درجات الإيمان (3-3)
السؤال: فيما نجد أهل البيت عليهم السلام يعبرون عن أتباعهم بلفظ أنتم المؤمنون، نرى القرآن العظيم يخاطب جميع من تلفظ بالشهادتين بعبارة المؤمنين، ولذلك قالوا: إن الخطاب ب(يا أيها الذين آمنوا) يشمل جميع المسلمين، ومفهوم وصف أهل البيت عليهم السلام أنهم يسلبون تلك الصفة عن كثير من المسلمين؟
الجواب: هذه الألفاظ وأمثالها محمولة على إرادة الإيمان بالمعنى الأخص. فإن الإيمان قد يطلق ويراد منه جميع من أسلم، وهو المفهوم من الخطابات القرآنية المتوجهة إلى كافة المسلمين، أي: كل من نطق بالشهادتين؛ قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام" (البقرة: 183)، أو "يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة"(المائدة: 6)، وأمثالهما. وقد يطلق ويراد منه إضافة إلى شهادته تلك انعقاد تلك الشهادة في قلبه؛ قال تعالى:" يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله والكتاب الّذي نزّل على رسوله والكتاب الّذي أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلّ ضلالا بعيدا" (النساء: 36). وقد صرح القرآن الكريم بالفرق بين الإيمانين بقوله: " قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم " (الحجرات:14).
لكن للإيمان درجات عديدة، ويحتمل الشدة والضعف، وقد ينظر القرآن إلى بعض المؤمنين في بعض الدرجات، ولا يعتبرهم مؤمنين كذلك في درجات أعلى؛ قال تعالى: " إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله ثمّ لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه أولئك هم الصّادقون "(الحجرات:15).
ومن هذا المنطلق قد يعبر أهل البيت عليهم السلام عن جماعة أنهم مؤمنون باعتبار بعض هذه الدرجات، ثم لا يعدونهم كذلك باعتبار درجات أعلى منها. قال الإمام الصادق عليه السلام: «لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا، ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو» (اصول الكافي 2: 71). وقال الإمام الرضا عليه السلام: "لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه سنة من ربه وسنة من نبيه وسنة من وليه وسنة من ذريتهم ...الخ " (الكافي: ج2 ص 241).
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق