفي هذا معك حتى أموت ثم خرج بهم زيد نحو المسجد فخرج إليه عبيد الله بن العباس الكندي في أهل الشام واقتتلوا فانهزم عبيد الله وأصحابه وتبعهم زيد حتى انتهوا إلى باب الفيل وهو أحد أبواب المسجد وجعل أصحاب زيد يدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون يا أهل المسجد أخرجوا وجعل نصر بن خزيمة يناديهم يا أهل الكوفة أخرجوا من الذل إلى العز إلى الدين والدنيا وجعل أهل الشام يرمونهم من فوق المسجد بالحجارة. 

وبعث يوسف بن عمر الريان بن سلمة في خيل إلى دار الرزق فقاتلوا زيدا قتالا شديدا وجرح من أهل الشام جرحى كثيرة وشلهم أصحاب زيد من دار الرزق حتى انتهوا إلى المسجد الأعظم فرجع أهل الشام مساء يوم الأربعاء وهم أسوأ شئ ظنا فلما كان غداة يوم الخميس دعا يوسف بن عمر الريان بن سلمة فأفف به وقال له أف لك من صاحب خيل ودعا العباس بن سعد المري المرادي صاحب شرطته فبعثه إلى أهل الشام فسار بهم حتى انتهوا إلى زيد في دار الرزق وخرج إليه زيد وعلى مجنبته نصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق فلما رآهم العباس نادى يا أهل الشام الأرض فنزل ناس كثير واقتتلوا قتالا شديدا وكان رجل من أهل الشام اسمه نائل بن مرة العبسي قال ليوسف والله لئن ملأت عيني من نصر بن خزيمة لأقتلنه أو ليقتلني فأعطاه يوسف سيفا لا يمر بشئ الا قطعه فلما التقى أصحاب العباس وأصحاب زيد ضرب نائل نصرا فقطع فخذه وضربه نصر فقتله ومات نصر ثم إن زيدا هزمهم وانصرفوا بأسوأ حال فلما كان العشاء عبأهم يوسف ثم سرحهم نحو زيد فحمل عليهم زيد فكشفهم ثم اتبعهم حتى أخرجهم إلى السبخة ثم شد عليهم حتى أخرجهم من بني سليم ثم ظهر له زيد فيما بين بارق وبني دوس فقاتلهم قتالا شديدا وصاحب لوائه رجل من بني سعد بن بكر يقال له عبد الصمد قال سعيد بن خثيم وكنا مع زيد في خمسمائة وأهل الشام اثنا عشر ألفا وكان بايع زيدا أكثر من اثني عشر ألفا فغدروا به إذ فصل رجل من أهل الشام من كلب على فرس له رائع فلم يزل شتما لفاطمة بنت رسول الله ص فجعل زيد يبكي حتى ابتلت لحيته وجعل يقول أما أحد يغضب لفاطمة بنت رسول الله أما أحد يغضب لرسول الله ص أما أحد يغضب لله ثم تحول الشامي عن فرسه فركب بغلة وكان الناس فرقتين نظارة ومقاتلة قال سعيد فجئت إلى مولى لي فأخذت منه مشملا كان معه ثم استترت من خلف النظارة حتى إذا صرت من ورائه ضربت عنقه وانا متمكن منه بالمشمل فوقع رأسه بين يدي بغلته ثم رميت جيفته عن السرج وشد أصحابه علي حتى كادوا يرهقوني وكبر أصحاب زيد وحملوا عليهم واستنقذوني فركبت واتيت زيدا فجعل يقبل بين عيني ويقول أدركت والله ثارنا أدركت والله شرف الدنيا والآخرة وذخرهما ونفلني البغلة. وجعلت خيل أهل الشام لا تثبت لخيل زيد فبعث العباس بن سعد إلى يوسف بن عمر يعلمه ما يلقى من الزيدية وسأله ان يبعث إليه الناشبة فبعث إليه سليمان بن كيسان في القيقانية وهم بخارية وكانوا رماة فجعلوا يرمون أصحاب زيد وقاتل معاوية بن إسحاق الأنصاري يومئذ قتالا شديدا فقتل بين يدي زيد وثبت زيد في أصحابه حتى إذا كان عند جنح الليل رمي زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى فنزل السهم في الدماغ فرجع ورجع أصحابه ولا يظن أهل الشام انهم رجعوا الا للمساء والليل فدخل دارا من دور أرحب وشاكر وجاءوا بطبيب يقال له سفيان مولى لبني دوس فقال له ان نزعته من رأسك مت قال الموت أيسر علي مما انا فيه فاخذ الكلبتين فانتزعه فساعة انتزاعه مات وفي عمدة الطالب قال سعيد بن خثيم تفرق أصحاب زيد عنه حتى بقي في ثلاثمائة رجل وقيل جاء يوسف بن عمر الثقفي في عشرة آلاف فصف أصحابه صفا بعد صف حتى لا يستطيع أحدهم ان يلوي عنقه فجعلنا نضرب فلا نرى الا النار تخرج من الحديد فجاء سهم فأصاب جبين زيد بن علي يقال رماه مملوك ليوسف بن عمر الثقفي يقال له راشد فأصاب بين عينيه فأنزلناه وكان رأسه في حجر محمد بن مسلم الخياط فجاء يحيى بن زيد فأكب عليه فقال يا أبتاه أبشر ترد على رسول الله وعلي وفاطمة وعلى الحسن والحسين فقال اجل يا بني ولكن اي شئ تريد ان تصنع قال أقاتلهم والله ولو لم أجد الا نفسي فقال افعل يا بني فإنك على الحق وانهم على الباطل وان قتلاك في الجنة وان قتلاهم في النار ثم نزع السهم فكانت نفسه معه.

قال المسعودي حال المساء بين الفريقين فراح زيد مثخنا بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته فطلبوا من ينزع النصل فاتي بحجام من بعض القرى فاستكتموه امره فاستخرج النصل فمات من ساعته فدفنوه في ساقية ماء وجعلوا على قبره التراب والحشيش واجري الماء على ذلك وحضر الحجام مواراته فعرف الموضع فلما أصبح مضى إلى يوسف متنصحا فدله على موضع قبره فاستخرجه يوسف وبعث رأسه إلى هشام فكتب إليه هشام ان أصلبه عريانا فصلبه يوسف كذلك وبنى تحت خشبته عمودا ثم كتب هشام إلى يوسف باحراقه وذروه في الرياح .

قال أبو الفرج قال القوم أين ندفنه وأين نواريه خوفا من بني أمية وعمالهم ان يمثلوا به لما يعلمون من خبث سرائرهم وعادتهم في التمثيل التي ابتدأت من يوم أحد فقال بعضهم نلبسه درعين ثم نلقيه في الماء وقال بعضهم لا بل نحتز رأسه ثم نلقيه بين القتلى فقال يحيى بن زيد لا والله لا يأكل لحم أبي السباع وقال بعضهم نحمله إلى العباسية فندفنه فيها وهي على ما في القاموس بلدة بنهر الملك.

قال سلمة بن ثابت فأشرت عليهم ان ينطلقوا إلى الحفرة التي يؤخذ منها الطين فندفنه فيها فقبلوا رأيي فانطلقنا فحفرنا له حفرتين وفيها يومئذ ماء كثير حتى إذا نحن مكنا له دفناه ثم أجريناه عليه الماء ومعنا عبد سندي وقيل حبشي كان مولى لعبد الحميد الرواسي وكان معمر بن خثم قد اخذ صفقته لزيد وقيل هو مملوك سندي لزيد وكان حضرهم وقيل كان نبطي يسقي زرعا له حين وجبت الشمس فرآهم حيث دفنوه فلما أصبح اتى الحكم بن الصلت فدلهم على موضع قبره وقال ابن عساكر اخذه رجل فدفنه في بستان له وصرف الماء عن الساقية وحفر له تحتها ودفنه وأجرى عليه الماء وكان غلام له سندي في بستان له ينظر فذهب إلى يوسف فأخبره. وقال ابن الأثير رآهم قصار فدل عليل فبعث إليه يوسف بن عمر الثقفي فاستخرجوه وحملوه على بعير قال أبو الفرج قال نصر بن قابوس فنظرت والله إليه حين اقبل به على جمل قد شد بالحبال وعليه قميص اصفر هروي فألقي من البعير على باب القصر كأنه جبل وقطع الحكم بن الصلت رأسه وسيره إلى يوسف بن عمر وهو بالحيرة فامر يوسف ان يصلب زيد بالكناسة هو ونصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق وزياد النهدي وامر بحراستهم وبعث بالرأس إلى الشام فصلب على باب مدينة دمشق ثم ارسل إلى المدينة. ثم إن يوسف بن عمر تتبع الجرحى في الدور . 

بعد شهادته عليه السلام  أمر والي العراق يوسف بن عمر الثقفي  والد الحجّاج  بصلب زيد عليه السلام بالكناسة عارياً، ومكث مصلوباً أربع سنين إلى أيّام حكم الوليد بن يزيد الأُموي، فلمّا قام ابنه يحيى بن زيد بالثورة، كتب الوليد إلى يوسف: «إذا أتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فأحرقه ثمّ انسفه في اليم نسفاً.

 قال: فأمر يوسف خراش بن حوشب فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار، ثمّ رضّه فجعله في قوصرة، ثمّ جعله في سفينة، ثمّ ذراه في الفرات.

لما استشهد بكى عليه الأئمة فلقد وقف الإمام علي عليه السلام  على موضع صلب زيد عليه السلام بالكوفة قبل صلبه، فبكى وبكى الناس لبكائه، فقيل له: «يا أمير المؤمنين، ممّ بكاؤك؟ فقد أبكيت أصحابك، فقال: أبكي أنّ رجلاً من ولدي يُصلب في هذا الموضع.

ولمّا وصل خبر مقتله للإمام الصادق عليه السلام  بكى ثمّ قال: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، عند الله احتسب عمّي، إنّه كان نعم العم، إنّ عمّي كان رجلاً لدنيانا وآخرتنا، مضى والله عمّي شهيداً كشهداء استُشهدوا مع رسول الله صل الله عليه وآله وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم.


في صلب زيد يقول بعض شعراء بني أمية وهو الحكم الحكيم بن العباس الكلبي يخاطب آل أبي طالب وشيعتهم من أبيات:

صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة
ولم أر مهديا على الجذع يصلب

وقستم بعثمان عليا سفاهة
وعثمان خير من علي وأطيب

وفي البحار أن الصادق عليه السلام لما بلغه قول الحكم رفع يديه إلى السماء وهما يرعشان فقال اللهم ان كان عبدك كاذبا فسلط عليه كلبك فبعثه بنو أمية إلى الكوفة فبينما هو يدور في سككها إذ افترسه الأسد واتصل خبره بجعفر فخر لله ساجدا ثم قال الحمد لله الذي أنجزنا ما وعدنا. ورواه ابن حجر أيضا صواعقه.

وقد نظم في الرد على الحكيم الكلبي ونورد هنا شيئا منها أولها:

لقد لامني فيك الوشاة وأطنبوا
وراموا الذي لم يدركوه فخيبوا

أرقت وقد نام الخلي ولم أزل
كأني على جمر الغضى أتقلب

عجبت وفي الأيام كم من عجائب
ولكنما فيها عجيب واعجب

تفاخرنا قوم لنا الفخر دونها
على كل مخلوق يجئ ويذهب

وما ساءني الا مقالة قائل
إلى آل مروان يضاف وينسب

صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة
ولم أر مهديا على الجذع يصلب

فان تصلبوا زيدا عنادا لجده
فقد قتلت رسل الاله وصلبوا

وإنا نعد القتل أعظم فخرنا
بيوم به شمس النهار تحجب

فما لكم والفخر بالحرب انها
إذا ما انتمت تنمى إلينا وتنسب

هداة الورى في ظلمة الجهل والعمى
إذا غاب منهم كوكب بان كوكب

كفاهم فخارا ان احمد منهم
وغيرهم ان يدعوا الفخر كذبوا

وفي أمالي الصدوق في الحديث الثاني من المجلس 62 حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه هن محمد بن أبي عمير عن حمزة بن حمران دخلت إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقال لي يا حمزة من أين أقبلت قلت من الكوفة فبكى حتى بلت دموعه لحيته فقلت له يا ابن رسول الله ما لك أكثرت البكاء قال ذكرت عمي زيدا وما صنع به فبكيت فقلت له وما الذي ذكرت منه فقال ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه سهم فجاء ابنه يحيى فانكب عليه وقال له ابشر يا أبتاه فإنك ترد على رسول الله وعلى فاطمة والحسن والحسين صل الله عليهم أجمعين قال اجل يا بني ثم دعي بحداد فنزع السهم من جبينه فكانت نفسه معه فجئ به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة فحفر له فيها ودفن واجري عليه الماء وكان معهم غلام سندي لبعضهم فذهب إلى يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إياه فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين ثم امر به فاحرق بالنار وذري في الرياح فلعن الله قاتله وخاذله والى الله جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته وبه نستعين على عدونا وهو خير مستعان.

قال المفيد في الارشاد ولما قتل زيد بلغ ذلك من أبي عبد الله عليه السلام كل مبلغ وحزن له حزنا شديدا عظيما حتى بان عليه وفرق من ماله على عيال من أصيب مع زيد من أصحابه ألف دينار.

وفي أمالي الصدوق في الحديث 13 من المجلس 54 حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن أبي عمير عن عبد الرحمن بن سيابة قال دفع إلي أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ألف دينار وأمرني ان اقسمها في عيال من أصيب مع زيد بن علي فقسمتها فأصاب عبد الله بن الزبير أخا فضيل الرسان أربعة دنانير وفي عمدة الطالب روى الشيخ أبو نصر البخاري عن محمد بن عمير عن عبد الرحمن بن سيابة قال أعطاني جعفر بن محمد الصادق ألف دينار وأمرني ان أفرقها في عيال من أصيب مع زيد فأصاب كل رجل أربعة دنانير.

قال أبو الفرج: ووجه يوسف برأسه إلى هشام مع زهرة بن سليم فلما كان بمضيعة ابن أم الحكم ضربه الفالج فانصرف واتته جائزته من عند هشام.

وفي معجم البلدان ج 8 ص 77 على باب الكورتين مشهد فيه مدفن رأس زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتل بالكوفة واحرق وحمل رأسه فطيف به الشام ثم حمل إلى مصر فدفن هناك وفي عمدة الطالب قال الناصر الكبير الطبرستاني لما قتل زيد بعثوا برأسه إلى المدينة ونصب عند قبر النبي صل الله عليه وآله يوما وليلة .

هذا رأس ولدك الذي قتلناه بمن قتل منا يوم بدر نصبناه عند قبرك.

وروى أبو الفرج باسناده عن الوليد بن محمد الموقري كنت مع الزهري بالرصافة فسمع أصوات لعابين فقال لي انظر ما هذا فأشرفت من كوة في بيته فقلت هذا رأس زيد بن علي فاستوى جالسا ثم قال أهلك أهل هذا البيت العجلة فقلت له أويملكون قال حدثني علي بن حسين عن أبيه عن فاطمة ان رسول الله ص قال لها المهدي من ولدك.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن الوليد بن محمد الموقري قال كنا على باب الزهري إذ سمع جلبة فقال ما هذا يا وليد فنظرت فإذا رأس زيد يطاف به بيد اللعابين فأخبرته فبكى وقال أهلك أهل هذا البيت العجلة قلت ويملكون قال نعم حدثني علي بن الحسين عن أبيه ان رسول الله صل الله عليه وآله قال لفاطمة أبشري المهدي منك وأقول ما أهلك أهل هذا البيت العجلة ولا نفعهم الابطاء وانما أهلكهم يوم معلوم مشهور كان السبب الأول لغصب حقوقهم وسفك دمائهم وان يحكم فيهم من لهم الحكم فيه ومن اجله دفنت ، الزهراء سرا وفيه قتل علي بن أبي طالب لا في التاسع عشر من شهر رمضان وفيه سم الحسن وفيه أصيب الحسين كما قال القاضي ابن أبي قريعة لا في يوم عاشورا وفيه قتل زيد وابنه يحيى وعبد الله بن الحسن وأهل بيته والحسين صاحب فخ وسائر آل أبي طالب.

قال أبو الفرج: وامر يوسف بن عمر بزيد فصلب بالكناسة عاريا وصلب معه من أصحابه معاوية بن إسحاق وزياد النهدي ونصر بن خزيمة العبسي ومكث مصلوبا أربع سنين إلى أيام الوليد بن يزيد سنة 126 وفي رواية ان الفاختة عششت في جوفه فلما ظهر يحيى بن زيد كتب الوليد إلى يوسف اما بعد فإذا اتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فاحرقه وانسفه في اليم نسفا والسلام فامر يوسف عند ذلك خراش بن حوشب فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار ثم جعله في قواصر ثم حمله في سفينة ثم ذراه في الفرات .

وقال المسعودي: ذكر أبو بكر بن عياش وجماعة ان زيدا مكث مصلوبا خمسين شهرا عريانا فلم ير له أحد عورة سترا من الله له وذلك بالكناسة بالكوفة فلما كان في أيام الوليد بن يزيد بن عبد الملك وظهر ابنه يحيى بن زيد بخراسان كتب الوليد إلى عامله بالكوفة ان أحرق زيدا بخشبته ففعل به ذلك وأذرى في الرياح على شاطئ الفرات . 

صلب عاريا فنسجت العنكبوت وقيل تدلت قطعة لحم منه فسترت عورته.

ورأى جرير بن حازم كما في مقاتل الطالبيين وتهذيب التهذيب النبي صل الله عليه وآلع في المنام وهو متساند إلى جذع زيد بن علي وهو مصلوب وهو يقول للناس أهكذا تفعلون بولدي. 

وقال ابن عساكر ان الموكل بخشبته رأى النبي صل الله عليه وآله  في النوم وقد وقف على الخشبة وقال هكذا تصنعون بولدي من بعدي يا بني يا زيد قتلوك قتلهم الله صلبوك صلبهم الله فخرج هذا في الناس فكتب يوسف بن عمر إلى هشام ان عجل إلى العراق فقد فتنوا فكتب إليه هشام ان أحرقه بالنار.

وجازى الله يوسف بن عمر على سوء فعلته في دار الدنيا والعذاب الآخرة أشد وأبقى فإنه لما ولي يزيد بن الوليد استعمل على العراق منصور بن جهور فلما كان بعين التمر كتب إلى من بالحيرة من قواد أهل الشام يأمرهم يأخذ يوسف وعماله فعلم بذلك يوسف فتحير في امره ثم اختفى عند محمد بن سعيد بن العاص فلم ير رجل كان مثل عتوه خاف خوفه ثم هرب إلى الشام فنزل البلقاء فلما بلغ خبره يزيد بن الوليد وجه إليه خمسين فارسا فوجدوه بين نسوة قد القين عليه قطيفة خز وجلسن على حواشيها حاسرات فجروا برجله وأخذوه إلى يزيد فوثب عليه بعض الحرس فاخذ بلحيته ونتف بعضها وكانت تبلغ إلى سرته فحبسه يزيد وبقي محبوسا ولاية يزيد وشهرين وعشرة أيام من ولاية إبراهيم ثم قتل في الحبس هذا مختصر ما في كامل ابن الأثير.

والتمثيل بالقتيل بعد الموت يدل على خسة النفوس وخبثها والرجل الشريف النبيل يكتفي عند الظفر بخصمه بقتله ان لم يكن للعفو موضع وتأنف نفسه ويأبى له كرم طباعه التمثيل بعدوه ولو كان من اعدى الأعداء بل لا يسلبه ثيابه ولا درعه كما فعل أمير المؤمنين علي ع حين قتل عمرو بن عبدو واستدلت أخته بذلك على أن قاتل أخيها رجل كريم وقال له بعض الأصحاب هلا سلبته درعه فإنها داودية فقال كلا ان عمرا رجل جليل وافتخر بذلك فقال:

وعففت عن أثوابه ولو انني كنت المجدل بزني أثوابي ونهى رسول الله ص عن المثلة ولو بالكلب العقور وكانت بسيرة بني أمية رجالهم ونسائهم وسيرة عمالهم المقتدين بهم والمتبعين لأوامرهم التمثيل بالقتلى من أخصامهم فمثلت هند ابنة عتبة أم معاوية وزوجة أبي سفيان بقتلى أحد واتخذت من آذان الرجال وآنافهم خدما وقلائد وبقرت عن كبد حمزة واخذت منها قطعة فلاكتها فلم تستطع ان تسيغها فلفظتها وسميت آكلة الأكباد وعير بنوها بذلك إلى آخر الدهر وسموا بني آكلة الأكباد وامر أمير المؤمنين على عليه السلام ولده ان يدفنوه ليلا ويخفوا قبره خوفا من بني أمية ان ينبشوه ويمثلوا به لما علمه بما سمعه من الرسول صل الله عليه وآله من دولتهم ومثل دعي بني أمية وابن دعيهم وهانئ بن عروة ومثل ابن سعد بأمر الدعي ابن الدعي بالحسين سبط رسول الله صل الله عليه وآله  وريحانته يوم كربلاء وبأهله وأصحابه ومثلوا بزيد بن علي أفظع المثلة كما سمعت فدلوا بذلك على خبث سرائرهم وخسة نفوسهم ودنائتها وبعدهم عن الشهامة ومكارم الأخلاق وسمو الصفات.

ملكنا فكان العفو منا سجية
فلما ملكتم سال بالدم أبطح

وحللتم قتل الأسارى ولم نزل
نعف عن العاني الأسير ونصفح

وحسبكم هذا التفاوت بيننا
وكل اناء بالذي فيه ينضح

ولئن أحرق هشام عظام زيد بنار الدنيا فقد سلط الله عليه وعلى أهل بيته من بني العباس من نبشهم وأحرقهم بنار الدنيا واحرق الله هشاما وأهل بيته لظلمهم والحادهم بنار الآخرة التي لا أمد لها.

قال المسعودي: حكى الهيثم بن عدي الطائي عن عمر بن هانئ قال خرجت مع عبد الله بن علي لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس السفاح فانتهينا إلى قبر هشام فاستخرجناه صحيحا ما فقدنا منه الا حثمة أنفه فضربه عبد الله بن علي ثمانين سوطا ثم أحرقه واستخرجنا سليمان من ارض دابق فلم نجد منه شيئا الا صلبه وأضلاعه ورأسه فأحرقناه وفعلنا ذلك بغيرهما من بني أمية وكانت قبورهم بقنسرين ثم انتهينا إلى دمشق فاستخرجنا وليد بن عبد الملك فما وجدنا في قبره قليلا ولا كثيرا واحتفرنا عن عبد الملك فما وجدنا الا شؤون رأسه ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فما وجدنا فيه الا عظما واحدا ووجدنا مع لحده خطا اسود كأنما خط بالرماد في الطول في لحده ثم اتبعنا قبورهم في جميع البلدان فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم.

قال المسعودي: وانما ذكرنا هذا الخبر في هذا الموضع لقتل هشام زيد بن علي وما نال هشاما من المثلة وما فعل بسلفه من الاحراق كفعله بزيد بن علي اه. لكنه لم يذكر مؤسس ملكهم العضوض باسمه وان دخل في عموم قوله ولا شك انه فعل به ما فعل بهم وعدم التصريح به لأمر ما.

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 2 ص 205 قرأت هذا الخبر على النقيب أبي جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي بن عبد الله في سنة 605 وقلت له اما احراق هشام باحراق زيد فمفهوم فما معنى جلده ثمانين سوطا فقال رحمه الله أظن عبد الله بن علي ذهب في ذلك إلى حد القذف لأنه يقال انه قال لزيد يا ابن الزانية لما سب أخاه محمد الباقر عليه السلام فسبه زيد وقال له سماه رسول الله صل الله عليه وآله الباقر عليه السلام وتسميه أنت البقرة لشد ما اختلفتما ولتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار وهذا استنباط لطيف .

قال ابن الأثير ثم إن يوسف بن عمر خطب الناس بعد قتل زيد وذمهم وتهددهم.

جماعة ممن تابع زيد بن علي من أهل الفضل والعلم في مقاتل الطالبيين: تسمية من عرف ممن خرج مع زيد بن علي ع من أهل العلم ونقلة الآثار والفقهاء من أهل العلم ونقلة الآثار والفقهاء ثم عد من جملتهم:

الامام أبا حنيفة امام المذهب فروى بسنده عمن سمع محمد بن محمد في دار الامارة يقول رحم الله أبا حنيفة لقد تحققت مودته لنا في نصرته زيد بن علي وفعل بابن المبارك في كتمانه فضائلنا ودعا عليه.

وبسنده عن الفضيل بن الزبير ص 59 قال أبو حنيفة من يأتي زيدا في هذا الشأن من فقهاء الناس قلت سلمة بن كهيل وعد معه جماعة من الفقهاء فقال لي قل لزيد لك عندي معونة وقوة على جهاد عدوك فاستعن بها أنت وأصحابك في الكراع والسلاح ثم بعث ذلك معي إلى زيد فأخذه زيد ومر في ترجمة إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ما فعله الإمام أبو حنيفة من الدعاء إليه ومعونته بالمال وما قاله للمرأة التي قتل ابنها مع إبراهيم وغير ذلك إذن فأبو حنيفة زيدي ولهذا كانت فرقة من الزيدية على مذهب الامام أبي حنيفة ويأتي عند الكلام على الزيدية زيادة في ذلك، ومنهم منصور بن المعتمر ومحمد بن أبي ليلي جاء منصور يدعو إلى الخروج مع زيد بن علي وبيعته وابطا عن زيد لما بعثه يدعو إليه فقتل زيد ومنصور غائب فصام سنة يرجو ان يكفر ذلك عن تأخره.

ومنهم يزيد بن أبي زياد مولى بني هاشم صاحب عبد الرحمن بن أبي ليلى قال عبدة بن كثير السراج الجرمي قدم يزيد الرقة يدعو الناس إلى بيعة زيد بن علي وكان من دعاته واجابه ناس من أهل الرقة وكنت فيمن اجابه.

وروى أبو الفرج بسنده إلى عبدة بن كثير الجرمي كتب زيد بن علي إلى هلال بن حباب وهو يومئذ قاضي المدائن فاجابه وبايع له.
وبسنده عن سالم بن أبي الجعد أرسلني زيد بن علي إلى زبيد اليامي أدعوه إلى الجهاد معه.

وبسنده عن أبي عوانة فارقني سفيان على أنه زيدي.

وبسنده كان رسول زيد إلى خراسان عبدة بن كثير الجرمي والحسن بن سعد الفقيه.

وبسنده عن شريك قال إني لجالس عند الأعمش انا وعمرو بن سعيد أخو سفيان بن سعيد الثوري إذ جاءنا عثمان بن عمير أبو اليقظان الفقيه فجلس إلى الأعمش فقال أخلنا فان لنا إليك حاجة فقال وما خطبكم هذا شريك وهذا عمرو بن سعيد اي انهما ليس دونهما سر أذكر حاجتك فقال أرسلني إليك زيد بن علي أدعوك إلى نصرته والجهاد معه وهو من عرفت قال اجل ما أعرفني بفضله اقرئاه مني السلام وقولا له يقول لك الأعمش لست أثق لك جعلت فداك بالناس ولو انا وجدنا لك ثلاثمائة رجل أثق بهم لغيرنا لك جوانبها . 

وقال ابن عساكر قيل للأعمش أيام زيد لو خرجت فقال ويلكم والله ما اعرف أحدا اجعل عرضي دونه فكيف اجعل ديني دونه.

قال وكان سلمة بن كهيل من أشد الناس قولا لزيد ينهاه عن الخروج وكان أبو كثير يضرب بغله ويقول الحمد لله الذي سار بي تحت رايات الهدى يعني رايات زيد وقال مغيرة كنت أكثر الضحك فما قطعه الا قتل زيد .

مدفنه و مرقده الشريف :  يذكر السيد مهدي القزويني ما نصه: ولزيد بن علي في موضع صلبه وحرقه من كناسة الكوفة قبر مشهور وعليه قبة وهو من المزارات المقصودة.

◾️وقال الشيخ حرز الدين: (... مشهده عامر بالزائرين والوفود في ليالي الجمعات والمواسم الإسلامية، ويقع في الشرق الجنوبي لقرية الكفل، يبعد عن حدود الفرسخين عنه، وهذا المشهد هو موضع دفنه وإقباره)، ثم يضيف حفيد الشيخ حرز الدين في هامش الموضوع: (وله رسم قبر رمزي عليه الستور النفيسة، فوقه شباك حديد، جميل الصنع، أثري المنظر، في وسط هرم طوله وعرضه (6×6) متر، مفروش بالسجاد إلى جانبه رواق للزائرين، وكان حرمه مجهزاً بالمعلقات والثريات وأنواع المصابيح الكهربائية، تظله قبة ضخمة عالية البناء، وأمام مشهده طارمة بخمس اسطوانات، مسقوفة يحوطه صحن طوله وعرضه (10×8) اسطوانات، وفي مدخل صحنه طارمة مسقوفة ببناء مسلح ضخم أشادها بعض المحسنين من أهل الخير، رأيناها محتشدة بالزائرين، وحول مشهده بيوت يقيم فيها بعض سدنته).

يتضمن المرقد صحن كبير تحيط به أروقة تمتد على طول الأضلاع الأربعة، ويمكن الدخول للصحن عن طريق أربعة مداخل رئيسية تقع في منتصف جانب، ولكنها اليوم مغلقة باستثناء البوابة الرئيسية التي يطلق عليها (باب القبلة)، التي يليها ممر مسقف مطل على الصحن الشريف، تتوسط الصحن عمارة المقام التي تتألف بدورها من الطارمة المسقفة، وقد غلُفت جدرانها الداخلية والخارجية بالمرمر كما زخرف سقفها بالمرايا، التي أضفت عليها حُلّة عمرانية جمعت بين الاتقان والجمال، كما تبدو المنارتان اللتان تقعان على جانبي عمارة المقام يبلغ ارتفاع كل واحدة منهما (33) متراً وقد غلفت بالكاشي المزخرف ويمكن الدخول إلى الحرم من ثلاث أبواب موزعة بانتظام على الواجهة القبلية، أما الحرم فلا أبالغ إن وصفته في كونه آية من آيات الفن المعماري حيث الفضاءات المقسمة وفق ذوق هندسي رفيع وسقوف مزينة بأنواع الزخارف الإسلامية وجدران غُلفت بالكاشي الكربلائي الذي زينته الآيات القرآنية ذات الخط المميز كما زُين ببعض القصائد التي أشادت ببطولات زيد (عليه السلام) وتضحيته وشهادته، إضافة لذلك يُلاحظ كتابة سيرة زيد بن علي (عليه السلام) على الجدران الداخلية في المقام الشريف في ثلاث أماكن وذلك لتعريف الزائر الكريم بشخصية صاحب المقام.

تبلغ مساحته حوالي (100) متر مربع يحيط بالشباك الذي يحتل مركز المقام أروقة واسعة ذات أقواس إسلامية خصص الجانب الأيمن منها للرجال، والأيسر للنسان، أما الشباك فهو الآخر يُعد نموذجاً رائعاً من نماذج الفن، حيث حوى جميع مواصفات العمل الناجح من نقش وزخرفة وتشكيل، والشباك عبارة عن صندوق مستطيل كبير بأبعاد (5×3.5) متر يحتوي الضلع الطويل على أربعة شبابيك، والأصغر يحتوي على ثلاثة منها، يعلو الحرم قبة ضخمة بارتفاع (30) متر وقطر (10) متر يتوسطها طوق خُطت عليه الآية الكريمة (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً...) وأسفله طوق آخر خُطت سورة الدهر، أما من الخارج فقد غُلفت القبة بالكاشي الكربلائي المزخرف وفي النية تذهيب القبة بكاملها، إذ تم جمع ما يقارب (300) قطعة من الطابوق المذهب.


🔴يستحب أن يُزار بهذه الزيارة التي يُزار بها سائر أبناء الأئمة عليهم السلام : 

(السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السَّيِّدُ الزَّكِيُّ الطَّاهِرُ الوَلِيُّ وَالدَّاعِي الحَفِيُّ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قُلْتَ حَقّاً وَنَطَقْتَ حَقّاً وَصِدْقاً وَدَعَوْتَ إِلى مَوْلايَ وَمَوْلاكَ عَلانِيَةً وَسِرّاً، فازَ مُتَّبِعُكَ وَنَجا مُصَدِّقُكَ وَخابَ وَخَسِرَ مُكَذِّبُكَ وَالمُتَخَلِّفُ عَنْكَ إِشْهَدْ لِي بِهذِهِ الشَّهادَةَ لاَكُونَ مِنَ الفائِزِينَ بِمَعْرِفَتِكَ وَطاعَتِكَ وَتَصْدِيقِكَ وَإِتِّباعِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ ياسَيِّدِي وَابْنَ سَيِّدِي أَنْتَ بابُ الله المُؤْتى مِنْهُ وَالمَأْخُوذُ عَنْهُ، أَتَيْتُكَ زائِراً وَحاجاتِي لَكَ مُسْتَوْدِعاً وَها أَنا ذا أَسْتَوْدِعُكَ دِينِي وَأَمانَتِي وَخَواتِيمَ عَمَلِي وَجوامِعَ أَمَلِي إِلى مُنْتَهى أَجَلِي وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلى جَدِّكَ المُصْطَفى السَّلامُ عَلى أَبِيكَ المُرْتَضى السَّلامُ عَلى السَّيِّدَيْنِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ السَّلامُ عَلى خَدِيجَةَ أمِّ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ السَّلامُ عَلى فاطِمَةَ أُمِّ الأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ، السَّلامُ عَلى النُّفُوسِ الفاخِرَةِ بُحُورِ العُلُومِ الزَّاخِرَةِ شُفَعائِي فِي الآخِرةِ وَأَوْلِيائِي عِنْدَ عَوْدِ الرُّوحِ إِلى العِظامِ النَّاخِرَةِ أَئِمَّةِ الخَلْقِ وَوُلاةِ الحَقِّ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الشَّخْصُ الشّرِيفُ الطَّاهِرُ الكَرِيمُ، أَشْهَدُ إَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَمُصْطَفاهُ وَأَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّهُ وَمُجْتَباهُ، وَأَنَّ الإمامَةَ فِي وُلْدِهِ إِلى يَوْمِ الدِّينِ نَعْلَمُ ذلِكَ عِلْمَ اليَقِينِ وَنَحْنُ لِذلِكَ مُعْتَقِدُونَ وَفِي نَصْرِهِمْ مُجْتَهِدُونَ 

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

دعواتكم لأحبتنا بالعراق بالفرج والنصر وحفظ الزوار من كيد النواصب وأسألكم الدعاء لشفاء والدتي ومرضى المؤمنين والمؤمنات
(الرادود عمارالعرب) الثاني من صفر١٤٣٦ هجرية. 

_________________________

🔴أهم المصادر التي رجعتُ لها في كتابة هذا السرد المتواضع : 

◾️مقاتل الطالبيين لأبو الفرج الاصفهاني
ص 91

◾️أعيان الشيعة للسيد محسن الامين ج 7

◾️تثقيف الأمة بسير أولاد الأئمة للشيخ علي حيدر المؤيد ص 245

بحث في سيرة السيد الشهيد زيد ابن زين العابدين (ع)



 

  بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد آل محمد

عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى شهادة سيدنا ومولانا زيد ابن الإمام علي زين العابدين(ع) بمثل اليوم الثاني من صفر سنة 120للهجرة.


[{ كلامكم نور وأمركم رشد }]

" بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي ياآلَ المُصْطَفى، إِنّا لا نَمْلِكُ إِلاّ أَنْ نَطُوفَ حَوْلَ مَشاهِدِكُمْ وَنُعَزِّي فِيها أَرْواحَكُمْ عَلى هذِهِ المَصائِبِ العَظِيمَةِ الحالَّةِ بِفِنائكُمْ وَالرَّزايا الجَلِيلَةِ النَّازِلَةِ بِساحَتِكُمْ الَّتِي أَثْبَتَتْ فِي قُلُوبِ شِيعَتِكُمْ القُرُوحَ وَأَوْرَثَتْ أَكْبادَهُمْ الجُرُوحَ وَزَرَعَتْ فِي صُدُورِهِمُ الغُصَصَ، وَعَلَيْكُمْ مِنَّا السَّلامُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ " .

اسمه وكنيته ونسبه: أبو الحسين، زيد ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين (عليهم السلام).

أُمّه: أم ولد ، اشتراها المختار بن أبي عُبيدة الثقفي، ثم أهداها إلى الإمام زين العابدين عليه السلام أنجبته وأنجبت عمر وعلي وخديجة. 

ولادته: ولد في عام 78 للهجرة و قيل 75 بالمدينة المنوّرة. ولما بشر به الامام علي بن الحسين زين العابدين (ع) اخذ القرآن متفائلا به فخرجت الاية الكريمة (ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بأن لهم الجنة ) فطبق المصحف وفتحه ثانية فخرجت الاية الكريمة ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ) وطبق المصحف مرة اخرى وفتحه ثالثة فخرجت الاية(وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة) فبهر الامام وراح يقول (عزيت عن هذا المولود وإنه من الشهداء) .

وقد تنبأ الامام السجاد (ع) بشهادته واحاط الصحابة علما بها , وعن جابر (رض) عن ابي جعفر الباقر (ع) قال: قال رسول الله (ص)
( يقتل رجل من اهل بيتي فيصلب , ولا ترى الجنة عين رأت عورته) .

لقد نشأ زيد في بيت النبوة والرسالة واغترف من علوم آبائه واجداده , ولازم اخاه الامام الباقر (ع) منذ نعومة اظفاره فكان له الاثر الكبير في تكوين شخصيته وسلوكه ,فكان في هديه يضارع هدي سلفه الطاهر, تعلم القرآن في سنيه الاولى واصبح متضاعا به وفقيها وهو في سن مبكرة , توفي ابوه وهو في الرابعة عشر من عمره فتعهده اخوه الباقر (ع) تدريسا وتوجيها فزوده بالفقه والحديث والتفسير حتى اصبح من علماء عصره البارزين وكان الامام الباقر عليه السلام يجل أخاه زيدآ ويكبره ويحمل له في دخائل نفسه أعمق الود و خالص الود لأنه من أفذاذ الرجال.  

ويقول زيد عن نفسه (والله ما خرجت ولا قمت مقامي هذا حتى قرأت القرآن واتقنت الفرائض واحكمت السنة والادب وعرفت التاويل وكما عرفت التنزيل وفهمت الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والخاص والعام وما تحتاج اليه الامة في دينها مما لابد منه ولا غنى عنه واني على بينة من ربي ) وعندما اطلق رسول الله صل الله عليه وآله الحديث الشريف (يأتي زيد واصحابه يوم القيامة يتخطون رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بغير حساب ), انما كان صلوات الله عليه وآله يرسم مجدا عظيما لحفيده الثائر الكبير زيد بن علي .

أولاده: أبو عبد الله، الحسين، المعروف بذي الدمعة، ويحيى.

صفاته الخَلقية عليه السلام: كان تام الخلق، طويل القامة، جميل المنظر، أبيض اللون، وسيم الوجه، واسع العينين، مقرون الحاجبين، كَثُّ اللحية، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، دقيق المسربة، واسع الجبهة، أقنى الأنف، أسود الرأس واللحية، إلّا أنّ الشيب خالط عارضَيه.قال الوابشي: «كنت إذا رأيت زيد بن علي رأيت أسارير النور في وجهه».

 لقد أثنى في فضل شأنه وجلالة قدره الأئمة عليهم السلام :فقد قال رسول الله صل الله عليه وآله للحسين عليه السلام : «ياحسين، يخرج من صلبك رجل يُقال له زيد، يتخطّا هو وأصحابه رقاب الناس، يدخلون الجنّة بلا حساب».قال الإمام الباقر عليه السلام : «اللّهم اشدد أزري بزيد».

قال الإمام الصادق عليه السلام : «حدّثني أبي، عن جدّي(عليهما السلام): أنّه يخرج من ولده رجل يُقال له زيد، يُقتل بالكوفة، ويُصلب بالكناسة، يُخرج من قبره نبشاً، تفتح لروحه أبواب السماء، يبتهج به أهل السماوات، تُجعل روحه في حوصلة طير أخضر يسرح في الجنّة حيث يشاء»

لقد كان عليه السلام من العلماء في عصره، فقد أخذ علومه من أبيه الإمام زين العابدين عليه السلام ، ومن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام)، ومنهم أخذ لطائف المعارف وأسرار الأحكام، فأفحم العلماء وأكابر المناظرين من سائر الملل والأديان.

وخير شاهد على هذا، قول الإمام الصادق عليه السلام : «إنّ زيداً كان عالماً، وكان صدوقاً.

وقول الإمام الرضا عليه السلام : «كان من علماء آل محمّد، غضب لله عزّ وجل، فجاهد أعداءه حتّى قُتل في سبيله .

وقول أبو حنيفة : شاهدت زيد بن علي كما شاهدت أهله، فما رأيت في زمانه أفقه منه، ولا أسرع جواباً، ولا أبين قولاً .

أما جهاده وثورته: عُرف الحاكم الأُموي هشام بن عدوا الملك بحقده وكرهه لأهل البيت وقد عهد لبعض شرِطته أن يراقبوا العلويين وتحركاتهم والوقوف على نشاطاتهم السياسية وقد احاطته استخباراته علمآ بنو مكانة زيد وأهمية مركزه الاجتماعي وما يتمتع به من القابليأت التي أوجبت التفاف الناس حوله، إلى أن خرج زيد و قد امتلئت نفسه حماس و عزم على إعلان الثورة على حكم بني أميه الجائر، وكان سبب خروج أبي الحسن زيد رضوان الله تعالى عليه مضافآ إلى غرضه في الطلب بدم الحسين عليه السلام . 

قبل ذلك اختار الكوفة منطلقاً لثورته، ودعا المسلمين لمبايعته، فأقبلت عليه الشيعة وغيرها تبايعه، حتّى بلغ عددهم من الكوفة فقط خمسة عشر ألف رجلاً.

ومن الجلي الواضح أنّه لم يُعلن الثورة من أجل أن يتولّى الخلافة والإمامة بنفسه؛ لأنّه كان يعرف إمامه، بل كان يدعو إلى الرضا من آل محمّد عليهم السلام ، طالباً الإصلاح في أُمّة جدّه التي أذاقها الأُمويون الظلم والجور.

وخير شاهد على ذلك قول الإمام الصادق عليه السلام : إنّ زيداً لم يدعكم إلى نفسه، إنّما دعاكم إلى الرضا من آل محمّد عليه السلام ، ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه، إنّما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه.

قيل أنه دخل على هشام بن عبد الملك وقد جمع له هشام أهل الشام وأمر أن يتضايقوا في المجلس حتى لا يتمكن من الوصول إلى قربه فقال له زيد إنه ليس من عباد الله أحد فوق أن يوصى بتقوى الله ولا من عباده أحد دون أن يوصى بتقوى الله وأنا أوصيك بتقوى الله يا أمير المؤمنين فاتقه فقال له هشام أنت المؤهل نفسك للخلافة الراجي لها وما أنت وذاك لا أم لك وإنما أنت ابن أمة فقال له زيد إني لا أعلم أحدا أعظم عند الله منزلة من نبي بعثه الله وهو ابن أمة فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يبعث وهو إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام فالنبوة أعظم أم الخلافة يا هشام وبعد فما يقصر برجل أبوه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ابن علي بن أبي طالب أن يكون ابن أمة.

فوثب هشام عن مجلسه ودعا قهرمانة وقال لا يبيتن هذا في عسكري فخرج زيد وهو يقول لم يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا فلما وصل الكوفة اجتمعت إليه الشيعة تختلف عليه وغيرهم من المحكمة يبايعونه حتى أحصى ديوانه خمسة عشر الف رجل من أهل الكوفة خاصة ، سوى أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل وخراسان والري وجرجان والجزيرة ، وأقام بالعراق بضعة عشر شهرآ، وكان منها شهرين بالبصرة والباقي بالكوفة حتى بايعوه أهلها على الحرب ثم نقضوا بيعته وأسلموه .

وخرج زيد بن علي عليهم السلام سنة عشرين ومائة ، فلما خفقت الراية على رأسه قال : الحمد لله الذي أكمل ديني ، والله إني كنت أستحي من رسول الله صل الله عليه وآله أن أرد عليه الحوض غدآ ولم آمر في أمته بمعروف ولا أنهى عن منكر .  

خروجه ومقتله قال أبو الفرج وابن الأثير فلما دنا خروجه امر أصحابه بالاستعداد والتهيؤ فجعل من يريد ان يفي له يستعد وشاع ذلك قال أبو الفرج فانطلق سليمان بن سراقة البارقة فأخبر يوسف بن عمر خبر فبعث يوسف فطلب زيدا ليلا فلم يوجد عند الرجلين اللذين سعي إليه انه عندهما فاتى بهما يوسف فلما كلمهما استبان امر زيد وأصحابه وامر بهما يوسف فضربت أعناقهما وبلغ الخبر زيدا فتخوف ان يؤخذ عليه الطريق فتعجل الخروج قبل الاجل الذي بينه وبين أهل الأمصار وكان قد وعد أصحابه ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة 122 فخرج قبل الاجل فلما خفقت الراية على رأسه قال الحمد لله الذي أكمل لي ديني والله اني كنت استحيي من رسول الله ص ان أرد عليه الحوض ولم آمر في أمته بمعروف ولا أنهى عن منكر وبلغ ذلك يوسف بن عمر فامر الحكم بن الصلت ان يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم فيحصرهم فيه فبعث الحكم إلى العرفاء والشرط والمناكب والمقاتلة فأدخلوهم المسجد ثم نادى مناديه أيما رجل من العرب والموالي أدركناه في رحلة فقد برئت منه الذمة ائتوا المسجد الأعظم فاتى الناس المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد.

وقال ابن عساكر في حديث عن ضمرة بن ربيعة ان يوسف بن عمر لما علم بخروج زيد امر بالصلاة جامعة وبان من لم يحضر المسجد فقد حلت عليه العقوبة فاجتمع الناس وقالوا ننظر ما هذا الامر ثم نرجع فلما اجتمع الناس امر بالأبواب فاخذ بها وبنى عليهم وامر الخيل فجالت في أزقة الكوفة فمكث الناس ثلاثة أيام وثلاث ليال في المسجد يؤتى الناس من منازلهم بالطعام يتناوبهم الشرط والحرس فخرج زيد على تلك الحال.

قال أبو الفرج في حديثه وطلبوا زيدا في دار معاوية بن إسحاق فخرج ليلا وذلك ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم في ليلة شديدة البرد من دار معاوية بن إسحاق فرفعوا الهرادي فيها النيران ونادوا بشعارهم شعار رسول الله ص يا منصور أمت فما زالوا كذلك حتى أصبحوا فبعث زيد القاسم بن عمر التبعي ورجلا اخر اسمه صدام وسعيد بن خثيم ينادون بشعارهم ورفع أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني هرديا من مئذنتهم ونادى بشعار زيد فلما كانوا في صحارى عبد القيس لقيهم جعفر بن العباس الكندي فشد على القاسم وعلى أصحابه فقتل صدام وارتث القاسم فاتي به الحكم ابن الصلت فقتله على باب القصر.

قال أبو مخنف وقال يوسف بن عمر وهو بالحيرة من يأتي الكوفة فيقرب من هؤلاء فيأتينا بخبرهم فقال عبد الله بن العباس المنتوف الهمداني انا آتيك بخبرهم فركب في خمسين فارسا ثم اقبل حتى اتى جبانة سالم فاستخبر ثم رجع إلى يوسف خرج إلى تل قريب من الحيرة فنزل معه قريش وأشراف الناس وأمير شرطته يومئذ العباس بن سعد المرادي وبعث الريان بن سلمة البلوي في نحو من ألفي فارس وثلاثمائة من القيقانية رجالة ناشبة وأصبح زيد بن علي وجميع من وافاه تلك الليلة 218 رجالة ناشبة فقال زيد سبحان الله فأين الناس قيل هم محصورون في المسجد فقال لا والله ما هذا لمن بايعنا فتلقى عمر بن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم بن الصلت عند بعض دور الكوفة فقال يا منصور أمت فلم يرد عليه عمر شيئا فشد نصر عليه وعلى أصحابه فقتله وانهزم من كان معه واقبل زيد حتى انتهى إلى جبانة الصائديين وبها خمسمائة من أهل الشام فحمل عليهم زيد في أصحابه فهزمهم ثم مضى حتى انتهى إلى الكناسة فحمل على جماعة من أهل الشام فهزمهم ثم شلهم حتى ظهر إلى المقبرة ويوسف بن عمر على التل ينظر إلى زيد وأصحابه وهم يكرون ولو شاء زيد ان يقتل يوسف لقتله. ثم إن زيدا اخذ ذات اليمين حتى دخل الكوفة فطلع أهل الشام عليهم فدخلوا زقاقا ضيقا ومضوا فيه فقال زيد لنصر بن خزيمة أتخاف على أهل الكوفة ان يكونوا فعلوها حسينية فقال جعلني الله فداك اما انا فوالله لأضربن بسيفي هذا معك حتى أموت ثم خرج بهم زيد نحو المسجد فخرج إليه عبيد الله بن العباس الكندي في أهل الشام واقتتلوا فانهزم عبيد الله وأصحابه وتبعهم زيد حتى انتهوا إلى باب الفيل وهو أحد أبواب المسجد وجعل أصحاب زيد يدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون يا أهل المسجد أخرجوا وجعل نصر بن خزيمة يناديهم يا أهل الكوفة أخرجوا من الذل إلى العز إلى الدين والدنيا وجعل أهل الشام يرمونهم من فوق المسجد بالحجارة. 

وبعث يوسف بن عمر الريان بن سلمة في خيل إلى دار الرزق فقاتلوا زيدا قتالا شديدا وجرح من أهل الشام جرحى كثيرة وشلهم أصحاب زيد من دار الرزق حتى انتهوا إلى المسجد الأعظم فرجع أهل الشام مساء يوم الأربعاء وهم أسوأ شئ ظنا فلما كان غداة يوم الخميس دعا يوسف بن عمر الريان بن سلمة فأفف به وقال له أف لك من صاحب خيل ودعا العباس بن سعد المري المرادي صاحب شرطته فبعثه إلى أهل الشام فسار بهم حتى انتهوا إلى زيد في دار الرزق وخرج إليه زيد وعلى مجنبته نصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق فلما رآهم العباس نادى يا أهل الشام الأرض فنزل ناس كثير واقتتلوا قتالا شديدا وكان رجل من أهل الشام اسمه نائل بن مرة العبسي قال ليوسف والله لئن ملأت عيني من نصر بن خزيمة لأقتلنه أو ليقتلني فأعطاه يوسف سيفا لا يمر بشئ الا قطعه فلما التقى أصحاب العباس وأصحاب زيد ضرب نائل نصرا فقطع فخذه وضربه نصر فقتله ومات نصر ثم إن زيدا هزمهم وانصرفوا بأسوأ حال فلما كان العشاء عبأهم يوسف ثم سرحهم نحو زيد فحمل عليهم زيد فكشفهم ثم اتبعهم حتى أخرجهم إلى السبخة ثم شد عليهم حتى أخرجهم من بني سليم ثم ظهر له زيد فيما بين بارق وبني دوس فقاتلهم قتالا شديدا وصاحب لوائه رجل من بني سعد بن بكر يقال له عبد الصمد قال سعيد بن خثيم وكنا مع زيد في خمسمائة وأهل الشام اثنا عشر ألفا وكان بايع زيدا أكثر من اثني عشر ألفا فغدروا به إذ فصل رجل من أهل الشام من كلب على فرس له رائع فلم يزل شتما لفاطمة بنت رسول الله ص فجعل زيد يبكي حتى ابتلت لحيته وجعل يقول أما أحد يغضب لفاطمة بنت رسول الله أما أحد يغضب لرسول الله ص أما أحد يغضب لله ثم تحول الشامي عن فرسه فركب بغلة وكان الناس فرقتين نظارة ومقاتلة قال سعيد فجئت إلى مولى لي فأخذت منه مشملا كان معه ثم استترت من خلف النظارة حتى إذا صرت من ورائه ضربت عنقه وانا متمكن منه بالمشمل فوقع رأسه بين يدي بغلته ثم رميت جيفته عن السرج وشد أصحابه علي حتى كادوا يرهقوني وكبر أصحاب زيد وحملوا عليهم واستنقذوني فركبت واتيت زيدا فجعل يقبل بين عيني ويقول أدركت والله ثارنا أدركت والله شرف الدنيا والآخرة وذخرهما ونفلني البغلة. وجعلت خيل أهل الشام لا تثبت لخيل زيد فبعث العباس بن سعد إلى يوسف بن عمر يعلمه ما يلقى من الزيدية وسأله ان يبعث إليه الناشبة فبعث إليه سليمان بن كيسان في القيقانية وهم بخارية وكانوا رماة فجعلوا يرمون أصحاب زيد وقاتل معاوية بن إسحاق الأنصاري يومئذ قتالا شديدا فقتل بين يدي زيد وثبت زيد في أصحابه حتى إذا كان عند جنح الليل رمي زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى فنزل السهم في الدماغ فرجع ورجع أصحابه ولا يظن أهل الشام انهم رجعوا الا للمساء والليل فدخل دارا من دور أرحب وشاكر وجاءوا بطبيب يقال له سفيان مولى لبني دوس فقال له ان نزعته من رأسك مت قال الموت أيسر علي مما انا فيه فاخذ الكلبتين فانتزعه فساعة انتزاعه مات وفي عمدة الطالب قال سعيد بن خثيم تفرق أصحاب زيد عنه حتى بقي في ثلاثمائة رجل وقيل جاء يوسف بن عمر الثقفي في عشرة آلاف فصف أصحابه صفا بعد صف حتى لا يستطيع أحدهم ان يلوي عنقه فجعلنا نضرب فلا نرى الا النار تخرج من الحديد فجاء سهم فأصاب جبين زيد بن علي يقال رماه مملوك ليوسف بن عمر الثقفي يقال له راشد فأصاب بين عينيه فأنزلناه وكان رأسه في حجر محمد بن مسلم الخياط فجاء يحيى بن زيد فأكب عليه فقال يا أبتاه أبشر ترد على رسول الله وعلي وفاطمة وعلى الحسن والحسين فقال اجل يا بني ولكن اي شئ تريد ان تصنع قال أقاتلهم والله ولو لم أجد الا نفسي فقال افعل يا بني فإنك على الحق وانهم على الباطل وان قتلاك في الجنة وان قتلاهم في النار ثم نزع السهم فكانت نفسه معه.

قال المسعودي حال المساء بين الفريقين فراح زيد مثخنا بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته فطلبوا من ينزع النصل فاتي بحجام من بعض القرى فاستكتموه امره فاستخرج النصل فمات من ساعته فدفنوه في ساقية ماء وجعلوا على قبره التراب والحشيش واجري الماء على ذلك وحضر الحجام مواراته فعرف الموضع فلما أصبح مضى إلى يوسف متنصحا فدله على موضع قبره فاستخرجه يوسف وبعث رأسه إلى هشام فكتب إليه هشام ان أصلبه عريانا فصلبه يوسف كذلك وبنى تحت خشبته عمودا ثم كتب هشام إلى يوسف باحراقه وذروه في الرياح .

قال أبو الفرج قال القوم أين ندفنه وأين نواريه خوفا من بني أمية وعمالهم ان يمثلوا به لما يعلمون من خبث سرائرهم وعادتهم في التمثيل التي ابتدأت من يوم أحد فقال بعضهم نلبسه درعين ثم نلقيه في الماء وقال بعضهم لا بل نحتز رأسه ثم نلقيه بين القتلى فقال يحيى بن زيد لا والله لا يأكل لحم أبي السباع وقال بعضهم نحمله إلى العباسية فندفنه فيها وهي على ما في القاموس بلدة بنهر الملك.

قال سلمة بن ثابت فأشرت عليهم ان ينطلقوا إلى الحفرة التي يؤخذ منها الطين فندفنه فيها فقبلوا رأيي فانطلقنا فحفرنا له حفرتين وفيها يومئذ ماء كثير حتى إذا نحن مكنا له دفناه ثم أجريناه عليه الماء ومعنا عبد سندي وقيل حبشي كان مولى لعبد الحميد الرواسي وكان معمر بن خثم قد اخذ صفقته لزيد وقيل هو مملوك سندي لزيد وكان حضرهم وقيل كان نبطي يسقي زرعا له حين وجبت الشمس فرآهم حيث دفنوه فلما أصبح اتى الحكم بن الصلت فدلهم على موضع قبره وقال ابن عساكر اخذه رجل فدفنه في بستان له وصرف الماء عن الساقية وحفر له تحتها ودفنه وأجرى عليه الماء وكان غلام له سندي في بستان له ينظر فذهب إلى يوسف فأخبره. وقال ابن الأثير رآهم قصار فدل عليل فبعث إليه يوسف بن عمر الثقفي فاستخرجوه وحملوه على بعير قال أبو الفرج قال نصر بن قابوس فنظرت والله إليه حين اقبل به على جمل قد شد بالحبال وعليه قميص اصفر هروي فألقي من البعير على باب القصر كأنه جبل وقطع الحكم بن الصلت رأسه وسيره إلى يوسف بن عمر وهو بالحيرة فامر يوسف ان يصلب زيد بالكناسة هو ونصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق وزياد النهدي وامر بحراستهم وبعث بالرأس إلى الشام فصلب على باب مدينة دمشق ثم ارسل إلى المدينة. ثم إن يوسف بن عمر تتبع الجرحى في الدور . 

بعد شهادته عليه السلام  أمر والي العراق يوسف بن عمر الثقفي  والد الحجّاج  بصلب زيد عليه السلام بالكناسة عارياً، ومكث مصلوباً أربع سنين إلى أيّام حكم الوليد بن يزيد الأُموي، فلمّا قام ابنه يحيى بن زيد بالثورة، كتب الوليد إلى يوسف: «إذا أتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فأحرقه ثمّ انسفه في اليم نسفاً.

 قال: فأمر يوسف خراش بن حوشب فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار، ثمّ رضّه فجعله في قوصرة، ثمّ جعله في سفينة، ثمّ ذراه في الفرات.

لما استشهد بكى عليه الأئمة فلقد وقف الإمام علي عليه السلام  على موضع صلب زيد عليه السلام بالكوفة قبل صلبه، فبكى وبكى الناس لبكائه، فقيل له: «يا أمير المؤمنين، ممّ بكاؤك؟ فقد أبكيت أصحابك، فقال: أبكي أنّ رجلاً من ولدي يُصلب في هذا الموضع.

ولمّا وصل خبر مقتله للإمام الصادق عليه السلام  بكى ثمّ قال: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، عند الله احتسب عمّي، إنّه كان نعم العم، إنّ عمّي كان رجلاً لدنيانا وآخرتنا، مضى والله عمّي شهيداً كشهداء استُشهدوا مع رسول الله صل الله عليه وآله وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم.


في صلب زيد يقول بعض شعراء بني أمية وهو الحكم الحكيم بن العباس الكلبي يخاطب آل أبي طالب وشيعتهم من أبيات:

صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة
ولم أر مهديا على الجذع يصلب

وقستم بعثمان عليا سفاهة
وعثمان خير من علي وأطيب

وفي البحار أن الصادق عليه السلام لما بلغه قول الحكم رفع يديه إلى السماء وهما يرعشان فقال اللهم ان كان عبدك كاذبا فسلط عليه كلبك فبعثه بنو أمية إلى الكوفة فبينما هو يدور في سككها إذ افترسه الأسد واتصل خبره بجعفر فخر لله ساجدا ثم قال الحمد لله الذي أنجزنا ما وعدنا. ورواه ابن حجر أيضا صواعقه.

وقد نظم في الرد على الحكيم الكلبي ونورد هنا شيئا منها أولها:

لقد لامني فيك الوشاة وأطنبوا
وراموا الذي لم يدركوه فخيبوا

أرقت وقد نام الخلي ولم أزل
كأني على جمر الغضى أتقلب

عجبت وفي الأيام كم من عجائب
ولكنما فيها عجيب واعجب

تفاخرنا قوم لنا الفخر دونها
على كل مخلوق يجئ ويذهب

وما ساءني الا مقالة قائل
إلى آل مروان يضاف وينسب

صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة
ولم أر مهديا على الجذع يصلب

فان تصلبوا زيدا عنادا لجده
فقد قتلت رسل الاله وصلبوا

وإنا نعد القتل أعظم فخرنا
بيوم به شمس النهار تحجب

فما لكم والفخر بالحرب انها
إذا ما انتمت تنمى إلينا وتنسب

هداة الورى في ظلمة الجهل والعمى
إذا غاب منهم كوكب بان كوكب

كفاهم فخارا ان احمد منهم
وغيرهم ان يدعوا الفخر كذبوا

وفي أمالي الصدوق في الحديث الثاني من المجلس 62 حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه هن محمد بن أبي عمير عن حمزة بن حمران دخلت إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقال لي يا حمزة من أين أقبلت قلت من الكوفة فبكى حتى بلت دموعه لحيته فقلت له يا ابن رسول الله ما لك أكثرت البكاء قال ذكرت عمي زيدا وما صنع به فبكيت فقلت له وما الذي ذكرت منه فقال ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه سهم فجاء ابنه يحيى فانكب عليه وقال له ابشر يا أبتاه فإنك ترد على رسول الله وعلى فاطمة والحسن والحسين صل الله عليهم أجمعين قال اجل يا بني ثم دعي بحداد فنزع السهم من جبينه فكانت نفسه معه فجئ به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة فحفر له فيها ودفن واجري عليه الماء وكان معهم غلام سندي لبعضهم فذهب إلى يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إياه فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين ثم امر به فاحرق بالنار وذري في الرياح فلعن الله قاتله وخاذله والى الله جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته وبه نستعين على عدونا وهو خير مستعان.

قال المفيد في الارشاد ولما قتل زيد بلغ ذلك من أبي عبد الله عليه السلام كل مبلغ وحزن له حزنا شديدا عظيما حتى بان عليه وفرق من ماله على عيال من أصيب مع زيد من أصحابه ألف دينار.

وفي أمالي الصدوق في الحديث 13 من المجلس 54 حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن أبي عمير عن عبد الرحمن بن سيابة قال دفع إلي أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ألف دينار وأمرني ان اقسمها في عيال من أصيب مع زيد بن علي فقسمتها فأصاب عبد الله بن الزبير أخا فضيل الرسان أربعة دنانير وفي عمدة الطالب روى الشيخ أبو نصر البخاري عن محمد بن عمير عن عبد الرحمن بن سيابة قال أعطاني جعفر بن محمد الصادق ألف دينار وأمرني ان أفرقها في عيال من أصيب مع زيد فأصاب كل رجل أربعة دنانير.

قال أبو الفرج: ووجه يوسف برأسه إلى هشام مع زهرة بن سليم فلما كان بمضيعة ابن أم الحكم ضربه الفالج فانصرف واتته جائزته من عند هشام.

وفي معجم البلدان ج 8 ص 77 على باب الكورتين مشهد فيه مدفن رأس زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتل بالكوفة واحرق وحمل رأسه فطيف به الشام ثم حمل إلى مصر فدفن هناك وفي عمدة الطالب قال الناصر الكبير الطبرستاني لما قتل زيد بعثوا برأسه إلى المدينة ونصب عند قبر النبي صل الله عليه وآله يوما وليلة .

