جميع المواضيع

الجمعة، 27 فبراير 2015




السؤال:  ما السبيل الى كبح جماح النفس الأمارة بالسوء مع العلم بأنها تقود الشخص للتهلكة لكن تطغى القوة الشهوية فتترك اللجام لتلك النفس الامارة؟

 

الجواب: إنها الإرادة الصادقة الجادة، فإن كل إنسان يتمنى أن يكون هو الأتقى والأنقى، ولكن:  (وما نيل المطالب بالتمني          ولكن تؤخذ الدنيا غلابا).

وكما قال الله تعالى: "ونفس وما سوّاها . فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكّاها . وقد خاب من دسّاها"[1]، و قال:" بل الإنسان على نفسه بصيرة . ولو ألقى معاذيره"[2].

وثانيا: أن عليه أن يبتعد مهما أمكن عن الخلوة، فإنها بؤرة الانحراف، والسقوط في أحابيل الشيطان والشهوات.

وثالثا: عليه أن يحافظ على أداء الواجبات ويدقق في ترك المحرمات، فلا يؤخر الصلوات مثلا، ويبتعد عن النظر إلى المحرمات، بل ويسعى لاجتناب المكروهات والالتزام بالمستحبات، حتى تصبح له سليقة وملكة.

ورابعا: عليه من أجل أن يحقق ما تقدم أن يزيد من اطلاعاته عن المعاصي والطاعات وآثارهما الوضعية، وتبعاتهما التكليفية. فإننا إذا اطلعنا على قبح الأشياء وجدنا تنفرا ذاتيا منها، فلا نقربها لما انكشف لنا ما فيها من خبث وأذى، وهذا الكلام يصح عند الاطلاع على نورانية الطاعات والقربات، وطي المدارج العلمية. ومعنى هذا أن يرتبط بالعلماء الأتقياء وكتبهم. فكلما زاد علما يجهد لتمثله في نفسه. وإلا فإن العلم أسرع شيئا تفلتا من قلب المرء إذا لم يطبقها في حياته. وكما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "العلم مقرون بالعمل فمن علم عمل، والعلم يهتف العمل فإن أجابه وإلاّ ارتحل عنه"[3]".

وخامسا: أن تنفض عنك اليأس والقنوط. فإن الشيطان والنفس الأمارة بالسوء يلعبان لعبتهما هنا لتحطيم النفوس، وجرها إلى مستنقع الرذيلة والسقوط، بزرع اليأس في القلوب، وتصوير الأمر فيها أنه محال وغير ممكن، بينما جعل الله سبحانه اليأس من الكبائر التي تساوق الكفر والعياذ بالله، قال تعالى: " إنّه لا ييأس من روح اللّه إلّا القوم الكافرون"[4]. وقال: "قل يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه إنّ اللّه يغفر الذّنوب جميعا إنّه هو الغفور الرّحيم"[5].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


________________

[1] الشمس: 7-10.

[2] القيامة: 14-15.

[3] نهج البلاغة: الحكمة 363.

 [4] يوسف: 87.

 [5] الزمر: 53.

السبيل إلى كبح جماح النفس الأمارة




السؤال:  ما السبيل الى كبح جماح النفس الأمارة بالسوء مع العلم بأنها تقود الشخص للتهلكة لكن تطغى القوة الشهوية فتترك اللجام لتلك النفس الامارة؟

 

الجواب: إنها الإرادة الصادقة الجادة، فإن كل إنسان يتمنى أن يكون هو الأتقى والأنقى، ولكن:  (وما نيل المطالب بالتمني          ولكن تؤخذ الدنيا غلابا).

وكما قال الله تعالى: "ونفس وما سوّاها . فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكّاها . وقد خاب من دسّاها"[1]، و قال:" بل الإنسان على نفسه بصيرة . ولو ألقى معاذيره"[2].

وثانيا: أن عليه أن يبتعد مهما أمكن عن الخلوة، فإنها بؤرة الانحراف، والسقوط في أحابيل الشيطان والشهوات.

وثالثا: عليه أن يحافظ على أداء الواجبات ويدقق في ترك المحرمات، فلا يؤخر الصلوات مثلا، ويبتعد عن النظر إلى المحرمات، بل ويسعى لاجتناب المكروهات والالتزام بالمستحبات، حتى تصبح له سليقة وملكة.

ورابعا: عليه من أجل أن يحقق ما تقدم أن يزيد من اطلاعاته عن المعاصي والطاعات وآثارهما الوضعية، وتبعاتهما التكليفية. فإننا إذا اطلعنا على قبح الأشياء وجدنا تنفرا ذاتيا منها، فلا نقربها لما انكشف لنا ما فيها من خبث وأذى، وهذا الكلام يصح عند الاطلاع على نورانية الطاعات والقربات، وطي المدارج العلمية. ومعنى هذا أن يرتبط بالعلماء الأتقياء وكتبهم. فكلما زاد علما يجهد لتمثله في نفسه. وإلا فإن العلم أسرع شيئا تفلتا من قلب المرء إذا لم يطبقها في حياته. وكما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "العلم مقرون بالعمل فمن علم عمل، والعلم يهتف العمل فإن أجابه وإلاّ ارتحل عنه"[3]".

وخامسا: أن تنفض عنك اليأس والقنوط. فإن الشيطان والنفس الأمارة بالسوء يلعبان لعبتهما هنا لتحطيم النفوس، وجرها إلى مستنقع الرذيلة والسقوط، بزرع اليأس في القلوب، وتصوير الأمر فيها أنه محال وغير ممكن، بينما جعل الله سبحانه اليأس من الكبائر التي تساوق الكفر والعياذ بالله، قال تعالى: " إنّه لا ييأس من روح اللّه إلّا القوم الكافرون"[4]. وقال: "قل يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه إنّ اللّه يغفر الذّنوب جميعا إنّه هو الغفور الرّحيم"[5].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


________________

[1] الشمس: 7-10.

[2] القيامة: 14-15.

[3] نهج البلاغة: الحكمة 363.

 [4] يوسف: 87.

 [5] الزمر: 53.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:03 م

0 التعليقات:

الأربعاء، 25 فبراير 2015


السؤال: ما المقصود من النهي من البحث في القدر؟

 

الجواب: المقصود هو التحذير من ولوج هذه الأبواب البسيطة الظاهر، والعميقة الواقع، من دون عدة كافية، وسند مأمون. وقد روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام تعبيره عن القدر بأنه: «بحر زاخر مواج ... أسود كاللّيل الدّامس ، كثير الحيات والحيتان»[1]. وقد سأله عليه السلام رجل عن القدر فقال: بحر عميق فلا تلجه. قال: يا أمير المؤمنين! أخبرنا عن القدر؟ قال: سر الله فلا تتكلفه. قال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن القدر؟ قال: أما إذ أبيت فإنه أمر بين أمرين لا جبر ولا تفويض[2].

ورواية أخرى أنه قال له: «ان القدر بحر عميق فلا تلجه، وطريق مظلم فلا تسلكه، وسر الله في الأرض فلا تكلفه»[3].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

______________

[1]  مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج 2، ص: 168.

[2]  كنز العمال: 1567.

[3]  انظر توحيد الصدوق ص 374.



النهي عن الخوض في القدر


السؤال: ما المقصود من النهي من البحث في القدر؟

 

الجواب: المقصود هو التحذير من ولوج هذه الأبواب البسيطة الظاهر، والعميقة الواقع، من دون عدة كافية، وسند مأمون. وقد روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام تعبيره عن القدر بأنه: «بحر زاخر مواج ... أسود كاللّيل الدّامس ، كثير الحيات والحيتان»[1]. وقد سأله عليه السلام رجل عن القدر فقال: بحر عميق فلا تلجه. قال: يا أمير المؤمنين! أخبرنا عن القدر؟ قال: سر الله فلا تتكلفه. قال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن القدر؟ قال: أما إذ أبيت فإنه أمر بين أمرين لا جبر ولا تفويض[2].

ورواية أخرى أنه قال له: «ان القدر بحر عميق فلا تلجه، وطريق مظلم فلا تسلكه، وسر الله في الأرض فلا تكلفه»[3].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

______________

[1]  مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج 2، ص: 168.

[2]  كنز العمال: 1567.

[3]  انظر توحيد الصدوق ص 374.



من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:01 م

0 التعليقات:

الأحد، 22 فبراير 2015


السؤال: هل علم الله عز و جل الرسول محمد (ص) الاسماء كلها قبل ان يعلمها الله لادم ؟ لماذا انسى الله الرسول محمد (ص) معرفة عالم الذر قبل ان يبلغ الاربعين عام من عمره ؟
 
الجواب: المتبادر من النصوص هو ذلك، بل إن بعض الروايات تذكر أن أهل البيت صلوات الله عليهم هم تلك الأسماء المعنية نفسها، خصوصا وأن الإشارة إليهم هي بضمير العاقل: "وعلّم آدم الأسماء كلّها ثمّ عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا إنّك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلمّا أنبأهم بأسمائهم ". وأما حديث اﻹنساء المشار إليه في متن السؤال فغير ثابت، بل الثابت خلاف ذلك.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


هل أهل البيت (ص) هم الأسماء التي علمها الله لآدم ؟


السؤال: هل علم الله عز و جل الرسول محمد (ص) الاسماء كلها قبل ان يعلمها الله لادم ؟ لماذا انسى الله الرسول محمد (ص) معرفة عالم الذر قبل ان يبلغ الاربعين عام من عمره ؟
 
الجواب: المتبادر من النصوص هو ذلك، بل إن بعض الروايات تذكر أن أهل البيت صلوات الله عليهم هم تلك الأسماء المعنية نفسها، خصوصا وأن الإشارة إليهم هي بضمير العاقل: "وعلّم آدم الأسماء كلّها ثمّ عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا إنّك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلمّا أنبأهم بأسمائهم ". وأما حديث اﻹنساء المشار إليه في متن السؤال فغير ثابت، بل الثابت خلاف ذلك.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:47 م

0 التعليقات:

الجمعة، 20 فبراير 2015


حق أهل البيت صلوات الله عليهم
 
السؤال:  ورد عن امير المؤمنين (ع) قوله (ولا يقبل اللّه عمل عامل جهل حقنا ) فماذا يقصد (بحقنا) وما المطلوب منا ؟
 
الجواب: لقد جعل الله سبحانه
معرفة حقهم شرطا لمعرفة حقه،فالمتنكر لهم، والجاهل لحقهم يكون
بمثابة الجاهل بالتوحيد واﻷلوهية. ذلك ﻷنهم الطريق المأمون الوحيد لمعرفة الله حق معرفته، وعبادته كما أمر تعالى، وكما يحب أن يعرف ويعبد. ولذلك صار اﻹيمان بالنبوة والكتاب واجبا في الإيمان بالله، فإنه لم يؤمن بالله من لم يؤمن برسالاته. ومن آمن برسالاته، لكنه يأبى أن يؤمن بوصاياهم وتعاليمهم، فكأنه في الواقع كافر بهم؛ قال تعالى: " قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم "[1]. 
وإن البرهان الدال على ضرورة إرسال النبوات هو قائم بنفسه على وجوب استمرارهم في أوصيائهم من بعدهم. وأوصياء النبي اﻷكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) هم اﻷئمة الطاهرون الاثناعشر عليهم أفضل الصلاة والسلام، والجاهل بحقهم، جاهل بأصل الدين وبأهدافه السامية، وتعاليمه الشريفة. وقد أجمع المسلمون قولا واحدا  على وجوب معرفة أهل البيت عليهم السلام، ﻷن الله سبحانه قد جعل حبهم ومودتهم أجرا للرسالة،فقال عز من قائل: "قل لا أسألكم عليه أجرا إﻻ المودة في القربى"[2]،ومعلوم أنه لا يمكن أن تبادل أحدا بالمودة دون أن تعرفه وتميزه عمن سواه. وكذلك أجمع المسلمون على بطلان الصلاة، التي هي عمود الدين، إذا خلت من الصلاة على محمد وآل محمد. ومن الواضح أن من لا تصح الصلاة إﻻ بذكرهم والصلاة عليهم، ولا يقبل الدين إﻻ بمحبتهم وموالاتهم، فكذلك أيضا لايقبل الله عمل عامل إﻻ بعد معرفة حقهم. فإن مثلهم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى[3]. وهم عترة النبي صلى الله عليه وآله، الذين أوصى بالتمسك بهم جنبا إلى جنب مع كتاب الله،فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض[4].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1]  آل عمران: 31.
[2]  الشورى:  23.
[3]  مستدرك الحاكم: ج3 ص151.
[4]  تجد مثله فضلا عن مصادرنا في مسلم والترمذي وأحمد وغيرها.




حق أهل البيت صلوات الله عليهم


حق أهل البيت صلوات الله عليهم
 
السؤال:  ورد عن امير المؤمنين (ع) قوله (ولا يقبل اللّه عمل عامل جهل حقنا ) فماذا يقصد (بحقنا) وما المطلوب منا ؟
 
الجواب: لقد جعل الله سبحانه
معرفة حقهم شرطا لمعرفة حقه،فالمتنكر لهم، والجاهل لحقهم يكون
بمثابة الجاهل بالتوحيد واﻷلوهية. ذلك ﻷنهم الطريق المأمون الوحيد لمعرفة الله حق معرفته، وعبادته كما أمر تعالى، وكما يحب أن يعرف ويعبد. ولذلك صار اﻹيمان بالنبوة والكتاب واجبا في الإيمان بالله، فإنه لم يؤمن بالله من لم يؤمن برسالاته. ومن آمن برسالاته، لكنه يأبى أن يؤمن بوصاياهم وتعاليمهم، فكأنه في الواقع كافر بهم؛ قال تعالى: " قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم "[1]. 
وإن البرهان الدال على ضرورة إرسال النبوات هو قائم بنفسه على وجوب استمرارهم في أوصيائهم من بعدهم. وأوصياء النبي اﻷكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) هم اﻷئمة الطاهرون الاثناعشر عليهم أفضل الصلاة والسلام، والجاهل بحقهم، جاهل بأصل الدين وبأهدافه السامية، وتعاليمه الشريفة. وقد أجمع المسلمون قولا واحدا  على وجوب معرفة أهل البيت عليهم السلام، ﻷن الله سبحانه قد جعل حبهم ومودتهم أجرا للرسالة،فقال عز من قائل: "قل لا أسألكم عليه أجرا إﻻ المودة في القربى"[2]،ومعلوم أنه لا يمكن أن تبادل أحدا بالمودة دون أن تعرفه وتميزه عمن سواه. وكذلك أجمع المسلمون على بطلان الصلاة، التي هي عمود الدين، إذا خلت من الصلاة على محمد وآل محمد. ومن الواضح أن من لا تصح الصلاة إﻻ بذكرهم والصلاة عليهم، ولا يقبل الدين إﻻ بمحبتهم وموالاتهم، فكذلك أيضا لايقبل الله عمل عامل إﻻ بعد معرفة حقهم. فإن مثلهم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى[3]. وهم عترة النبي صلى الله عليه وآله، الذين أوصى بالتمسك بهم جنبا إلى جنب مع كتاب الله،فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض[4].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1]  آل عمران: 31.
[2]  الشورى:  23.
[3]  مستدرك الحاكم: ج3 ص151.
[4]  تجد مثله فضلا عن مصادرنا في مسلم والترمذي وأحمد وغيرها.




من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:59 م

0 التعليقات:

الأربعاء، 18 فبراير 2015


السؤال: نرجو منكم الاجابة على الاتي...

ماهي تعريف العصمة  المطلقة المختصة لأهل البيت عليهم السلام ؟

وهل هذه العصمة ( المختصة لاهل البيت عليهم السلام ) يمكن تطبيقها على سيدنا ومولانا العباس ابن امير المؤمنين والسيدة زينب عليهم السلام  وعلي الاكبر سلام الله عليه؟

يعني هل يمكننا ان نقول بان عصمة سيد الشهداء الحسين عليه السلام  هي نفس عصمة العباس والسيدة زينب وعلي الاكبر عليهم السلام؟

وكيف يمكننا التفريق بين عصمة أهل البيت عليهم السلام وعصمة العباس والسيده زينب عليهم السلام وعلي الاكبر سلام الله عليه؟

ارجو منكم الاجابة  بالتفصيل الشافي الوافي ..

 

الجواب: العصمة المطلقة هي النزاهة عن ارتكاب ما ليس جميلاً من الفعال والمقال، والنزاهة عن ظلمة الجهل والسفاهة، فالمعصوم لا يرتكب هجرًا ولا يتلبس بالجهل والنسيان والخطأ والاشتباه. ويدل على ذلك قوله تعالى: {انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا}[1].

ولقد نالت السيدة زينب وأبوالفضل العباس وعلي الأكبر سلام الله عليهم عبر تقواهم وعلمهم وأخلاقهم وسيرتهم درجة العصمة الصغرى، أما العصمة الكبرى الواجبة فهي محصورة في خصوص المعصومين عليهم السلام.

والعصمة الأولى تكوينية وشاملة حتى لمثل الخطأ والنسيان والجهل كما تقدم، بينما لا تندرج تلك الأمور في العصمة الصغرى المكتسبة، حيث يكفي فيها عدم ارتكاب الذنب، وهو لا يصدق إلا مع صدق العمد والالتفات. كما أن المعصوم بالعصمة الكبرى يستحيل عليه الذنب استحالة وقوعية، وأما صاحب الصغرى فيكفي عدم صدور المعصية منه، وإن لم يكن العصيان عليه مستحيلاً.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1]  الأحزاب: 33.


العصمتان الكبرى والصغرى


السؤال: نرجو منكم الاجابة على الاتي...

ماهي تعريف العصمة  المطلقة المختصة لأهل البيت عليهم السلام ؟

وهل هذه العصمة ( المختصة لاهل البيت عليهم السلام ) يمكن تطبيقها على سيدنا ومولانا العباس ابن امير المؤمنين والسيدة زينب عليهم السلام  وعلي الاكبر سلام الله عليه؟

يعني هل يمكننا ان نقول بان عصمة سيد الشهداء الحسين عليه السلام  هي نفس عصمة العباس والسيدة زينب وعلي الاكبر عليهم السلام؟

وكيف يمكننا التفريق بين عصمة أهل البيت عليهم السلام وعصمة العباس والسيده زينب عليهم السلام وعلي الاكبر سلام الله عليه؟

ارجو منكم الاجابة  بالتفصيل الشافي الوافي ..

 

الجواب: العصمة المطلقة هي النزاهة عن ارتكاب ما ليس جميلاً من الفعال والمقال، والنزاهة عن ظلمة الجهل والسفاهة، فالمعصوم لا يرتكب هجرًا ولا يتلبس بالجهل والنسيان والخطأ والاشتباه. ويدل على ذلك قوله تعالى: {انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا}[1].

ولقد نالت السيدة زينب وأبوالفضل العباس وعلي الأكبر سلام الله عليهم عبر تقواهم وعلمهم وأخلاقهم وسيرتهم درجة العصمة الصغرى، أما العصمة الكبرى الواجبة فهي محصورة في خصوص المعصومين عليهم السلام.

والعصمة الأولى تكوينية وشاملة حتى لمثل الخطأ والنسيان والجهل كما تقدم، بينما لا تندرج تلك الأمور في العصمة الصغرى المكتسبة، حيث يكفي فيها عدم ارتكاب الذنب، وهو لا يصدق إلا مع صدق العمد والالتفات. كما أن المعصوم بالعصمة الكبرى يستحيل عليه الذنب استحالة وقوعية، وأما صاحب الصغرى فيكفي عدم صدور المعصية منه، وإن لم يكن العصيان عليه مستحيلاً.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1]  الأحزاب: 33.


من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:15 م

0 التعليقات:

الثلاثاء، 17 فبراير 2015


السؤال: شيخنا ما معنى العصمة ؟

 

الجواب: العصمة هي النزاهة عن ارتكاب ما ليس جميلاً من الفعال والمقال، والنزاهة عن ظلمة الجهل والسفاهة، فالمعصوم لا يرتكب هجراً ولا يتلبس بالجهل والنسيان والخطأ والاشتباه. وربما بلغت درجة الملكة، بحيث يمتنع عادة صدور ما يخالفها من صاحبها، حتى لو كانت العصمة غير واجبة، وهي ما تسمى العصمة الصغرى. وربما بلغت الدرجة العصمة الكبرى، التي يستحيل عقلا صدور منافيها، وهي درجة الأئمة والمرسلين صلوات الله عليهم. ولا شك بأنها لطف من الله سبحانه، ولا عصمة إلا بالله العلي العظيم؛ "وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"[1].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

تعريف العصمة


السؤال: شيخنا ما معنى العصمة ؟

 

الجواب: العصمة هي النزاهة عن ارتكاب ما ليس جميلاً من الفعال والمقال، والنزاهة عن ظلمة الجهل والسفاهة، فالمعصوم لا يرتكب هجراً ولا يتلبس بالجهل والنسيان والخطأ والاشتباه. وربما بلغت درجة الملكة، بحيث يمتنع عادة صدور ما يخالفها من صاحبها، حتى لو كانت العصمة غير واجبة، وهي ما تسمى العصمة الصغرى. وربما بلغت الدرجة العصمة الكبرى، التي يستحيل عقلا صدور منافيها، وهي درجة الأئمة والمرسلين صلوات الله عليهم. ولا شك بأنها لطف من الله سبحانه، ولا عصمة إلا بالله العلي العظيم؛ "وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"[1].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:22 م

0 التعليقات:

الجمعة، 13 فبراير 2015


ما المقصود من السكينة التي في تابوت بني إسرائيل، التي قال الله تعالى عنها: " وقال لهم نبيّهم إنّ آية ملكه أن يأتيكم التّابوت فيه سكينة من ربّكم وبقيّة ممّا ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إنّ في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين"؟



الجواب: السكينة المرادة هنا هي سكينة تابوت بني إسرائيل. ومعناها هو نفس المعنى اللغوي، وهو الأمنة والاستقرار والطمأنينة التي تستشعر نتيجة تبدد المخاوف وصفاء الذهن من التشتت، وذلك بسبب اللجوء إلى ركن وثيق عاصم من تلك المخاوف. وفي الروايات أنها العلم والحكمة، أوجسم له مواصفات المخلوقين، من الوجه والروح والحركة والمنطق، أمد الله بها أولياءه تثبيتا لهم وتأييدا، عندما تهجم عليهم الأهوال والمصائب. ولا غرابة في ذلك ولا استبعاد، فإن الله على كل شيء قدير. ونسبة الروح إلى الله نسبة مالكية وتشريفية، كما يقال: يوم الله، وبيت الله، ومال الله.

ففي كتاب معاني الأخبار: بسنده عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته ما كان تابوت موسى ؟ و كم كان سعته ؟ قال: ثلاثة أذرع في ذراعين، قلت: ما كان فيه ؟ قال: عصا موسى والسكينة، قلت: وما السكينة ؟ قال: روح الله يتكلم، كانوا إذا اختلفوا في شيء كلمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون (معاني الاخبار: ص284، باب معنى السكينة، ح2).

وكان موسى إذا قاتل قدمه فتسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرون، وقيل: صورة كانت فيه من زبرجد أو ياقوت لها رأس وذنب كرأس الهرة وذنبها وجناحان، فتئن، فيزف التابوت نحو العدو وهم يتبعونه فإذا استقر ثبتوا وسكنوا ونزل النصر.

قال في مجمع البيان: روي ذلك في أخبارنا (مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 353 في بيان المعنى لاية(248) سورة البقرة). وقيل: صور الأنبياء من آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله. وقيل: التابوت هو القلب، والسكينة لما فيه من العلم والاخلاص، وإتيانه تصيير قلبه مقر العلم والوقار بعد أن لم يكن.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن الحسن بن خالد، عن الرضا عليه السلام أنه قال: السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الانسان (تفسير علي بن ابراهيم: ج 1، ص 82، في تفسيره لاية(248) من سورة البقرة).

في تفسير العياشي: عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: "يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة" فقال: "رضاض الألواح فيها العلم والحكمة. العلم جاء من السماء فكتب في الألواح وجعل في التابوت" (تفسير العياشي: ج 1، ص 133، ح 440).


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

سكينة التابوت عند بني إسرائيل


ما المقصود من السكينة التي في تابوت بني إسرائيل، التي قال الله تعالى عنها: " وقال لهم نبيّهم إنّ آية ملكه أن يأتيكم التّابوت فيه سكينة من ربّكم وبقيّة ممّا ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إنّ في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين"؟



الجواب: السكينة المرادة هنا هي سكينة تابوت بني إسرائيل. ومعناها هو نفس المعنى اللغوي، وهو الأمنة والاستقرار والطمأنينة التي تستشعر نتيجة تبدد المخاوف وصفاء الذهن من التشتت، وذلك بسبب اللجوء إلى ركن وثيق عاصم من تلك المخاوف. وفي الروايات أنها العلم والحكمة، أوجسم له مواصفات المخلوقين، من الوجه والروح والحركة والمنطق، أمد الله بها أولياءه تثبيتا لهم وتأييدا، عندما تهجم عليهم الأهوال والمصائب. ولا غرابة في ذلك ولا استبعاد، فإن الله على كل شيء قدير. ونسبة الروح إلى الله نسبة مالكية وتشريفية، كما يقال: يوم الله، وبيت الله، ومال الله.

ففي كتاب معاني الأخبار: بسنده عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته ما كان تابوت موسى ؟ و كم كان سعته ؟ قال: ثلاثة أذرع في ذراعين، قلت: ما كان فيه ؟ قال: عصا موسى والسكينة، قلت: وما السكينة ؟ قال: روح الله يتكلم، كانوا إذا اختلفوا في شيء كلمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون (معاني الاخبار: ص284، باب معنى السكينة، ح2).

وكان موسى إذا قاتل قدمه فتسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرون، وقيل: صورة كانت فيه من زبرجد أو ياقوت لها رأس وذنب كرأس الهرة وذنبها وجناحان، فتئن، فيزف التابوت نحو العدو وهم يتبعونه فإذا استقر ثبتوا وسكنوا ونزل النصر.

قال في مجمع البيان: روي ذلك في أخبارنا (مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 353 في بيان المعنى لاية(248) سورة البقرة). وقيل: صور الأنبياء من آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله. وقيل: التابوت هو القلب، والسكينة لما فيه من العلم والاخلاص، وإتيانه تصيير قلبه مقر العلم والوقار بعد أن لم يكن.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن الحسن بن خالد، عن الرضا عليه السلام أنه قال: السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الانسان (تفسير علي بن ابراهيم: ج 1، ص 82، في تفسيره لاية(248) من سورة البقرة).

في تفسير العياشي: عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: "يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة" فقال: "رضاض الألواح فيها العلم والحكمة. العلم جاء من السماء فكتب في الألواح وجعل في التابوت" (تفسير العياشي: ج 1، ص 133، ح 440).


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:42 م

0 التعليقات:

الثلاثاء، 10 فبراير 2015


بالتعاون مع طريق الفضيلة في إطار تقوية إعلام مدرسة أهل البيت عليهم السلام، تم إصدار تطبيقات سماحة الشيخ فوزي آل سيف الرسمية مجاناً للأجهزة الذكية، ويمكن من خلاله متابعة ما يتم إضافته في قنواته الإعلامية وموقعه الرسمي، وعبره يمكن مشاهدة محاضراته وأيضا إستماعها صوتياً فقط.

للآيفون والآيباد:
لأجهزة الجالكسي وأجهزة الآندرويد:

إصدار تطبيقات سماحة الشيخ فوزي آل سيف


بالتعاون مع طريق الفضيلة في إطار تقوية إعلام مدرسة أهل البيت عليهم السلام، تم إصدار تطبيقات سماحة الشيخ فوزي آل سيف الرسمية مجاناً للأجهزة الذكية، ويمكن من خلاله متابعة ما يتم إضافته في قنواته الإعلامية وموقعه الرسمي، وعبره يمكن مشاهدة محاضراته وأيضا إستماعها صوتياً فقط.

للآيفون والآيباد:
لأجهزة الجالكسي وأجهزة الآندرويد:

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  3:12 م

0 التعليقات:

الاثنين، 9 فبراير 2015


السؤال: ان لي اخ جاحد وعاصي يشرب الخمر ولايصلي ولا يصوم لحجج وذرائع واهية وهو كثير التهجم والحقد والحسد والكره علي بسبب غيرة الاخوان لتفضيل اهلي لي علي منه لبري بهما وهو عكس ذلك يعني هو قليل البر بهما بل يعقهما في كثير من الاحيان ، المهم : لب السؤال هو هل لو انه قد نوى مقاتلتي يعني يدويا يعني ماديا يعني اراد ضربي والحاق الاذى المادي بي (علما انه ليس اخي الاكبر بل هو الوسط وانا الاخير) خاصة وانا متزوج ولدي ولد عمره 10 سنين هل ارد عليه بالمثل اي اضربه كما ضربني ؟! او اهرب منه مثلا (وكرامتي اي كرامة المؤمن ألا تهان في حالة الهرب منه ؟) او ماذا افعل عمل لا يغضب الله تعالى علي ؟ ارجو افتائي بهذا الامر عاجلا قدر الامكان وتكونوا 

بذلك قد فرجتم عن مؤمن كربة ولكم بها جزيل مثوبات الله ولطفه وعنايته بالصلاة على محمد واله الميامين الابرار.

 

الجواب: في الحديث عن زرارة، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إن الرفق لم يوضع على شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه"[1]. وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "ما زوي الرفق عن أهل البيت إلا زوي عنهم الخير"[2]. وعن أبي الحسن (عليه السلام) قال - وقد جرى بيني وبين رجل من القوم كلام - فقال لي: "ارفق بهم، فإن كفر أحدهم في غضبه، ولا خير فيمن كان كفره في غضبه"[3].

وليست الشجاعة الحقيقية باستعراض العضلات، بل بالوقار ورباطة الجأش في الأزمات. ولا يحتاج الناس إلى كثير ذكاء لكي يدركوا فضل المعتزل عن المقابلة بالمثل، وأن ذلك منه لم يكن خوفا وجبنا، بل مداراة وحلما. ففي (نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل"[4]. وقال: "الرفق ييسر الصعاب ويسهل الأسباب"[5]. وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "من كان رفيقا في أمره نال ما يريد من الناس"[6].

وبعكس ذلك التوسل بالعنف والقوة الجسدية أو اللسانية، فإنه في ظاهره يفرض النفس على الآخرين، لكنه في الحقيقة ينقش عن صاحبه في الأذهان شخصية ضعيفة مهزوزة؛ فعن أمير المؤمنين أنه قال (عليه السلام): "ليكن شيمتك الوقار فمن كثر خرقه استرذل"[7].

 هذه هي قاعدة العقلاء، وهذا هو دين المؤمنين، كما قال الله سبحانه في كتابه عن هابيل وأخيه قابيل من قبل: "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحقّ إذ قرّبا قربانا فتقبّل من أحدهما ولم يتقبّل من الآخر قال لأقتلنّك قال إنّما يتقبّل اللّه من المتّقين . لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين . إنّي أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النّار وذلك جزاء الظّالمين"[8].

ولا يلجأ إلى غير اللين إلا عند الإضطرار، وعنده أيضا يسعى لمقاومته بإيقافه والإمساك به، لا لقتاله، فقد روي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر"[9]. 


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



[1] (وسائل الشيعة: ج11، ص214).

[2] ( المصدر السابق).

[3] ( المصدر السابق.).

[4] ( نهج البلاغة، شرح محمد عبدة: ج4، ص47)

[5] (مستدرك الوسائل: ج11، ص294).

[6] ( وسائل الشيعة: ج11، ص215).

[7] ( مستدرك الوسائل: ج12، ص73).

[8] (المائدة: 27 - 29).

[9] (ثواب الاعمال 215).


كيف أواجه أخي وهو دائما ما يحقد علي ويهينني؟


السؤال: ان لي اخ جاحد وعاصي يشرب الخمر ولايصلي ولا يصوم لحجج وذرائع واهية وهو كثير التهجم والحقد والحسد والكره علي بسبب غيرة الاخوان لتفضيل اهلي لي علي منه لبري بهما وهو عكس ذلك يعني هو قليل البر بهما بل يعقهما في كثير من الاحيان ، المهم : لب السؤال هو هل لو انه قد نوى مقاتلتي يعني يدويا يعني ماديا يعني اراد ضربي والحاق الاذى المادي بي (علما انه ليس اخي الاكبر بل هو الوسط وانا الاخير) خاصة وانا متزوج ولدي ولد عمره 10 سنين هل ارد عليه بالمثل اي اضربه كما ضربني ؟! او اهرب منه مثلا (وكرامتي اي كرامة المؤمن ألا تهان في حالة الهرب منه ؟) او ماذا افعل عمل لا يغضب الله تعالى علي ؟ ارجو افتائي بهذا الامر عاجلا قدر الامكان وتكونوا 

بذلك قد فرجتم عن مؤمن كربة ولكم بها جزيل مثوبات الله ولطفه وعنايته بالصلاة على محمد واله الميامين الابرار.

 

الجواب: في الحديث عن زرارة، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إن الرفق لم يوضع على شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه"[1]. وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "ما زوي الرفق عن أهل البيت إلا زوي عنهم الخير"[2]. وعن أبي الحسن (عليه السلام) قال - وقد جرى بيني وبين رجل من القوم كلام - فقال لي: "ارفق بهم، فإن كفر أحدهم في غضبه، ولا خير فيمن كان كفره في غضبه"[3].

وليست الشجاعة الحقيقية باستعراض العضلات، بل بالوقار ورباطة الجأش في الأزمات. ولا يحتاج الناس إلى كثير ذكاء لكي يدركوا فضل المعتزل عن المقابلة بالمثل، وأن ذلك منه لم يكن خوفا وجبنا، بل مداراة وحلما. ففي (نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل"[4]. وقال: "الرفق ييسر الصعاب ويسهل الأسباب"[5]. وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "من كان رفيقا في أمره نال ما يريد من الناس"[6].

وبعكس ذلك التوسل بالعنف والقوة الجسدية أو اللسانية، فإنه في ظاهره يفرض النفس على الآخرين، لكنه في الحقيقة ينقش عن صاحبه في الأذهان شخصية ضعيفة مهزوزة؛ فعن أمير المؤمنين أنه قال (عليه السلام): "ليكن شيمتك الوقار فمن كثر خرقه استرذل"[7].

 هذه هي قاعدة العقلاء، وهذا هو دين المؤمنين، كما قال الله سبحانه في كتابه عن هابيل وأخيه قابيل من قبل: "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحقّ إذ قرّبا قربانا فتقبّل من أحدهما ولم يتقبّل من الآخر قال لأقتلنّك قال إنّما يتقبّل اللّه من المتّقين . لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين . إنّي أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النّار وذلك جزاء الظّالمين"[8].

ولا يلجأ إلى غير اللين إلا عند الإضطرار، وعنده أيضا يسعى لمقاومته بإيقافه والإمساك به، لا لقتاله، فقد روي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر"[9]. 


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



[1] (وسائل الشيعة: ج11، ص214).

[2] ( المصدر السابق).

[3] ( المصدر السابق.).

[4] ( نهج البلاغة، شرح محمد عبدة: ج4، ص47)

[5] (مستدرك الوسائل: ج11، ص294).

[6] ( وسائل الشيعة: ج11، ص215).

[7] ( مستدرك الوسائل: ج12، ص73).

[8] (المائدة: 27 - 29).

[9] (ثواب الاعمال 215).


من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:07 م

0 التعليقات:

الأحد، 8 فبراير 2015


السؤال: ما الذي يعنيه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله في وصف الله سبحانه، بأنه لا تشبهه صورة؟ وهل له صورة أصلا حتى يقال: لا تشبهه صورة؟ وما معنى قوله: أنه داخل في الأشياء وخارج منها؟ 

 

الجواب: روى هذه الرواية كل من الشيخ الصدوق في التوحيد ، والشيخ الكليني في الكافي، عن أمير المؤمنين عليه السلام، بسند مرسل يتحد في أحمد بن محمد بن خالد يصل إلى علي بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبى ربيحة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) رفعه، قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام): بم عرفت ربك ؟ فقال: بما عرفني نفسه، قيل: وكيف عرفك نفسه ؟ فقال: لا تشبهه صورة، ولا يحس بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريب في بعده، بعيد في قربه، فوق كل شيء ولا يقال: شيء فوقه، أمام كل شيء ولا يقال: له أمام، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، وخارج من الأشياء لا كشيء من شيء خارج، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره، ولكل شئ مبدأ[1].

وتوضيحها: أنّ الله سبحانه «لا تشبهه صورة» لأنه ليس كمثله شيء، ومهما شبّهته بصورة مهما عظمت فهي محدودة والمحدودية آية الضعف والفقر والإمكان. وهو جل شأنه «لا يحسّ بالحواس» الخمس الماديّة، لأن الذي يُحس إنما هو الأجسام والأعراض والجواهر، وتعالى الله سبحانه أن يكون كذلك، كما «لا» يمكن أن «يقاس بالناس» من حيث شكلهم وقدراتهم المحكومة بالفقر والنقص. «قريب في بعده، بعيد في قربه»، إذ هو سبحانه مع ابتعاده غاية البعد على إدراك الحواس، إلاّ أنه قريب ـ غاية القرب ـ من الخلق والناس، يستشعرونه معهم أينما كانوا وحيثما كانوا، من دون أن يتلمسوه بحواسهم، ويدركوه بأبصارهم.

 «فوق كل شيء ولا يقال شيء فوقه» فإنّ الفوقية والعلوّ المتعارفين نسبيان إضافيان، فكما هما فوق وعلى بالنسبة إلى ما هو تحتهما، يكونان في المقابل تحت، بلحاظ ما هو فوقهما، لكن هذا لا يصدق على الله جلت صفاته، فإن فوقيته دائمية، وعلوه سرمدي. وكأن حق العبارة أن تكون: (فوق كل شيء، ولا يقال لشيء: فوقه) والله أعلم.

 والفوقية والعلو هنا بمعنى القاهرية والهيمنة، فله الأسماء الحسنى والصفات العليا، وهو الواحد القهار. وهو «أمام كل شيء، ولا يقال له أمام» لأنّ التقدم كالعلوّ والفوقية ليس أمراً ماديّاً نسبياً بل معنوياً حقيقياً.

 «داخل في الأشياء لا كشيءٍ داخل في شيء، وخارج من الأشياء لا كشيء خارج من شيء»، إذ «ما يكون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلاّ هو معهم أين ما كانوا»[2]، ولأنه أقرب إلينا من حبل الوريد، بل هو الذي به الوجود، وبسببه وجد الوجود، فالخلق كلماته وتجلياته، لكنه مع ذلك يقال مع الجمع وليس فيه، وإلاّ لزم أن يُشار إليه، كما يلزم لو كان وجوده مادياً أن تخلو الأماكن الأخرى منه، مما يؤول إلى نسبة الفقر والضعف والمحدوديّة إليه، سبحانه وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً.

 بل لا سنخيّة بين الوجودين، وجود الممكن ووجود الواجب ذي القوة المتين. فإذا قيل إنه في الأشياء فهو ليس كشيء داخل في شيء، وإذا قيل إنه خارج من الأشياء كان ليس كشيء خارجٍ من شيء «سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره». فهي صفات اختص بها دون سواه، وتنزّه بها عن المخلوقين «ولكل شيء مبدأ» أو (مبتدأ) يكون العلة التي منها تأخذ وجودها والبداية التي تنطلق منها.

ويمكن للاستزادة مراجعة المطولات كشرح أصول الكافي للمولى محمد صالح المازندراني[3].



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1] ( بحار الأنوار: ج 3  ص271).

[2] سورة (المجادلة: 7).

[3]  شرح أصول الكافي: (ج3  ص84).

صفات الله بلسان أمير المؤمنين (ع)


السؤال: ما الذي يعنيه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله في وصف الله سبحانه، بأنه لا تشبهه صورة؟ وهل له صورة أصلا حتى يقال: لا تشبهه صورة؟ وما معنى قوله: أنه داخل في الأشياء وخارج منها؟ 

 

الجواب: روى هذه الرواية كل من الشيخ الصدوق في التوحيد ، والشيخ الكليني في الكافي، عن أمير المؤمنين عليه السلام، بسند مرسل يتحد في أحمد بن محمد بن خالد يصل إلى علي بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبى ربيحة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) رفعه، قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام): بم عرفت ربك ؟ فقال: بما عرفني نفسه، قيل: وكيف عرفك نفسه ؟ فقال: لا تشبهه صورة، ولا يحس بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريب في بعده، بعيد في قربه، فوق كل شيء ولا يقال: شيء فوقه، أمام كل شيء ولا يقال: له أمام، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، وخارج من الأشياء لا كشيء من شيء خارج، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره، ولكل شئ مبدأ[1].

وتوضيحها: أنّ الله سبحانه «لا تشبهه صورة» لأنه ليس كمثله شيء، ومهما شبّهته بصورة مهما عظمت فهي محدودة والمحدودية آية الضعف والفقر والإمكان. وهو جل شأنه «لا يحسّ بالحواس» الخمس الماديّة، لأن الذي يُحس إنما هو الأجسام والأعراض والجواهر، وتعالى الله سبحانه أن يكون كذلك، كما «لا» يمكن أن «يقاس بالناس» من حيث شكلهم وقدراتهم المحكومة بالفقر والنقص. «قريب في بعده، بعيد في قربه»، إذ هو سبحانه مع ابتعاده غاية البعد على إدراك الحواس، إلاّ أنه قريب ـ غاية القرب ـ من الخلق والناس، يستشعرونه معهم أينما كانوا وحيثما كانوا، من دون أن يتلمسوه بحواسهم، ويدركوه بأبصارهم.

 «فوق كل شيء ولا يقال شيء فوقه» فإنّ الفوقية والعلوّ المتعارفين نسبيان إضافيان، فكما هما فوق وعلى بالنسبة إلى ما هو تحتهما، يكونان في المقابل تحت، بلحاظ ما هو فوقهما، لكن هذا لا يصدق على الله جلت صفاته، فإن فوقيته دائمية، وعلوه سرمدي. وكأن حق العبارة أن تكون: (فوق كل شيء، ولا يقال لشيء: فوقه) والله أعلم.

 والفوقية والعلو هنا بمعنى القاهرية والهيمنة، فله الأسماء الحسنى والصفات العليا، وهو الواحد القهار. وهو «أمام كل شيء، ولا يقال له أمام» لأنّ التقدم كالعلوّ والفوقية ليس أمراً ماديّاً نسبياً بل معنوياً حقيقياً.

 «داخل في الأشياء لا كشيءٍ داخل في شيء، وخارج من الأشياء لا كشيء خارج من شيء»، إذ «ما يكون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلاّ هو معهم أين ما كانوا»[2]، ولأنه أقرب إلينا من حبل الوريد، بل هو الذي به الوجود، وبسببه وجد الوجود، فالخلق كلماته وتجلياته، لكنه مع ذلك يقال مع الجمع وليس فيه، وإلاّ لزم أن يُشار إليه، كما يلزم لو كان وجوده مادياً أن تخلو الأماكن الأخرى منه، مما يؤول إلى نسبة الفقر والضعف والمحدوديّة إليه، سبحانه وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً.

 بل لا سنخيّة بين الوجودين، وجود الممكن ووجود الواجب ذي القوة المتين. فإذا قيل إنه في الأشياء فهو ليس كشيء داخل في شيء، وإذا قيل إنه خارج من الأشياء كان ليس كشيء خارجٍ من شيء «سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره». فهي صفات اختص بها دون سواه، وتنزّه بها عن المخلوقين «ولكل شيء مبدأ» أو (مبتدأ) يكون العلة التي منها تأخذ وجودها والبداية التي تنطلق منها.

ويمكن للاستزادة مراجعة المطولات كشرح أصول الكافي للمولى محمد صالح المازندراني[3].



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1] ( بحار الأنوار: ج 3  ص271).

[2] سورة (المجادلة: 7).

[3]  شرح أصول الكافي: (ج3  ص84).

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:39 م

0 التعليقات:

الأربعاء، 4 فبراير 2015


السؤال: ما معنى قول الامام الصادق (ع): "من عبد الاسم ولم يعبد المعنى فقد كفر، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك، ومن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي يصف بها نفسه  فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سر أمره وعلانيته فأولئك أصحاب أمير المؤمنين

 

الجواب: الرواية بكاملها كما رواها الشيخ الصدوق في التوحيد هي: ابن الوليد، عن الصفار، عن اليقطيني، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من عبد الله بالتوهم فقد كفر، ومن عبد الاسم ولم يعبد المعنى فقد كفر، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك، ومن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي يصف بها نفسه، فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سر أمره وعلانيته فأولئك أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام" . وفي حديث آخر: " أولئك هم المؤمنون حقا"[1].

وفي الرواية تقسيم العبادة إلى أربعة أقسام قسم منها صحيح، والثلاثة الأخر باطلة.. وقسمان من الثلاثة يلزم منهما الكفر وواحد يلزم منه الشرك..

لأنك حين تتوهمه فقد خلقت له صورة في ذهنك وجعلت له حدوداً من عندك، وهو ـ وإن كان في أجلى وأكمل تصوّراتك ـ يكون مخلوقاً محدوداً وفقيراً، وهو في حدّ الكفر بالله العظيم.

وحين تعبد الاسم فقط من دون معانيها فقد عبدت ألفاظاً مفرّغة من محتواها ومعناها، وعلى ذلك فهو إله شكلي خالٍ من كل كمال، فقير إلى كل جمال، في حين أن لله سبحانه الأسماء الحسنى وهو على كل شيء قدير.. وعلى هذا فهو شكل آخر من أشكال الكفر.

فإن قلت: إني أعبد الاسم والمعنى معاً، بنحو الاثنينية، لا أحدهما فقط.. قلت: تكون حينها قد ثنيته، وجعلت له شريكاً، وهو نوع من الشرك واضح. فلم يبق إلاّ أن تعبد الله وحده لا شريك له، المدلول عليه بأسمائه وصفاته، بنحو يكون هو عين صفاته دون فصل لا في العينيّة ولا في التوهم.. وهو حق التوحيد، فأولئك هم المؤمنون الموحدون حقّاً، وهم أصحاب عليّ أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام.

ويقول الامام جعفر الصادق عليه السلام : (من زعم أنه يعرف الله بتوهم القلوب فهو مشرك، ومن زعم أنه يعرف الله بالاسم دون المعنى فقد أقر بالطعن، لأن الاسم محدث. ومن زعم أنه يعبد الاسم والمعنى فقد جعل مع الله شريكاً. ومن زعم أنه يعبد المعنى بالصفة لا بالإدراك فقد أحال على غائب. ومن زعم أنه يعبد الصفة والموصوف فقد أبطل التوحيد لأن الصفة غير الموصوف. ومن زعم أنه يضيف الموصوف إلى الصفة فقد صغر بالكبير وما قدروا الله حق قدره)[2].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1] (بحار الأنوار: ج 4  ص166).

[2] (ولزيادة الاستيضاح: راجع تحف العقول: ص326 . وبحار الأنوار: ج65  ص276).


عبادة الاسم والمعنى


السؤال: ما معنى قول الامام الصادق (ع): "من عبد الاسم ولم يعبد المعنى فقد كفر، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك، ومن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي يصف بها نفسه  فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سر أمره وعلانيته فأولئك أصحاب أمير المؤمنين

 

الجواب: الرواية بكاملها كما رواها الشيخ الصدوق في التوحيد هي: ابن الوليد، عن الصفار، عن اليقطيني، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من عبد الله بالتوهم فقد كفر، ومن عبد الاسم ولم يعبد المعنى فقد كفر، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك، ومن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي يصف بها نفسه، فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سر أمره وعلانيته فأولئك أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام" . وفي حديث آخر: " أولئك هم المؤمنون حقا"[1].

وفي الرواية تقسيم العبادة إلى أربعة أقسام قسم منها صحيح، والثلاثة الأخر باطلة.. وقسمان من الثلاثة يلزم منهما الكفر وواحد يلزم منه الشرك..

لأنك حين تتوهمه فقد خلقت له صورة في ذهنك وجعلت له حدوداً من عندك، وهو ـ وإن كان في أجلى وأكمل تصوّراتك ـ يكون مخلوقاً محدوداً وفقيراً، وهو في حدّ الكفر بالله العظيم.

وحين تعبد الاسم فقط من دون معانيها فقد عبدت ألفاظاً مفرّغة من محتواها ومعناها، وعلى ذلك فهو إله شكلي خالٍ من كل كمال، فقير إلى كل جمال، في حين أن لله سبحانه الأسماء الحسنى وهو على كل شيء قدير.. وعلى هذا فهو شكل آخر من أشكال الكفر.

فإن قلت: إني أعبد الاسم والمعنى معاً، بنحو الاثنينية، لا أحدهما فقط.. قلت: تكون حينها قد ثنيته، وجعلت له شريكاً، وهو نوع من الشرك واضح. فلم يبق إلاّ أن تعبد الله وحده لا شريك له، المدلول عليه بأسمائه وصفاته، بنحو يكون هو عين صفاته دون فصل لا في العينيّة ولا في التوهم.. وهو حق التوحيد، فأولئك هم المؤمنون الموحدون حقّاً، وهم أصحاب عليّ أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام.

ويقول الامام جعفر الصادق عليه السلام : (من زعم أنه يعرف الله بتوهم القلوب فهو مشرك، ومن زعم أنه يعرف الله بالاسم دون المعنى فقد أقر بالطعن، لأن الاسم محدث. ومن زعم أنه يعبد الاسم والمعنى فقد جعل مع الله شريكاً. ومن زعم أنه يعبد المعنى بالصفة لا بالإدراك فقد أحال على غائب. ومن زعم أنه يعبد الصفة والموصوف فقد أبطل التوحيد لأن الصفة غير الموصوف. ومن زعم أنه يضيف الموصوف إلى الصفة فقد صغر بالكبير وما قدروا الله حق قدره)[2].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1] (بحار الأنوار: ج 4  ص166).

[2] (ولزيادة الاستيضاح: راجع تحف العقول: ص326 . وبحار الأنوار: ج65  ص276).


من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:46 م

0 التعليقات:

الاثنين، 2 فبراير 2015


 

السؤال: كيف يصح أن يتبع موسى  الخضر عليهما السلام، والمفروض أن موسى هو النبي ومن أولي العزم، ولم يكن الخضر كذلك؟

 

الجواب: لا تنافي بين الأمرين، ولا بين الوظيفتين، فلموسى (عليه السلام) كان السبق في علوم التشريع، وكانت للخضر علوم تكوينية، ولم يكن الخضر من أمة موسى لكي يلزم تقدمه عليه حتى في الأمور التكوينية.

وروي: أن موسى سأل ربه: أي عبادك أحبّ إليك؟ فقال: الذي يذكرني ولا ينساني، قال: فأي عبادك أقضى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى، قال: فأي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي  علم الناس إلى علمه، عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى، أو ترده عن ردى. قال: إن كان في عبادك أعلم مني فادللني عليه، قال: أعلم منك الخضر، قال: أين أطلبه؟.. قال: على الساحل عند الصخرة، قال: كيف لي به؟ قال: تأخذ حوتاِ في مكتلك[1]، فحيث فقدتَه فهو هناك ... الخبر[2]

فإن قيل: كيف يجوز أن يكون نبي أعلم من موسى في وقته: قيل عن ذلك ثلاثة اجوبة: 

أحدها - انه يجوز أن يكون نبي أعلم من نبي في وقته عند من قال: ان الخضر كان نبياً.

والثاني - أن يكون موسى أعلم من الخضر بجميع مايؤدي عن الله على عباده، وفى كل ما هو حجة فيه، وإنما خص الخضر بعلم ما لا يتعلق بالأداء.

الثالث - ان موسى استعلم من جهة ذلك العلم فقط، وإن كان عنده علم ما سوى ذلك[3].

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) كان عنده علم لم يكتب لموسى (عليه السلام) في الألواح، وكان موسى يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في تابوته، وأن جميع العلم قد كتب له في الألواح[4]

وقال الشيخ المفيد في المسائل العكبرية[5]؛ المسألة الخامسة: قال السائل: والأنبياء عندنا معصومون كاملون، فما بال موسى (عليه السلام) كان تلميذاً للخضر، وهو أعلى منه، ثم أنكر على الخضر فعله، والحق فيه؟ الجواب وبالله التوفيق: أن موسى (عليه السلام) اتبع الخضر قبل أن ينبأ ويبعث، و هو إذ ذاك يطلب العلم، ويلتمس الفضل فيه، فلما كلمه الله وانتهى من الفضل في العبادة والعلم إلى الغاية التي بلغها، بعثه الله تعالى رسولاً، واختاره كليماً نبياً، وليس في اتباع الأنبياء العلماء قبل نبوتهم قدح فيهم، ولا منفر عنهم، ولا شين لهم، ولا مانع من بعثتهم و اصطفائهم. ولو كان موسى (عليه السلام) اتبع الخضر بعد بعثته لم يكن ذلك أيضاً قادحاً في نبوته، لأنه لم يتبعه لاستفادته منه علم شريعته، وإنما اتبعه ليعرف باطن أحكامه، التي لا يخل فقد علمه بها بكماله في علم ديانته، وليس من شرط الأنبياء (عليه السلام) أن يحيطوا بكل علم، ولا أن يقفوا على باطن كل ظاهر. 

أقول: يمكن النقاش في جواب الشيخ المفيد الأول، وهو: حصول المرافقة قبل بعثة موسى عليه السلام، وذلك لأن موسى إنما ذهب للقاء الخضر بوحي رباني بعد رجوعه من مدين وقيادته لبني إسرائيل حسب سياق الآيات والروايات.

كما يمكن الجواب عن الشبهة بالقول: إن معلم النبي إذا كان بوحي إلهي - كما هو الظاهر من القصة – يرفع الإشكال، باعتبار أن علم الاثنين من الله، الذي علم كل شيء. وبه يتضح الجواب عنه وعن أمثاله، مثل تعليم جبرئيل للنبي ولسائر الأنبياء صلوات الله على نبينا وآله وعلى سائر النبيين أجمعين.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1]  المكتل: الجعبة والجراب.

[2] (بحار الأنوار: ج13  ص 281. تفسير البيضاوي: ج2 ص19).

[3] (التبيان في تفسير القرآن، للشيخ الطوسي: ج7 ص70 و71).

[4] (الصافي، للفيض الكاشاني: ج3 ص252).


بين علم الخضر ونبوة موسى عليهما السلام


 

السؤال: كيف يصح أن يتبع موسى  الخضر عليهما السلام، والمفروض أن موسى هو النبي ومن أولي العزم، ولم يكن الخضر كذلك؟

 

الجواب: لا تنافي بين الأمرين، ولا بين الوظيفتين، فلموسى (عليه السلام) كان السبق في علوم التشريع، وكانت للخضر علوم تكوينية، ولم يكن الخضر من أمة موسى لكي يلزم تقدمه عليه حتى في الأمور التكوينية.

وروي: أن موسى سأل ربه: أي عبادك أحبّ إليك؟ فقال: الذي يذكرني ولا ينساني، قال: فأي عبادك أقضى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى، قال: فأي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي  علم الناس إلى علمه، عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى، أو ترده عن ردى. قال: إن كان في عبادك أعلم مني فادللني عليه، قال: أعلم منك الخضر، قال: أين أطلبه؟.. قال: على الساحل عند الصخرة، قال: كيف لي به؟ قال: تأخذ حوتاِ في مكتلك[1]، فحيث فقدتَه فهو هناك ... الخبر[2]

فإن قيل: كيف يجوز أن يكون نبي أعلم من موسى في وقته: قيل عن ذلك ثلاثة اجوبة: 

أحدها - انه يجوز أن يكون نبي أعلم من نبي في وقته عند من قال: ان الخضر كان نبياً.

والثاني - أن يكون موسى أعلم من الخضر بجميع مايؤدي عن الله على عباده، وفى كل ما هو حجة فيه، وإنما خص الخضر بعلم ما لا يتعلق بالأداء.

الثالث - ان موسى استعلم من جهة ذلك العلم فقط، وإن كان عنده علم ما سوى ذلك[3].

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) كان عنده علم لم يكتب لموسى (عليه السلام) في الألواح، وكان موسى يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها في تابوته، وأن جميع العلم قد كتب له في الألواح[4]

وقال الشيخ المفيد في المسائل العكبرية[5]؛ المسألة الخامسة: قال السائل: والأنبياء عندنا معصومون كاملون، فما بال موسى (عليه السلام) كان تلميذاً للخضر، وهو أعلى منه، ثم أنكر على الخضر فعله، والحق فيه؟ الجواب وبالله التوفيق: أن موسى (عليه السلام) اتبع الخضر قبل أن ينبأ ويبعث، و هو إذ ذاك يطلب العلم، ويلتمس الفضل فيه، فلما كلمه الله وانتهى من الفضل في العبادة والعلم إلى الغاية التي بلغها، بعثه الله تعالى رسولاً، واختاره كليماً نبياً، وليس في اتباع الأنبياء العلماء قبل نبوتهم قدح فيهم، ولا منفر عنهم، ولا شين لهم، ولا مانع من بعثتهم و اصطفائهم. ولو كان موسى (عليه السلام) اتبع الخضر بعد بعثته لم يكن ذلك أيضاً قادحاً في نبوته، لأنه لم يتبعه لاستفادته منه علم شريعته، وإنما اتبعه ليعرف باطن أحكامه، التي لا يخل فقد علمه بها بكماله في علم ديانته، وليس من شرط الأنبياء (عليه السلام) أن يحيطوا بكل علم، ولا أن يقفوا على باطن كل ظاهر. 

أقول: يمكن النقاش في جواب الشيخ المفيد الأول، وهو: حصول المرافقة قبل بعثة موسى عليه السلام، وذلك لأن موسى إنما ذهب للقاء الخضر بوحي رباني بعد رجوعه من مدين وقيادته لبني إسرائيل حسب سياق الآيات والروايات.

كما يمكن الجواب عن الشبهة بالقول: إن معلم النبي إذا كان بوحي إلهي - كما هو الظاهر من القصة – يرفع الإشكال، باعتبار أن علم الاثنين من الله، الذي علم كل شيء. وبه يتضح الجواب عنه وعن أمثاله، مثل تعليم جبرئيل للنبي ولسائر الأنبياء صلوات الله على نبينا وآله وعلى سائر النبيين أجمعين.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1]  المكتل: الجعبة والجراب.

[2] (بحار الأنوار: ج13  ص 281. تفسير البيضاوي: ج2 ص19).

[3] (التبيان في تفسير القرآن، للشيخ الطوسي: ج7 ص70 و71).

[4] (الصافي، للفيض الكاشاني: ج3 ص252).


من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:31 م

0 التعليقات:

الأحد، 1 فبراير 2015


السؤال: إذا كان كيد الشيطان ضعيفاً، وأنه لم يكن ليقوى على صبر المؤمن وقوة يقينه، فما ميزة النبي أيوب؟ خصوصاً مع تأييد الله لعباده المخلَصين (بفتح اللام)، الذين أخلصهم بخالصة التقوى والعصمة؟

 

الجواب: لم تكن حبائل الشيطان اعتيادية بالنسبة لأيوب عليه السلام، فلقد سلط الله عليه إبليس بقوى جديدة وإضافية، غير وسائله المعتادة، إدحاضاً لمزاعم الشيطان، وإظهاراً لقوة دين أيوب (عليه السلام). ففي الحديث عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سألته عن بلية أيوب عليه السلام التي ابتلي بها في الدنيا لأي علة كانت ؟ قال: لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا وأدى شكرها، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس عن دون العرش، فلما صعد ورأى شكر نعمة أيوب حسده إبليس فقال: يا رب إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، ولو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبداً، فسلّطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي إليك شكر نعمة أبداً.

 فقيل له: قد سلطتك على ماله وولده، قال: فانحدر إبليس فلم يُبق له مالاً ولا ولداً إلا أعطبه، فازداد أيوب لله شكراً وحمداً، فقال: فسلطني على زرعه يا رب، قال: قد فعلت، فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق، فازداد أيوب لله شكراً وحمداً، فقال: يا رب سلطني على غنمه، فسلطه على غنمه فأهلكها فازداد أيوب لله شكراً وحمداً، فقال: يا رب سلطني على بدنه، فسلطه على بدنه ماخلا عقله وعينيه؛ فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقي في ذلك دهراً طويلاً يحمد الله ويشكره حتى وقع في بدنه الدود، وكانت تخرج من بدنه فيردها ويقول لها: ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه، ونتن حتى أخرجه أهل القرية من القرية وألقوه على المزبلة خارج القرية، وكانت امرأته رحمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، صلى الله عليهم وعليها، تتصدق من الناس وتأتيه بما تجده.

قال: فلما طال عليه البلاء ورأى إبليس صبره أتى أصحاباً له كانوا رهباناً في الجبال، وقال لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليته، فركبوا بغالاً شهباً وجاءوا، فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه، فقرنوا بعضاً إلى بعض ثم مشوا إليه، وكان فيهم شاب حدث السن فقعدوا إليه فقالوا: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله كان يهلكنا إذا سألناه، وما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يُبتَلَ به أحد إلا من أمر كنت تستره، فقال أيوب: وعزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا ويتيم أو ضعيف يأكل معي، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدهما على بدني، فقال الشاب: سوأة لكم عمدتم إلى نبي الله فعيرتموه حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها؟ فقال أيوب: يا رب لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي، فبعث الله إليه غمامة فقال: يا أيوب أدلني بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم وها أنذا قريب ولم أزل، فقال: يا رب إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك ؟ ألم أشكرك ؟ ألم اسبحك ؟ قال: فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب من صيرك تعبد الله والناس عنه غافلون؟ وتحمده وتسبحه وتكبره والناس عنه غافلون؟ أتمنّ على الله بما لله المن فيه عليك؟ قال: فأخذ أيوب التراب فوضعه في فيه، ثم قال: لك العتبى يا رب أنت الذي فعلت ذلك بي، قال: فأنزل الله عليه ملكاً، فركض برجله، فخرج الماء فغسله بذلك الماء، فعاد أحسن ما كان وأطرى.. الخبر وهو طويل[1].

 ومع ذلك فقد أخفقت جميع مكائد الشيطان في مقابل صبره عليه السلام واحتسابه. وقد شهد الله تعالى بالصبر والاحتساب فقال: " إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"[2].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1] (بحار الأنوار: ج12 ص341).

(2) ص آية 44



الشيطان ومكائده لنبي الله أيوب


السؤال: إذا كان كيد الشيطان ضعيفاً، وأنه لم يكن ليقوى على صبر المؤمن وقوة يقينه، فما ميزة النبي أيوب؟ خصوصاً مع تأييد الله لعباده المخلَصين (بفتح اللام)، الذين أخلصهم بخالصة التقوى والعصمة؟

 

الجواب: لم تكن حبائل الشيطان اعتيادية بالنسبة لأيوب عليه السلام، فلقد سلط الله عليه إبليس بقوى جديدة وإضافية، غير وسائله المعتادة، إدحاضاً لمزاعم الشيطان، وإظهاراً لقوة دين أيوب (عليه السلام). ففي الحديث عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سألته عن بلية أيوب عليه السلام التي ابتلي بها في الدنيا لأي علة كانت ؟ قال: لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا وأدى شكرها، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس عن دون العرش، فلما صعد ورأى شكر نعمة أيوب حسده إبليس فقال: يا رب إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، ولو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبداً، فسلّطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي إليك شكر نعمة أبداً.

 فقيل له: قد سلطتك على ماله وولده، قال: فانحدر إبليس فلم يُبق له مالاً ولا ولداً إلا أعطبه، فازداد أيوب لله شكراً وحمداً، فقال: فسلطني على زرعه يا رب، قال: قد فعلت، فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق، فازداد أيوب لله شكراً وحمداً، فقال: يا رب سلطني على غنمه، فسلطه على غنمه فأهلكها فازداد أيوب لله شكراً وحمداً، فقال: يا رب سلطني على بدنه، فسلطه على بدنه ماخلا عقله وعينيه؛ فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقي في ذلك دهراً طويلاً يحمد الله ويشكره حتى وقع في بدنه الدود، وكانت تخرج من بدنه فيردها ويقول لها: ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه، ونتن حتى أخرجه أهل القرية من القرية وألقوه على المزبلة خارج القرية، وكانت امرأته رحمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، صلى الله عليهم وعليها، تتصدق من الناس وتأتيه بما تجده.

قال: فلما طال عليه البلاء ورأى إبليس صبره أتى أصحاباً له كانوا رهباناً في الجبال، وقال لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليته، فركبوا بغالاً شهباً وجاءوا، فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه، فقرنوا بعضاً إلى بعض ثم مشوا إليه، وكان فيهم شاب حدث السن فقعدوا إليه فقالوا: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله كان يهلكنا إذا سألناه، وما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يُبتَلَ به أحد إلا من أمر كنت تستره، فقال أيوب: وعزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا ويتيم أو ضعيف يأكل معي، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدهما على بدني، فقال الشاب: سوأة لكم عمدتم إلى نبي الله فعيرتموه حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها؟ فقال أيوب: يا رب لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي، فبعث الله إليه غمامة فقال: يا أيوب أدلني بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم وها أنذا قريب ولم أزل، فقال: يا رب إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك ؟ ألم أشكرك ؟ ألم اسبحك ؟ قال: فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب من صيرك تعبد الله والناس عنه غافلون؟ وتحمده وتسبحه وتكبره والناس عنه غافلون؟ أتمنّ على الله بما لله المن فيه عليك؟ قال: فأخذ أيوب التراب فوضعه في فيه، ثم قال: لك العتبى يا رب أنت الذي فعلت ذلك بي، قال: فأنزل الله عليه ملكاً، فركض برجله، فخرج الماء فغسله بذلك الماء، فعاد أحسن ما كان وأطرى.. الخبر وهو طويل[1].

 ومع ذلك فقد أخفقت جميع مكائد الشيطان في مقابل صبره عليه السلام واحتسابه. وقد شهد الله تعالى بالصبر والاحتساب فقال: " إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"[2].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1] (بحار الأنوار: ج12 ص341).

(2) ص آية 44



من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  11:12 م

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top