الأحد، 1 فبراير 2015

الشيطان ومكائده لنبي الله أيوب

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  11:12 م 0 تعليقات


السؤال: إذا كان كيد الشيطان ضعيفاً، وأنه لم يكن ليقوى على صبر المؤمن وقوة يقينه، فما ميزة النبي أيوب؟ خصوصاً مع تأييد الله لعباده المخلَصين (بفتح اللام)، الذين أخلصهم بخالصة التقوى والعصمة؟

 

الجواب: لم تكن حبائل الشيطان اعتيادية بالنسبة لأيوب عليه السلام، فلقد سلط الله عليه إبليس بقوى جديدة وإضافية، غير وسائله المعتادة، إدحاضاً لمزاعم الشيطان، وإظهاراً لقوة دين أيوب (عليه السلام). ففي الحديث عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سألته عن بلية أيوب عليه السلام التي ابتلي بها في الدنيا لأي علة كانت ؟ قال: لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا وأدى شكرها، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس عن دون العرش، فلما صعد ورأى شكر نعمة أيوب حسده إبليس فقال: يا رب إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، ولو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبداً، فسلّطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي إليك شكر نعمة أبداً.

 فقيل له: قد سلطتك على ماله وولده، قال: فانحدر إبليس فلم يُبق له مالاً ولا ولداً إلا أعطبه، فازداد أيوب لله شكراً وحمداً، فقال: فسلطني على زرعه يا رب، قال: قد فعلت، فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق، فازداد أيوب لله شكراً وحمداً، فقال: يا رب سلطني على غنمه، فسلطه على غنمه فأهلكها فازداد أيوب لله شكراً وحمداً، فقال: يا رب سلطني على بدنه، فسلطه على بدنه ماخلا عقله وعينيه؛ فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقي في ذلك دهراً طويلاً يحمد الله ويشكره حتى وقع في بدنه الدود، وكانت تخرج من بدنه فيردها ويقول لها: ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه، ونتن حتى أخرجه أهل القرية من القرية وألقوه على المزبلة خارج القرية، وكانت امرأته رحمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، صلى الله عليهم وعليها، تتصدق من الناس وتأتيه بما تجده.

قال: فلما طال عليه البلاء ورأى إبليس صبره أتى أصحاباً له كانوا رهباناً في الجبال، وقال لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليته، فركبوا بغالاً شهباً وجاءوا، فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه، فقرنوا بعضاً إلى بعض ثم مشوا إليه، وكان فيهم شاب حدث السن فقعدوا إليه فقالوا: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله كان يهلكنا إذا سألناه، وما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يُبتَلَ به أحد إلا من أمر كنت تستره، فقال أيوب: وعزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا ويتيم أو ضعيف يأكل معي، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدهما على بدني، فقال الشاب: سوأة لكم عمدتم إلى نبي الله فعيرتموه حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها؟ فقال أيوب: يا رب لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي، فبعث الله إليه غمامة فقال: يا أيوب أدلني بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم وها أنذا قريب ولم أزل، فقال: يا رب إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي، ألم أحمدك ؟ ألم أشكرك ؟ ألم اسبحك ؟ قال: فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان: يا أيوب من صيرك تعبد الله والناس عنه غافلون؟ وتحمده وتسبحه وتكبره والناس عنه غافلون؟ أتمنّ على الله بما لله المن فيه عليك؟ قال: فأخذ أيوب التراب فوضعه في فيه، ثم قال: لك العتبى يا رب أنت الذي فعلت ذلك بي، قال: فأنزل الله عليه ملكاً، فركض برجله، فخرج الماء فغسله بذلك الماء، فعاد أحسن ما كان وأطرى.. الخبر وهو طويل[1].

 ومع ذلك فقد أخفقت جميع مكائد الشيطان في مقابل صبره عليه السلام واحتسابه. وقد شهد الله تعالى بالصبر والاحتساب فقال: " إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"[2].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1] (بحار الأنوار: ج12 ص341).

(2) ص آية 44



التسميات :
نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top