هذا رأس ولدك الذي قتلناه بمن قتل منا يوم بدر نصبناه عند قبرك.

وروى أبو الفرج باسناده عن الوليد بن محمد الموقري كنت مع الزهري بالرصافة فسمع أصوات لعابين فقال لي انظر ما هذا فأشرفت من كوة في بيته فقلت هذا رأس زيد بن علي فاستوى جالسا ثم قال أهلك أهل هذا البيت العجلة فقلت له أويملكون قال حدثني علي بن حسين عن أبيه عن فاطمة ان رسول الله ص قال لها المهدي من ولدك.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن الوليد بن محمد الموقري قال كنا على باب الزهري إذ سمع جلبة فقال ما هذا يا وليد فنظرت فإذا رأس زيد يطاف به بيد اللعابين فأخبرته فبكى وقال أهلك أهل هذا البيت العجلة قلت ويملكون قال نعم حدثني علي بن الحسين عن أبيه ان رسول الله صل الله عليه وآله قال لفاطمة أبشري المهدي منك وأقول ما أهلك أهل هذا البيت العجلة ولا نفعهم الابطاء وانما أهلكهم يوم معلوم مشهور كان السبب الأول لغصب حقوقهم وسفك دمائهم وان يحكم فيهم من لهم الحكم فيه ومن اجله دفنت ، الزهراء سرا وفيه قتل علي بن أبي طالب لا في التاسع عشر من شهر رمضان وفيه سم الحسن وفيه أصيب الحسين كما قال القاضي ابن أبي قريعة لا في يوم عاشورا وفيه قتل زيد وابنه يحيى وعبد الله بن الحسن وأهل بيته والحسين صاحب فخ وسائر آل أبي طالب.

قال أبو الفرج: وامر يوسف بن عمر بزيد فصلب بالكناسة عاريا وصلب معه من أصحابه معاوية بن إسحاق وزياد النهدي ونصر بن خزيمة العبسي ومكث مصلوبا أربع سنين إلى أيام الوليد بن يزيد سنة 126 وفي رواية ان الفاختة عششت في جوفه فلما ظهر يحيى بن زيد كتب الوليد إلى يوسف اما بعد فإذا اتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فاحرقه وانسفه في اليم نسفا والسلام فامر يوسف عند ذلك خراش بن حوشب فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار ثم جعله في قواصر ثم حمله في سفينة ثم ذراه في الفرات .

وقال المسعودي: ذكر أبو بكر بن عياش وجماعة ان زيدا مكث مصلوبا خمسين شهرا عريانا فلم ير له أحد عورة سترا من الله له وذلك بالكناسة بالكوفة فلما كان في أيام الوليد بن يزيد بن عبد الملك وظهر ابنه يحيى بن زيد بخراسان كتب الوليد إلى عامله بالكوفة ان أحرق زيدا بخشبته ففعل به ذلك وأذرى في الرياح على شاطئ الفرات . 

صلب عاريا فنسجت العنكبوت وقيل تدلت قطعة لحم منه فسترت عورته.

ورأى جرير بن حازم كما في مقاتل الطالبيين وتهذيب التهذيب النبي صل الله عليه وآلع في المنام وهو متساند إلى جذع زيد بن علي وهو مصلوب وهو يقول للناس أهكذا تفعلون بولدي. 

وقال ابن عساكر ان الموكل بخشبته رأى النبي صل الله عليه وآله  في النوم وقد وقف على الخشبة وقال هكذا تصنعون بولدي من بعدي يا بني يا زيد قتلوك قتلهم الله صلبوك صلبهم الله فخرج هذا في الناس فكتب يوسف بن عمر إلى هشام ان عجل إلى العراق فقد فتنوا فكتب إليه هشام ان أحرقه بالنار.

وجازى الله يوسف بن عمر على سوء فعلته في دار الدنيا والعذاب الآخرة أشد وأبقى فإنه لما ولي يزيد بن الوليد استعمل على العراق منصور بن جهور فلما كان بعين التمر كتب إلى من بالحيرة من قواد أهل الشام يأمرهم يأخذ يوسف وعماله فعلم بذلك يوسف فتحير في امره ثم اختفى عند محمد بن سعيد بن العاص فلم ير رجل كان مثل عتوه خاف خوفه ثم هرب إلى الشام فنزل البلقاء فلما بلغ خبره يزيد بن الوليد وجه إليه خمسين فارسا فوجدوه بين نسوة قد القين عليه قطيفة خز وجلسن على حواشيها حاسرات فجروا برجله وأخذوه إلى يزيد فوثب عليه بعض الحرس فاخذ بلحيته ونتف بعضها وكانت تبلغ إلى سرته فحبسه يزيد وبقي محبوسا ولاية يزيد وشهرين وعشرة أيام من ولاية إبراهيم ثم قتل في الحبس هذا مختصر ما في كامل ابن الأثير.

والتمثيل بالقتيل بعد الموت يدل على خسة النفوس وخبثها والرجل الشريف النبيل يكتفي عند الظفر بخصمه بقتله ان لم يكن للعفو موضع وتأنف نفسه ويأبى له كرم طباعه التمثيل بعدوه ولو كان من اعدى الأعداء بل لا يسلبه ثيابه ولا درعه كما فعل أمير المؤمنين علي ع حين قتل عمرو بن عبدو واستدلت أخته بذلك على أن قاتل أخيها رجل كريم وقال له بعض الأصحاب هلا سلبته درعه فإنها داودية فقال كلا ان عمرا رجل جليل وافتخر بذلك فقال:

وعففت عن أثوابه ولو انني كنت المجدل بزني أثوابي ونهى رسول الله ص عن المثلة ولو بالكلب العقور وكانت بسيرة بني أمية رجالهم ونسائهم وسيرة عمالهم المقتدين بهم والمتبعين لأوامرهم التمثيل بالقتلى من أخصامهم فمثلت هند ابنة عتبة أم معاوية وزوجة أبي سفيان بقتلى أحد واتخذت من آذان الرجال وآنافهم خدما وقلائد وبقرت عن كبد حمزة واخذت منها قطعة فلاكتها فلم تستطع ان تسيغها فلفظتها وسميت آكلة الأكباد وعير بنوها بذلك إلى آخر الدهر وسموا بني آكلة الأكباد وامر أمير المؤمنين على عليه السلام ولده ان يدفنوه ليلا ويخفوا قبره خوفا من بني أمية ان ينبشوه ويمثلوا به لما علمه بما سمعه من الرسول صل الله عليه وآله من دولتهم ومثل دعي بني أمية وابن دعيهم وهانئ بن عروة ومثل ابن سعد بأمر الدعي ابن الدعي بالحسين سبط رسول الله صل الله عليه وآله  وريحانته يوم كربلاء وبأهله وأصحابه ومثلوا بزيد بن علي أفظع المثلة كما سمعت فدلوا بذلك على خبث سرائرهم وخسة نفوسهم ودنائتها وبعدهم عن الشهامة ومكارم الأخلاق وسمو الصفات.

ملكنا فكان العفو منا سجية
فلما ملكتم سال بالدم أبطح

وحللتم قتل الأسارى ولم نزل
نعف عن العاني الأسير ونصفح

وحسبكم هذا التفاوت بيننا
وكل اناء بالذي فيه ينضح

ولئن أحرق هشام عظام زيد بنار الدنيا فقد سلط الله عليه وعلى أهل بيته من بني العباس من نبشهم وأحرقهم بنار الدنيا واحرق الله هشاما وأهل بيته لظلمهم والحادهم بنار الآخرة التي لا أمد لها.

قال المسعودي: حكى الهيثم بن عدي الطائي عن عمر بن هانئ قال خرجت مع عبد الله بن علي لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس السفاح فانتهينا إلى قبر هشام فاستخرجناه صحيحا ما فقدنا منه الا حثمة أنفه فضربه عبد الله بن علي ثمانين سوطا ثم أحرقه واستخرجنا سليمان من ارض دابق فلم نجد منه شيئا الا صلبه وأضلاعه ورأسه فأحرقناه وفعلنا ذلك بغيرهما من بني أمية وكانت قبورهم بقنسرين ثم انتهينا إلى دمشق فاستخرجنا وليد بن عبد الملك فما وجدنا في قبره قليلا ولا كثيرا واحتفرنا عن عبد الملك فما وجدنا الا شؤون رأسه ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فما وجدنا فيه الا عظما واحدا ووجدنا مع لحده خطا اسود كأنما خط بالرماد في الطول في لحده ثم اتبعنا قبورهم في جميع البلدان فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم.

قال المسعودي: وانما ذكرنا هذا الخبر في هذا الموضع لقتل هشام زيد بن علي وما نال هشاما من المثلة وما فعل بسلفه من الاحراق كفعله بزيد بن علي اه. لكنه لم يذكر مؤسس ملكهم العضوض باسمه وان دخل في عموم قوله ولا شك انه فعل به ما فعل بهم وعدم التصريح به لأمر ما.

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 2 ص 205 قرأت هذا الخبر على النقيب أبي جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي بن عبد الله في سنة 605 وقلت له اما احراق هشام باحراق زيد فمفهوم فما معنى جلده ثمانين سوطا فقال رحمه الله أظن عبد الله بن علي ذهب في ذلك إلى حد القذف لأنه يقال انه قال لزيد يا ابن الزانية لما سب أخاه محمد الباقر عليه السلام فسبه زيد وقال له سماه رسول الله صل الله عليه وآله الباقر عليه السلام وتسميه أنت البقرة لشد ما اختلفتما ولتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار وهذا استنباط لطيف .

قال ابن الأثير ثم إن يوسف بن عمر خطب الناس بعد قتل زيد وذمهم وتهددهم.

جماعة ممن تابع زيد بن علي من أهل الفضل والعلم في مقاتل الطالبيين: تسمية من عرف ممن خرج مع زيد بن علي ع من أهل العلم ونقلة الآثار والفقهاء من أهل العلم ونقلة الآثار والفقهاء ثم عد من جملتهم:

الامام أبا حنيفة امام المذهب فروى بسنده عمن سمع محمد بن محمد في دار الامارة يقول رحم الله أبا حنيفة لقد تحققت مودته لنا في نصرته زيد بن علي وفعل بابن المبارك في كتمانه فضائلنا ودعا عليه.

وبسنده عن الفضيل بن الزبير ص 59 قال أبو حنيفة من يأتي زيدا في هذا الشأن من فقهاء الناس قلت سلمة بن كهيل وعد معه جماعة من الفقهاء فقال لي قل لزيد لك عندي معونة وقوة على جهاد عدوك فاستعن بها أنت وأصحابك في الكراع والسلاح ثم بعث ذلك معي إلى زيد فأخذه زيد ومر في ترجمة إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ما فعله الإمام أبو حنيفة من الدعاء إليه ومعونته بالمال وما قاله للمرأة التي قتل ابنها مع إبراهيم وغير ذلك إذن فأبو حنيفة زيدي ولهذا كانت فرقة من الزيدية على مذهب الامام أبي حنيفة ويأتي عند الكلام على الزيدية زيادة في ذلك، ومنهم منصور بن المعتمر ومحمد بن أبي ليلي جاء منصور يدعو إلى الخروج مع زيد بن علي وبيعته وابطا عن زيد لما بعثه يدعو إليه فقتل زيد ومنصور غائب فصام سنة يرجو ان يكفر ذلك عن تأخره.

ومنهم يزيد بن أبي زياد مولى بني هاشم صاحب عبد الرحمن بن أبي ليلى قال عبدة بن كثير السراج الجرمي قدم يزيد الرقة يدعو الناس إلى بيعة زيد بن علي وكان من دعاته واجابه ناس من أهل الرقة وكنت فيمن اجابه.

وروى أبو الفرج بسنده إلى عبدة بن كثير الجرمي كتب زيد بن علي إلى هلال بن حباب وهو يومئذ قاضي المدائن فاجابه وبايع له.
وبسنده عن سالم بن أبي الجعد أرسلني زيد بن علي إلى زبيد اليامي أدعوه إلى الجهاد معه.

وبسنده عن أبي عوانة فارقني سفيان على أنه زيدي.

وبسنده كان رسول زيد إلى خراسان عبدة بن كثير الجرمي والحسن بن سعد الفقيه.

وبسنده عن شريك قال إني لجالس عند الأعمش انا وعمرو بن سعيد أخو سفيان بن سعيد الثوري إذ جاءنا عثمان بن عمير أبو اليقظان الفقيه فجلس إلى الأعمش فقال أخلنا فان لنا إليك حاجة فقال وما خطبكم هذا شريك وهذا عمرو بن سعيد اي انهما ليس دونهما سر أذكر حاجتك فقال أرسلني إليك زيد بن علي أدعوك إلى نصرته والجهاد معه وهو من عرفت قال اجل ما أعرفني بفضله اقرئاه مني السلام وقولا له يقول لك الأعمش لست أثق لك جعلت فداك بالناس ولو انا وجدنا لك ثلاثمائة رجل أثق بهم لغيرنا لك جوانبها . 

وقال ابن عساكر قيل للأعمش أيام زيد لو خرجت فقال ويلكم والله ما اعرف أحدا اجعل عرضي دونه فكيف اجعل ديني دونه.

قال وكان سلمة بن كهيل من أشد الناس قولا لزيد ينهاه عن الخروج وكان أبو كثير يضرب بغله ويقول الحمد لله الذي سار بي تحت رايات الهدى يعني رايات زيد وقال مغيرة كنت أكثر الضحك فما قطعه الا قتل زيد .

مدفنه و مرقده الشريف :  يذكر السيد مهدي القزويني ما نصه: ولزيد بن علي في موضع صلبه وحرقه من كناسة الكوفة قبر مشهور وعليه قبة وهو من المزارات المقصودة.

◾️وقال الشيخ حرز الدين: (... مشهده عامر بالزائرين والوفود في ليالي الجمعات والمواسم الإسلامية، ويقع في الشرق الجنوبي لقرية الكفل، يبعد عن حدود الفرسخين عنه، وهذا المشهد هو موضع دفنه وإقباره)، ثم يضيف حفيد الشيخ حرز الدين في هامش الموضوع: (وله رسم قبر رمزي عليه الستور النفيسة، فوقه شباك حديد، جميل الصنع، أثري المنظر، في وسط هرم طوله وعرضه (6×6) متر، مفروش بالسجاد إلى جانبه رواق للزائرين، وكان حرمه مجهزاً بالمعلقات والثريات وأنواع المصابيح الكهربائية، تظله قبة ضخمة عالية البناء، وأمام مشهده طارمة بخمس اسطوانات، مسقوفة يحوطه صحن طوله وعرضه (10×8) اسطوانات، وفي مدخل صحنه طارمة مسقوفة ببناء مسلح ضخم أشادها بعض المحسنين من أهل الخير، رأيناها محتشدة بالزائرين، وحول مشهده بيوت يقيم فيها بعض سدنته).

يتضمن المرقد صحن كبير تحيط به أروقة تمتد على طول الأضلاع الأربعة، ويمكن الدخول للصحن عن طريق أربعة مداخل رئيسية تقع في منتصف جانب، ولكنها اليوم مغلقة باستثناء البوابة الرئيسية التي يطلق عليها (باب القبلة)، التي يليها ممر مسقف مطل على الصحن الشريف، تتوسط الصحن عمارة المقام التي تتألف بدورها من الطارمة المسقفة، وقد غلُفت جدرانها الداخلية والخارجية بالمرمر كما زخرف سقفها بالمرايا، التي أضفت عليها حُلّة عمرانية جمعت بين الاتقان والجمال، كما تبدو المنارتان اللتان تقعان على جانبي عمارة المقام يبلغ ارتفاع كل واحدة منهما (33) متراً وقد غلفت بالكاشي المزخرف ويمكن الدخول إلى الحرم من ثلاث أبواب موزعة بانتظام على الواجهة القبلية، أما الحرم فلا أبالغ إن وصفته في كونه آية من آيات الفن المعماري حيث الفضاءات المقسمة وفق ذوق هندسي رفيع وسقوف مزينة بأنواع الزخارف الإسلامية وجدران غُلفت بالكاشي الكربلائي الذي زينته الآيات القرآنية ذات الخط المميز كما زُين ببعض القصائد التي أشادت ببطولات زيد (عليه السلام) وتضحيته وشهادته، إضافة لذلك يُلاحظ كتابة سيرة زيد بن علي (عليه السلام) على الجدران الداخلية في المقام الشريف في ثلاث أماكن وذلك لتعريف الزائر الكريم بشخصية صاحب المقام.

تبلغ مساحته حوالي (100) متر مربع يحيط بالشباك الذي يحتل مركز المقام أروقة واسعة ذات أقواس إسلامية خصص الجانب الأيمن منها للرجال، والأيسر للنسان، أما الشباك فهو الآخر يُعد نموذجاً رائعاً من نماذج الفن، حيث حوى جميع مواصفات العمل الناجح من نقش وزخرفة وتشكيل، والشباك عبارة عن صندوق مستطيل كبير بأبعاد (5×3.5) متر يحتوي الضلع الطويل على أربعة شبابيك، والأصغر يحتوي على ثلاثة منها، يعلو الحرم قبة ضخمة بارتفاع (30) متر وقطر (10) متر يتوسطها طوق خُطت عليه الآية الكريمة (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً...) وأسفله طوق آخر خُطت سورة الدهر، أما من الخارج فقد غُلفت القبة بالكاشي الكربلائي المزخرف وفي النية تذهيب القبة بكاملها، إذ تم جمع ما يقارب (300) قطعة من الطابوق المذهب.


🔴يستحب أن يُزار بهذه الزيارة التي يُزار بها سائر أبناء الأئمة عليهم السلام : 

(السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السَّيِّدُ الزَّكِيُّ الطَّاهِرُ الوَلِيُّ وَالدَّاعِي الحَفِيُّ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قُلْتَ حَقّاً وَنَطَقْتَ حَقّاً وَصِدْقاً وَدَعَوْتَ إِلى مَوْلايَ وَمَوْلاكَ عَلانِيَةً وَسِرّاً، فازَ مُتَّبِعُكَ وَنَجا مُصَدِّقُكَ وَخابَ وَخَسِرَ مُكَذِّبُكَ وَالمُتَخَلِّفُ عَنْكَ إِشْهَدْ لِي بِهذِهِ الشَّهادَةَ لاَكُونَ مِنَ الفائِزِينَ بِمَعْرِفَتِكَ وَطاعَتِكَ وَتَصْدِيقِكَ وَإِتِّباعِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ ياسَيِّدِي وَابْنَ سَيِّدِي أَنْتَ بابُ الله المُؤْتى مِنْهُ وَالمَأْخُوذُ عَنْهُ، أَتَيْتُكَ زائِراً وَحاجاتِي لَكَ مُسْتَوْدِعاً وَها أَنا ذا أَسْتَوْدِعُكَ دِينِي وَأَمانَتِي وَخَواتِيمَ عَمَلِي وَجوامِعَ أَمَلِي إِلى مُنْتَهى أَجَلِي وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلى جَدِّكَ المُصْطَفى السَّلامُ عَلى أَبِيكَ المُرْتَضى السَّلامُ عَلى السَّيِّدَيْنِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ السَّلامُ عَلى خَدِيجَةَ أمِّ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ السَّلامُ عَلى فاطِمَةَ أُمِّ الأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ، السَّلامُ عَلى النُّفُوسِ الفاخِرَةِ بُحُورِ العُلُومِ الزَّاخِرَةِ شُفَعائِي فِي الآخِرةِ وَأَوْلِيائِي عِنْدَ عَوْدِ الرُّوحِ إِلى العِظامِ النَّاخِرَةِ أَئِمَّةِ الخَلْقِ وَوُلاةِ الحَقِّ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها الشَّخْصُ الشّرِيفُ الطَّاهِرُ الكَرِيمُ، أَشْهَدُ إَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَمُصْطَفاهُ وَأَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّهُ وَمُجْتَباهُ، وَأَنَّ الإمامَةَ فِي وُلْدِهِ إِلى يَوْمِ الدِّينِ نَعْلَمُ ذلِكَ عِلْمَ اليَقِينِ وَنَحْنُ لِذلِكَ مُعْتَقِدُونَ وَفِي نَصْرِهِمْ مُجْتَهِدُونَ 

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

دعواتكم لأحبتنا بالعراق بالفرج والنصر وحفظ الزوار من كيد النواصب وأسألكم الدعاء لشفاء والدتي ومرضى المؤمنين والمؤمنات
(الرادود عمارالعرب) الثاني من صفر١٤٣٦ هجرية. 

_________________________

🔴أهم المصادر التي رجعتُ لها في كتابة هذا السرد المتواضع : 

◾️مقاتل الطالبيين لأبو الفرج الاصفهاني
ص 91

◾️أعيان الشيعة للسيد محسن الامين ج 7

◾️تثقيف الأمة بسير أولاد الأئمة للشيخ علي حيدر المؤيد ص 245

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  12:29 م

1 التعليقات:

الاثنين، 24 نوفمبر 2014


السؤال: هل يشفع الأنبياء السابقون لأهل الولاية؟

الجواب: الظاهر أنهم عليهم السلام ممن أذن لهم الرحمن بالشفاعة، ولكن شفاعتهم ينبغي ان لا تكون في عرض شفاعة النبي وعترته الطاهرين صلى الله عليهم أجمعين، فمع وجودهم لا  يبقى مجال لشفاعة من سواهم. وأما شفاعة اﻷنبياء عليهم السلام لمللهم فلا يصح لمن عدّ كافراً بعدهم، ﻷن آيات الشفاعة مشروطة بعدم الكفر والظلم؛ قال تعالى " مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ"[1]. وقال تعالى: " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى"[2].  ولا شك أنهم ممن لم يأذن بالشفاعة لهم، وهو سبحانه القائل: "لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء"[3].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

__________
[1] (غافر: 18)
[2] (الأنبياء: 28 )
[3] (النجم: 26).


javascript:void(0);

شفاعة الأنبياء للشيعة


السؤال: هل يشفع الأنبياء السابقون لأهل الولاية؟

الجواب: الظاهر أنهم عليهم السلام ممن أذن لهم الرحمن بالشفاعة، ولكن شفاعتهم ينبغي ان لا تكون في عرض شفاعة النبي وعترته الطاهرين صلى الله عليهم أجمعين، فمع وجودهم لا  يبقى مجال لشفاعة من سواهم. وأما شفاعة اﻷنبياء عليهم السلام لمللهم فلا يصح لمن عدّ كافراً بعدهم، ﻷن آيات الشفاعة مشروطة بعدم الكفر والظلم؛ قال تعالى " مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ"[1]. وقال تعالى: " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى"[2].  ولا شك أنهم ممن لم يأذن بالشفاعة لهم، وهو سبحانه القائل: "لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء"[3].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

__________
[1] (غافر: 18)
[2] (الأنبياء: 28 )
[3] (النجم: 26).


javascript:void(0);

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:11 م

0 التعليقات:

السبت، 22 نوفمبر 2014


السؤال: هل كان الأنبياء يعلمون الغيب؟

الجواب: لا يعلم الغيب بشكل مطلق إﻻّ الله سبحانه، وإنما اﻷنبياء وأمثالهم يعلمون من الغيب ما علمهم الله تبارك وتعالى. وكانت حكمته عز وجل تقتضي ذلك. كما كانت تقتضي أن يحجب عنهم بعض اﻷخبار ليتسنى ابتلاؤهم. ولو كان إبراهيم عليه السلام – مثلاً - يعلم بأن ابنه إسماعيل لن يذبح، وأنه لن يحترق في نار نمرود لما صدق الامتحان والابتلاء، وكذلك اﻷمر بالنسبة إلى يعقوب عليه السلام. قال تعالى: " عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا . إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا . لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا"[1]. فكان من ضمنه من أخبر به القرآن من تعليم الأنبياء ما سيحصل في المستقبل، وما أخبرت به مئات بل آلاف الأحاديث القدسية والنبوية، ومن الفريقين جميعاً. وما وصلنا من هذه النصوص تكشف عما لم يصلنا منها.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

____________
[1] الجن: 26 - 28



علم الأنبياء بالغيب


السؤال: هل كان الأنبياء يعلمون الغيب؟

الجواب: لا يعلم الغيب بشكل مطلق إﻻّ الله سبحانه، وإنما اﻷنبياء وأمثالهم يعلمون من الغيب ما علمهم الله تبارك وتعالى. وكانت حكمته عز وجل تقتضي ذلك. كما كانت تقتضي أن يحجب عنهم بعض اﻷخبار ليتسنى ابتلاؤهم. ولو كان إبراهيم عليه السلام – مثلاً - يعلم بأن ابنه إسماعيل لن يذبح، وأنه لن يحترق في نار نمرود لما صدق الامتحان والابتلاء، وكذلك اﻷمر بالنسبة إلى يعقوب عليه السلام. قال تعالى: " عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا . إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا . لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا"[1]. فكان من ضمنه من أخبر به القرآن من تعليم الأنبياء ما سيحصل في المستقبل، وما أخبرت به مئات بل آلاف الأحاديث القدسية والنبوية، ومن الفريقين جميعاً. وما وصلنا من هذه النصوص تكشف عما لم يصلنا منها.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

____________
[1] الجن: 26 - 28



من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:00 م

0 التعليقات:

الجمعة، 21 نوفمبر 2014


السؤال: الحديث الوارد في كتاب اصول الكافي ج1 باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في امر الامامة 
محاورة بين هشام بن سالم والامام الكاظم عليه السلام -يصف حاله بعد وفاة الامام الصادق عليه السلام انهم باكين حيارى لايعرفون اين يتوجهون الى اي فرقة للمرجئه للقدرية الى الزيدية الى المعتزلة الى الخوارج -وعند الالتقاء بالامام عليه السلام يخاطبه -جعلت فداك من لنا بعدك -اي الامام الصادق عليه السلام -قال ان شاء الله يهديك هداك  قلت جعلت فداك فأنت هو  قال عليه السلام لا ما اقول ذلك -
الاشكال هو الامام الكاظم يرفض ان يسمي نفسه ويرفض التصريح بالامامة لأصحاب الامام الصادق المقربين اصحاب الثقة ومن اهل الاجماع  ويعرفون بالفقهاء -بل يجيبهم الامام بالالغاز والرموز والتورية 
كيف يغيب عن اصحاب الامام الصادق عليه السلام وهم من بطانته المخلصة هشام بن سالم وصاحب الطاق والمفضل وابا بصير يغيب عنهم شخصية الامام الكاظم واسمه  وارادوا التوجه الى عبدالله الافطح اول الامر. كيف يجهلون  تسلسل الامامة اصل الاسلام والدين. افيدونا ببركات علمكم. 


الجواب: لا يمكن قراءة الروايات مجتزأة، وبعيداً عن ملابساتها والقرائن الحافة بها. فإن للظروف السياسية والأمنية العصيبة، التي كانت مهيمنة في أواخر حياة الإمام الصادق، وفي حياة الإمام الكاظم (عليهما السلام) أثراً كبيراً في تفشي العمل بالتقية والكتمان في أمور كثيرة، ومنها هذه المسألة الخطيرة بالتحديد. على أن هذا لا يشكل خدشة في أصل الإمامة، ولا في إمامة الإمام الكاظم سلام الله عليه، حيث إن العلامات والدلائل كانت كثيرة.
ولقد كان سلطان الدولة في ذلك الوقت وهو المنصور الدوانيقي عارفاً بمقام الإمام والإمامة، فلذلك ضيق على الإمام الصادق عليه السلام في حياته إلى أن اغتاله بالسم، بعد أن أوعز إلى عيونه ليتجسسوا عليه ويعرفوا وصيه وخليفته، لكي يقتله. فقد دعا في جوف الليل أبا أيوب الخوزي، فلما أتاه رمى كتاباً إليه، وقال: هذا كتاب محمد بن سليمان يخبرنا بأن جعفر بن محمد قد مات، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وأين مثل جعفر! ثم قال له:  اكتب إن كان أوصى إلى رجل بعينه فقدمه واضرب عنقه!. فكتب وعاد الجواب: قد أوصى إلى خمسة أحدهم أبو جعفر المنصور، ومحمد بن سليمان، وعبد الله، وموسى، وحميدة. قال المنصور: ما إلى قتل هؤلاء سبيل[1]!.
ومن هذه الوصية يظهر الموقف الحرج الذي كان يحاصر الإمام الصادق (عليه السلام)، كما يتضح بالغ الحكمة والدقة التي تعامل بهما لعلاج الأزمة بمختلف زواياها. حيث يحمي وصيه الشرعي من خطر القتل والتصفية، ويجنب المؤمنين عن خطر التيه والضياع.
وفي حديث آخر عن داود بن كثير الرقي قال:  أتى أعرابي إلى أبي حمزة [وكان جالساً في لمة من أصحابه]، فسأله خبراً، فقال: توفي جعفر الصادق (عليه السلام)، فشهق شهقة وأغمي عليه، فلما أفاق قال: هل أوصى إلى أحد؟ قال: نعم، أوصى إلى ابنه عبد الله وموسى وأبي جعفر المنصور، فضحك أبو حمزة وقال: الحمد لله الذي هدانا ولم يضلنا، بين لنا عن الكبير، ودلنا على الصغير، وأخفى عن أمر عظيم، فسئل عن قوله فقال: بين عيوب الكبير، ودل على الصغير بأن أدخل يده مع الكبير، وستر الأمر الخطير بالمنصور، لأنه لو سأل المنصور عن الوصي لقيل: أنت[2]!.
هذا وقد ثبت عن الإمام الصادق عليه السلام أنه حين كان يُسأل عن الخليفة من بعده كان يشير إلى ابنه موسى، وكان غلاماً صغيراً، بأنه الإمام بعده، أحياناً بالتصريح، وأخرى بالإشارة والتلميح. وفي ذلك أحاديث متعددة لا تقصر عن التواتر[3].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

__________
[1] غيبة الشيخ الطوسى ص 129 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 310 كما أخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 434 بتفاوت يسير.
[2]  المناقب 4: 320. الأنوار البهية:149. الثاقب في المناقب: 440.
[3] راجع: البحار: ج47، وإعلام الورى، والكافي، والفصول المهمة وغيرها.



هل كان أصحاب الإمام الصادق لا يعرفون الإمام بعده؟


السؤال: الحديث الوارد في كتاب اصول الكافي ج1 باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في امر الامامة 
محاورة بين هشام بن سالم والامام الكاظم عليه السلام -يصف حاله بعد وفاة الامام الصادق عليه السلام انهم باكين حيارى لايعرفون اين يتوجهون الى اي فرقة للمرجئه للقدرية الى الزيدية الى المعتزلة الى الخوارج -وعند الالتقاء بالامام عليه السلام يخاطبه -جعلت فداك من لنا بعدك -اي الامام الصادق عليه السلام -قال ان شاء الله يهديك هداك  قلت جعلت فداك فأنت هو  قال عليه السلام لا ما اقول ذلك -
الاشكال هو الامام الكاظم يرفض ان يسمي نفسه ويرفض التصريح بالامامة لأصحاب الامام الصادق المقربين اصحاب الثقة ومن اهل الاجماع  ويعرفون بالفقهاء -بل يجيبهم الامام بالالغاز والرموز والتورية 
كيف يغيب عن اصحاب الامام الصادق عليه السلام وهم من بطانته المخلصة هشام بن سالم وصاحب الطاق والمفضل وابا بصير يغيب عنهم شخصية الامام الكاظم واسمه  وارادوا التوجه الى عبدالله الافطح اول الامر. كيف يجهلون  تسلسل الامامة اصل الاسلام والدين. افيدونا ببركات علمكم. 


الجواب: لا يمكن قراءة الروايات مجتزأة، وبعيداً عن ملابساتها والقرائن الحافة بها. فإن للظروف السياسية والأمنية العصيبة، التي كانت مهيمنة في أواخر حياة الإمام الصادق، وفي حياة الإمام الكاظم (عليهما السلام) أثراً كبيراً في تفشي العمل بالتقية والكتمان في أمور كثيرة، ومنها هذه المسألة الخطيرة بالتحديد. على أن هذا لا يشكل خدشة في أصل الإمامة، ولا في إمامة الإمام الكاظم سلام الله عليه، حيث إن العلامات والدلائل كانت كثيرة.
ولقد كان سلطان الدولة في ذلك الوقت وهو المنصور الدوانيقي عارفاً بمقام الإمام والإمامة، فلذلك ضيق على الإمام الصادق عليه السلام في حياته إلى أن اغتاله بالسم، بعد أن أوعز إلى عيونه ليتجسسوا عليه ويعرفوا وصيه وخليفته، لكي يقتله. فقد دعا في جوف الليل أبا أيوب الخوزي، فلما أتاه رمى كتاباً إليه، وقال: هذا كتاب محمد بن سليمان يخبرنا بأن جعفر بن محمد قد مات، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وأين مثل جعفر! ثم قال له:  اكتب إن كان أوصى إلى رجل بعينه فقدمه واضرب عنقه!. فكتب وعاد الجواب: قد أوصى إلى خمسة أحدهم أبو جعفر المنصور، ومحمد بن سليمان، وعبد الله، وموسى، وحميدة. قال المنصور: ما إلى قتل هؤلاء سبيل[1]!.
ومن هذه الوصية يظهر الموقف الحرج الذي كان يحاصر الإمام الصادق (عليه السلام)، كما يتضح بالغ الحكمة والدقة التي تعامل بهما لعلاج الأزمة بمختلف زواياها. حيث يحمي وصيه الشرعي من خطر القتل والتصفية، ويجنب المؤمنين عن خطر التيه والضياع.
وفي حديث آخر عن داود بن كثير الرقي قال:  أتى أعرابي إلى أبي حمزة [وكان جالساً في لمة من أصحابه]، فسأله خبراً، فقال: توفي جعفر الصادق (عليه السلام)، فشهق شهقة وأغمي عليه، فلما أفاق قال: هل أوصى إلى أحد؟ قال: نعم، أوصى إلى ابنه عبد الله وموسى وأبي جعفر المنصور، فضحك أبو حمزة وقال: الحمد لله الذي هدانا ولم يضلنا، بين لنا عن الكبير، ودلنا على الصغير، وأخفى عن أمر عظيم، فسئل عن قوله فقال: بين عيوب الكبير، ودل على الصغير بأن أدخل يده مع الكبير، وستر الأمر الخطير بالمنصور، لأنه لو سأل المنصور عن الوصي لقيل: أنت[2]!.
هذا وقد ثبت عن الإمام الصادق عليه السلام أنه حين كان يُسأل عن الخليفة من بعده كان يشير إلى ابنه موسى، وكان غلاماً صغيراً، بأنه الإمام بعده، أحياناً بالتصريح، وأخرى بالإشارة والتلميح. وفي ذلك أحاديث متعددة لا تقصر عن التواتر[3].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

__________
[1] غيبة الشيخ الطوسى ص 129 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 310 كما أخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 434 بتفاوت يسير.
[2]  المناقب 4: 320. الأنوار البهية:149. الثاقب في المناقب: 440.
[3] راجع: البحار: ج47، وإعلام الورى، والكافي، والفصول المهمة وغيرها.



من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:07 م

1 التعليقات:

الخميس، 20 نوفمبر 2014


الميرزا محمد تقي الاصفهاني/ صاحب كتاب مكيال المكارم:

إنّ محبة الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام للمؤمنين تدل عليه طوائف من الأخبار، منها ما دل على:
- كون الإمام عليه السلام بمنزلة الوالد الشفيق والأب الرحيم للمؤمنين بل هو أرأف من الوالد بهم.
- كون الشيعة بمنزلة الأوراق لشجرة الإمامة.
- أنّ الإمام يحزن لحزن المؤمنين ويتفجع لمصابهم، ويألم لمرضهم.
- دعائه لهم وفي حقّهم.
- إباحته الأنفال ونحوها لشيعته في زمان غيبته.
- إغاثته لمحبيه.
- حضور الإمام عليه السلام في تشييع جنازة المؤمن.
- كذلك ما ورد من بكائهم عند ابتلاء أحبائهم، وحين وفاتهم وغير ذلك مما لا يخفى على المتتبع إن شاء الله تعالى.
(وقد ذكر مؤلف الكتاب هذه الروايات في كتابه مكيال المكارم)
وأما محبّة المؤمن له: فهي من الواجبات التي يتوقف عليها حصول حقيقة الإسلام وقبول الأعمال، بل لمحبته بالخصوص تأثير خاص اقتضى أمرا خاصا به فيا أيها المحبون المشتاقون، ادعوا لحبيبكم واسألوا الله تعالى أن يجعل لقاءه من نصيبكم.


الإمام المهدي (ع) يحبّ المؤمنين ويحبونه


الميرزا محمد تقي الاصفهاني/ صاحب كتاب مكيال المكارم:

إنّ محبة الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام للمؤمنين تدل عليه طوائف من الأخبار، منها ما دل على:
- كون الإمام عليه السلام بمنزلة الوالد الشفيق والأب الرحيم للمؤمنين بل هو أرأف من الوالد بهم.
- كون الشيعة بمنزلة الأوراق لشجرة الإمامة.
- أنّ الإمام يحزن لحزن المؤمنين ويتفجع لمصابهم، ويألم لمرضهم.
- دعائه لهم وفي حقّهم.
- إباحته الأنفال ونحوها لشيعته في زمان غيبته.
- إغاثته لمحبيه.
- حضور الإمام عليه السلام في تشييع جنازة المؤمن.
- كذلك ما ورد من بكائهم عند ابتلاء أحبائهم، وحين وفاتهم وغير ذلك مما لا يخفى على المتتبع إن شاء الله تعالى.
(وقد ذكر مؤلف الكتاب هذه الروايات في كتابه مكيال المكارم)
وأما محبّة المؤمن له: فهي من الواجبات التي يتوقف عليها حصول حقيقة الإسلام وقبول الأعمال، بل لمحبته بالخصوص تأثير خاص اقتضى أمرا خاصا به فيا أيها المحبون المشتاقون، ادعوا لحبيبكم واسألوا الله تعالى أن يجعل لقاءه من نصيبكم.


من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:06 م

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top