السؤال: يقول الله سبحانه في سورة فاطر: "وما يستوي الأحياء ولا الأموات إنّ اللّه يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور" (فاطر: 22). والآية صريحة في أن الأموات لا يمكن أن يسمعوا ولا أن يكلموا. فما معنى التوسل بالأموات؟!
لا شك أن الموتى قادرون على سماع كلام الأحياء، ولكنهم حجبوا عن الرد، فلا يستطيعونه. وقد تواترت الأحاديث في التصريح بذلك. فما بال الآية إذن تنفي عن النبي صلى الله عليه وآله، وهو أفضل الخلق، وأوسعهم كمالا، القدرة على إسماع الموتى كلامه؟ المقصود إذن أمر آخر، وهو أن الإنسان إذا لم يرد الهداية لنفسه، وإذا قرر عدم الإصغاء لكلام الأنبياء فهل يأثم الأنبياء على عدم سماعه؟! كلا، فإن الإنسان غير مكلف إلا في حدود ما آتاه الله ومكنه. وما النبي صلى الله عليه وآله إلا رسول ونذير، ولا يحاسب على عدم قبول الناس إذا أعرضوا بإرادتهم عن سماعه. ولذلك فإننا نقرأ في القرآن قوله عز وجل: "ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصّمّ ولو كانوا لا يعقلون. ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون. إنّ اللّه لا يظلم النّاس شيئا ولكنّ النّاس أنفسهم يظلمون"(يونس:42-44)، وقوله سبحانه: "إنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصّمّ الدّعاء إذا ولّوا مدبرين. وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلّا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون" (النمل: 80 و81). ومثلهما الأيات (52 و53) من سورة الروم، و(40) من سورة الزخرف. فإن الخطاب والدعوة موجهة للأحياء دون الأموات، وإنما هو مثل ضرب للكفار المعرضين عن الهدى: وما على الرسول إلا البلاغ، ولا يؤاخذ بما كانوا يعرضون.
والله عز وجل يقول: "إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم، و لو سمعوا ما استجابوا لكم، و يوم القيامة يكفرون بشرككم و لا ينبئك مثل خبير" (فاطر: 14).
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق