جميع المواضيع

الأربعاء، 30 أبريل 2014


وُلد الإمام الباقر ( عليه السلام ) في الأول من شهر رجب المبارك ،  و برواية اخرى في الثالث من شهر صفر المظفر،في سنة ( 57 هـ ) ، وتَلَقَّفَهُ أهل البيت ( عليهم السلام ) بالتقبيل والسرور ، إذ لطالما كانوا ينتظرون ولادته التي بَشَّر بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منذ عشرات السنين .
وابتهج الإمام السجاد ( عليه السلام ) بهذا الوليد المبارك ، الذي بَشَّر به جدّه الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، وأعلن غير مَرَّة أنه وارث علوم آل محمد ( عليهم السلام ) .
والذي من مزاياه أنه ملتقى ورابط بين أسرة الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأسرة الإمام الحسن ( عليه السلام ) .
فهو أول هاشمي علوي ، يولد من جهة الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، لأن أباه علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، وأمُّه فاطمة بنت الحسن .
فكان الإمام الباقر ( عليه السلام ) ملتقى الكرامات ، وآصرة علوية ، أثلج بولادته قلوب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فما أكرمه وما أعظمه ( عليه السلام ) .
وتلقَّاه الإمام السجاد ( عليه السلام ) بالآداب ، والسنن الإسلامية ، كما فعل النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع الحسن والحسين ( عليهما السلام ) .

وقد صُنع الإمام الباقر ( عليه السلام ) على عين الرسالة الإلهيَّة ، من خلال الجو الذي وفَّره له والده الإمام السجاد ( عليه السلام ) ، لينهض بأعباء الإمامة الشرعية ، طِبقاً لما رسم الله تعالى لعباده في الأرض .
ومن هنا فإن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قد بلغ الذروة في السمو ، نسباً ، وفكراً ، وخُلُقاً ، مما مَنَحهُ أهليَّة النهوض بأعباء المرجعيَّة الفكريَّة والاجتماعية للأمّة بعد أبيه ( عليه السلام ) .
ويبدو أن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قد استأثر جدُّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأمر تحديد اسمه ولقبه ، كما في رواية الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري ( رضوان الله عليه ) ، حيث يقول :
قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( يوشك أن تبقى حتى تلقى وَلداً لي من الحسين يقال له محمد ، يبقر علم الدين بَقْراً ، فاذا لقيتَه ، فأقرِئْه مِنِّي السلام ) .
وبناءً على ذلك لُقِّب محمد بن علي ( عليه السلام ) بـ( الباقر ) ، أي المتبحر بالعلم ، والمستخرج لغوامضه ولبابه وأسراره ، والمحيط بفنونه ، وهذا المعنى تشير إليه معاجم اللغة العربية المعتبرة ، ومن شاء فليراجع .

بعض من مزايا الإمام محمد الباقر (ع) بمناسبة مولده


وُلد الإمام الباقر ( عليه السلام ) في الأول من شهر رجب المبارك ،  و برواية اخرى في الثالث من شهر صفر المظفر،في سنة ( 57 هـ ) ، وتَلَقَّفَهُ أهل البيت ( عليهم السلام ) بالتقبيل والسرور ، إذ لطالما كانوا ينتظرون ولادته التي بَشَّر بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منذ عشرات السنين .
وابتهج الإمام السجاد ( عليه السلام ) بهذا الوليد المبارك ، الذي بَشَّر به جدّه الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، وأعلن غير مَرَّة أنه وارث علوم آل محمد ( عليهم السلام ) .
والذي من مزاياه أنه ملتقى ورابط بين أسرة الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأسرة الإمام الحسن ( عليه السلام ) .
فهو أول هاشمي علوي ، يولد من جهة الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، لأن أباه علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، وأمُّه فاطمة بنت الحسن .
فكان الإمام الباقر ( عليه السلام ) ملتقى الكرامات ، وآصرة علوية ، أثلج بولادته قلوب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فما أكرمه وما أعظمه ( عليه السلام ) .
وتلقَّاه الإمام السجاد ( عليه السلام ) بالآداب ، والسنن الإسلامية ، كما فعل النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع الحسن والحسين ( عليهما السلام ) .

وقد صُنع الإمام الباقر ( عليه السلام ) على عين الرسالة الإلهيَّة ، من خلال الجو الذي وفَّره له والده الإمام السجاد ( عليه السلام ) ، لينهض بأعباء الإمامة الشرعية ، طِبقاً لما رسم الله تعالى لعباده في الأرض .
ومن هنا فإن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قد بلغ الذروة في السمو ، نسباً ، وفكراً ، وخُلُقاً ، مما مَنَحهُ أهليَّة النهوض بأعباء المرجعيَّة الفكريَّة والاجتماعية للأمّة بعد أبيه ( عليه السلام ) .
ويبدو أن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قد استأثر جدُّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأمر تحديد اسمه ولقبه ، كما في رواية الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري ( رضوان الله عليه ) ، حيث يقول :
قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( يوشك أن تبقى حتى تلقى وَلداً لي من الحسين يقال له محمد ، يبقر علم الدين بَقْراً ، فاذا لقيتَه ، فأقرِئْه مِنِّي السلام ) .
وبناءً على ذلك لُقِّب محمد بن علي ( عليه السلام ) بـ( الباقر ) ، أي المتبحر بالعلم ، والمستخرج لغوامضه ولبابه وأسراره ، والمحيط بفنونه ، وهذا المعنى تشير إليه معاجم اللغة العربية المعتبرة ، ومن شاء فليراجع .

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:14 م

0 التعليقات:


كتاب الرجعة بين الظهور والمعاد
لسماحة المحقق الشيخ محمد السند دام ظله.

يمكنكم تحميله من هنا

كتاب "الرجعة بين الظهور والمعاد" لسماحة الشيخ محمد السند


كتاب الرجعة بين الظهور والمعاد
لسماحة المحقق الشيخ محمد السند دام ظله.

يمكنكم تحميله من هنا

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  10:26 ص

0 التعليقات:

الثلاثاء، 29 أبريل 2014

إن الإنسان -بعض الأوقات- يخجل من صلاته، إلى درجة أنه يقف بين يدي الله مستغفرا من صلاته.. مع العلم أن بعض الصلوات ليس فقط لا ترفع درجة، وإنما قد توجب له إيلاما، كما ورد في الروايات: (بينا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) جالس في المسجد إذ دخل رجل ، فقام  الرجل  يصلّي، فلم يتمّ ركوعه ولا سجوده.. فقال (صلى الله عليه وآله): "نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا وهكذا صلاته، ليموتنّ على غير ديني).. هو كان يصلي في مسجد النبي، ولكن كيفية صلاته توجب التشبيه بنقر الغراب.. وفي بعض الروايات: (إن من الصلاة لما يقبل نصفها وثلثها وربعها، وإن منها لما يلف كما يلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها)؛ أي أن صلاته ترد إليه.. وهناك رواية أخرى تقول: (أما يخاف الذي يحول وجهه في الصلاة، أن يحول الله وجهه وجه حمار)!..
 
ما العمل، فنحن صلاتنا -إلا من عصمه الله- فيها كل شيء، إلا ذكر الله؟..
إن هناك حلين كي يعوض هذا التقصير:
أولا: التعقيب.. لعل هذا التعقيب اليومي من أجمل صور التعقيب: (إلهي!.. هذه صلاتي صليتها، لا لحاجة منك إليها، ولا رغبة منك فيها؛ إلا تعظيما وطاعة وإجابة لك إلى ما أمرتني.. إلهي!.. إن كان فيها خلل، أو نقص من ركوعها أو سجودها، فلا تؤاخذني، وتفضل على بالقبول والغفران، برحمتك يا أرحم الراحمين)؛ أي أنا يا رب لا أطمع في القبول، ولكن لا تؤدبني بصلاتي هذه.
 
ثانيا: السجود.. نعم الفرصة كي يعوض المصلي الركعات الثلاث أو الأربع، تكون في اللحظات الأخيرة من مفارقة الصلاة؛ أي في السجدة الأخيرة.. وبالتالي، تتم المصالحة عند المغادرة، فإذا بلحظات من المصالحة أذهبت الضغائن.. إذن، اغتنموا السجدة الأخيرة في الصلاة الواجبة.. فإذا أدركت الإنسان الرقة، فليطيل في سجدته الأخيرة أكثر من الركعات الثلاث والأربع.. عندئذ تحقق الغرض، فهو لعدة دقائق في سجدته الأخيرة يناجي ربه مستغفرا.. فلعل الله يقول لملائكته: عبدي هذا، عوض تقصيره في صلاته.. فالإنسان المشرف على النهاية معنوياته عالية.. فليكن السجود بعد الصلاة الواجبة أيضا، سجود اعتذار بين يدي الله.. إذ أنه بالإمكان من خلال هذه السجدة، أن ينفخ الروح والحياة في الصلاة الميتة.
 
إن صلاة القضاء قد يكون لها دور في تكامل العبد، أكثر من صلاة الأداء.. والصلاة غير الخاشعة، قد يكون لها دور في تقريب العبد إلى ربه، أكثر من الصلاة الخاشعة.. والسبب هو حالة الاستحياء والخجل، وعدم العجب الذي ينتاب العبد.. فيسدده رب العالمين ببركة حالته هذه، ولهذا جاء في الحديث: (أنين المذنبين أحب إلي من تسبيح المسبحين).

زادك في دقائق: تعويض التقصير في الصلاة

إن الإنسان -بعض الأوقات- يخجل من صلاته، إلى درجة أنه يقف بين يدي الله مستغفرا من صلاته.. مع العلم أن بعض الصلوات ليس فقط لا ترفع درجة، وإنما قد توجب له إيلاما، كما ورد في الروايات: (بينا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) جالس في المسجد إذ دخل رجل ، فقام  الرجل  يصلّي، فلم يتمّ ركوعه ولا سجوده.. فقال (صلى الله عليه وآله): "نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا وهكذا صلاته، ليموتنّ على غير ديني).. هو كان يصلي في مسجد النبي، ولكن كيفية صلاته توجب التشبيه بنقر الغراب.. وفي بعض الروايات: (إن من الصلاة لما يقبل نصفها وثلثها وربعها، وإن منها لما يلف كما يلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها)؛ أي أن صلاته ترد إليه.. وهناك رواية أخرى تقول: (أما يخاف الذي يحول وجهه في الصلاة، أن يحول الله وجهه وجه حمار)!..
 
ما العمل، فنحن صلاتنا -إلا من عصمه الله- فيها كل شيء، إلا ذكر الله؟..
إن هناك حلين كي يعوض هذا التقصير:
أولا: التعقيب.. لعل هذا التعقيب اليومي من أجمل صور التعقيب: (إلهي!.. هذه صلاتي صليتها، لا لحاجة منك إليها، ولا رغبة منك فيها؛ إلا تعظيما وطاعة وإجابة لك إلى ما أمرتني.. إلهي!.. إن كان فيها خلل، أو نقص من ركوعها أو سجودها، فلا تؤاخذني، وتفضل على بالقبول والغفران، برحمتك يا أرحم الراحمين)؛ أي أنا يا رب لا أطمع في القبول، ولكن لا تؤدبني بصلاتي هذه.
 
ثانيا: السجود.. نعم الفرصة كي يعوض المصلي الركعات الثلاث أو الأربع، تكون في اللحظات الأخيرة من مفارقة الصلاة؛ أي في السجدة الأخيرة.. وبالتالي، تتم المصالحة عند المغادرة، فإذا بلحظات من المصالحة أذهبت الضغائن.. إذن، اغتنموا السجدة الأخيرة في الصلاة الواجبة.. فإذا أدركت الإنسان الرقة، فليطيل في سجدته الأخيرة أكثر من الركعات الثلاث والأربع.. عندئذ تحقق الغرض، فهو لعدة دقائق في سجدته الأخيرة يناجي ربه مستغفرا.. فلعل الله يقول لملائكته: عبدي هذا، عوض تقصيره في صلاته.. فالإنسان المشرف على النهاية معنوياته عالية.. فليكن السجود بعد الصلاة الواجبة أيضا، سجود اعتذار بين يدي الله.. إذ أنه بالإمكان من خلال هذه السجدة، أن ينفخ الروح والحياة في الصلاة الميتة.
 
إن صلاة القضاء قد يكون لها دور في تكامل العبد، أكثر من صلاة الأداء.. والصلاة غير الخاشعة، قد يكون لها دور في تقريب العبد إلى ربه، أكثر من الصلاة الخاشعة.. والسبب هو حالة الاستحياء والخجل، وعدم العجب الذي ينتاب العبد.. فيسدده رب العالمين ببركة حالته هذه، ولهذا جاء في الحديث: (أنين المذنبين أحب إلي من تسبيح المسبحين).

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  10:27 م

0 التعليقات:

الاثنين، 28 أبريل 2014


درجات الإيمان (3-3)
 
السؤال: فيما نجد أهل البيت عليهم السلام يعبرون عن أتباعهم بلفظ أنتم المؤمنون، نرى القرآن العظيم يخاطب جميع من تلفظ بالشهادتين بعبارة المؤمنين، ولذلك قالوا: إن الخطاب ب(يا أيها الذين آمنوا) يشمل جميع المسلمين، ومفهوم وصف أهل البيت عليهم السلام أنهم يسلبون تلك الصفة عن كثير من المسلمين؟
 
الجواب: هذه الألفاظ وأمثالها محمولة على إرادة الإيمان بالمعنى الأخص. فإن الإيمان قد يطلق ويراد منه جميع من أسلم، وهو المفهوم من الخطابات القرآنية المتوجهة إلى كافة المسلمين، أي: كل من نطق بالشهادتين؛ قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام" (البقرة: 183)، أو "يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة"(المائدة: 6)، وأمثالهما. وقد يطلق ويراد منه إضافة إلى شهادته تلك انعقاد تلك الشهادة في قلبه؛ قال تعالى:" يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله والكتاب الّذي نزّل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلّ ضلالا بعيدا" (النساء: 36). وقد صرح القرآن الكريم بالفرق بين الإيمانين بقوله: " قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم " (الحجرات:14).
لكن للإيمان درجات عديدة، ويحتمل الشدة والضعف، وقد ينظر القرآن إلى بعض المؤمنين في بعض الدرجات، ولا يعتبرهم مؤمنين كذلك في درجات أعلى؛ قال تعالى: " إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله ثمّ لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه أولئك هم الصّادقون  "(الحجرات:15).
ومن هذا المنطلق قد يعبر أهل البيت عليهم السلام عن جماعة أنهم مؤمنون باعتبار بعض هذه الدرجات، ثم لا يعدونهم كذلك باعتبار درجات أعلى منها. قال الإمام الصادق عليه السلام: «لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا، ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو» (اصول الكافي 2: 71). وقال الإمام الرضا عليه السلام: "لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه سنة من ربه وسنة من نبيه وسنة من وليه وسنة من ذريتهم ...الخ  " (الكافي: ج2 ص 241).


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

لفظ "المؤمنين" لجميع المسلمين فكيف أهل البيت يخصونه لأتباعهم؟


درجات الإيمان (3-3)
 
السؤال: فيما نجد أهل البيت عليهم السلام يعبرون عن أتباعهم بلفظ أنتم المؤمنون، نرى القرآن العظيم يخاطب جميع من تلفظ بالشهادتين بعبارة المؤمنين، ولذلك قالوا: إن الخطاب ب(يا أيها الذين آمنوا) يشمل جميع المسلمين، ومفهوم وصف أهل البيت عليهم السلام أنهم يسلبون تلك الصفة عن كثير من المسلمين؟
 
الجواب: هذه الألفاظ وأمثالها محمولة على إرادة الإيمان بالمعنى الأخص. فإن الإيمان قد يطلق ويراد منه جميع من أسلم، وهو المفهوم من الخطابات القرآنية المتوجهة إلى كافة المسلمين، أي: كل من نطق بالشهادتين؛ قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام" (البقرة: 183)، أو "يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة"(المائدة: 6)، وأمثالهما. وقد يطلق ويراد منه إضافة إلى شهادته تلك انعقاد تلك الشهادة في قلبه؛ قال تعالى:" يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله والكتاب الّذي نزّل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلّ ضلالا بعيدا" (النساء: 36). وقد صرح القرآن الكريم بالفرق بين الإيمانين بقوله: " قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم " (الحجرات:14).
لكن للإيمان درجات عديدة، ويحتمل الشدة والضعف، وقد ينظر القرآن إلى بعض المؤمنين في بعض الدرجات، ولا يعتبرهم مؤمنين كذلك في درجات أعلى؛ قال تعالى: " إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله ثمّ لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه أولئك هم الصّادقون  "(الحجرات:15).
ومن هذا المنطلق قد يعبر أهل البيت عليهم السلام عن جماعة أنهم مؤمنون باعتبار بعض هذه الدرجات، ثم لا يعدونهم كذلك باعتبار درجات أعلى منها. قال الإمام الصادق عليه السلام: «لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا، ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو» (اصول الكافي 2: 71). وقال الإمام الرضا عليه السلام: "لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه سنة من ربه وسنة من نبيه وسنة من وليه وسنة من ذريتهم ...الخ  " (الكافي: ج2 ص 241).


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:01 م

0 التعليقات:

الأحد، 27 أبريل 2014


درجات الإيمان (2-3)
 
السؤال: إننا نرى كافراً وربما لا يرتكب الفواحش، ولا يكذب، ونرى بعض المؤمنين يرتكبونها، فكيف يمكن أن يكون العبد مؤمناً وعاصياً تصدر منه الفواحش، وكيف لم تصدر من الكافر غير العارف المعتقد؟
 
الجواب: لا شك أن ترك الفواحش والإثم والبغي وأمثالها يرجع إلى سبب واضح عند من يتركها. كما أنه لا شك في أن الله سبحانه لم يحرّم ما حرّم إلا لمصالح في الطاعات ومفاسد في المعاصي. ومن غير المستبعد أن يكون دافع الكافر في تركه للفواحش هو ما يراه من قبح ومفاسد في تلك الأفعال، أو بسبب تقبيح العرف البشري لها.
لكن هذا الكلام غير مسلّم على إطلاقه، لأن القبائح كثيراً ما لا تكون واضحة ظاهرة، ولذلك وجدنا البشر البعيدين عن الوحي غير متفقين على تقبيح  المحرمات الشرعية؛ فكيف يجتنبها من لا يعرفها أصلاً؟!
فتحتاج إلى نور الوحي والتشريع لبيانها، وهذا لا يتأتى من غير المؤمن المعتقد. شريطة أن يثبت الإيمان في قلب صاحبه، فإنه إن لم يكن راسخاً مستقراً كان متأرجحاً متفلتاً، بأقل الدوافع وأدنى الأسباب. والناس في إيمانهم درجات ومراتب. فالمؤمنون جميعاً مؤمنون في درجاتهم الدنيا التي لا تخرجهم عن الاعتقاد والدين إلى الكفر، لكنهم ينسلخون من درجات إيمانهم التي هي فوق ذلك.
وفي أحاديث أهل البيت عليهم السلام: أن المؤمن لا يصدر منه تلك الفواحش، مع هيمنة إيمانه عليه وتمكنه منه. فإن له أربعة أرواح: روح اﻹيمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، ربما انسلخت منه روح فبقي تأثير غيرها.
وقد جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: إن أناساً يزعمون أن العبد لا يزني وهو مؤمن. ولا يشرب الخمر وهو مؤمن. ولا يأكل الربا وهو مؤمن. ولا يسفك دماً حراماً وهو مؤمن، قد كبر هذا علي وحرج منه صدري حتى أزعم أن هذا العبد الذى يصلي ويواريني وأواريه أخرجه من الإيمان من أجل ذنب يسير أصابه، فقال عليه السلام: صدقك أخوك أخوك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: خلق الله الخلق على ثلاث طبقات فأنزلهم ثلاث منازل، فذلك قوله: " فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون " (الواقعة: 8-11).
 فأما ما ذكره الله عز وجل من السابقين السابقين، فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين جعل الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا وبروح القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معائشهم وبروح الشهوة أصابوا لذيذ المطعم والمشرب ونكحوا الحلال من النساء، وبروح البدن دبّوا و درجوا، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنبهم.
 ثم قال: " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس " (البقرة: 87). ثم قال في جماعتهم: "وأيدهم بروح منه "(المجادلة: 22)؛ يقول: أكرمهم بها وفضلهم على سواهم، فهؤلاء مغفور لهم. " (الكلينى في الكافى باب الكبائر ج 2 ص 281).
ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقا بأعيانهم فجعل فيهم أربعة أرواح: روح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فلا يزال العبد مستكملا هذه الارواح الاربعة حتى تأتى عليه حالات، فقال: وما هذه الحالات؟ فقال علي عليه السلام: أما أولهن فما قال الله: " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا " (النحل: 70)؛ فهذا تنقص منه جميع الأرواح وليس بالذي يخرج من الإيمان، لأن الله الفاعل به ذلك ورادُّه إلى أرذل العمر، فهو لا يعرف للصلاة وقتاً ولا يستطيع التهجد بالليل ولا الصيام بالنهار، فهذا نقصان من روح الإيمان وليس بضاره شيئاً إن شاء الله. وتنقص منه روح الشهوة فلو مرت به أَصبحُ بناتِ آدم ما حنّ إليها، وتبقى فيه روح البدن فهو يدب بها ويدرج حتى يأتيه الموت فهذا بحال خير، الله الفاعل به ذلك، وقد تأتي عليه حالات في قوته وشبابه يهم بالخطيئة فتشجعه روح القوة وتزين له روح الشهوه وتقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة، فإذا لامسها تفصَّى من الإيمان (تفصى يعني تخلص وانفصل) وتفصى الإيمان منه، فليس بعائد أبداً أو يتوب، فإن تاب وعرف الولاية تاب الله عليه، وإن عاد فهو تارك للولاية أدخله الله نار جهنم. وأما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى يقول الله سبحانه: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه (يعني محمدا والولاية في التوراة والانجيل) كما يعرفون أبناءهم (في منازلهم) وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون * الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " (البقرة: 146-147). فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك فسلبهم روح الإيمان وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوة وروح الشهوة وروح البدن. ثم أضافهم إلى الأنعام فقال: " إن هم إلا كالانعام " (الفرقان: 44)؛ لأن الدابة تحمل بروح القوة وتعتلف بروح الشهوة وتسير بروح البدن. قال له السائل: أحييت قلبي (بحار اﻷنوار: ج25  ص65-67).

