الاثنين، 17 نوفمبر 2014

القرآن وأهل البيت يحذرون من المرجئة، فمن هم؟

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:52 م 0 تعليقات




السؤال: من هم (المرجئة) ولماذا يعتبر اعتقادهم خاطئ؟
 
الجواب: فكرة الإرجاء قامت في الأساس على عقيدة فصل الإيمان عن العمل، فقال المرجئون بكفاية الإيمان في الدنيا لدخول الجنة، مهما عمل وارتكب من الجرائم والمعاصي. وأن الإيمان درجة واحدة لا تفاوت فيها ولا مراتب، لأن المرء إما أن يكون مؤمناً أو كافراً، ولا منزلة وسطى بين الإيمان والكفر. كما أشكلوا بناء على ما تقدم في وجود المؤمن الفاسق.
وجاءت لفظة الإرجاء من نفس اللفظ، بمعنى التأخير، والمراد التأخير إلى يوم الحساب. وإن المحقق لا يجد فرقة تخصصت بالإرجاء، بمعنى أنهم فرقة إسلامية لها عقيدة متكاملة أو شبه متكاملة عن التصورات الدينية، بل تجد الإرجاء واقعاً عند العديد من المذاهب الفكرية، اتفقوا حول أصل الإرجاء، ثم اختلفوا في أكثر الأشياء، وربما وصلت الاختلافات فيما بينهم إلى درجة التناقض. فمنهم الخوارج الذين يكفرون عثمان بن عفان وأمير المؤمنين عليه السلام، ومنهم من يرى إيمان أبي بكر وعمر وعثمان وأمير المؤمنين عليه السلام.
وتكمن خطورة هذا التيار الفكري - مضافاً إلى الانحراف العقدي الواضح، وكونه واضح البطلان وأن وراءه غرضاً سياسياً - دعوته إلى الانحلال، وتبرير الفواحش والمنكرات، وأنها لا تنقص من إيمان المرء شيئاً، وهو منفذ مخيف إلى قلوب الشباب الذين تتنازعهم المطامح والغرائز والشهوات، ولذلك رأينا القرآن وأهل البيت صلوات الله عليهم يشددان على بطلان عقيدتهم، بأشد وأغلظ الألفاظ؛ فالقرآن الكريم يصرح بأن الإيمان مقرون بالعمل لا يفصل بينهما، قال سبحانه: (إِنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ)[1]. وقال رسول اللّه صلَّى الله عليه و آله و سلَّم: "ليس الايمان بالتحلّي، ولا بالتمنّي، ولكنّ الإيمان ما خلص في القلب، وصدّقه الأعمال"[2]. وروي عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال: «قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام ): من شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله كان مؤمناً؟ قال: فأين فرائض الله؟ قال: وسمعته يقول: كان عليّ (عليه السلام) يقول: لو كان الإيمان كلاماً لم ينزل فيه صوم، ولا صلاة، ولا حلال، ولا حرام. قال: وقلت لأبي جعفر ( عليه السلام ): إنّ عندنا قوماً يقولون: إذا شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله فهو مؤمن قال: فلم يُضرَبون الحدود؟ ولم تُقطَع أيديهم؟ وما خلق الله عزّ وجلّ خلقاً أكرم على الله عزّ وجلّ من المؤمن، لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين وأنّ جوار الله للمؤمنين، وأنّ الجنّة للمؤمنين، وأنّ الحور العين للمؤمنين، ثمّ قال: فما بال من جحد الفرائض كان كافراً»[3].
وأيضاً عن محمّد بن حكيم قال: قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ): الكبائر تخرج من الإيمان؟ فقال: "نعم وما دون الكبائر، قال رسول اللّه صلَّى الله عليه و آله و سلَّم: لا يزني الزاني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق وهو مؤمن"[4].
وروى أيضاً عن عبيد بن زرارة قال: دخل ابن قيس الماصر وعمر بن ذرّ ـ وأظنّ معهما أبو حنيفة ـ على أبي جعفر عليه السلام، فتكلّم ابن قيس الماصر فقال: إنّا لا نُخرج أهل دعوتنا وأهل ملّتنا من الإيمان في المعاصي والذنوب. قال: فقال له أبو جعفر (عليه السلام): "يا ابن قيس أمّا رسول الله صلَّى الله عليه و آله و سلَّم فقد قال: لا يزني الزاني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق وهو مؤمن، فاذهب أنت وأصحابك حيث شئت"[5].
وإذا كان هذا على مستوى إبداء الرأي في صحة عقيدتهم وبطلانها، وبعده من الدين الحق، فإن أهل البيت عليهم السلام لم يكتفوا بذلك على الصعيدين العملي والتربوي، بل أخذوا يحذرون الأمة من أحابيلهم، وينبهونها إلى خطرهم، فقالوا، برواية الكراجكي عن الصّادق: «ملعون ملعون من قال: الإيمان قول بلا عمل»[6]. وقال أيضاً: لعن الله القدريّة، لعن الله الخوارج، لعن الله المرجئة، لعن الله المرجئة، [قال الراوي]: فقلت: لعنت هؤلاء مرّة مرّة ولعنت هؤلاء مرّتين قال: إنّ هؤلاء يقولون: إنّ قَتَلَتَنا مؤمنون، فدماؤنا متلطّخة بثيابهم إلى يوم القيامة. إنّ الله حكى عن قوم في كتابه: "ألاّ نُؤْمِنَ لِرَسُول حَتّى يَأْتِينَا بِقُرْبَان تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُموهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" قال: كان بين القاتلين والقائلين خمسمائة عام فألزمهم الله القتل برضاهم ما فعلوا[7]. وقال الإمام الصادق أيضاً: "بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة"[8]. والتركيز على الأحداث الصغار في هذا الحديث باعتبار أنهم العجينة الخام القابلة للتشكيل والصياغة، بخلاف الكبار الذي تشكلت شخصياتهم، ويصعب تغيير قناعاتهم.
ثم إن الأمويين قد ركبوا موجة هذا التيار، لأنه يشرع أعمالهم، ويبرر انحرافاتهم واستبدادهم ومفاسدهم، حيث إنهم مع كل ذلك يبقون مؤمنين وعاقبتهم الجنة!
 
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

____________
[1] الحجرات /15.
[2] البحار ج 69 ص 72 نقلاً عن معاني الاخبار ص 187.
[3] الكافي ج 2 ص 33، الحديث 2، والبحار ج 66 ص 19، الحديث 2.
[4] الكافي ج 2 ص 284 ـ 285، الحديث 21.
[5] الكافي ج 2 ص 285، الحديث 22.
[6] البحار ج 69 ص 19، الحديث 1.
[7] الكافي ج 2، ص 409، الحديث 1.
[8] الكافي: 6/47، الحديث 5.

نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top