الأحد، 8 فبراير 2015

صفات الله بلسان أمير المؤمنين (ع)

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:39 م 0 تعليقات


السؤال: ما الذي يعنيه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله في وصف الله سبحانه، بأنه لا تشبهه صورة؟ وهل له صورة أصلا حتى يقال: لا تشبهه صورة؟ وما معنى قوله: أنه داخل في الأشياء وخارج منها؟ 

 

الجواب: روى هذه الرواية كل من الشيخ الصدوق في التوحيد ، والشيخ الكليني في الكافي، عن أمير المؤمنين عليه السلام، بسند مرسل يتحد في أحمد بن محمد بن خالد يصل إلى علي بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبى ربيحة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) رفعه، قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام): بم عرفت ربك ؟ فقال: بما عرفني نفسه، قيل: وكيف عرفك نفسه ؟ فقال: لا تشبهه صورة، ولا يحس بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريب في بعده، بعيد في قربه، فوق كل شيء ولا يقال: شيء فوقه، أمام كل شيء ولا يقال: له أمام، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، وخارج من الأشياء لا كشيء من شيء خارج، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره، ولكل شئ مبدأ[1].

وتوضيحها: أنّ الله سبحانه «لا تشبهه صورة» لأنه ليس كمثله شيء، ومهما شبّهته بصورة مهما عظمت فهي محدودة والمحدودية آية الضعف والفقر والإمكان. وهو جل شأنه «لا يحسّ بالحواس» الخمس الماديّة، لأن الذي يُحس إنما هو الأجسام والأعراض والجواهر، وتعالى الله سبحانه أن يكون كذلك، كما «لا» يمكن أن «يقاس بالناس» من حيث شكلهم وقدراتهم المحكومة بالفقر والنقص. «قريب في بعده، بعيد في قربه»، إذ هو سبحانه مع ابتعاده غاية البعد على إدراك الحواس، إلاّ أنه قريب ـ غاية القرب ـ من الخلق والناس، يستشعرونه معهم أينما كانوا وحيثما كانوا، من دون أن يتلمسوه بحواسهم، ويدركوه بأبصارهم.

 «فوق كل شيء ولا يقال شيء فوقه» فإنّ الفوقية والعلوّ المتعارفين نسبيان إضافيان، فكما هما فوق وعلى بالنسبة إلى ما هو تحتهما، يكونان في المقابل تحت، بلحاظ ما هو فوقهما، لكن هذا لا يصدق على الله جلت صفاته، فإن فوقيته دائمية، وعلوه سرمدي. وكأن حق العبارة أن تكون: (فوق كل شيء، ولا يقال لشيء: فوقه) والله أعلم.

 والفوقية والعلو هنا بمعنى القاهرية والهيمنة، فله الأسماء الحسنى والصفات العليا، وهو الواحد القهار. وهو «أمام كل شيء، ولا يقال له أمام» لأنّ التقدم كالعلوّ والفوقية ليس أمراً ماديّاً نسبياً بل معنوياً حقيقياً.

 «داخل في الأشياء لا كشيءٍ داخل في شيء، وخارج من الأشياء لا كشيء خارج من شيء»، إذ «ما يكون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلاّ هو معهم أين ما كانوا»[2]، ولأنه أقرب إلينا من حبل الوريد، بل هو الذي به الوجود، وبسببه وجد الوجود، فالخلق كلماته وتجلياته، لكنه مع ذلك يقال مع الجمع وليس فيه، وإلاّ لزم أن يُشار إليه، كما يلزم لو كان وجوده مادياً أن تخلو الأماكن الأخرى منه، مما يؤول إلى نسبة الفقر والضعف والمحدوديّة إليه، سبحانه وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً.

 بل لا سنخيّة بين الوجودين، وجود الممكن ووجود الواجب ذي القوة المتين. فإذا قيل إنه في الأشياء فهو ليس كشيء داخل في شيء، وإذا قيل إنه خارج من الأشياء كان ليس كشيء خارجٍ من شيء «سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره». فهي صفات اختص بها دون سواه، وتنزّه بها عن المخلوقين «ولكل شيء مبدأ» أو (مبتدأ) يكون العلة التي منها تأخذ وجودها والبداية التي تنطلق منها.

ويمكن للاستزادة مراجعة المطولات كشرح أصول الكافي للمولى محمد صالح المازندراني[3].



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1] ( بحار الأنوار: ج 3  ص271).

[2] سورة (المجادلة: 7).

[3]  شرح أصول الكافي: (ج3  ص84).

التسميات :
نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top