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

ربما نرى كافراً لا يرتكب الفواحش ونرى مؤمناً يرتكبها فكيف يكون ذلك؟!


درجات الإيمان (2-3)
 
السؤال: إننا نرى كافراً وربما لا يرتكب الفواحش، ولا يكذب، ونرى بعض المؤمنين يرتكبونها، فكيف يمكن أن يكون العبد مؤمناً وعاصياً تصدر منه الفواحش، وكيف لم تصدر من الكافر غير العارف المعتقد؟
 
الجواب: لا شك أن ترك الفواحش والإثم والبغي وأمثالها يرجع إلى سبب واضح عند من يتركها. كما أنه لا شك في أن الله سبحانه لم يحرّم ما حرّم إلا لمصالح في الطاعات ومفاسد في المعاصي. ومن غير المستبعد أن يكون دافع الكافر في تركه للفواحش هو ما يراه من قبح ومفاسد في تلك الأفعال، أو بسبب تقبيح العرف البشري لها.
لكن هذا الكلام غير مسلّم على إطلاقه، لأن القبائح كثيراً ما لا تكون واضحة ظاهرة، ولذلك وجدنا البشر البعيدين عن الوحي غير متفقين على تقبيح  المحرمات الشرعية؛ فكيف يجتنبها من لا يعرفها أصلاً؟!
فتحتاج إلى نور الوحي والتشريع لبيانها، وهذا لا يتأتى من غير المؤمن المعتقد. شريطة أن يثبت الإيمان في قلب صاحبه، فإنه إن لم يكن راسخاً مستقراً كان متأرجحاً متفلتاً، بأقل الدوافع وأدنى الأسباب. والناس في إيمانهم درجات ومراتب. فالمؤمنون جميعاً مؤمنون في درجاتهم الدنيا التي لا تخرجهم عن الاعتقاد والدين إلى الكفر، لكنهم ينسلخون من درجات إيمانهم التي هي فوق ذلك.
وفي أحاديث أهل البيت عليهم السلام: أن المؤمن لا يصدر منه تلك الفواحش، مع هيمنة إيمانه عليه وتمكنه منه. فإن له أربعة أرواح: روح اﻹيمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، ربما انسلخت منه روح فبقي تأثير غيرها.
وقد جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: إن أناساً يزعمون أن العبد لا يزني وهو مؤمن. ولا يشرب الخمر وهو مؤمن. ولا يأكل الربا وهو مؤمن. ولا يسفك دماً حراماً وهو مؤمن، قد كبر هذا علي وحرج منه صدري حتى أزعم أن هذا العبد الذى يصلي ويواريني وأواريه أخرجه من الإيمان من أجل ذنب يسير أصابه، فقال عليه السلام: صدقك أخوك أخوك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: خلق الله الخلق على ثلاث طبقات فأنزلهم ثلاث منازل، فذلك قوله: " فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون " (الواقعة: 8-11).
 فأما ما ذكره الله عز وجل من السابقين السابقين، فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين جعل الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا وبروح القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معائشهم وبروح الشهوة أصابوا لذيذ المطعم والمشرب ونكحوا الحلال من النساء، وبروح البدن دبّوا و درجوا، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنبهم.
 ثم قال: " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس " (البقرة: 87). ثم قال في جماعتهم: "وأيدهم بروح منه "(المجادلة: 22)؛ يقول: أكرمهم بها وفضلهم على سواهم، فهؤلاء مغفور لهم. " (الكلينى في الكافى باب الكبائر ج 2 ص 281).
ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقا بأعيانهم فجعل فيهم أربعة أرواح: روح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن، فلا يزال العبد مستكملا هذه الارواح الاربعة حتى تأتى عليه حالات، فقال: وما هذه الحالات؟ فقال علي عليه السلام: أما أولهن فما قال الله: " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا " (النحل: 70)؛ فهذا تنقص منه جميع الأرواح وليس بالذي يخرج من الإيمان، لأن الله الفاعل به ذلك ورادُّه إلى أرذل العمر، فهو لا يعرف للصلاة وقتاً ولا يستطيع التهجد بالليل ولا الصيام بالنهار، فهذا نقصان من روح الإيمان وليس بضاره شيئاً إن شاء الله. وتنقص منه روح الشهوة فلو مرت به أَصبحُ بناتِ آدم ما حنّ إليها، وتبقى فيه روح البدن فهو يدب بها ويدرج حتى يأتيه الموت فهذا بحال خير، الله الفاعل به ذلك، وقد تأتي عليه حالات في قوته وشبابه يهم بالخطيئة فتشجعه روح القوة وتزين له روح الشهوه وتقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة، فإذا لامسها تفصَّى من الإيمان (تفصى يعني تخلص وانفصل) وتفصى الإيمان منه، فليس بعائد أبداً أو يتوب، فإن تاب وعرف الولاية تاب الله عليه، وإن عاد فهو تارك للولاية أدخله الله نار جهنم. وأما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى يقول الله سبحانه: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه (يعني محمدا والولاية في التوراة والانجيل) كما يعرفون أبناءهم (في منازلهم) وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون * الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " (البقرة: 146-147). فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك فسلبهم روح الإيمان وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوة وروح الشهوة وروح البدن. ثم أضافهم إلى الأنعام فقال: " إن هم إلا كالانعام " (الفرقان: 44)؛ لأن الدابة تحمل بروح القوة وتعتلف بروح الشهوة وتسير بروح البدن. قال له السائل: أحييت قلبي (بحار اﻷنوار: ج25  ص65-67).

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:21 م

0 التعليقات:

السبت، 26 أبريل 2014

درجات الإيمان (1-3)

السؤال: ما المقصود من درجات الإيمان؟ أوليس هو حقيقة واحدة، إما أن توجد بشكل كامل أو لا تنتفي بشكل كامل كذلك؟
 
الجواب: اﻹيمان درجات كثيرة، في بعض الروايات أنها سبع، وفي بعضها أنها عشر، وفي بعضها أنها بالعشرات، وفي بعضها أنها بالمئات، وفي بعضها أنها لا تقف عند حد. ولا تنافي بينها جميعاً، لاختلاف اللحاظ، ونظر بعضها إلى اﻹجمال وبعضها إلى التفصيل. وأدنى حقيقة اﻹيمان أن يعتقد اﻹنسان بمدلول الشهادتين ويعمل بمستلزماتهما. وقد ورد في الحديث عن علي بن جعفر، عن أخيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدى زكاة ماله، وخزن لسانه، وكف غضبه واستغفر لذنبه، وأدى النصيحة لأهل بيت رسوله، فقد استكمل حقائق الإيمان وأبواب الجنة مفتحة له" (أمالى الصدوق:  200).
وعن عبد العزيز القراطيسي قال: قال لي أبو عبد اللَّه الصادق (عليه السلام): "يا عبد العزيز الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم، له عشر مراقٍ، وترتقى منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحب الواحدة لصاحب الثانية: لست على شيء، ولا يقولن صاحب الثانية لصاحب الثالثة: لست على شيء - حتى انتهى إلى العاشرة - ثم قال: وكان سلمان في العاشرة وأبو ذر في التاسعة والمقداد في الثامنة، يا عبد العزيز لا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت الذي هو دونك فقدرت أن ترفعه إلى درجتك رفعاً رفيقاً فافعل، ولا تحملن عليه ما لا يطيقه فتكسره، فإنه من كسر مؤمناً فعليه جبره، لأنك إذا ذهبت تحمل الفصيل حمل البازل فسخته "(الخصال ج 2 ص 601).
وفي مرفوعة البرقي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: المؤمنون على سبع درجات: صاحب درجة منهم في مزيد من الله عز وجل لا يخرجه ذلك المزيد من درجته إلى درجة غيره، ومنهم شهداء الله على خلقه، ومنهم النجباء، ومنهم الممتحنة، ومنهم النجداء، ومنهم أهل الصبر ومنهم أهل التقوى، ومنهم أهل المغفرة (الخصال: ج 2 ص 7).
وعن عمار بن أبي الأحوص قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن عندنا أقواما ًيقولون بأمير المؤمنين عليه السلام ويفضلونه على الناس كلهم، وليس يصفون ما نصف من فضلكم أنتولاهم؟ فقال لي: نعم، في الجملة، أليس عند الله ما لم يكن عند رسول الله، ولرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [من] عند الله ما ليس لنا، وعندنا ما ليس عندكم، وعندكم ما ليس عند غيركم؟ إن الله تبارك وتعالى وضع الاسلام على سبعة أسهم: على الصبر والصدق، واليقين، والرضا، والوفاء، والعلم، والحلم، ثم قسم ذلك بين الناس فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم، فهو كامل الإيمان محتمل، ثم قسم لبعض الناس السهم، ولبعضٍ السهمين، ولبعضٍ الثلاثة الأسهم، ولبعض الأربعة الأسهم، ولبعضٍ الخمسة الأسهم، ولبعضٍ الستة الأسهم، ولبعضٍ السبعة الأسهم. فلا تحملوا على صاحب السهم سهمين، ولا على صاحب السهمين ثلاثة أسهم ولا على صاحب الثلاثة أربعة أسهم، ولا على صاحب الأربعة خمسة أسهم، ولا على صاحب الخمسة ستة أسهم، ولا على صاحب الستة سبعة أسهم، فتثقلوهم وتنفروهم، ولكن ترفقوا بهم وسهلوا لهم المدخل. وسأضرب لك مثلا تعتبر به، إنه كان رجل مسلم وكان له جار كافر، وكان الكافر يرفق المؤمن فأحب المؤمن للكافر الاسلام، ولم يزل يزين له الاسلام ويحببه إلى الكافر حتى أسلم، فغدا عليه المؤمن فاستخرجه من منزله فذهب به إلى المسجد ليصلي معه الفجر في جماعة، فلما صلى قال له: لو قعدنا نذكر الله عز وجل حتى تطلع الشمس، فقعد معه، فقال: لو تعلمت القرآن إلى أن تزول الشمس وصمت اليوم كان أفضل، فقعد معه وصام حتى صلى الظهر والعصر، فقال: لو صبرت حتى تصلي المغرب والعشاء الآخرة كان أفضل، فقعد معه حتى صلى المغرب والعشاء الآخرة ثم نهضا وقد بلغ مجهوده، وحمل عليه ما لا يطيق، فلما كان من الغد غدا عليه وهو يريد به مثل ما صنع بالأمس، فدق عليه بابه، ثم قال له: اخرج حتى نذهب إلى المسجد، فأجاب أن انصرف عني فإن هذا دين شديد لا أطيقه. فلا تخرقوا بهم، أما علمت أن إمارة بني أمية كانت بالسيف، والعسف والجور، وأن إمامتنا بالرفق، والتألف، والوقار، والتقية، وحسن الخلطة والورع، والاجتهاد، فرغِّبوا الناس في دينكم وفيما أنتم فيه (الخصال: ج 2 ص8).
وعن القاسم الصيقل رفع الحديث إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: كنا جلوساً عنده، فتذاكرنا رجلا ًمن أصحابنا، فقال بعضنا: ذلك ضعيف، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن كان لا يقبل ممن دونكم حتى يكون مثلكم لم يقبل منكم حتى تكونوا مثلنا (بحار اﻷنوار: ج66  ص174).
وفي كنز الكراجكى: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الإيمان في عشرة: المعرفة، والطاعة، والعلم، والعمل، والورع، والاجتهاد، والصبر، واليقين والرضا، والتسليم، فأيها فقد صاحبه بطل نظامه(بحار اﻷنوار: ج66  ص175)

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

ما المقصود من درجات الإيمان؟ أوليس هو حقيقة واحدة؟!

درجات الإيمان (1-3)

السؤال: ما المقصود من درجات الإيمان؟ أوليس هو حقيقة واحدة، إما أن توجد بشكل كامل أو لا تنتفي بشكل كامل كذلك؟
 
الجواب: اﻹيمان درجات كثيرة، في بعض الروايات أنها سبع، وفي بعضها أنها عشر، وفي بعضها أنها بالعشرات، وفي بعضها أنها بالمئات، وفي بعضها أنها لا تقف عند حد. ولا تنافي بينها جميعاً، لاختلاف اللحاظ، ونظر بعضها إلى اﻹجمال وبعضها إلى التفصيل. وأدنى حقيقة اﻹيمان أن يعتقد اﻹنسان بمدلول الشهادتين ويعمل بمستلزماتهما. وقد ورد في الحديث عن علي بن جعفر، عن أخيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدى زكاة ماله، وخزن لسانه، وكف غضبه واستغفر لذنبه، وأدى النصيحة لأهل بيت رسوله، فقد استكمل حقائق الإيمان وأبواب الجنة مفتحة له" (أمالى الصدوق:  200).
وعن عبد العزيز القراطيسي قال: قال لي أبو عبد اللَّه الصادق (عليه السلام): "يا عبد العزيز الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم، له عشر مراقٍ، وترتقى منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحب الواحدة لصاحب الثانية: لست على شيء، ولا يقولن صاحب الثانية لصاحب الثالثة: لست على شيء - حتى انتهى إلى العاشرة - ثم قال: وكان سلمان في العاشرة وأبو ذر في التاسعة والمقداد في الثامنة، يا عبد العزيز لا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت الذي هو دونك فقدرت أن ترفعه إلى درجتك رفعاً رفيقاً فافعل، ولا تحملن عليه ما لا يطيقه فتكسره، فإنه من كسر مؤمناً فعليه جبره، لأنك إذا ذهبت تحمل الفصيل حمل البازل فسخته "(الخصال ج 2 ص 601).
وفي مرفوعة البرقي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: المؤمنون على سبع درجات: صاحب درجة منهم في مزيد من الله عز وجل لا يخرجه ذلك المزيد من درجته إلى درجة غيره، ومنهم شهداء الله على خلقه، ومنهم النجباء، ومنهم الممتحنة، ومنهم النجداء، ومنهم أهل الصبر ومنهم أهل التقوى، ومنهم أهل المغفرة (الخصال: ج 2 ص 7).
وعن عمار بن أبي الأحوص قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن عندنا أقواما ًيقولون بأمير المؤمنين عليه السلام ويفضلونه على الناس كلهم، وليس يصفون ما نصف من فضلكم أنتولاهم؟ فقال لي: نعم، في الجملة، أليس عند الله ما لم يكن عند رسول الله، ولرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [من] عند الله ما ليس لنا، وعندنا ما ليس عندكم، وعندكم ما ليس عند غيركم؟ إن الله تبارك وتعالى وضع الاسلام على سبعة أسهم: على الصبر والصدق، واليقين، والرضا، والوفاء، والعلم، والحلم، ثم قسم ذلك بين الناس فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم، فهو كامل الإيمان محتمل، ثم قسم لبعض الناس السهم، ولبعضٍ السهمين، ولبعضٍ الثلاثة الأسهم، ولبعض الأربعة الأسهم، ولبعضٍ الخمسة الأسهم، ولبعضٍ الستة الأسهم، ولبعضٍ السبعة الأسهم. فلا تحملوا على صاحب السهم سهمين، ولا على صاحب السهمين ثلاثة أسهم ولا على صاحب الثلاثة أربعة أسهم، ولا على صاحب الأربعة خمسة أسهم، ولا على صاحب الخمسة ستة أسهم، ولا على صاحب الستة سبعة أسهم، فتثقلوهم وتنفروهم، ولكن ترفقوا بهم وسهلوا لهم المدخل. وسأضرب لك مثلا تعتبر به، إنه كان رجل مسلم وكان له جار كافر، وكان الكافر يرفق المؤمن فأحب المؤمن للكافر الاسلام، ولم يزل يزين له الاسلام ويحببه إلى الكافر حتى أسلم، فغدا عليه المؤمن فاستخرجه من منزله فذهب به إلى المسجد ليصلي معه الفجر في جماعة، فلما صلى قال له: لو قعدنا نذكر الله عز وجل حتى تطلع الشمس، فقعد معه، فقال: لو تعلمت القرآن إلى أن تزول الشمس وصمت اليوم كان أفضل، فقعد معه وصام حتى صلى الظهر والعصر، فقال: لو صبرت حتى تصلي المغرب والعشاء الآخرة كان أفضل، فقعد معه حتى صلى المغرب والعشاء الآخرة ثم نهضا وقد بلغ مجهوده، وحمل عليه ما لا يطيق، فلما كان من الغد غدا عليه وهو يريد به مثل ما صنع بالأمس، فدق عليه بابه، ثم قال له: اخرج حتى نذهب إلى المسجد، فأجاب أن انصرف عني فإن هذا دين شديد لا أطيقه. فلا تخرقوا بهم، أما علمت أن إمارة بني أمية كانت بالسيف، والعسف والجور، وأن إمامتنا بالرفق، والتألف، والوقار، والتقية، وحسن الخلطة والورع، والاجتهاد، فرغِّبوا الناس في دينكم وفيما أنتم فيه (الخصال: ج 2 ص8).
وعن القاسم الصيقل رفع الحديث إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: كنا جلوساً عنده، فتذاكرنا رجلا ًمن أصحابنا، فقال بعضنا: ذلك ضعيف، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن كان لا يقبل ممن دونكم حتى يكون مثلكم لم يقبل منكم حتى تكونوا مثلنا (بحار اﻷنوار: ج66  ص174).
وفي كنز الكراجكى: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الإيمان في عشرة: المعرفة، والطاعة، والعلم، والعمل، والورع، والاجتهاد، والصبر، واليقين والرضا، والتسليم، فأيها فقد صاحبه بطل نظامه(بحار اﻷنوار: ج66  ص175)

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:20 م

0 التعليقات:

إن هناك عنوانا يتردد في الكتب الأخلاقية، وهو: كيف يتعامل المؤمن مع مسألة الخواطر، أو ما يسمى بـ(طائر النفس)؟..
إن الإنسان من الممكن أن يضبط سلوكه وجوارحه؛ لأن الأعضاء تأتمر بأوامر الإنسان الإرادية.. ولكن المشكلة في هذا البعد اللاإرادي، لأن الإنسان الذي يفكر تفكيرا سودويا، أو شهويا، أو غضبيا؛ تنعكس آثار هذه الأفكار على بدنه وكأنه واقعا.. فإذن، إن المسألة مهمة من ناحيتين لأنها:
 
 أولا: غير إرادية.. والتعبير عن الخواطر بطائر النفس، تعبير جيد؛ لأن الإنسان كلما أراد أن يضبط هذه الخواطر لا يستطيع، مثل الإنسان الذي يملك طائرا، وهذا الطائر تحت يده، ويتصرف به كيف يشاء.. ولكن بمجرد أن يطير ويحلق في السماء؛ فإن صاحبه يفقد السيطرة عليه.. وكذلك فإن مسألة ضبط الخواطر صعبة جدا، ولكن ليست مستحيلة؛ لأنه يوجد هناك أناس يسيطرون على خيالهم.
ثانيا: تنعكس على سلوك الإنسان.. إن هذه الخواطر، تنعكس على وضع الإنسان، وإن كانت في الخيال.
 
إن الإنسان بإمكانه أن يتخلص من هذه الخواطر، أو يضبطها من خلال اتباع بعض الخطوات، ومنها:
أولا: لا يوسع من دائرة خياله.. إن الإنسان الذي يسمع كثيرا، ويتكلم كثيرا، وينظر كثيرا؛ فإن جهازه الباطني جهاز مشوش.. والعلماء يشبهون الذهن البشري بحوض الماء: تارة لا ترسبات في هذا الحوض، وتارة هناك ترسبات ولكنها راكدة في القاع.. والإنسان بعض الأوقات بسوء اختياره، يأخذ عصا ويحرك هذا الحوض.. وبالتالي، فإنه يتسبب في أن يعيش التكدر الباطني.
 
يقول الإمام علي (ع): (وقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم)؛ أي أن هذه الأذن لا يدخل فيها إلا ما كان نافعا، وكذلك بالنسبة إلى النظر.. ومن هنا هذا المعنى: إذا أردت أن تقيّم إنسانا تقييما أوليا، أنظر إلى مشيه!.. إن كان يديم النظر إلى الأرض، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا، وكذلك الذي لا يتكلم كثيرا؛ فإنه يرجى منه الخير وقد ورد: (وإذا رأيتم الرجل صموتاً وقوراً، فاقتربوا منه؛ فإنه يلقي الحكمة).
 
فإذن، إن الخطوة الأولى، هي عدم إعطاء المجال لطائر النفس أن ينتشر، وبعبارة أخرى: إذا أردت أن يكون الطائر معك، فلا تنثر أمامه الحبوب والبذور؛ لأنك عندما تنثر الحبوب في أرض واسعة، فإنه من الطبيعي أن يطير ليقتات من تلك الحبوب.
 
ثانيا: التدرج في المحاولة.. إن الإنسان لا يستطيع ضبط خواطره في كل ساعات نهاره وليله، لأن السيطرة على الخواطر تحتاج إلى مجاهدة كبيرة.. لذا فلنبدأ بالتدريج لمدة دقائق، فنحاول ذلك أولا في الصلاة؛ لأن الصلاة دقائق.. الذي يريد أن يضبط خواطره، فليمتحن نفسه في صلاته.. وبالتالي، فإنه يضرب هدفين بسهم واحد: الهدف الأول: أنه أوجب له الإقبال في الصلاة، والهدف الثاني: أنه دخل دورة تدريبية في ضبط فكره في الصلاة.. إن نجح في ذلك، يعديه إلى ما قبل الصلاة من الأذان والإقامة، وإن نجح في ذلك أيضا يعديه إلى المقدمات عند الوضوء، ثم يعديه إلى ما بعد الصلاة إلى التعقيبات وغيرها.. وإذا به يعيش أجواء مركزة لمدة ساعة، من قبل الصلاة وأثناء الصلاة وبعدها.. إن الإنسان الذي يعيش التركيز، هو على طريق الفوز في هذا المجال.

سماحة الشيخ حبيب الكاظمي.

زادك في دقائق: كيف يتعامل المؤمن مع الخواطر (طائر النفس)

إن هناك عنوانا يتردد في الكتب الأخلاقية، وهو: كيف يتعامل المؤمن مع مسألة الخواطر، أو ما يسمى بـ(طائر النفس)؟..
إن الإنسان من الممكن أن يضبط سلوكه وجوارحه؛ لأن الأعضاء تأتمر بأوامر الإنسان الإرادية.. ولكن المشكلة في هذا البعد اللاإرادي، لأن الإنسان الذي يفكر تفكيرا سودويا، أو شهويا، أو غضبيا؛ تنعكس آثار هذه الأفكار على بدنه وكأنه واقعا.. فإذن، إن المسألة مهمة من ناحيتين لأنها:
 
 أولا: غير إرادية.. والتعبير عن الخواطر بطائر النفس، تعبير جيد؛ لأن الإنسان كلما أراد أن يضبط هذه الخواطر لا يستطيع، مثل الإنسان الذي يملك طائرا، وهذا الطائر تحت يده، ويتصرف به كيف يشاء.. ولكن بمجرد أن يطير ويحلق في السماء؛ فإن صاحبه يفقد السيطرة عليه.. وكذلك فإن مسألة ضبط الخواطر صعبة جدا، ولكن ليست مستحيلة؛ لأنه يوجد هناك أناس يسيطرون على خيالهم.
ثانيا: تنعكس على سلوك الإنسان.. إن هذه الخواطر، تنعكس على وضع الإنسان، وإن كانت في الخيال.
 
إن الإنسان بإمكانه أن يتخلص من هذه الخواطر، أو يضبطها من خلال اتباع بعض الخطوات، ومنها:
أولا: لا يوسع من دائرة خياله.. إن الإنسان الذي يسمع كثيرا، ويتكلم كثيرا، وينظر كثيرا؛ فإن جهازه الباطني جهاز مشوش.. والعلماء يشبهون الذهن البشري بحوض الماء: تارة لا ترسبات في هذا الحوض، وتارة هناك ترسبات ولكنها راكدة في القاع.. والإنسان بعض الأوقات بسوء اختياره، يأخذ عصا ويحرك هذا الحوض.. وبالتالي، فإنه يتسبب في أن يعيش التكدر الباطني.
 
يقول الإمام علي (ع): (وقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم)؛ أي أن هذه الأذن لا يدخل فيها إلا ما كان نافعا، وكذلك بالنسبة إلى النظر.. ومن هنا هذا المعنى: إذا أردت أن تقيّم إنسانا تقييما أوليا، أنظر إلى مشيه!.. إن كان يديم النظر إلى الأرض، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا، وكذلك الذي لا يتكلم كثيرا؛ فإنه يرجى منه الخير وقد ورد: (وإذا رأيتم الرجل صموتاً وقوراً، فاقتربوا منه؛ فإنه يلقي الحكمة).
 
فإذن، إن الخطوة الأولى، هي عدم إعطاء المجال لطائر النفس أن ينتشر، وبعبارة أخرى: إذا أردت أن يكون الطائر معك، فلا تنثر أمامه الحبوب والبذور؛ لأنك عندما تنثر الحبوب في أرض واسعة، فإنه من الطبيعي أن يطير ليقتات من تلك الحبوب.
 
ثانيا: التدرج في المحاولة.. إن الإنسان لا يستطيع ضبط خواطره في كل ساعات نهاره وليله، لأن السيطرة على الخواطر تحتاج إلى مجاهدة كبيرة.. لذا فلنبدأ بالتدريج لمدة دقائق، فنحاول ذلك أولا في الصلاة؛ لأن الصلاة دقائق.. الذي يريد أن يضبط خواطره، فليمتحن نفسه في صلاته.. وبالتالي، فإنه يضرب هدفين بسهم واحد: الهدف الأول: أنه أوجب له الإقبال في الصلاة، والهدف الثاني: أنه دخل دورة تدريبية في ضبط فكره في الصلاة.. إن نجح في ذلك، يعديه إلى ما قبل الصلاة من الأذان والإقامة، وإن نجح في ذلك أيضا يعديه إلى المقدمات عند الوضوء، ثم يعديه إلى ما بعد الصلاة إلى التعقيبات وغيرها.. وإذا به يعيش أجواء مركزة لمدة ساعة، من قبل الصلاة وأثناء الصلاة وبعدها.. إن الإنسان الذي يعيش التركيز، هو على طريق الفوز في هذا المجال.

سماحة الشيخ حبيب الكاظمي.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  1:35 م

0 التعليقات:

الجمعة، 25 أبريل 2014


السؤال: كيف يمكن تحصيل الخشوع في الصلاة؟
 
الجواب: قال الله تعالى: " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" (المؤمنون: 1-2). والخشوع هو استشعار الرهبة والهيبة، حتى لكأن كل جوارح الخاشع وجوانحه متوجهة إلى المهاب المرهوب. وهي على درجات كثيرة، والمعيّن لهذه الدرجة أو تلك هو الزاوية التي ينطلق منها العبد في تلك الهيبة والرهبة. ومن أجل تحصيل هذه الحالة في الصلاة لا بد إيجاد مقدماتها الموصلة، ومن تلك المقدمات الابتعاد عن الحرام والشبهة في الطعام واللباس، والسمع والبصر، والفكر والخيال. ومنها: التهيؤ للصلاة وانتظارها قبل حلول وقتها، ولبس النظيف، واستعمال الزينة، والمواظبة على السواك، وفي أثناء الصلاة عليه القيام بأمور: منها: التخشع فيها، وهو الالتزام بظاهر الخشوع، في حركاته، وسكناته، ونظراته، ومنها اتباع آداب الصلاة الواجب منها والمستحب، واجتناب الممنوع والمكروه، مثل مدافعة الأخبثين، وتوقي مواضع الرياء والشبهة. ثم الدعاء وصدق النية مع الله، والتوسل بأهل البيت المعصومين (ع)،  وما إلى ذلك من دواعي حضور القلب، فإن القلب إذا خشع خشع البدن.
وقد روي عن الإمام الباقر عليه السلام قوله: إذا قمت في الصلاة فعليك بالإقبال على صلاتك فإنما يحسب لك منها ما أقبلت عليه ولا تعبث فيها بيدك ولا برأسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك ولا تتثاءب ولا تتمطّ ولا تكفِّر (والمراد التكفير، أي وضع يد على أخرى في قيام الصلاة) فإنما يفعل ذلك المجوس ولا تلَثَّم ولا تحتفز [ولا] تفرج كما يتفرج البعير ولا تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك ولا تفرقع أصابعك فإن ذلك كله نقصان من الصلاة ولا تقم إلى الصلاة متكاسلاً ولا متناعساً ولا متثاقلاً فإنها من خلال النفاق؛ فإن الله سبحانه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى يعنى سكر النوم وقال للمنافقين: "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا" (الكافي: ج3 باب الجمع بين الصلاتين، ص362). وفي الحديث أن القبول يكون بقدر إقبال العبد في صلاته.



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

صلاة الخاشعين


السؤال: كيف يمكن تحصيل الخشوع في الصلاة؟
 
الجواب: قال الله تعالى: " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" (المؤمنون: 1-2). والخشوع هو استشعار الرهبة والهيبة، حتى لكأن كل جوارح الخاشع وجوانحه متوجهة إلى المهاب المرهوب. وهي على درجات كثيرة، والمعيّن لهذه الدرجة أو تلك هو الزاوية التي ينطلق منها العبد في تلك الهيبة والرهبة. ومن أجل تحصيل هذه الحالة في الصلاة لا بد إيجاد مقدماتها الموصلة، ومن تلك المقدمات الابتعاد عن الحرام والشبهة في الطعام واللباس، والسمع والبصر، والفكر والخيال. ومنها: التهيؤ للصلاة وانتظارها قبل حلول وقتها، ولبس النظيف، واستعمال الزينة، والمواظبة على السواك، وفي أثناء الصلاة عليه القيام بأمور: منها: التخشع فيها، وهو الالتزام بظاهر الخشوع، في حركاته، وسكناته، ونظراته، ومنها اتباع آداب الصلاة الواجب منها والمستحب، واجتناب الممنوع والمكروه، مثل مدافعة الأخبثين، وتوقي مواضع الرياء والشبهة. ثم الدعاء وصدق النية مع الله، والتوسل بأهل البيت المعصومين (ع)،  وما إلى ذلك من دواعي حضور القلب، فإن القلب إذا خشع خشع البدن.
وقد روي عن الإمام الباقر عليه السلام قوله: إذا قمت في الصلاة فعليك بالإقبال على صلاتك فإنما يحسب لك منها ما أقبلت عليه ولا تعبث فيها بيدك ولا برأسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك ولا تتثاءب ولا تتمطّ ولا تكفِّر (والمراد التكفير، أي وضع يد على أخرى في قيام الصلاة) فإنما يفعل ذلك المجوس ولا تلَثَّم ولا تحتفز [ولا] تفرج كما يتفرج البعير ولا تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك ولا تفرقع أصابعك فإن ذلك كله نقصان من الصلاة ولا تقم إلى الصلاة متكاسلاً ولا متناعساً ولا متثاقلاً فإنها من خلال النفاق؛ فإن الله سبحانه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى يعنى سكر النوم وقال للمنافقين: "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا" (الكافي: ج3 باب الجمع بين الصلاتين، ص362). وفي الحديث أن القبول يكون بقدر إقبال العبد في صلاته.



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:28 م

0 التعليقات:

السؤال: 

ذكر بعضهم في خطبة له في يوم الجمعة مؤخراً: أن الإمام الصادق [عليه السلام] قال: «ولدني أبو بكر مرتين..».

وهذا الشخص يدعونا دائماً إلى الفكر والعقل والدراسة، وهذا يدل على أنه هو قد حقق هذا الحديث عن الإمام الصادق [عليه السلام]، ورأى أن من واجبه أن يعلمه للناس.. فهل هذا صحيح؟!

الجواب:


إن هذا الحديث الذي تتحدث عنه هو مما يستدل به أهل السنة على الشيعة لتصويب خلافة أبي بكر، فراجع ما ذكره ابن حجر الهيثمي، وفضل بن روزبهان(1). وقد رد عليهم علماؤنا الأبرار رحمهم الله تعالى استدلالاتهم تلك.

ولا حاجة إلى ذكر ما استدل به اولئك، وما أجاب به هؤلاء..(2)
فإن هذا ليس هو محط نظرنا هنا..

إن كان هذا الشخص قد أورد هذا الحديث ليرد عليه. فهو شيعي يسعى إلى تثبيت عقائد الناس، ونحن ندعو له بالتوفيق والتسديد..

وإن كان قد أورده ليثقف به جماعة أهل السنة، فهو سني بلا ريب.

وإن كان قد ذكره ليثقف به الشيعة أتباع مدرسة أهل البيت [عليهم السلام]، دون أن يعلق عليه، ويبين لهم وجه الصواب والخطأ فيه؛ فهو إنسان ليس بشيعي، جزماً، بل هو ـ كما يظهر ـ يسعى لإلقاء هذا النوع من الأحاديث لتصبح جزء من ثقافة الناس بصورة عفوية، ثم يأتي اليوم الذي يقول فيه للناس: إنه لا مشكلة بين الأئمة [عليهم السلام] وبين أبي بكر، وإنما المشكلة هي بين من ينسبون أنفسهم إلى الأئمة [عليهم السلام] وبين أبي بكر..

وهذا أسلوب غير سليم، يهدف إلى استغلال غفلة الناس، وبراءتهم، وطيب نواياهم.
وعلى كل حال، فإن هذه الكلمة: «ولدني أبو بكر مرتين» قد نسبت إلى الإمام الصادق [عليه السلام] في بعض كتب أهل السنة وهي في الأكثر كتب التراجم، ووردت أيضاً في بعض آخر من غيرها. على طريقة إلقاء الكلام على عواهنه، من دون نظر ومناقشة إسناده، صحة وضعفاً(3).

فالرواية إذن سنية، وليست شيعية، وهي كما ذكرها الدارقطني التالية:

الدارقطني: عن أحمد بن محمد بن إسماعيل الآدمي، عن محمد بن الحسين الحنيني، عن عبد العزيز بن محمد الأزدي، عن حفص بن غياث قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: «ما أرجو من شفاعة علي شيئاً إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله. لقد ولدني مرتين..»(4).

ونقول: إننا نسجل هنا على هذا الحديث النقاط التالية:
أولاً: قد ذكر القرماني: أن أم الإمام الصادق [عليه السلام] هي «أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي سمرة»(5).
وعدم ورود القاسم بن محمد بن أبي سمرة في كتب الرجال لا يعني أنه شخصية موهومة، إذ ما أكثر الشخصيات الحقيقية التي أهمل التاريخ ذكرها لأكثر من سبب..

ولعل هذا هو السبب في أن الشهيد قد اكتفى بالقول: «أم فروة بنت القاسم بن محمد»(6).

ثانياً: هناك جماعة ـ ومنهم الجنابذي ـ تقول: إن أم فروة هي جدة الإمام الباقر [عليه السلام] لأمه، وليست زوجته، ولا هي أم الإمام الصادق [عليه السلام](7).

ولعل شهرة القاسم بن محمد بن أبي بكر تجعل اسمه دون سواه يسبق إلى ذهن الرواة، فإذا كتبوا القاسم بن محمد، فإنهم يضيفون كلمة «ابن أبي بكر»، جرياً على الإلف والعادة.

أضف إلى ذلك: أن القاسم بن محمد أكثر من رجل، كما يعلم من مراجعة كتب التاريخ والتراجم..
ثالثاً: إن الرواية ضعيفة السند، فإنها ـ كما قلنا ـ لم ترو من طرق شيعة أهل البيت [عليهم السلام]، فكيف صح لهذا البعض أن ينسب هذا القول إلى الإمام [عليه السلام] من دون أن يَتثبَّت من صحة الرواية؟!
رابعاً: إن الإمام الصادق [عليه السلام] ليس بحاجة إلى الشفاعة ليرجوها من أبي بكر..

خامساً: إن شفاعة رسول الله محمد [صلى الله عليه وآله]، هي التي ترتجى وتطلب، فكيف يطلب حفيد الرسول الأعظم [صلى الله عليه وآله] الشفاعة من أبي بكر، ويترك جدّه الرسول [صلى الله عليه وآله]؟!

وأبو بكر ومن هم على شاكلته بحاجة إلى شفاعته [صلى الله عليه وآله]..

فهو[صلى الله عليه وآله] الذي يشفع لمن يستحق الشفاعة، ويساق من لا يستحقها إلى الجحيم، وإلى العذاب الأليم..

ولماذا رجا شفاعة أبي بكر، ولم يرج شفاعة سلمان مثلاً.

فإن كان قد تعلق أمله بشفاعة أبي بكر، وعلي، لأجل القرابة، فهو أمر يستحيل أن يمر في ذهن الإمام [عليه السلام] خصوصاً وأن القرآن الكريم قد صرح برفض هذا المنطق وأدانه، فقد قال تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ)(8).
وقال تعالى: (لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً)(9).

فالقرابات النسبية مجردةً إذن ليست هي المعيار.

كما أن الشفاعة إنما هي مقام ومنصب يعطيه الله لأشخاص معينين، هم صفوة الخلق، قد عهد الله إليهم بالشفاعة بالمذنبين من أمته.. والإمام الصادق [عليه السلام] هو أحد هؤلاء الصفوة الذين يشفعون في الأمة بدون ريب..

سادساً وأخيراً: إن بيت أبي بكر قد عرف بالمهانة والذل، فلاحظ ما يلي:

1 ـ قال عوف بن عطية:

وأمـا الأ لأمان بنـو عدي     وتيـم حين تزدحم الأمور

فلا تشهد بهم فتيان حـرب     ولكن ادن من حلب وعير(10)

إذا رهنوا رمـاحهم بزبـد      فإن رماح تيـم لا تضير (11)

2 ـ ذكر البلاذري: أن أبا سفيان قال لعلي [عليه السلام]: «يا علي بايعتم رجلاً من أذل قبيلة من قريش»(12).

3 ـ حين بويع أبو بكر نادى أبو سفيان: «غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش».
وفي نص الحاكم: «ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة، وأذلها ذلة؟! يعني أبا بكر»(13).
4 ـ حج أبو بكر ومعه أبو سفيان، فرفع صوته عليه، فقال أبو قحافة: اخفض صوتك يا أبا بكر عن  ابن حرب.

فقال أبو بكر: «يا أبا قحافة، إن الله بنى في الإسلام بيوتاً كانت غير مبنية، وهدم بيوتاً كانت في الجاهلية مبنية. وبيت أبي سفيان مما هدم»(14).

5 ـ قد روي عن الإمام الصادق [عليه السلام] قوله عن محمد بن أبي بكر رحمه الله: أنجب النجباء من أهل بيت سوء، محمد بن أبي بكر(15). وبمعناه غيره..
وبعدما تقدم نقول: لو فرضنا صحة هذه الرواية، أعني رواية: ولدني أبو بكر مرتين، وقد عرفت أنها غير صحيحة جزماً، لكن فرض المحال ليس بمحال.

وكذا لو صح انتساب الإمام [عليه السلام] إلى أبي بكر من جهة أمه، وقد تقدم ما يوجب الريب في ذلك.

نعم، لو صح ذلك كله، فلا بد من حملها على أنه [عليه السلام] أراد بيان أمر واقع ـ ربما لأجل دفع الشر عن ضعفاء شيعته..

ولم يقل ذلك اعتزازاً منه بالانتساب إلى أبي بكر، وإلى بيته، فإن من ينتسب إلى رسول الله [صلى الله عليه وآله]، لا يفتخر بالانتساب إلى أحد سواه، وكيف يفتخر ويعتز بمن ظلم جدته الزهراء [عليها السلام]، وأوصل إليها أعظم الأذى، حتى ماتت شهيدة مظلومة واجدة عليه، هاجرة له؟!
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين.

سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الصواعق المحرقة ص84 ط دار الكتب العلمية سنة 1408هـ وكلام ابن روزبهان في دلائل الصدق ج1 ص76.
(2) راجع على سبيل المثال: إحقاق الحق للتستري ص64 ـ 67 ودلائل الصدق ج1 ص82 و83 والصوارم المهرقة ص253 والبحار ج29 ص651.
(3) راجع: تهذيب التهذيب ج2 ص103 وتذكرة الحفاظ ج1 ص166 وعمدة الطالب ص176 مطبعة الصدر سنة 1417هـ قم وغاية الاختصار ص100 وكشف الغمة ج2 ص161 ط سنة 1381 هـ. المطبعة العلمية قم المقدسة عن الجنابذي وعن جواهر الكلام لابن وهيب ص13 وسير أعلام النبلاء ج6 ص255 والصواعق المحرقة ص84 وأورده السيد الخوئي في مستند العروة كتاب الخمس ج1 ص317 وتنقيح المقال ج3 ص73 وعن الدر المنثور ج1 ص240 ولم أجده. 
(4) تهذيب الكمال ج5 ص81 و82 وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص259 وطبقات الحفاظ ج1 ص167 ونقل  عن تاريخ دمشق ج44 ص455.
(5) أخبار الدول وآثار الأول [مطبوع بهامش الكامل في التاريخ سنة 1302 هـ] ج1 ص234.
(6) راجع: البحار ج47 ص1.
(7) كشف الغمة ج2 ص120 ط سنة 1381 هـ المطبعة العلمية ـ قم وناسخ التواريخ، حياة الإمام الصادق ج1 ص11 والبحار ج46 ص218.

(8) سورة عبس 34 ـ 36.
(9) سورة عبس 34 ـ 36.

 (10) كذا في المصدر وهذا من الإقواء الذي قد يحصل في بعض الموارد.
(11) طبقات الشعراء لابن سلام ص38.
(12) أنساب الأشراف، قسم حياة النبي [صلى الله عليه وآله] ص588.
(13) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم [صلى الله عليه وآله] ج3 ص98 والمصنف للصنعاني ج5 ص451 ومستدرك الحاكم ج3 ص78 عن ابن عساكر، وأبي أحمد الدهقان وراجع: الكامل لابن الأثير ج2 ص326 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص944 والنزاع والتخاصم ص19 وكنز العمال ج5 ص383 و385 عن ابن عساكر وأبي أحمد الدهقان.
(14) راجع: النزاع والتخاصم ص19 والغدير للعلامة الأميني ج3 ص353 عنه.
(15) رجال الكشي ص63 ط جامعة  مشهد عنه في قاموس الرجال ج9 ص19 ط جماعة المدرسين.



هل حديث الإمام الصادق (ع) "ولدني أبو بكر مرتين" صحيح؟

السؤال: 

ذكر بعضهم في خطبة له في يوم الجمعة مؤخراً: أن الإمام الصادق [عليه السلام] قال: «ولدني أبو بكر مرتين..».

وهذا الشخص يدعونا دائماً إلى الفكر والعقل والدراسة، وهذا يدل على أنه هو قد حقق هذا الحديث عن الإمام الصادق [عليه السلام]، ورأى أن من واجبه أن يعلمه للناس.. فهل هذا صحيح؟!

الجواب:


إن هذا الحديث الذي تتحدث عنه هو مما يستدل به أهل السنة على الشيعة لتصويب خلافة أبي بكر، فراجع ما ذكره ابن حجر الهيثمي، وفضل بن روزبهان(1). وقد رد عليهم علماؤنا الأبرار رحمهم الله تعالى استدلالاتهم تلك.

ولا حاجة إلى ذكر ما استدل به اولئك، وما أجاب به هؤلاء..(2)
فإن هذا ليس هو محط نظرنا هنا..

إن كان هذا الشخص قد أورد هذا الحديث ليرد عليه. فهو شيعي يسعى إلى تثبيت عقائد الناس، ونحن ندعو له بالتوفيق والتسديد..

وإن كان قد أورده ليثقف به جماعة أهل السنة، فهو سني بلا ريب.

وإن كان قد ذكره ليثقف به الشيعة أتباع مدرسة أهل البيت [عليهم السلام]، دون أن يعلق عليه، ويبين لهم وجه الصواب والخطأ فيه؛ فهو إنسان ليس بشيعي، جزماً، بل هو ـ كما يظهر ـ يسعى لإلقاء هذا النوع من الأحاديث لتصبح جزء من ثقافة الناس بصورة عفوية، ثم يأتي اليوم الذي يقول فيه للناس: إنه لا مشكلة بين الأئمة [عليهم السلام] وبين أبي بكر، وإنما المشكلة هي بين من ينسبون أنفسهم إلى الأئمة [عليهم السلام] وبين أبي بكر..

وهذا أسلوب غير سليم، يهدف إلى استغلال غفلة الناس، وبراءتهم، وطيب نواياهم.
وعلى كل حال، فإن هذه الكلمة: «ولدني أبو بكر مرتين» قد نسبت إلى الإمام الصادق [عليه السلام] في بعض كتب أهل السنة وهي في الأكثر كتب التراجم، ووردت أيضاً في بعض آخر من غيرها. على طريقة إلقاء الكلام على عواهنه، من دون نظر ومناقشة إسناده، صحة وضعفاً(3).

فالرواية إذن سنية، وليست شيعية، وهي كما ذكرها الدارقطني التالية:

الدارقطني: عن أحمد بن محمد بن إسماعيل الآدمي، عن محمد بن الحسين الحنيني، عن عبد العزيز بن محمد الأزدي، عن حفص بن غياث قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: «ما أرجو من شفاعة علي شيئاً إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله. لقد ولدني مرتين..»(4).

ونقول: إننا نسجل هنا على هذا الحديث النقاط التالية:
أولاً: قد ذكر القرماني: أن أم الإمام الصادق [عليه السلام] هي «أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي سمرة»(5).
وعدم ورود القاسم بن محمد بن أبي سمرة في كتب الرجال لا يعني أنه شخصية موهومة، إذ ما أكثر الشخصيات الحقيقية التي أهمل التاريخ ذكرها لأكثر من سبب..

ولعل هذا هو السبب في أن الشهيد قد اكتفى بالقول: «أم فروة بنت القاسم بن محمد»(6).

ثانياً: هناك جماعة ـ ومنهم الجنابذي ـ تقول: إن أم فروة هي جدة الإمام الباقر [عليه السلام] لأمه، وليست زوجته، ولا هي أم الإمام الصادق [عليه السلام](7).

ولعل شهرة القاسم بن محمد بن أبي بكر تجعل اسمه دون سواه يسبق إلى ذهن الرواة، فإذا كتبوا القاسم بن محمد، فإنهم يضيفون كلمة «ابن أبي بكر»، جرياً على الإلف والعادة.

أضف إلى ذلك: أن القاسم بن محمد أكثر من رجل، كما يعلم من مراجعة كتب التاريخ والتراجم..
ثالثاً: إن الرواية ضعيفة السند، فإنها ـ كما قلنا ـ لم ترو من طرق شيعة أهل البيت [عليهم السلام]، فكيف صح لهذا البعض أن ينسب هذا القول إلى الإمام [عليه السلام] من دون أن يَتثبَّت من صحة الرواية؟!
رابعاً: إن الإمام الصادق [عليه السلام] ليس بحاجة إلى الشفاعة ليرجوها من أبي بكر..

خامساً: إن شفاعة رسول الله محمد [صلى الله عليه وآله]، هي التي ترتجى وتطلب، فكيف يطلب حفيد الرسول الأعظم [صلى الله عليه وآله] الشفاعة من أبي بكر، ويترك جدّه الرسول [صلى الله عليه وآله]؟!

وأبو بكر ومن هم على شاكلته بحاجة إلى شفاعته [صلى الله عليه وآله]..

فهو[صلى الله عليه وآله] الذي يشفع لمن يستحق الشفاعة، ويساق من لا يستحقها إلى الجحيم، وإلى العذاب الأليم..

ولماذا رجا شفاعة أبي بكر، ولم يرج شفاعة سلمان مثلاً.

فإن كان قد تعلق أمله بشفاعة أبي بكر، وعلي، لأجل القرابة، فهو أمر يستحيل أن يمر في ذهن الإمام [عليه السلام] خصوصاً وأن القرآن الكريم قد صرح برفض هذا المنطق وأدانه، فقد قال تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ)(8).
وقال تعالى: (لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً)(9).

فالقرابات النسبية مجردةً إذن ليست هي المعيار.

كما أن الشفاعة إنما هي مقام ومنصب يعطيه الله لأشخاص معينين، هم صفوة الخلق، قد عهد الله إليهم بالشفاعة بالمذنبين من أمته.. والإمام الصادق [عليه السلام] هو أحد هؤلاء الصفوة الذين يشفعون في الأمة بدون ريب..

سادساً وأخيراً: إن بيت أبي بكر قد عرف بالمهانة والذل، فلاحظ ما يلي:

1 ـ قال عوف بن عطية:

وأمـا الأ لأمان بنـو عدي     وتيـم حين تزدحم الأمور

فلا تشهد بهم فتيان حـرب     ولكن ادن من حلب وعير(10)

إذا رهنوا رمـاحهم بزبـد      فإن رماح تيـم لا تضير (11)

2 ـ ذكر البلاذري: أن أبا سفيان قال لعلي [عليه السلام]: «يا علي بايعتم رجلاً من أذل قبيلة من قريش»(12).

3 ـ حين بويع أبو بكر نادى أبو سفيان: «غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش».
وفي نص الحاكم: «ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة، وأذلها ذلة؟! يعني أبا بكر»(13).
4 ـ حج أبو بكر ومعه أبو سفيان، فرفع صوته عليه، فقال أبو قحافة: اخفض صوتك يا أبا بكر عن  ابن حرب.

فقال أبو بكر: «يا أبا قحافة، إن الله بنى في الإسلام بيوتاً كانت غير مبنية، وهدم بيوتاً كانت في الجاهلية مبنية. وبيت أبي سفيان مما هدم»(14).

5 ـ قد روي عن الإمام الصادق [عليه السلام] قوله عن محمد بن أبي بكر رحمه الله: أنجب النجباء من أهل بيت سوء، محمد بن أبي بكر(15). وبمعناه غيره..
وبعدما تقدم نقول: لو فرضنا صحة هذه الرواية، أعني رواية: ولدني أبو بكر مرتين، وقد عرفت أنها غير صحيحة جزماً، لكن فرض المحال ليس بمحال.

وكذا لو صح انتساب الإمام [عليه السلام] إلى أبي بكر من جهة أمه، وقد تقدم ما يوجب الريب في ذلك.

نعم، لو صح ذلك كله، فلا بد من حملها على أنه [عليه السلام] أراد بيان أمر واقع ـ ربما لأجل دفع الشر عن ضعفاء شيعته..

ولم يقل ذلك اعتزازاً منه بالانتساب إلى أبي بكر، وإلى بيته، فإن من ينتسب إلى رسول الله [صلى الله عليه وآله]، لا يفتخر بالانتساب إلى أحد سواه، وكيف يفتخر ويعتز بمن ظلم جدته الزهراء [عليها السلام]، وأوصل إليها أعظم الأذى، حتى ماتت شهيدة مظلومة واجدة عليه، هاجرة له؟!
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين.

سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الصواعق المحرقة ص84 ط دار الكتب العلمية سنة 1408هـ وكلام ابن روزبهان في دلائل الصدق ج1 ص76.
(2) راجع على سبيل المثال: إحقاق الحق للتستري ص64 ـ 67 ودلائل الصدق ج1 ص82 و83 والصوارم المهرقة ص253 والبحار ج29 ص651.
(3) راجع: تهذيب التهذيب ج2 ص103 وتذكرة الحفاظ ج1 ص166 وعمدة الطالب ص176 مطبعة الصدر سنة 1417هـ قم وغاية الاختصار ص100 وكشف الغمة ج2 ص161 ط سنة 1381 هـ. المطبعة العلمية قم المقدسة عن الجنابذي وعن جواهر الكلام لابن وهيب ص13 وسير أعلام النبلاء ج6 ص255 والصواعق المحرقة ص84 وأورده السيد الخوئي في مستند العروة كتاب الخمس ج1 ص317 وتنقيح المقال ج3 ص73 وعن الدر المنثور ج1 ص240 ولم أجده. 
(4) تهذيب الكمال ج5 ص81 و82 وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص259 وطبقات الحفاظ ج1 ص167 ونقل  عن تاريخ دمشق ج44 ص455.
(5) أخبار الدول وآثار الأول [مطبوع بهامش الكامل في التاريخ سنة 1302 هـ] ج1 ص234.
(6) راجع: البحار ج47 ص1.
(7) كشف الغمة ج2 ص120 ط سنة 1381 هـ المطبعة العلمية ـ قم وناسخ التواريخ، حياة الإمام الصادق ج1 ص11 والبحار ج46 ص218.

(8) سورة عبس 34 ـ 36.
(9) سورة عبس 34 ـ 36.

 (10) كذا في المصدر وهذا من الإقواء الذي قد يحصل في بعض الموارد.
(11) طبقات الشعراء لابن سلام ص38.
(12) أنساب الأشراف، قسم حياة النبي [صلى الله عليه وآله] ص588.
(13) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم [صلى الله عليه وآله] ج3 ص98 والمصنف للصنعاني ج5 ص451 ومستدرك الحاكم ج3 ص78 عن ابن عساكر، وأبي أحمد الدهقان وراجع: الكامل لابن الأثير ج2 ص326 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص944 والنزاع والتخاصم ص19 وكنز العمال ج5 ص383 و385 عن ابن عساكر وأبي أحمد الدهقان.
(14) راجع: النزاع والتخاصم ص19 والغدير للعلامة الأميني ج3 ص353 عنه.
(15) رجال الكشي ص63 ط جامعة  مشهد عنه في قاموس الرجال ج9 ص19 ط جماعة المدرسين.



من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:04 ص

0 التعليقات:

الخميس، 24 أبريل 2014


السؤال: نجد في الاحاديث حول الفقر والغنى شيئاً من التعارض، ففي حين بعضها يمتدح الفقر، نرى بعضها الآخر يمتدح الغنى، كيف يمكن الجمع بين هذين اللسانين؟
 
الجواب: الاختلاف ناشئ من النظرة إلى المال والغنى، والهدف منهما. وعلى هذا يكون الفقر نعمة على العبد نظراً إلى مستحقات الغنى عليه وعدم قيامه بها، مضافاً إلى ما ربما يجلبه الغنى على العبد من البطر ونسيان عبوديته لله، بينما الفقر يقلل من تلك الاستحقاقات، ويجعل العبد في تذكر دائم لحاجته إلى الله الغني، وهي العبودية الحقيقية. مضافاً إلى ما يعوضه الله في الآخرة من العطاء والنعمة بعد أن حرمه في الدنيا، وأين عطاء الآخرة الدائم من متاع الدنيا السريع الزوال. فهذا الفقر بهذا المعنى خير وأفضل للعبد من الغنى. غير أن الغنى أيضاً يكون نعمة وأمراً مطلوباً لو أن العبد كان محتاجاً إليه في مصاريف عيشته وأسرته الضرورية، أو أنه أعان به في البذل والمواساة للمحتاجين؛ فحينئذ يكون الغنى نعمة وخيراً له. وفيما عدا ذلك رربما كان الاثنان وبالاً على صاحبهما.
فإن الغنى في العادة موجب للطغيان والبطر، قال تعالى: "إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى" (العلق: 7). وثمة لفتة هنا لطيفة هي أن الغنى بذاته ليس له ذلك التأثير السلبي، إلا أن تكون نظرة العبد لها نظرة الغنى، (أن رآه استغنى)!، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الفقر فخري وبه افتخر" (بحار الأنوار: ج69  ص30). وكيف يكون الفقر فخراً إلا أن يكون بمعنى الحاجة لله، فنحن الفقراء، والله هو الغني الحميد.
 وفي المقابل روي عنه صلى الله عليه وآله قوله: "نعم العون على تقوى اللّه الغنى" (بحار الأنوار: ج74  ص153)، لأن الغنى حينئذ يكون قد وضع موضعه الصحيح. وقوله صلى الله عليه وآله: "كاد الفقر أن يكون كفراً " (بحار الأنوار: ج69  ص30)، حين لا يكون صدر العبد رحباً واسعاً، فلا يتحمل الفقر، فيقع في مهاوي التذمر والشكوى من قضاء الله وقدره.
ومن هنا يتضح أن الفقر والغنى ليسا بكثرة المال وقلته، بل يرجعان إلى النفس ذاتها، فـ"إنما الغنى غنى النفس (بحار الأنوار: ج75  ص115) كما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله، و "ربّ فقيرٍ أغنى من كل غني" (غرر الحكم: 5326)، و " أغنى الغنى القناعة " (درر الحكم: فصل الغنى)،كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

الفقر أفضل أم الغنى؟


السؤال: نجد في الاحاديث حول الفقر والغنى شيئاً من التعارض، ففي حين بعضها يمتدح الفقر، نرى بعضها الآخر يمتدح الغنى، كيف يمكن الجمع بين هذين اللسانين؟
 
الجواب: الاختلاف ناشئ من النظرة إلى المال والغنى، والهدف منهما. وعلى هذا يكون الفقر نعمة على العبد نظراً إلى مستحقات الغنى عليه وعدم قيامه بها، مضافاً إلى ما ربما يجلبه الغنى على العبد من البطر ونسيان عبوديته لله، بينما الفقر يقلل من تلك الاستحقاقات، ويجعل العبد في تذكر دائم لحاجته إلى الله الغني، وهي العبودية الحقيقية. مضافاً إلى ما يعوضه الله في الآخرة من العطاء والنعمة بعد أن حرمه في الدنيا، وأين عطاء الآخرة الدائم من متاع الدنيا السريع الزوال. فهذا الفقر بهذا المعنى خير وأفضل للعبد من الغنى. غير أن الغنى أيضاً يكون نعمة وأمراً مطلوباً لو أن العبد كان محتاجاً إليه في مصاريف عيشته وأسرته الضرورية، أو أنه أعان به في البذل والمواساة للمحتاجين؛ فحينئذ يكون الغنى نعمة وخيراً له. وفيما عدا ذلك رربما كان الاثنان وبالاً على صاحبهما.
فإن الغنى في العادة موجب للطغيان والبطر، قال تعالى: "إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى" (العلق: 7). وثمة لفتة هنا لطيفة هي أن الغنى بذاته ليس له ذلك التأثير السلبي، إلا أن تكون نظرة العبد لها نظرة الغنى، (أن رآه استغنى)!، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الفقر فخري وبه افتخر" (بحار الأنوار: ج69  ص30). وكيف يكون الفقر فخراً إلا أن يكون بمعنى الحاجة لله، فنحن الفقراء، والله هو الغني الحميد.
 وفي المقابل روي عنه صلى الله عليه وآله قوله: "نعم العون على تقوى اللّه الغنى" (بحار الأنوار: ج74  ص153)، لأن الغنى حينئذ يكون قد وضع موضعه الصحيح. وقوله صلى الله عليه وآله: "كاد الفقر أن يكون كفراً " (بحار الأنوار: ج69  ص30)، حين لا يكون صدر العبد رحباً واسعاً، فلا يتحمل الفقر، فيقع في مهاوي التذمر والشكوى من قضاء الله وقدره.
ومن هنا يتضح أن الفقر والغنى ليسا بكثرة المال وقلته، بل يرجعان إلى النفس ذاتها، فـ"إنما الغنى غنى النفس (بحار الأنوار: ج75  ص115) كما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله، و "ربّ فقيرٍ أغنى من كل غني" (غرر الحكم: 5326)، و " أغنى الغنى القناعة " (درر الحكم: فصل الغنى)،كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:53 م

0 التعليقات:

الأربعاء، 23 أبريل 2014


السؤال: نقل ابن حاتم العاملي في كتابه الدر النظيم نقلاً عن الفضائل لابن شاذان وعن البحار حديثاً طويلاً مضمونه أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله فقال: يا أحمد إن الله تعالى يقرئ عليك السلام ويقول لك: إني افترضت الصلاة على عبادي فوضعتها عن العليل الذي لا يستطيعها..
السؤال هو هل تسقط الصلاة في حال من الأحوال عن العليل؟ أم أن للحديث تفسير بمعنى آخر. 

الجواب: "الصلاة لا تترك بحال" كما ورد في الروايات. وحتى الغريق الذي يصعب تصور توجهه للصلاة بينت الروايات أنه لا يترك الصلاة ولا تسقط عنه، وإن كانت صلاته مختلفة جدا عن شكل الصلاة وأجزائها وشرائطها.
وكل ما يرد من روايات حتى لو صحت أسانيدها واتضحت دلالتها، فلا يمكن قبولها. بل لا بد من ردها أو تأويلها وتوجيهها مهما أمكن. والرواية المذكورة ضعيفة السند. ولو قبلناها جدلا فيمكن تفسيرها بأن المراد هو سقوط ما ﻻ يتمكن العليل من إتيانه خاصة.



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

هل تسقط الصلاة عن العليل؟


السؤال: نقل ابن حاتم العاملي في كتابه الدر النظيم نقلاً عن الفضائل لابن شاذان وعن البحار حديثاً طويلاً مضمونه أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله فقال: يا أحمد إن الله تعالى يقرئ عليك السلام ويقول لك: إني افترضت الصلاة على عبادي فوضعتها عن العليل الذي لا يستطيعها..
السؤال هو هل تسقط الصلاة في حال من الأحوال عن العليل؟ أم أن للحديث تفسير بمعنى آخر. 

الجواب: "الصلاة لا تترك بحال" كما ورد في الروايات. وحتى الغريق الذي يصعب تصور توجهه للصلاة بينت الروايات أنه لا يترك الصلاة ولا تسقط عنه، وإن كانت صلاته مختلفة جدا عن شكل الصلاة وأجزائها وشرائطها.
وكل ما يرد من روايات حتى لو صحت أسانيدها واتضحت دلالتها، فلا يمكن قبولها. بل لا بد من ردها أو تأويلها وتوجيهها مهما أمكن. والرواية المذكورة ضعيفة السند. ولو قبلناها جدلا فيمكن تفسيرها بأن المراد هو سقوط ما ﻻ يتمكن العليل من إتيانه خاصة.



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:01 م

0 التعليقات:

إيمان أبي طالب عليه السلام عند أهل البيت عليهم السلام :
لا بد لنا هنا من الحديث بإيجاز عن موضوع ما زال بين أخذ ورد بين المسلمين ألا وهو إيمان أبي طالب «رحمه الله» ، فمن مؤيد ، ومن منكر .
فأما أهل البيت «عليهم السلام» وشيعتهم ، فإنهم مجمعون على إيمانه وإسلامه «عليه السلام» 1 ، بل في بعض الأحاديث عنهم «عليهم السلام» : أنه من الأوصياء 2 ، وأن نوره يطغى في يوم القيامة على كل نور ، ما عدا نور النبي محمد «صلى الله عليه وآله» ، والأئمة «عليهم السلام» ، والسيدة فاطمة الزهراء «عليها السلام» 3 .

أهل البيت عليهم السلام أدرى :
والأحاديث الدالة على إيمانه ، والواردة عن أهل بيت العصمة «عليهم السلام» لا تنحصر بما ذكرناه في هذه الدراسة ، وقد جمعها العلماء في كتب مفردة 4 .
وقد ذكر العلامة المجلسي في كتابه العظيم «بحار الأنوار» والطبسي في كتاب «منية الراغب» وكذلك الخنيزي في كتاب «أبو طالب مؤمن قريش» وصاحب كتاب : «مواهب الواهب» وغيرهم الشيء الكثير جداً مما يدل على إيمانه صلوات الله وسلامه عليه . .
ونحن سوف نقتصر في هذا المعرض على أقل القليل من ذلك ونحيل من أراد التوسع إلى كتاب البحار الآنف الذكر ، وإلى غيره . .
غير أننا نقول هنا : إن هذه الأخبار هي من الكثرة والصراحة بحيث تعطي الانطباع الحاسم عما لأبي طالب من شأن عظيم ، ومقام كريم عند الله تعالى .
وواضح : أن أهل البيت أدرى بما فيه من كل أحد .
يقول ابن الأثير : «وما أسلم من أعمام النبي «صلى الله عليه وآله» غير حمزة والعباس ، وأبي طالب عند أهل البيت» 5 .
تآليف في إيمان أبي طالب عليه السلام :
وعدا عن ذلك ، فما أكثر الأدلة الدالة على إيمانه ، وقد أُلف في إثبات إيمانه الكثير من الكتب من السنة والشيعة على حد سواء .
وقد أنهاها بعضهم إلى ثلاثين كتاباً ، ومنها كتاب : «أبو طالب مؤمن قريش» للأستاذ عبد الله الخنيزي ، الذي كاد أن يدفع مؤلفه حياته ثمناً له ، حين حاول الوهابيون اتخاذ ذلك ذريعة للتخلص منه ، فتداركه الله برحمته ، وتخلص من شرهم .
هذا عدا عن البحوث المستفيضة المبثوثة في ثنايا الكتب والموسوعات ، ونخص بالذكر هنا ما جاء في كتاب الغدير للعلامة الأميني قدس سره . . 6 .
وقد نقل العلامة الأميني عن جماعة من أهل السنة : أنهم ذهبوا إلى ذلك أيضاً ، وكتبوا الكتب والبحوث في إثبات ذلك ، كالبرزنجي في أسنى المطالب 7 والأجهوري ، والإسكافي ، وأبي القاسم البلخي ، وابن وحشي في شرحه لكتاب : شهاب الأخبار ، والتلمساني في حاشية الشفاء ، والشعراني ، وسبـط ابن الجوزي ، والقرطبي ، والسبكي ، وأبي طاهر ، والسيوطي ، وغيرهم .
بل لقد حكم عدد منهم ـ كابن وحشي والأجهوري ، والتلمساني ـ بأن من أبغض أبا طالب فقد كفر ، أو من يذكره بمكروه فهو كافر 8 .
من أدلة إيمان أبي طالب عليه السلام :
ونحن نذكر فيما يلي طرفاً من الأدلة على إيمان أبي طالب ، فنقول :
أهل البيت عليهم السلام أعرف :
وقد تقدم بعض ما روي عن الأئمة «عليهم السلام» ، والنبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» مما يدل على إيمانه ، وقد قلنا :
إن أهل البيت أدرى بما فيه ، وأعرف بأمر كهذا من كل أحد .
التضحيات والمواقف :
ويدل على ذلك أيضاً : ما تقدم من مناصرته للنبي «صلى الله عليه وآله» ، وتحمله المشاق والصعاب العظيمة ، وتضحيته بمكانته في قومه ، وحتى بولده ، وتوطينه نفسه على خوض حرب طاحنة تأكل الأخضر واليابس في سبيل هذا الدين . .
ولو كان كافراً ؛ فلماذا يتحمل كل ذلك؟!
ولماذا لم نسمع عنه ولو كلمة عتاب أو تذمر مما جرَّه عليه النبي محمد «صلى الله عليه وآله»؟! .
واحتمال : أن يكون قد طمع بمقام دنيوي أعظم .
يرده : أن الطامع إنما يسعى للحفاظ على حياته لينال ما طمع به ، أما أبو طالب فكان على استعداد لأن يقتل هو وجميع أولاده ، وعشيرته في سبيل هذا الدين .
تشنيع الأعداء :
وقد استدل سبط ابن الجوزي على إيمانه بأنه لو كان أبو الإمام علي «عليه السلام» كافراً لكان شنع عليه معاوية وحزبه ، والزبيريون وأعوانهم ، وسائر أعدائه «عليه السلام» ، مع أنه «عليه السلام» كان يذمهم ، ويزري عليهم بكفر الآباء والأمهات ، ورذالة النسب 9 .
أشعاره الصريحة بالإيمان :
أما تصريحاته وأقواله الكثيرة جداً؛ فإنها كلها ناطقة بإيمانه وإسلامه .
ويمكننا أن ندَّعي : أن هذه التصريحات قد جاءت بعد قضية إسلام حمزة ، أو بعد الهجرة إلى الحبشة .
أما قبل ذلك فكان «عليه السلام» يعمل بالتقية أمام قريش على الخصوص .
ويكفي أن نذكر نموذجاً من أشعاره التي عبر عنها ابن أبي الحديد المعتزلي بقوله : إن كل هذه الأشعار قد جاءت مجيء التواتر ، من حيث مجموعها 10 .
فمن الشواهد على توحيده ، قوله :
مليك الناس ليس له شريك *** هو الوهاب ، والمبدي المعـيد
ومن تحت السـماء له بحق *** ومن فوق الـسماء لـه عبيد
ومن الشواهد على إيمانه بنبوة رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، نذكر :
1ـ ألم تعلموا : أنا وجـدنا محمداً *** نبياً كمـوسى خط في أول الكتب
2 ـ نبي أتاه الوحي مـن عند ربه *** ومن قال : لا ، يقرع بها سن نادم
3 ـ يا شاهد الله عـلي فـاشهد *** إني عـلـى ديـن النـبي أحمـد
4 ـ أنت الرسول رسول الله نعلمه *** علـيك نـزل من ذي العزة الكتب
5 ـ أنت الـنبي محمد *** قـرم أغـر مـسـوَّد
6 ـ أو تؤمنوا بكتاب منزل عجب *** على نبي كمـوسى أو كـذي النون
7 ـ وظـلم نبي جاء يدعو إلى الهدى *** وأمر أتى من عند ذي الـعرش قيم
8 ـ لقد أكرم الله النـبـي محـمداً *** فـأكرم خلق الله في الناس أحمـد
9 ـ وخـيـر بنـي هاشـم أحمـد *** رسـول الإله عـلـى فـتـرة 11
10ـ والله لا أخـذل الـنــبي ولا *** يـخـذلـه من بني ذو حسـب
11 ـ وقال «رحمه الله» يخاطب ملك الحبشة ، ويدعوه إلى الإسلام :
أتعلـم ملك الحبش أن محمـداً نبياً *** كـمـوسى و المسيح ابن مـريـم
أتى بالهدى مثل الذي أتيـا بــه *** فكـل بأمـر الله يهــدي ويعصـم
وإنـكـم تتلـونـه في كتـابكم *** بصدق حـديث لا حـديث الترجـم
فــلا تجعلوا لله نـداً فـأسلموا *** فــإن طـريــق الحـق ليس بمظلم
12 ـ وقال مخاطباً أخاه حمزة «رحمه الله» :
فـصـبراً أبا يعلى على دين أحمد *** وكن مظهراً للـديـن وفـقت صابرا
وحط من أتى بالحق من عنـد ربه *** بصدق وعـزم لا تكن حمز كـافـرا
فقـد سرني أن قلت : إنـك مؤمن *** فكن لـرسول الله في الله نــاصرا
و باد قريشـاً في الذي قد أتـيـته *** جهـاراً ، وقل : ما كان أحمد ساحرا
13 ـ نصرت الرسول رسول المليك *** ببيض تـلالاً كـلـمع الـبـروق
أذب و أحمـى رسـول الإلـــه *** حمايــة حـام علـيـه شفـيق
14 ـ لقد علموا : أن ابننا لا مكذب *** لدينـا ولا نعبـأ بقـول الأباطـل
15 ـ أقـيم على نصـر النبي محمد *** أقاتـل عنه بـالقنـا والقـنـابـل
16 ـ أنت ابن آمنـة النبي محمـد *** عـندي بمـثـل مـنــازل الأولاد
17 ـ ألا إن أحمد قد جــاءهم *** بحق ولـم يـأتـهــم بـالـكـذب
18 ـ أوصي بنصر نبي الخير مشهده *** علياً ابني وشيخ القوم عبــاســـا
19ـ ودعوتني وعلمت أنك صادق *** ولـقــد صدقت وكنت ثـم أمينـا
ولـقـد عـلمت بأن دين محمد من *** خـيـر أديـان الـبريـة ديـنــا
وأشعار أبي طالب «عليه السلام» الناطقة بإيمانه كثيرة ، وقد اقتصرنا منها على هذا القدر؛ لنفسح المجال لذكر لمحة عن سائر ما قيل ، ويقال في هذا الموضوع .
مدائح أبي طالب عليه السلام للنبي صلى الله عليه و آله :
قال المعتزلي : «قلت : كان صديقنا علي بن يحيى البطريق «رحمه الله» يقول : لولا خاصة النبوة وسرها لما كان مثل أبي طالب ، وهو شيخ قريش ، ورئيسها ، وذو شرفها ، يمدح ابن أخيه محمداً وهو شاب قد ربي في حجره ، وهو يتيمه ومكفوله ، وجارٍ مجرى أولاده بمثل قوله :
وتـلقوا ربيـع الأبطحين محمـداً *** على ربـوة في رأس عـنقـاء عيطل
وتـأوي إلـيه هـاشم إن هاشماً *** عرانين كـعـب آخـر بـعـد أول
ومثل قوله :
وأبـيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثـمال اليـتـامى عصمـة للأرامـل
يـطيف به الهلاك من آل هاشم *** فهم عـنـده في نـعمة وفـواضـل
فإن هذا الأسلوب من الشعر لا يمدح به التابع والذنابى من الناس ، وإنما هو من مديح الملوك والعظماء .
فإذا تصورت : أنه شعر أبي طالب ، ذاك الشيخ المبجل العظيم في النبي محمد «صلى الله عليه وآله» ، وهو شاب مستجير به ، معتصم بظله من قريش ، قد رباه في حجره غلاماً ، وعلى عاتقه طفلاً ، وبين يديه شاباً ، يأكل من زاده ، ويأوي إلى داره ، علمت موضع خاصية النبوة وسرها ، وأن أمره كان عظيماً» 12 .
كما أن قصيدته اللامية تلك التي يقول فيها :
وأبـيـض يـسـتـسـقى . . الخ . . . . . . . .
وهي طويلة ، وكان بنو هاشم يعلمونها أطفالهم 13 ، فيها الكثير مما يدل على إيمانه العميق الصادق ، وقد ذكرها ابن هشام وابن كثير ، وغيرهما .
وهي ظاهرة الدلالة على عظمة الرسول «صلى الله عليه وآله» في نفس أبي طالب «عليه السلام» ، وهي عظمة أوجبت خضوع قلبه له «صلى الله عليه وآله» ، وتعامله معه تعامل التابع ، المؤمن المصدق ، والمسرور بهذا الإيمان ، والمبتهج بذلك التصديق ، والملتذ بذلك الانقياد .
النار محرمة على أبي طالب عليه السلام :
ومما يدل على إيمانه ما روي عنه «صلى الله عليه وآله» : أن الله عز وجل قال له على لسان جبرائيل : حرمت النار على صلب أنزلك ، وبطن حملك ، وحجر كفلك .
أما الصلب فعبد الله ، وأما البطن فآمنة ، وأما الحجر فعمه ، يعني أبا طالب «عليه السلام» ، وفاطمة بنت أسد ، وبمعناه غيره مع اختلاف يسير 14 .
النبي صلى الله عليه و آله يحب عقيلاً حبين :
ومما يدل دلالة واضحة على إيمانه : حب النبي «صلى الله عليه وآله» إياه ، حتى لقد روي عن ابن عباس؛ قال : قال علي «عليه السلام» للنبي «صلى الله عليه وآله» : إنك لتحب عقيلاً .
قال : إي والله إني لأحبه حبين ، حباً له ، وحباً لحب أبي طالب له ، وإن ولده لمقتول في محبة ولدك . . الخ . . 15 .
ورسول الله «صلى الله عليه وآله» لا يحب أعداء الله سبحانه ، ولا يحب إلا من يحبه الله .
كان على دين الله :
وكان الإمام علي «عليه السلام» يعجبه أن يروى شعر أبي طالب «عليه السلام» ، وأن يدوَّن ، وقال : تعلموه ، وعلموه أولادكم ، فإنه كان على دين الله ، وفيه علم كثير 16 .
المسلم المؤمن :
وعن أبي بصير عن الإمام الباقر «عليه السلام» ، قال : مات أبو طالب بن عبد المطلب مسلماً مؤمناً 17 .
خلاصة جامعة :
وبعد كل ما تقدم نقول : إن إسلام أي شخص أو عدمه ، إنما يستفاد من أمور أربعة :
1 ـ من مواقفه العملية ، ومعلوم أن مواقف أبي طالب «عليه السلام» ، قد بلغت الغاية التي ما بعدها غاية في الوضوح والدلالة على إخلاصه وتفانيه في الدفاع عن هذا الدين .
2 ـ من إقراراته اللسانية بالشهادتين ، وقد تقدم قدر كبير من ذلك في شعره وفي غيره في المناسبات المختلفة .
3 ـ من موقف نبي الإسلام ورائد الحق الذي لا ينطق عن الهوى ، والموقف الرضي هذا أيضاً ثابت منه «صلى الله عليه وآله» تجاه أبي طالب «عليه السلام» على أكمل وجه .
4 ـ من إخبار المطلعين على أحواله عن قرب ، وعن حس ، كأهل بيته ، ومن يعيشون معه .
وقد قلنا : إنهم مجمعون على ذلك .
بل إن نفس القائلين بكفره لما لم يستطيعوا إنكار مواقفه العملية ، ولا الطعن بتصريحاته اللسانية ، حاولوا : أن يخدعوا العامة بكلام مبهم ، لا معنى له؛ فقالوا : «إنه لم يكن منقاداً»!! 18 .
كل ذلك رجماً بالغيب ، وافتراء على الحق والحقيقة ، من أجل تصحيح ما رووه عن المغيرة بن شعبة وأمثاله من أعداء آل أبي طالب «عليه السلام» ، كما سنشير إليه حين ذكر أدلتهم الواهية إن شاء الله تعالى .
رواياتهم تدل أيضاً على إيمانه :
ومن أجل أن نوفي أبا طالب «عليه السلام» بعض حقه ، نذكر بعض ما يدل على إيمانه من الروايات التي رويت في مصادر غير الشيعة عموماً ونترك سائره ، وهو يعد بالعشرات ، لأن المقام لا يتسع لأكثر من أمثلة قليلة معدودة ، نجملها في العناوين التالية :
النبي صلى الله عليه و آله يرجو الخير لأبي طالب عليه السلام :
قال العياض : يا رسول الله ، ما ترجو لأبي طالب؛ قال : كل الخير أرجوه من ربي 19 .
أبو بكر فرح بإسلام أبي طالب عليه السلام :
جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقوده ، وهو شيخ أعمى ، يوم فتح مكة .
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : ألا تركت الشيخ في بيته حتى نأتيه؟!
قال : أردت أن يؤجره الله ، لأنا كنت بإسلام أبي طالب أشد فرحاً مني بإسلام أبي ، ألتمس بذلك قرة عينك الخ 20 .
والعلامة الأميني في الغدير ، لا يوافق على أن يكون الرسول «صلى الله عليه وآله» قد قال لأبي بكر : ألا تركت الشيخ حتى نأتيه .
ونحن نوافقه على ذلك أيضاً ، فإن الشيوخ الذين أسلموا على يديه «صلى الله عليه وآله» كثيرون ، وكان إسلام كثير منهم أصح من إسلام أبي قحافة .
وربما تكون هذه العبارة زيادة من بعض المتزلفين ، كما عودونا في أمثال هذه المناسبات .
التشهد قبل الموت :
قال المعتزلي : «روي بأسانيد كثيرة ، بعضها عن العباس بن عبد المطلب ، وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة : أن أبا طالب ما مات حتى قال : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله» 21 .
وتقدم في شعره تصريحات كثيرة بذلك أيضاً .
استغفار النبي صلى الله عليه و آله له :
وفي المدينة حينما استسقى النبي «صلى الله عليه وآله» لأهلها ، فجاءهم الغيث ، ذكر «صلى الله عليه وآله» أبا طالب «عليه السلام» ، وقال «صلى الله عليه وآله» :
لله در أبي طالب ، لو كان حياً لقرت عينه ، من ينشدنا قوله . . فأنشده الإمام علي «عليه السلام» من قصيدته أبياتاً فيها قوله :
وأبيض يستسقى الغمـام بوجهـه *** ثمال اليتـامى عصمة لـلأرامـل
ورسول الله «صلى الله عليه وآله» يستغفر لأبي طالب «عليه السلام» على المنبر 22 .
تشييع جنازته ومراسم دفنه :
ولما مات أبو طالب «عليه السلام» تبع رسول الله «صلى الله عليه وآله» جنازته ، مع أنهم يروون أن ثمة نهياً عن المشي في جنازة المشرك .
كما أنهم يروون أنه «صلى الله عليه وآله» أمر الإمام علياً «عليه السلام» بأن يغسله ويكفنه ويواريه 23 .
وحين التشييع اعترض النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» نعشه ، وقال برقة وحزن وكآبة : وصلت رحماً ، وجزيت خيراً يا عم ، فلقد ربيت وكفلت صغيراً ، ونصرت وآزرت كبيراً 24 .
لماذا لم يأمر بالصلاة عليه؟ :
وإنما لم يأمر علياً «عليه السلام» بالصلاة عليه ، لأن صلاة الجنازة لم تكن فرضت بعد .
ولأجل ذلك قالوا : إن خديجة لم يصل عليها النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» حينما توفيت ، مع أنها سيدة نساء العالمين .
وقد فصلت ذلك : الرواية التي رواها علي بن ميثم ، عن أبيه عن جده : أنه سمع علياً «عليه السلام» يقول : تبع أبو طالب عبد المطلب في كل أحواله حتى خرج من الدنيا وهو على ملته ، وأوصاني أن أدفنه في قبره ، فأخبرت رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك ، فقال : اذهب فواره ، وانفذ لما أمرك به .
فغسلته ، وكفنته ، وحملته إلى الجحون ، ونبشت قبر عبد المطلب ، فرفعت الصفيح عن لحده ، فإذا هو موجه إلى القبلة ، فحمدت الله تعالى على ذلك ، ووجهت الشيخ ، وأطبقت الصفيح عليهما ، فأنا وصي الأوصياء وورثت خير الأنبياء .
قال ميثم : والله ما عَبَدَ علي ، ولا عَبَدَ أحد من آبائه غير الله تعالى ، إلى أن توفاهم الله تعالى 25 .
رثاء علي عليه السلام لأبيه :
وقد رثاه ولده الإمام علي «عليه السلام» حينما توفي بقوله :
أبـا طالـب عصمة المستجـير *** وغـيث المحول و نور الظلــم
لقد هـدّ فقدك أهل الحـفـاظ *** فـصـلى عـليك ولي النـعم
و لـقـاك ربـك رضـوانـه *** فـقد كنت للطهر من خير عم 26
ولا أبو سفيان كأبي طالب عليه السلام :
وكتب أمير المؤمنين «عليه السلام» رسالة مطولة لمعاوية جاء فيها :
«ليس أمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق» 27 .
فإذا كان أبو طالب «عليه السلام» كافراً وأبو سفيان مسلماً ، فكيف يفضل الكافر على المسلم ، ثم لا يرد عليه ذلك معاوية بن أبي سفيان؟ .
ولكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً؛ فإن أبا سفيان هو الذي قال : «إنه لا يدري ما جنة ولا نار» كما ذكرناه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم في أواخر غزوة أحد 28 .
ويلاحظ هنا أيضاً : أن أمير المؤمنين «عليه السلام» يشير في كلامه الآنف الذكر إلى عدم صفاء نسب معاوية ، ولهذا البحث مجال آخر .
أبو طالب عليه السلام الداعية إلى الإسلام :
كما أن أبا طالب «عليه السلام» الذي يدعو ملك الحبشة إلى الإسلام ، هو الذي دعا ولده جعفر إلى ذلك ، وأمره بأن يصل جناح ابن عمه في الصلاة 29 .
وهو أيضاً الذي دعا زوجته فاطمة بنت أسد إلى الإسلام 30 .
وأمر حمزة بالثبات على هذا الدين ، وأظهر سروره بإسلامه ومدحه على ذلك .
وكذلك الحال بالنسبة لولده أمير المؤمنين «عليه السلام» .
الاعتراف بممارسة التقية :
وقد صرح أبو طالب «عليه السلام» في وصيته بأنه كان قد اتخذ سبيل التقية في شأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» من قريش ، وأن ما جاء به الرسول «صلى الله عليه وآله» قد قبله الجنان وأنكره اللسان؛ مخافة الشنآن ، وأوصى قريشاً بقبول دعوة الرسول ، ومتابعته على أمره ، ففي ذلك الرشاد والسعادة 31 .
موقف النبي صلى الله عليه و آله من أبي طالب عليه السلام :
ثم هناك ترحم النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» عليه ، واستغفاره له باستمرار ، وجزعه عليه عند موته 32 .
ولا يصح الترحم إلا على المسلم ، ولأجل ذلك قال «صلى الله عليه وآله» لسفانة بنت حاتم الطائي : لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه 33 .
أنا على دين أبي طالب عليه السلام :
وحمل محمد بن الحنفية يوم الجمل على رجل من أهل البصرة ، قال : فلما غشيته قال : أنا على دين أبي طالب ، فلما عرفت الذي أراد كففت عنه 34 .
شفاعة النبي صلى الله عليه و آله له :
وورد عنه «صلى الله عليه وآله» أيضاً قوله : إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي ، وأمي ، وعمي أبي طالب ، وأخ لي كان في الجاهلية 35 .
فإن الشفاعة لا تحل لمشرك ، كما سيأتي .
إقراره على زواجه بمسلمة :
وسئل الإمام السجاد «عليه السلام» عن إيمان أبي طالب «عليه السلام» ، فقال : واعجباً ، إن الله نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر؛ وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام ، ولم تزل تحت أبي طالب حتى مات 36 .
ونزول آية النهي عن الإمساك بعصم الكوافر في المدينة لا يوجب بطلان هذه الرواية ، لإمكان أن يكون النهي عن ذلك نهياً قولياً على لسانه «صلى الله عليه وآله» ، قبل نزول القرآن .
وعدم خضوع بعض المسلمين لذلك حينئذ ربما كان لظروف معينة فرضت عليهم ذلك .
من لم يقر بإيمان أبي طالب عليه السلام :
وأخيراً ، فقد كتب بعضهم يسأل الإمام علي بن موسى الرضا «عليه السلام» عن إسلام أبي طالب «عليه السلام» ، فإنه قد شك في ذلك ، فكتب «عليه السلام» إليه : ﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ... 37 .
وبعدها : إنك إن لم تقر بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار 38 .
دفاع النبي صلى الله عليه و آله عن أبي طالب عليه السلام :
وسيأتي في غزوة بدر : أن الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» لم يقبل من شهيد بدر عبيدة بن الحارث أن يعرض بعمه أبي طالب «عليه السلام» ، ولو بمثل أن يقول : إني أولى بما قال منه .
بعد قتل الفرسان الثلاثة :
وفي بدر العظمى ، وبعد قتل عتبة وشيبة والوليد ، وقطع رجل عبيدة بن الحارث ، حمل حمزة والإمام علي «عليهما السلام» عبيدة بن الحارث من المعركة ، وأتيا به إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وألقياه بين يديه ، وإن مخ ساقه ليسيل ، فاستعبر ، وقال : يا رسول الله ، ألست شهيداً؟!
قال : بلى ، أنت أول شهيد من أهل بيتي (مما يشير إلى أنه لسوف تأتي قافلة من الشهداء من أهل بيته «صلى الله عليه وآله» ، وهكذا كان) .
فقال عبيدة : أما لو كان عمك حياً لعلم أني أولى بما قال منه ، قال : وأي أعمامي تعني؟
قال : أبو طالب ، حيث يقول :
كـذبتم وبيت الله يُبْـزى محمد *** ولما نطاعـن دونه و ننـاضـل
ونسـلـمه حتى نصرع دونـه *** ونـذهـل عن أبنائنا والحـلائل
فقال «صلى الله عليه وآله» : أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله ، وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة؟! .
قال : يا رسول الله ، أسخطت علي في هذه الحالة؟
قال : ما سخطت عليك ، ولكن ذكرت عمي ، فانقبضت لذلك 39 .
وبلغ عبيدة مع النبي «صلى الله عليه وآله» الصفراء ، فمات ، فدفن بها . .
وقد روى كثير من المؤرخين هذه القضية من دون ذكر القسم الأخير منها .
قالوا : ونزل في هؤلاء الستة قوله تعالى : ﴿ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ ... 40 .
وفي البخاري : أن أبا ذر كان يقسم : أنها نزلت فيهم 41 .
ونزل في علي ، وحمزة ، وعبيدة أيضاً قوله تعالى : ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ... 42 43 .
وقيل : نزلت في علي وحده 44 .
وثمة عدة آيات أخرى نزلت في بدر في الثناء على أمير المؤمنين «عليه السلام» 45 فراجع .
غضب النبي صلى الله عليه و آله لأبي طالب عليه السلام :
ونقول :
إنه إذا كان الرسول «صلى الله عليه وآله» يغضب لذكر عمه ، ولو بهذا النحو من التعريض المهذب ، والمحدود ، فماذا سيكون موقفه ممن يرمي أبا طالب «عليه السلام» بالشرك والكفر ، ويعتبره مستحقاً للعذاب الأليم في نار الله المؤصدة؟! وفي ضحضاح من نار يغلي منه دماغه؟!
فهل تراه سوف يكون مسروراً ومرتاحاً لهذا الكلام ، الذي لا سبب له إلا السياسة ، وما أدراك ما السياسة؟!
وما لأحد عنده من نعمة تجزى :
ثم إننا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه يقول : «اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي نعمة» 46 .
كما أنه «صلى الله عليه وآله» قد رد هدية حكيم بن حزام؛ لأنه كان مشركاً ، قال عبيد الله :
حسبت أنه قال : إنا لا نقبل من المشركين شيئاً ، ولكن إن شئت أخذناها بالثمن 47 .
ورد أيضاً هدية عامر بن الطفيل ، لأنه لم يكن قد أسلم بعد .
ورد أيضاً هدية ملاعب الأسنة ، وقال : لا أقبل هدية مشرك 48 .
عن عياض المجاشعي : أنه أهدى إلى النبي هدية فأبى قبولها ، وقال : إني نهيت عن زبد المشركين 49 .
ولم يكن ذلك منه «صلى الله عليه وآله» إلا لأن قبولها يوجب احتراماً ومودة من المهدى إليه بالنسبة لمن أهدى .
ملاحظة : معالجة رواية الكشي :
إلا أن الكشي ذكر رواية تقول : «إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يرد هدية على يهودي ولا نصراني» 50 .
وهذا إن صح فهو يشير إلى الفرق بين هدية الكتابي وهدية المشرك ، فكان «صلى الله عليه وآله» يرد هدية الثاني ، دون الأول ، وذلك يدل على عدم صحة قوله لهم : إنه «صلى الله عليه وآله» في هدنة الحديبية قد استهدى أبا سفيان أدماً 51 52 .

  • 1. روضة الواعظين ص138 ، وأوائل المقالات ص13 والطرائف لابن طاووس ص298 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص165 ، والبحار ج35 ص138 والغدير ج7 ص384 عنهم ، وعن : التبيان ج2 ص398 ، وكتاب الحجة لابن معد ص13 ، ومجمع البيان ج2 ص287 .
  • 2. الغدير ج7 ص389 .
  • 3. الغدير ج7 ص387 وكنز الفوائد للكراجكي ص80 وأمالي الطوسي ص305 و 702 ط مؤسسة البعثة والإحتجاج (ط مطبعة النعمان) ج1 ص341 والبحار ج35 ص69 و 110 وبشارة المصطفى لمحمد بن علي الطبري (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص312 وكشف الغمة للإربلي (ط دار الأضواء) ج2 ص42 ومائة منقبة لمحمد بن أحمد القمي ص174 .
  • 4. ومن هذه الكتب كتاب : منية الراغب في إيمان أبي طالب للشيخ الطبسي ومواهب الراهب في إيمان أبي طالب ، وغير ذلك .
  • 5. البحار ج35 ص139 والغدير ج7 ص369 .
  • 6. الغدير ج7 وج8 .
  • 7. الغدير ج7 ص6 و 10 .
  • 8. راجع : الغدير ج7 ص382 و 383 وغير ذلك .
  • 9. راجع : أبوطالب مؤمن قريش (ط سنة 1398 هـ .) ص272 و 273 عن تذكرة الخواص .
  • 10. شرح النهج ج14 ص78 والبحار ج35 ص165 .
  • 11. وقيل : إن قائل هذا البيت هو طـالب بن أبي طالب ، راجع : شرح النهج للمعتزلي ج14 ص78 ، إلا أن يقال : إنه قاله على سبيل التمثل بشعر أبيه (رحمه الله) .
  • 12. شرح النهج للمعتزلي ج14 ص63 وماذا في التاريخ ج3 ص196و 197 عنه .
  • 13. مقاتل الطالبيين ص396 .
  • 14. أصول الكافي ج1 ص371 والبحار ج35 ص109 والتعظيم والمنة للسيوطي ص27 وراجع : روضة الواعظين ص139 وشرح النهج ج14 ص67 والغدير ج7 ص378 عنهم ، وعن : كتاب الحجة لابن معد ص8 ، وتفسير أبي الفتوح ج4 ص210 .
  • 15. البحار ج22 ص288 وج44 ص288 والعوالم للبحراني ص349 ومعجم رجال الحديث للخوئي ج19 ص166 عن أمالي الصدوق وقاموس الرجال ج6 ص322 عن أمالي الصدوق أيضاً .
  • 16. راجع : البحار ج35 ص115 والغدير ج7 ص394 والكنى والألقاب للشيخ عباس القمي ج1 ص109 .
  • 17. البحار ج35 ص116 وأبو طالب حامي الرسول «صلى الله عليه وآله» لنجم الدين العسكري ص191 والغدير ج7 ص390 .
  • 18. راجع : السيرة النبوية لدحلان ج1 ص44 و 47 ، والإصابة ج4 ص116 و 119 .
  • 19. الأذكياء ص128 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص68 ، وطبقات ابن سعد (ط ليدن) ج1 قسم1 ص79 ، والبحار ج35 ص151 و 109 .
  • 20. مجمع الزوائد ج6 ص174 عن الطبراني والبزار ، وحياة الصحابة ج2 ص344 عن المجمع ، والإصابة ج4 ص116 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص69 .
  • 21. شرح النهج للمعتزلي ج14 ص71 ، وراجع : الغدير ج7 ص369 عن البداية والنهاية ج3 ص123 ، والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص87 والإصابة ج4 ص116 ، وعيون الأثر ج1 ص131 ، والمواهب اللدنية ج10 ص71 والسيرة الحلبية ج1 ص372 والسيرة النبوية لدحلان بهامشها ج1 ص89 ، وأسنى المطالب ص20 ودلائل النبوة للبيهقي ، وتاريخ أبي الفداء ج1 ص120 وكشف الغمة للشعراني ج2 ص144 .
  • 22. راجع : عيون الأنباء ص705 وشيخ الأبطح ص55 و 56 عن شرح النهج للمعتزلي ج3 ص316 .
  • 23. راجع في كل ذلك : تذكرة الخواص ص8 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص81 ، والسيرة الحلبية ج1 ص147 والمصنف ج6 ص38 ، والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص87 ، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص35 ، وطبقات ابن سعدج1 ص78 وتاريخ بغداد للخطيب ج3 ص126 ، وج13 ص196 والبداية والنهاية لابن كثير ج3 ص125 ، والطرائف لابن طاووس ص305 عن الحنبلي في نهاية الطلب والبحار ج35 ص151 والتعظيم المنة ص7 ولسان الميزان ج1 ص41 ، والإصابة ج4 ص116 ، والغدير ج7 ص372 و 374 و 375 عمن ذكر ، وعن شرح شواهد المغني للسيوطي ص136 ، وأعلام النبوة للماوردي ص77 ، وبدايع الصنايع ج1 ص283 ، وعمدة القاري ج3 ص435 ، وأسنى المطالب ص15 و 21 و 35 وطلبة الطالب ص43 ، ودلائل النبوة للبيهقي والبرزنجي ، وابن خزيمة ، وأبي داود ، وابن عساكر .
  • 24. راجع : البحار ج35 ص125و163 ، وراجع شرح النهج للمعتزلي ج14 ص76 والإصابة (ط مصر سنة 1325 هـ) ج7 ص113 وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج2 ص557 والغدير ج7 ص386 والدرجات الرفيعة لابن معصوم ص62 .
  • 25. سفينة البحار ج5 ص321 .
  • 26. تذكرة الخواص ص9 .
  • 27. صفين لنصر بن مزاحم ص471 والفتوح لابن أعثم ج3 ص260 ، ونهج البلاغة الذي بهامشه شرح الشيخ محمد عبده ج3 ص18 الكتاب رقم 17 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص117 والإمامة والسياسة ج1 ص118 ، والغـدير ج3 ص254 عنهم ، وعن : ربيع الأبرار للزمخشري باب 66 ، وعن مروج الذهب ج2 ص62 . وراجع أيضاً : مناقب الخوارزمي الحنفي ص180 .
  • 28. الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ج7 ص284 .
  • 29. راجع : الأوائل لأبي هلال العسكري ج1 ص154 ، وروضة الواعظين ص140 وشرح النهج للمعتزلي ج13 ص269 والسيرة الحلبية ج1 ص269 وأسنى المطالب ص17 والإصابة ج4 ص116 وأسد الغابة ج1 ص287 والغدير ج7 ص357 .
  • 30. شرح النهج للمعتزلي ج13 ص272 .
  • 31. الروض الأنف ج2 ص171 وثمرات الأوراق ص94 وتاريخ الخميس ج1 ص301 و 302 والسيرة الحلبية ج1 ص352 والبحار ج35 ص107 والغدير ج7 ص366 عن مصادر أخرى .
  • 32. تذكرة الخواص ص8 .
  • 33. السيرة الحلبية ج3 ص205 وكنز العمال ج3 ص664 وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج11 ص359 وج69 ص203 والبداية والنهاية ج5 ص80 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص132 وسبل الهدى والرشاد للشامي ج6 ص377 وشجرة طوبى ج2 ص400 .
  • 34. طبقات ابن سعد (ط ليدن) ج5 ص67 .
  • 35. ذخائر العقبى ص7 عن تمام الرازي في فوائده ، والدرج المنيفة للسيوطي ص8 ومسالك الحنفا ص14 عن أبي نعيم وغيره وذكر أن الحاكم صححه ، وتفسير القمي ج1 ص380 وتفسير البرهان ج2 ص358 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص35 وتاريخ الخميس ج1 ص232 .
  • 36. شرح النهج للمعتزلي ج14 ص68 ، والغدير ج7 ص381 و 389 عنه وعن : كتاب الحجة ص24 ، والدرجات الرفيعة ، وضياء العالمين ، وادَّعي تواتر هذا الحديث عندنا .
  • 37. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 115 ، الصفحة : 97 .
  • 38. شرح النهج للمعتزلي ج14 ص68 والغدير ج7 ص381 و 394 عن الكراجكي ص80 ، وكتاب الحجة لابن معد ص16 ، والدرجات الرفيعة والبحار وضياء العالمين .
  • 39. راجع : تفسير القمي ج1 ص265 ، والبحار ج19 ص255 ، وفي شرح النهج للمعتزلي ج14 ص80 : أن رسول الله استغفر له ولأبي طالب يومئذ . والغدير ج7 ص316 .
    وفي نسب قريش لمصعب ص94 : أن عبيدة قال : «يا رسول الله ليت أبا طالب حياً حتى يرى مصداق قوله إلخ» .
    وربما يقال : إن هذا هوالأنسب بأدب عبيدة وإخلاصه ، ولكن لا ، فإن قوله الآنف لا يضر في أدبه ولا في إخلاصه ، حيث يرى نفسه قد ضحى بنفسه في سبيل الدين ، فلا مانع من أن يقول ذلك .
  • 40. القران الكريم : سورة الحج ( 22 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 334 .
  • 41. البخاري (ط الميمنية) ج3 ص4 ، ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج3 ص118 عن مسلم ، من دون قسم أبي ذر ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج2 ص386 ، وصححه هو والذهبي في تلخيصه ، والغدير ج7 ص202 عن : تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص212 ، وتفسير ابن جزي ج3 ص38 ، وتفسير الخازن ج3 ص698 ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج2 ص25 و 26 ، وصحيح مسلم ج2 ص550 ، وبهذا قال ابن عباس ، وابن خثيم ، وقيس بن عباد ، والثوري ، والأعمش ، وسعيد بن جبير ، وعطاء .
  • 42. القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 421 .
  • 43. الصواعق المحرقة ص80 .
  • 44. مناقب الخوارزمي ص188 ، والكفاية للخطيب ص122 .
  • 45. المناقب لابن شهرآشوب ج3 ص118 وغيره .
  • 46. راجع أبوطالب مؤمن قريش للخنيزي .
  • 47. مستدرك الحاكم ج3 ص484 وتلخيصه للذهبي بهامش نفس الصفحة ، وصححاه . وحياة الصحابة ج2 ص258 و 259 و 260 عن كنز العمال وعن مجمع الزوائد ج8 ص278 وكنز العمال ج6 ص57 و 59 عن أحمد والطبراني ، والحاكم وسعيد بن منصور ، والتراتيب الإدارية ج2 ص86 ويلاحظ هنا : أنه (صلى الله عليه وآله) حين الهجرة لا يقبل ناقة أبي بكر إلا بالثمن .
  • 48. كنز العمال (طبعة أولى) ج3 ص177 عن ابن عساكر و (ط ثانية) ج6 ص57 عن الطبراني والمصنف لعبد الرزاق ج1 ص446 و 447 وفي الهامش عن مغازي ابن عقمة ومجمع البيان المجلد الأول ص535 .
  • 49. كنز العمال ج6 ص57 و 59 عن أبي داود والترمذي وصححه وأحمد والطيالسي والبيهقي ، وراجع ما عن عمران بن حصين في الكنز نفس المجلد والصفحة والمصنف لعبد الرزاق ج10 ص447 وفي الهامش عن أبي داود وأحمد وعن الترمذي ج2 ص389 ، وراجع الوسائل ج12 ص216 عن الكافي والمعجم الصغير ج1 ص9 .
  • 50. اختيار معرفة الرجال للكشي (ط جامعة طهران) ص610 والبحار ج50 ص107 والوسائل ج12 ص217 .
  • 51. راجع التراتيب الإدارية ج1 ص198 عن الإستيعاب .
  • 52. الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه و آله) ، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، سنة 2005 م . ـ 1426 هـ . ق ، الجزء الرابع ، الفصل السابع .

      سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته.

أبو طالب عليه السلام مؤمن قريش

إيمان أبي طالب عليه السلام عند أهل البيت عليهم السلام :
لا بد لنا هنا من الحديث بإيجاز عن موضوع ما زال بين أخذ ورد بين المسلمين ألا وهو إيمان أبي طالب «رحمه الله» ، فمن مؤيد ، ومن منكر .
فأما أهل البيت «عليهم السلام» وشيعتهم ، فإنهم مجمعون على إيمانه وإسلامه «عليه السلام» 1 ، بل في بعض الأحاديث عنهم «عليهم السلام» : أنه من الأوصياء 2 ، وأن نوره يطغى في يوم القيامة على كل نور ، ما عدا نور النبي محمد «صلى الله عليه وآله» ، والأئمة «عليهم السلام» ، والسيدة فاطمة الزهراء «عليها السلام» 3 .

أهل البيت عليهم السلام أدرى :
والأحاديث الدالة على إيمانه ، والواردة عن أهل بيت العصمة «عليهم السلام» لا تنحصر بما ذكرناه في هذه الدراسة ، وقد جمعها العلماء في كتب مفردة 4 .
وقد ذكر العلامة المجلسي في كتابه العظيم «بحار الأنوار» والطبسي في كتاب «منية الراغب» وكذلك الخنيزي في كتاب «أبو طالب مؤمن قريش» وصاحب كتاب : «مواهب الواهب» وغيرهم الشيء الكثير جداً مما يدل على إيمانه صلوات الله وسلامه عليه . .
ونحن سوف نقتصر في هذا المعرض على أقل القليل من ذلك ونحيل من أراد التوسع إلى كتاب البحار الآنف الذكر ، وإلى غيره . .
غير أننا نقول هنا : إن هذه الأخبار هي من الكثرة والصراحة بحيث تعطي الانطباع الحاسم عما لأبي طالب من شأن عظيم ، ومقام كريم عند الله تعالى .
وواضح : أن أهل البيت أدرى بما فيه من كل أحد .
يقول ابن الأثير : «وما أسلم من أعمام النبي «صلى الله عليه وآله» غير حمزة والعباس ، وأبي طالب عند أهل البيت» 5 .
تآليف في إيمان أبي طالب عليه السلام :
وعدا عن ذلك ، فما أكثر الأدلة الدالة على إيمانه ، وقد أُلف في إثبات إيمانه الكثير من الكتب من السنة والشيعة على حد سواء .
وقد أنهاها بعضهم إلى ثلاثين كتاباً ، ومنها كتاب : «أبو طالب مؤمن قريش» للأستاذ عبد الله الخنيزي ، الذي كاد أن يدفع مؤلفه حياته ثمناً له ، حين حاول الوهابيون اتخاذ ذلك ذريعة للتخلص منه ، فتداركه الله برحمته ، وتخلص من شرهم .
هذا عدا عن البحوث المستفيضة المبثوثة في ثنايا الكتب والموسوعات ، ونخص بالذكر هنا ما جاء في كتاب الغدير للعلامة الأميني قدس سره . . 6 .
وقد نقل العلامة الأميني عن جماعة من أهل السنة : أنهم ذهبوا إلى ذلك أيضاً ، وكتبوا الكتب والبحوث في إثبات ذلك ، كالبرزنجي في أسنى المطالب 7 والأجهوري ، والإسكافي ، وأبي القاسم البلخي ، وابن وحشي في شرحه لكتاب : شهاب الأخبار ، والتلمساني في حاشية الشفاء ، والشعراني ، وسبـط ابن الجوزي ، والقرطبي ، والسبكي ، وأبي طاهر ، والسيوطي ، وغيرهم .
بل لقد حكم عدد منهم ـ كابن وحشي والأجهوري ، والتلمساني ـ بأن من أبغض أبا طالب فقد كفر ، أو من يذكره بمكروه فهو كافر 8 .
من أدلة إيمان أبي طالب عليه السلام :
ونحن نذكر فيما يلي طرفاً من الأدلة على إيمان أبي طالب ، فنقول :
أهل البيت عليهم السلام أعرف :
وقد تقدم بعض ما روي عن الأئمة «عليهم السلام» ، والنبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» مما يدل على إيمانه ، وقد قلنا :
إن أهل البيت أدرى بما فيه ، وأعرف بأمر كهذا من كل أحد .
التضحيات والمواقف :
ويدل على ذلك أيضاً : ما تقدم من مناصرته للنبي «صلى الله عليه وآله» ، وتحمله المشاق والصعاب العظيمة ، وتضحيته بمكانته في قومه ، وحتى بولده ، وتوطينه نفسه على خوض حرب طاحنة تأكل الأخضر واليابس في سبيل هذا الدين . .
ولو كان كافراً ؛ فلماذا يتحمل كل ذلك؟!
ولماذا لم نسمع عنه ولو كلمة عتاب أو تذمر مما جرَّه عليه النبي محمد «صلى الله عليه وآله»؟! .
واحتمال : أن يكون قد طمع بمقام دنيوي أعظم .
يرده : أن الطامع إنما يسعى للحفاظ على حياته لينال ما طمع به ، أما أبو طالب فكان على استعداد لأن يقتل هو وجميع أولاده ، وعشيرته في سبيل هذا الدين .
تشنيع الأعداء :
وقد استدل سبط ابن الجوزي على إيمانه بأنه لو كان أبو الإمام علي «عليه السلام» كافراً لكان شنع عليه معاوية وحزبه ، والزبيريون وأعوانهم ، وسائر أعدائه «عليه السلام» ، مع أنه «عليه السلام» كان يذمهم ، ويزري عليهم بكفر الآباء والأمهات ، ورذالة النسب 9 .
أشعاره الصريحة بالإيمان :
أما تصريحاته وأقواله الكثيرة جداً؛ فإنها كلها ناطقة بإيمانه وإسلامه .
ويمكننا أن ندَّعي : أن هذه التصريحات قد جاءت بعد قضية إسلام حمزة ، أو بعد الهجرة إلى الحبشة .
أما قبل ذلك فكان «عليه السلام» يعمل بالتقية أمام قريش على الخصوص .
ويكفي أن نذكر نموذجاً من أشعاره التي عبر عنها ابن أبي الحديد المعتزلي بقوله : إن كل هذه الأشعار قد جاءت مجيء التواتر ، من حيث مجموعها 10 .
فمن الشواهد على توحيده ، قوله :
مليك الناس ليس له شريك *** هو الوهاب ، والمبدي المعـيد
ومن تحت السـماء له بحق *** ومن فوق الـسماء لـه عبيد
ومن الشواهد على إيمانه بنبوة رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، نذكر :
1ـ ألم تعلموا : أنا وجـدنا محمداً *** نبياً كمـوسى خط في أول الكتب
2 ـ نبي أتاه الوحي مـن عند ربه *** ومن قال : لا ، يقرع بها سن نادم
3 ـ يا شاهد الله عـلي فـاشهد *** إني عـلـى ديـن النـبي أحمـد
4 ـ أنت الرسول رسول الله نعلمه *** علـيك نـزل من ذي العزة الكتب
5 ـ أنت الـنبي محمد *** قـرم أغـر مـسـوَّد
6 ـ أو تؤمنوا بكتاب منزل عجب *** على نبي كمـوسى أو كـذي النون
7 ـ وظـلم نبي جاء يدعو إلى الهدى *** وأمر أتى من عند ذي الـعرش قيم
8 ـ لقد أكرم الله النـبـي محـمداً *** فـأكرم خلق الله في الناس أحمـد
9 ـ وخـيـر بنـي هاشـم أحمـد *** رسـول الإله عـلـى فـتـرة 11
10ـ والله لا أخـذل الـنــبي ولا *** يـخـذلـه من بني ذو حسـب
11 ـ وقال «رحمه الله» يخاطب ملك الحبشة ، ويدعوه إلى الإسلام :
أتعلـم ملك الحبش أن محمـداً نبياً *** كـمـوسى و المسيح ابن مـريـم
أتى بالهدى مثل الذي أتيـا بــه *** فكـل بأمـر الله يهــدي ويعصـم
وإنـكـم تتلـونـه في كتـابكم *** بصدق حـديث لا حـديث الترجـم
فــلا تجعلوا لله نـداً فـأسلموا *** فــإن طـريــق الحـق ليس بمظلم
12 ـ وقال مخاطباً أخاه حمزة «رحمه الله» :
فـصـبراً أبا يعلى على دين أحمد *** وكن مظهراً للـديـن وفـقت صابرا
وحط من أتى بالحق من عنـد ربه *** بصدق وعـزم لا تكن حمز كـافـرا
فقـد سرني أن قلت : إنـك مؤمن *** فكن لـرسول الله في الله نــاصرا
و باد قريشـاً في الذي قد أتـيـته *** جهـاراً ، وقل : ما كان أحمد ساحرا
13 ـ نصرت الرسول رسول المليك *** ببيض تـلالاً كـلـمع الـبـروق
أذب و أحمـى رسـول الإلـــه *** حمايــة حـام علـيـه شفـيق
14 ـ لقد علموا : أن ابننا لا مكذب *** لدينـا ولا نعبـأ بقـول الأباطـل
15 ـ أقـيم على نصـر النبي محمد *** أقاتـل عنه بـالقنـا والقـنـابـل
16 ـ أنت ابن آمنـة النبي محمـد *** عـندي بمـثـل مـنــازل الأولاد
17 ـ ألا إن أحمد قد جــاءهم *** بحق ولـم يـأتـهــم بـالـكـذب
18 ـ أوصي بنصر نبي الخير مشهده *** علياً ابني وشيخ القوم عبــاســـا
19ـ ودعوتني وعلمت أنك صادق *** ولـقــد صدقت وكنت ثـم أمينـا
ولـقـد عـلمت بأن دين محمد من *** خـيـر أديـان الـبريـة ديـنــا
وأشعار أبي طالب «عليه السلام» الناطقة بإيمانه كثيرة ، وقد اقتصرنا منها على هذا القدر؛ لنفسح المجال لذكر لمحة عن سائر ما قيل ، ويقال في هذا الموضوع .
مدائح أبي طالب عليه السلام للنبي صلى الله عليه و آله :
قال المعتزلي : «قلت : كان صديقنا علي بن يحيى البطريق «رحمه الله» يقول : لولا خاصة النبوة وسرها لما كان مثل أبي طالب ، وهو شيخ قريش ، ورئيسها ، وذو شرفها ، يمدح ابن أخيه محمداً وهو شاب قد ربي في حجره ، وهو يتيمه ومكفوله ، وجارٍ مجرى أولاده بمثل قوله :
وتـلقوا ربيـع الأبطحين محمـداً *** على ربـوة في رأس عـنقـاء عيطل
وتـأوي إلـيه هـاشم إن هاشماً *** عرانين كـعـب آخـر بـعـد أول
ومثل قوله :
وأبـيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثـمال اليـتـامى عصمـة للأرامـل
يـطيف به الهلاك من آل هاشم *** فهم عـنـده في نـعمة وفـواضـل
فإن هذا الأسلوب من الشعر لا يمدح به التابع والذنابى من الناس ، وإنما هو من مديح الملوك والعظماء .
فإذا تصورت : أنه شعر أبي طالب ، ذاك الشيخ المبجل العظيم في النبي محمد «صلى الله عليه وآله» ، وهو شاب مستجير به ، معتصم بظله من قريش ، قد رباه في حجره غلاماً ، وعلى عاتقه طفلاً ، وبين يديه شاباً ، يأكل من زاده ، ويأوي إلى داره ، علمت موضع خاصية النبوة وسرها ، وأن أمره كان عظيماً» 12 .
كما أن قصيدته اللامية تلك التي يقول فيها :
وأبـيـض يـسـتـسـقى . . الخ . . . . . . . .
وهي طويلة ، وكان بنو هاشم يعلمونها أطفالهم 13 ، فيها الكثير مما يدل على إيمانه العميق الصادق ، وقد ذكرها ابن هشام وابن كثير ، وغيرهما .
وهي ظاهرة الدلالة على عظمة الرسول «صلى الله عليه وآله» في نفس أبي طالب «عليه السلام» ، وهي عظمة أوجبت خضوع قلبه له «صلى الله عليه وآله» ، وتعامله معه تعامل التابع ، المؤمن المصدق ، والمسرور بهذا الإيمان ، والمبتهج بذلك التصديق ، والملتذ بذلك الانقياد .
النار محرمة على أبي طالب عليه السلام :
ومما يدل على إيمانه ما روي عنه «صلى الله عليه وآله» : أن الله عز وجل قال له على لسان جبرائيل : حرمت النار على صلب أنزلك ، وبطن حملك ، وحجر كفلك .
أما الصلب فعبد الله ، وأما البطن فآمنة ، وأما الحجر فعمه ، يعني أبا طالب «عليه السلام» ، وفاطمة بنت أسد ، وبمعناه غيره مع اختلاف يسير 14 .
النبي صلى الله عليه و آله يحب عقيلاً حبين :
ومما يدل دلالة واضحة على إيمانه : حب النبي «صلى الله عليه وآله» إياه ، حتى لقد روي عن ابن عباس؛ قال : قال علي «عليه السلام» للنبي «صلى الله عليه وآله» : إنك لتحب عقيلاً .
قال : إي والله إني لأحبه حبين ، حباً له ، وحباً لحب أبي طالب له ، وإن ولده لمقتول في محبة ولدك . . الخ . . 15 .
ورسول الله «صلى الله عليه وآله» لا يحب أعداء الله سبحانه ، ولا يحب إلا من يحبه الله .
كان على دين الله :
وكان الإمام علي «عليه السلام» يعجبه أن يروى شعر أبي طالب «عليه السلام» ، وأن يدوَّن ، وقال : تعلموه ، وعلموه أولادكم ، فإنه كان على دين الله ، وفيه علم كثير 16 .
المسلم المؤمن :
وعن أبي بصير عن الإمام الباقر «عليه السلام» ، قال : مات أبو طالب بن عبد المطلب مسلماً مؤمناً 17 .
خلاصة جامعة :
وبعد كل ما تقدم نقول : إن إسلام أي شخص أو عدمه ، إنما يستفاد من أمور أربعة :
1 ـ من مواقفه العملية ، ومعلوم أن مواقف أبي طالب «عليه السلام» ، قد بلغت الغاية التي ما بعدها غاية في الوضوح والدلالة على إخلاصه وتفانيه في الدفاع عن هذا الدين .
2 ـ من إقراراته اللسانية بالشهادتين ، وقد تقدم قدر كبير من ذلك في شعره وفي غيره في المناسبات المختلفة .
3 ـ من موقف نبي الإسلام ورائد الحق الذي لا ينطق عن الهوى ، والموقف الرضي هذا أيضاً ثابت منه «صلى الله عليه وآله» تجاه أبي طالب «عليه السلام» على أكمل وجه .
4 ـ من إخبار المطلعين على أحواله عن قرب ، وعن حس ، كأهل بيته ، ومن يعيشون معه .
وقد قلنا : إنهم مجمعون على ذلك .
بل إن نفس القائلين بكفره لما لم يستطيعوا إنكار مواقفه العملية ، ولا الطعن بتصريحاته اللسانية ، حاولوا : أن يخدعوا العامة بكلام مبهم ، لا معنى له؛ فقالوا : «إنه لم يكن منقاداً»!! 18 .
كل ذلك رجماً بالغيب ، وافتراء على الحق والحقيقة ، من أجل تصحيح ما رووه عن المغيرة بن شعبة وأمثاله من أعداء آل أبي طالب «عليه السلام» ، كما سنشير إليه حين ذكر أدلتهم الواهية إن شاء الله تعالى .
رواياتهم تدل أيضاً على إيمانه :
ومن أجل أن نوفي أبا طالب «عليه السلام» بعض حقه ، نذكر بعض ما يدل على إيمانه من الروايات التي رويت في مصادر غير الشيعة عموماً ونترك سائره ، وهو يعد بالعشرات ، لأن المقام لا يتسع لأكثر من أمثلة قليلة معدودة ، نجملها في العناوين التالية :
النبي صلى الله عليه و آله يرجو الخير لأبي طالب عليه السلام :
قال العياض : يا رسول الله ، ما ترجو لأبي طالب؛ قال : كل الخير أرجوه من ربي 19 .
أبو بكر فرح بإسلام أبي طالب عليه السلام :
جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقوده ، وهو شيخ أعمى ، يوم فتح مكة .
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : ألا تركت الشيخ في بيته حتى نأتيه؟!
قال : أردت أن يؤجره الله ، لأنا كنت بإسلام أبي طالب أشد فرحاً مني بإسلام أبي ، ألتمس بذلك قرة عينك الخ 20 .
والعلامة الأميني في الغدير ، لا يوافق على أن يكون الرسول «صلى الله عليه وآله» قد قال لأبي بكر : ألا تركت الشيخ حتى نأتيه .
ونحن نوافقه على ذلك أيضاً ، فإن الشيوخ الذين أسلموا على يديه «صلى الله عليه وآله» كثيرون ، وكان إسلام كثير منهم أصح من إسلام أبي قحافة .
وربما تكون هذه العبارة زيادة من بعض المتزلفين ، كما عودونا في أمثال هذه المناسبات .
التشهد قبل الموت :
قال المعتزلي : «روي بأسانيد كثيرة ، بعضها عن العباس بن عبد المطلب ، وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة : أن أبا طالب ما مات حتى قال : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله» 21 .
وتقدم في شعره تصريحات كثيرة بذلك أيضاً .
استغفار النبي صلى الله عليه و آله له :
وفي المدينة حينما استسقى النبي «صلى الله عليه وآله» لأهلها ، فجاءهم الغيث ، ذكر «صلى الله عليه وآله» أبا طالب «عليه السلام» ، وقال «صلى الله عليه وآله» :
لله در أبي طالب ، لو كان حياً لقرت عينه ، من ينشدنا قوله . . فأنشده الإمام علي «عليه السلام» من قصيدته أبياتاً فيها قوله :
وأبيض يستسقى الغمـام بوجهـه *** ثمال اليتـامى عصمة لـلأرامـل
ورسول الله «صلى الله عليه وآله» يستغفر لأبي طالب «عليه السلام» على المنبر 22 .
تشييع جنازته ومراسم دفنه :
ولما مات أبو طالب «عليه السلام» تبع رسول الله «صلى الله عليه وآله» جنازته ، مع أنهم يروون أن ثمة نهياً عن المشي في جنازة المشرك .
كما أنهم يروون أنه «صلى الله عليه وآله» أمر الإمام علياً «عليه السلام» بأن يغسله ويكفنه ويواريه 23 .
وحين التشييع اعترض النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» نعشه ، وقال برقة وحزن وكآبة : وصلت رحماً ، وجزيت خيراً يا عم ، فلقد ربيت وكفلت صغيراً ، ونصرت وآزرت كبيراً 24 .
لماذا لم يأمر بالصلاة عليه؟ :
وإنما لم يأمر علياً «عليه السلام» بالصلاة عليه ، لأن صلاة الجنازة لم تكن فرضت بعد .
ولأجل ذلك قالوا : إن خديجة لم يصل عليها النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» حينما توفيت ، مع أنها سيدة نساء العالمين .
وقد فصلت ذلك : الرواية التي رواها علي بن ميثم ، عن أبيه عن جده : أنه سمع علياً «عليه السلام» يقول : تبع أبو طالب عبد المطلب في كل أحواله حتى خرج من الدنيا وهو على ملته ، وأوصاني أن أدفنه في قبره ، فأخبرت رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك ، فقال : اذهب فواره ، وانفذ لما أمرك به .
فغسلته ، وكفنته ، وحملته إلى الجحون ، ونبشت قبر عبد المطلب ، فرفعت الصفيح عن لحده ، فإذا هو موجه إلى القبلة ، فحمدت الله تعالى على ذلك ، ووجهت الشيخ ، وأطبقت الصفيح عليهما ، فأنا وصي الأوصياء وورثت خير الأنبياء .
قال ميثم : والله ما عَبَدَ علي ، ولا عَبَدَ أحد من آبائه غير الله تعالى ، إلى أن توفاهم الله تعالى 25 .
رثاء علي عليه السلام لأبيه :
وقد رثاه ولده الإمام علي «عليه السلام» حينما توفي بقوله :
أبـا طالـب عصمة المستجـير *** وغـيث المحول و نور الظلــم
لقد هـدّ فقدك أهل الحـفـاظ *** فـصـلى عـليك ولي النـعم
و لـقـاك ربـك رضـوانـه *** فـقد كنت للطهر من خير عم 26
ولا أبو سفيان كأبي طالب عليه السلام :
وكتب أمير المؤمنين «عليه السلام» رسالة مطولة لمعاوية جاء فيها :
«ليس أمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق» 27 .
فإذا كان أبو طالب «عليه السلام» كافراً وأبو سفيان مسلماً ، فكيف يفضل الكافر على المسلم ، ثم لا يرد عليه ذلك معاوية بن أبي سفيان؟ .
ولكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً؛ فإن أبا سفيان هو الذي قال : «إنه لا يدري ما جنة ولا نار» كما ذكرناه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم في أواخر غزوة أحد 28 .
ويلاحظ هنا أيضاً : أن أمير المؤمنين «عليه السلام» يشير في كلامه الآنف الذكر إلى عدم صفاء نسب معاوية ، ولهذا البحث مجال آخر .
أبو طالب عليه السلام الداعية إلى الإسلام :
كما أن أبا طالب «عليه السلام» الذي يدعو ملك الحبشة إلى الإسلام ، هو الذي دعا ولده جعفر إلى ذلك ، وأمره بأن يصل جناح ابن عمه في الصلاة 29 .
وهو أيضاً الذي دعا زوجته فاطمة بنت أسد إلى الإسلام 30 .
وأمر حمزة بالثبات على هذا الدين ، وأظهر سروره بإسلامه ومدحه على ذلك .
وكذلك الحال بالنسبة لولده أمير المؤمنين «عليه السلام» .
الاعتراف بممارسة التقية :
وقد صرح أبو طالب «عليه السلام» في وصيته بأنه كان قد اتخذ سبيل التقية في شأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» من قريش ، وأن ما جاء به الرسول «صلى الله عليه وآله» قد قبله الجنان وأنكره اللسان؛ مخافة الشنآن ، وأوصى قريشاً بقبول دعوة الرسول ، ومتابعته على أمره ، ففي ذلك الرشاد والسعادة 31 .
موقف النبي صلى الله عليه و آله من أبي طالب عليه السلام :
ثم هناك ترحم النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» عليه ، واستغفاره له باستمرار ، وجزعه عليه عند موته 32 .
ولا يصح الترحم إلا على المسلم ، ولأجل ذلك قال «صلى الله عليه وآله» لسفانة بنت حاتم الطائي : لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه 33 .
أنا على دين أبي طالب عليه السلام :
وحمل محمد بن الحنفية يوم الجمل على رجل من أهل البصرة ، قال : فلما غشيته قال : أنا على دين أبي طالب ، فلما عرفت الذي أراد كففت عنه 34 .
شفاعة النبي صلى الله عليه و آله له :
وورد عنه «صلى الله عليه وآله» أيضاً قوله : إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي ، وأمي ، وعمي أبي طالب ، وأخ لي كان في الجاهلية 35 .
فإن الشفاعة لا تحل لمشرك ، كما سيأتي .
إقراره على زواجه بمسلمة :
وسئل الإمام السجاد «عليه السلام» عن إيمان أبي طالب «عليه السلام» ، فقال : واعجباً ، إن الله نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر؛ وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام ، ولم تزل تحت أبي طالب حتى مات 36 .
ونزول آية النهي عن الإمساك بعصم الكوافر في المدينة لا يوجب بطلان هذه الرواية ، لإمكان أن يكون النهي عن ذلك نهياً قولياً على لسانه «صلى الله عليه وآله» ، قبل نزول القرآن .
وعدم خضوع بعض المسلمين لذلك حينئذ ربما كان لظروف معينة فرضت عليهم ذلك .
من لم يقر بإيمان أبي طالب عليه السلام :
وأخيراً ، فقد كتب بعضهم يسأل الإمام علي بن موسى الرضا «عليه السلام» عن إسلام أبي طالب «عليه السلام» ، فإنه قد شك في ذلك ، فكتب «عليه السلام» إليه : ﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ... 37 .
وبعدها : إنك إن لم تقر بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار 38 .
دفاع النبي صلى الله عليه و آله عن أبي طالب عليه السلام :
وسيأتي في غزوة بدر : أن الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» لم يقبل من شهيد بدر عبيدة بن الحارث أن يعرض بعمه أبي طالب «عليه السلام» ، ولو بمثل أن يقول : إني أولى بما قال منه .
بعد قتل الفرسان الثلاثة :
وفي بدر العظمى ، وبعد قتل عتبة وشيبة والوليد ، وقطع رجل عبيدة بن الحارث ، حمل حمزة والإمام علي «عليهما السلام» عبيدة بن الحارث من المعركة ، وأتيا به إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وألقياه بين يديه ، وإن مخ ساقه ليسيل ، فاستعبر ، وقال : يا رسول الله ، ألست شهيداً؟!
قال : بلى ، أنت أول شهيد من أهل بيتي (مما يشير إلى أنه لسوف تأتي قافلة من الشهداء من أهل بيته «صلى الله عليه وآله» ، وهكذا كان) .
فقال عبيدة : أما لو كان عمك حياً لعلم أني أولى بما قال منه ، قال : وأي أعمامي تعني؟
قال : أبو طالب ، حيث يقول :
كـذبتم وبيت الله يُبْـزى محمد *** ولما نطاعـن دونه و ننـاضـل
ونسـلـمه حتى نصرع دونـه *** ونـذهـل عن أبنائنا والحـلائل
فقال «صلى الله عليه وآله» : أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله ، وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة؟! .
قال : يا رسول الله ، أسخطت علي في هذه الحالة؟
قال : ما سخطت عليك ، ولكن ذكرت عمي ، فانقبضت لذلك 39 .
وبلغ عبيدة مع النبي «صلى الله عليه وآله» الصفراء ، فمات ، فدفن بها . .
وقد روى كثير من المؤرخين هذه القضية من دون ذكر القسم الأخير منها .
قالوا : ونزل في هؤلاء الستة قوله تعالى : ﴿ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ ... 40 .
وفي البخاري : أن أبا ذر كان يقسم : أنها نزلت فيهم 41 .
ونزل في علي ، وحمزة ، وعبيدة أيضاً قوله تعالى : ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ... 42 43 .
وقيل : نزلت في علي وحده 44 .
وثمة عدة آيات أخرى نزلت في بدر في الثناء على أمير المؤمنين «عليه السلام» 45 فراجع .
غضب النبي صلى الله عليه و آله لأبي طالب عليه السلام :
ونقول :
إنه إذا كان الرسول «صلى الله عليه وآله» يغضب لذكر عمه ، ولو بهذا النحو من التعريض المهذب ، والمحدود ، فماذا سيكون موقفه ممن يرمي أبا طالب «عليه السلام» بالشرك والكفر ، ويعتبره مستحقاً للعذاب الأليم في نار الله المؤصدة؟! وفي ضحضاح من نار يغلي منه دماغه؟!
فهل تراه سوف يكون مسروراً ومرتاحاً لهذا الكلام ، الذي لا سبب له إلا السياسة ، وما أدراك ما السياسة؟!
وما لأحد عنده من نعمة تجزى :
ثم إننا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه يقول : «اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي نعمة» 46 .
كما أنه «صلى الله عليه وآله» قد رد هدية حكيم بن حزام؛ لأنه كان مشركاً ، قال عبيد الله :
حسبت أنه قال : إنا لا نقبل من المشركين شيئاً ، ولكن إن شئت أخذناها بالثمن 47 .
ورد أيضاً هدية عامر بن الطفيل ، لأنه لم يكن قد أسلم بعد .
ورد أيضاً هدية ملاعب الأسنة ، وقال : لا أقبل هدية مشرك 48 .
عن عياض المجاشعي : أنه أهدى إلى النبي هدية فأبى قبولها ، وقال : إني نهيت عن زبد المشركين 49 .
ولم يكن ذلك منه «صلى الله عليه وآله» إلا لأن قبولها يوجب احتراماً ومودة من المهدى إليه بالنسبة لمن أهدى .
ملاحظة : معالجة رواية الكشي :
إلا أن الكشي ذكر رواية تقول : «إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يرد هدية على يهودي ولا نصراني» 50 .
وهذا إن صح فهو يشير إلى الفرق بين هدية الكتابي وهدية المشرك ، فكان «صلى الله عليه وآله» يرد هدية الثاني ، دون الأول ، وذلك يدل على عدم صحة قوله لهم : إنه «صلى الله عليه وآله» في هدنة الحديبية قد استهدى أبا سفيان أدماً 51 52 .

  • 1. روضة الواعظين ص138 ، وأوائل المقالات ص13 والطرائف لابن طاووس ص298 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص165 ، والبحار ج35 ص138 والغدير ج7 ص384 عنهم ، وعن : التبيان ج2 ص398 ، وكتاب الحجة لابن معد ص13 ، ومجمع البيان ج2 ص287 .
  • 2. الغدير ج7 ص389 .
  • 3. الغدير ج7 ص387 وكنز الفوائد للكراجكي ص80 وأمالي الطوسي ص305 و 702 ط مؤسسة البعثة والإحتجاج (ط مطبعة النعمان) ج1 ص341 والبحار ج35 ص69 و 110 وبشارة المصطفى لمحمد بن علي الطبري (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص312 وكشف الغمة للإربلي (ط دار الأضواء) ج2 ص42 ومائة منقبة لمحمد بن أحمد القمي ص174 .
  • 4. ومن هذه الكتب كتاب : منية الراغب في إيمان أبي طالب للشيخ الطبسي ومواهب الراهب في إيمان أبي طالب ، وغير ذلك .
  • 5. البحار ج35 ص139 والغدير ج7 ص369 .
  • 6. الغدير ج7 وج8 .
  • 7. الغدير ج7 ص6 و 10 .
  • 8. راجع : الغدير ج7 ص382 و 383 وغير ذلك .
  • 9. راجع : أبوطالب مؤمن قريش (ط سنة 1398 هـ .) ص272 و 273 عن تذكرة الخواص .
  • 10. شرح النهج ج14 ص78 والبحار ج35 ص165 .
  • 11. وقيل : إن قائل هذا البيت هو طـالب بن أبي طالب ، راجع : شرح النهج للمعتزلي ج14 ص78 ، إلا أن يقال : إنه قاله على سبيل التمثل بشعر أبيه (رحمه الله) .
  • 12. شرح النهج للمعتزلي ج14 ص63 وماذا في التاريخ ج3 ص196و 197 عنه .
  • 13. مقاتل الطالبيين ص396 .
  • 14. أصول الكافي ج1 ص371 والبحار ج35 ص109 والتعظيم والمنة للسيوطي ص27 وراجع : روضة الواعظين ص139 وشرح النهج ج14 ص67 والغدير ج7 ص378 عنهم ، وعن : كتاب الحجة لابن معد ص8 ، وتفسير أبي الفتوح ج4 ص210 .
  • 15. البحار ج22 ص288 وج44 ص288 والعوالم للبحراني ص349 ومعجم رجال الحديث للخوئي ج19 ص166 عن أمالي الصدوق وقاموس الرجال ج6 ص322 عن أمالي الصدوق أيضاً .
  • 16. راجع : البحار ج35 ص115 والغدير ج7 ص394 والكنى والألقاب للشيخ عباس القمي ج1 ص109 .
  • 17. البحار ج35 ص116 وأبو طالب حامي الرسول «صلى الله عليه وآله» لنجم الدين العسكري ص191 والغدير ج7 ص390 .
  • 18. راجع : السيرة النبوية لدحلان ج1 ص44 و 47 ، والإصابة ج4 ص116 و 119 .
  • 19. الأذكياء ص128 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص68 ، وطبقات ابن سعد (ط ليدن) ج1 قسم1 ص79 ، والبحار ج35 ص151 و 109 .
  • 20. مجمع الزوائد ج6 ص174 عن الطبراني والبزار ، وحياة الصحابة ج2 ص344 عن المجمع ، والإصابة ج4 ص116 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص69 .
  • 21. شرح النهج للمعتزلي ج14 ص71 ، وراجع : الغدير ج7 ص369 عن البداية والنهاية ج3 ص123 ، والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص87 والإصابة ج4 ص116 ، وعيون الأثر ج1 ص131 ، والمواهب اللدنية ج10 ص71 والسيرة الحلبية ج1 ص372 والسيرة النبوية لدحلان بهامشها ج1 ص89 ، وأسنى المطالب ص20 ودلائل النبوة للبيهقي ، وتاريخ أبي الفداء ج1 ص120 وكشف الغمة للشعراني ج2 ص144 .
  • 22. راجع : عيون الأنباء ص705 وشيخ الأبطح ص55 و 56 عن شرح النهج للمعتزلي ج3 ص316 .
  • 23. راجع في كل ذلك : تذكرة الخواص ص8 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص81 ، والسيرة الحلبية ج1 ص147 والمصنف ج6 ص38 ، والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص87 ، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص35 ، وطبقات ابن سعدج1 ص78 وتاريخ بغداد للخطيب ج3 ص126 ، وج13 ص196 والبداية والنهاية لابن كثير ج3 ص125 ، والطرائف لابن طاووس ص305 عن الحنبلي في نهاية الطلب والبحار ج35 ص151 والتعظيم المنة ص7 ولسان الميزان ج1 ص41 ، والإصابة ج4 ص116 ، والغدير ج7 ص372 و 374 و 375 عمن ذكر ، وعن شرح شواهد المغني للسيوطي ص136 ، وأعلام النبوة للماوردي ص77 ، وبدايع الصنايع ج1 ص283 ، وعمدة القاري ج3 ص435 ، وأسنى المطالب ص15 و 21 و 35 وطلبة الطالب ص43 ، ودلائل النبوة للبيهقي والبرزنجي ، وابن خزيمة ، وأبي داود ، وابن عساكر .
  • 24. راجع : البحار ج35 ص125و163 ، وراجع شرح النهج للمعتزلي ج14 ص76 والإصابة (ط مصر سنة 1325 هـ) ج7 ص113 وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج2 ص557 والغدير ج7 ص386 والدرجات الرفيعة لابن معصوم ص62 .
  • 25. سفينة البحار ج5 ص321 .
  • 26. تذكرة الخواص ص9 .
  • 27. صفين لنصر بن مزاحم ص471 والفتوح لابن أعثم ج3 ص260 ، ونهج البلاغة الذي بهامشه شرح الشيخ محمد عبده ج3 ص18 الكتاب رقم 17 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص117 والإمامة والسياسة ج1 ص118 ، والغـدير ج3 ص254 عنهم ، وعن : ربيع الأبرار للزمخشري باب 66 ، وعن مروج الذهب ج2 ص62 . وراجع أيضاً : مناقب الخوارزمي الحنفي ص180 .
  • 28. الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ج7 ص284 .
  • 29. راجع : الأوائل لأبي هلال العسكري ج1 ص154 ، وروضة الواعظين ص140 وشرح النهج للمعتزلي ج13 ص269 والسيرة الحلبية ج1 ص269 وأسنى المطالب ص17 والإصابة ج4 ص116 وأسد الغابة ج1 ص287 والغدير ج7 ص357 .
  • 30. شرح النهج للمعتزلي ج13 ص272 .
  • 31. الروض الأنف ج2 ص171 وثمرات الأوراق ص94 وتاريخ الخميس ج1 ص301 و 302 والسيرة الحلبية ج1 ص352 والبحار ج35 ص107 والغدير ج7 ص366 عن مصادر أخرى .
  • 32. تذكرة الخواص ص8 .
  • 33. السيرة الحلبية ج3 ص205 وكنز العمال ج3 ص664 وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج11 ص359 وج69 ص203 والبداية والنهاية ج5 ص80 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص132 وسبل الهدى والرشاد للشامي ج6 ص377 وشجرة طوبى ج2 ص400 .
  • 34. طبقات ابن سعد (ط ليدن) ج5 ص67 .
  • 35. ذخائر العقبى ص7 عن تمام الرازي في فوائده ، والدرج المنيفة للسيوطي ص8 ومسالك الحنفا ص14 عن أبي نعيم وغيره وذكر أن الحاكم صححه ، وتفسير القمي ج1 ص380 وتفسير البرهان ج2 ص358 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص35 وتاريخ الخميس ج1 ص232 .
  • 36. شرح النهج للمعتزلي ج14 ص68 ، والغدير ج7 ص381 و 389 عنه وعن : كتاب الحجة ص24 ، والدرجات الرفيعة ، وضياء العالمين ، وادَّعي تواتر هذا الحديث عندنا .
  • 37. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 115 ، الصفحة : 97 .
  • 38. شرح النهج للمعتزلي ج14 ص68 والغدير ج7 ص381 و 394 عن الكراجكي ص80 ، وكتاب الحجة لابن معد ص16 ، والدرجات الرفيعة والبحار وضياء العالمين .
  • 39. راجع : تفسير القمي ج1 ص265 ، والبحار ج19 ص255 ، وفي شرح النهج للمعتزلي ج14 ص80 : أن رسول الله استغفر له ولأبي طالب يومئذ . والغدير ج7 ص316 .
    وفي نسب قريش لمصعب ص94 : أن عبيدة قال : «يا رسول الله ليت أبا طالب حياً حتى يرى مصداق قوله إلخ» .
    وربما يقال : إن هذا هوالأنسب بأدب عبيدة وإخلاصه ، ولكن لا ، فإن قوله الآنف لا يضر في أدبه ولا في إخلاصه ، حيث يرى نفسه قد ضحى بنفسه في سبيل الدين ، فلا مانع من أن يقول ذلك .
  • 40. القران الكريم : سورة الحج ( 22 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 334 .
  • 41. البخاري (ط الميمنية) ج3 ص4 ، ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج3 ص118 عن مسلم ، من دون قسم أبي ذر ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج2 ص386 ، وصححه هو والذهبي في تلخيصه ، والغدير ج7 ص202 عن : تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص212 ، وتفسير ابن جزي ج3 ص38 ، وتفسير الخازن ج3 ص698 ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج2 ص25 و 26 ، وصحيح مسلم ج2 ص550 ، وبهذا قال ابن عباس ، وابن خثيم ، وقيس بن عباد ، والثوري ، والأعمش ، وسعيد بن جبير ، وعطاء .
  • 42. القران الكريم : سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 421 .
  • 43. الصواعق المحرقة ص80 .
  • 44. مناقب الخوارزمي ص188 ، والكفاية للخطيب ص122 .
  • 45. المناقب لابن شهرآشوب ج3 ص118 وغيره .
  • 46. راجع أبوطالب مؤمن قريش للخنيزي .
  • 47. مستدرك الحاكم ج3 ص484 وتلخيصه للذهبي بهامش نفس الصفحة ، وصححاه . وحياة الصحابة ج2 ص258 و 259 و 260 عن كنز العمال وعن مجمع الزوائد ج8 ص278 وكنز العمال ج6 ص57 و 59 عن أحمد والطبراني ، والحاكم وسعيد بن منصور ، والتراتيب الإدارية ج2 ص86 ويلاحظ هنا : أنه (صلى الله عليه وآله) حين الهجرة لا يقبل ناقة أبي بكر إلا بالثمن .
  • 48. كنز العمال (طبعة أولى) ج3 ص177 عن ابن عساكر و (ط ثانية) ج6 ص57 عن الطبراني والمصنف لعبد الرزاق ج1 ص446 و 447 وفي الهامش عن مغازي ابن عقمة ومجمع البيان المجلد الأول ص535 .
  • 49. كنز العمال ج6 ص57 و 59 عن أبي داود والترمذي وصححه وأحمد والطيالسي والبيهقي ، وراجع ما عن عمران بن حصين في الكنز نفس المجلد والصفحة والمصنف لعبد الرزاق ج10 ص447 وفي الهامش عن أبي داود وأحمد وعن الترمذي ج2 ص389 ، وراجع الوسائل ج12 ص216 عن الكافي والمعجم الصغير ج1 ص9 .
  • 50. اختيار معرفة الرجال للكشي (ط جامعة طهران) ص610 والبحار ج50 ص107 والوسائل ج12 ص217 .
  • 51. راجع التراتيب الإدارية ج1 ص198 عن الإستيعاب .
  • 52. الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه و آله) ، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، سنة 2005 م . ـ 1426 هـ . ق ، الجزء الرابع ، الفصل السابع .

      سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:48 ص

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top