جميع المواضيع

الجمعة، 1 يناير 2016


السنوات والأيام كلها لله ومن الله جل وعلا. لكن الإقبال الملفت على الاعتداد والاحتفاء بمناسبة دخول العام الميلادي الجديد يرسم سؤالا عريضا بحجم الانتماء والترويج للعقيدة. إذ أن كل يوم مرشح ﻷن يكون بداية أو نهاية لعام من الأعوام. وﻻ شك أن للسنة الميلادية فوائدها وإشاراتها الفلكية؛ ﻷنها تحكي دورة كاملة للأرض حول الشمس، وقد قسموا الدورة إلى 360 درجة، ثم قسموا هذه الدرجات إلى 12 قسما، كل قسم منها شهر من الشهور يعادل 30 درجة. كل هذا صحيح ومسلم. لكن ما هي بداية السنة؟ ولماذا السنة اثناعشر شهرا، وليست  عشرين أو تسعة أو سبعة مثلا؟ ولماذا شهر يناير كانون الثاني هو بالتحديد البداية دون سواه؟ ولماذا صار بعض الأشهر 30 يوما وبعضها اﻵخر 31، وبعضها الثالث 28؟ ولماذا؟ ولماذا؟ وكلها أسئلة وجيهة تبقى دون جواب؛ ﻷن الأمر ببساطة هو اعتباري توافقي، توافق عليه بعض البشر، دون أن يعكس حقيقة وراءه!. ومع ذلك نجد امة القرآن تتسابق في تهادي التحايا والتهاني في بداية هذه السنة ونهايتها!.
في الطرف المقابل: لو رجعنا إلى التاريخ القمري لوجدنا دورة القمر تحدد بنفسها عدد الشهور، وعدد أيام السنة، وتضبط أيام الشهور بضبط دقيق. وفوق كل ذلك تم اختيارها بجعل من الله الخلاق العليم الحكيم مقياسا للآجال ومواقيت للطاعات والأحكام، فقال عز من قائل: (إن عدة الشهور عند الله اثناعشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم). فبين تبارك وتعالى خصوصيتها ولزوم الاعتناء بها، واختارها من دون سائر التقاويم، وجعل شهورها الحرم الأربعة علامة فارقة تميزها عن سائر الشهور. بأهلتها تعرف مواقيت الناس والحج، وفي ضوئها تقاس أعمار النساء والرجال، ويتحدد زمان بلوغهم وتكليفهم، ويحسب بها عدة الطلاق،  وبها تقاس ليالي الخير والبركة، والأيام المناسبة لبدايات الزواج والعقود والمعاملات ومآرب كثيرة أخرى. ومع ذلك ﻻ نجد من المؤمنين اهتماما يذكر عند مضي عام منها ودخول عام جديد.
وليست هذه الكلمات دعوة للانكفاء على الذات، أو التنكر لفوائد التقاويم الأخرى، ففوائدها واضحة للعيان، بل التواصل الحضاري نفسه بعد من أبعاد دين الإسلام القويم. 
إن ما شد انتباهي حقا هو هذا السيل الجارف من الرسائل والمعايدات التي كانت تحسب الساعات الأخيرة من العام الميلادي الشمسي بالدقائق والثواني، لتبوح بأمنياتها وتبريكاتها في عامها الجديد وهو يطل على الأبواب.
 وأظن أيها الإخوة والأخوات أنكم معي في اعتبار هذا التيار العارم من الاحتفاء بالمناسبة غفلة عن قيمة جميلة وشامخة من قيم ديننا الحنيف، وانسياقا وراء الغالب في مظهر كئيب من مظاهر الاستلاب الثقافي والحضاري.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

بداية العام القمري أحق وأجدر بالإحياء والاحتفاء


السنوات والأيام كلها لله ومن الله جل وعلا. لكن الإقبال الملفت على الاعتداد والاحتفاء بمناسبة دخول العام الميلادي الجديد يرسم سؤالا عريضا بحجم الانتماء والترويج للعقيدة. إذ أن كل يوم مرشح ﻷن يكون بداية أو نهاية لعام من الأعوام. وﻻ شك أن للسنة الميلادية فوائدها وإشاراتها الفلكية؛ ﻷنها تحكي دورة كاملة للأرض حول الشمس، وقد قسموا الدورة إلى 360 درجة، ثم قسموا هذه الدرجات إلى 12 قسما، كل قسم منها شهر من الشهور يعادل 30 درجة. كل هذا صحيح ومسلم. لكن ما هي بداية السنة؟ ولماذا السنة اثناعشر شهرا، وليست  عشرين أو تسعة أو سبعة مثلا؟ ولماذا شهر يناير كانون الثاني هو بالتحديد البداية دون سواه؟ ولماذا صار بعض الأشهر 30 يوما وبعضها اﻵخر 31، وبعضها الثالث 28؟ ولماذا؟ ولماذا؟ وكلها أسئلة وجيهة تبقى دون جواب؛ ﻷن الأمر ببساطة هو اعتباري توافقي، توافق عليه بعض البشر، دون أن يعكس حقيقة وراءه!. ومع ذلك نجد امة القرآن تتسابق في تهادي التحايا والتهاني في بداية هذه السنة ونهايتها!.
في الطرف المقابل: لو رجعنا إلى التاريخ القمري لوجدنا دورة القمر تحدد بنفسها عدد الشهور، وعدد أيام السنة، وتضبط أيام الشهور بضبط دقيق. وفوق كل ذلك تم اختيارها بجعل من الله الخلاق العليم الحكيم مقياسا للآجال ومواقيت للطاعات والأحكام، فقال عز من قائل: (إن عدة الشهور عند الله اثناعشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم). فبين تبارك وتعالى خصوصيتها ولزوم الاعتناء بها، واختارها من دون سائر التقاويم، وجعل شهورها الحرم الأربعة علامة فارقة تميزها عن سائر الشهور. بأهلتها تعرف مواقيت الناس والحج، وفي ضوئها تقاس أعمار النساء والرجال، ويتحدد زمان بلوغهم وتكليفهم، ويحسب بها عدة الطلاق،  وبها تقاس ليالي الخير والبركة، والأيام المناسبة لبدايات الزواج والعقود والمعاملات ومآرب كثيرة أخرى. ومع ذلك ﻻ نجد من المؤمنين اهتماما يذكر عند مضي عام منها ودخول عام جديد.
وليست هذه الكلمات دعوة للانكفاء على الذات، أو التنكر لفوائد التقاويم الأخرى، ففوائدها واضحة للعيان، بل التواصل الحضاري نفسه بعد من أبعاد دين الإسلام القويم. 
إن ما شد انتباهي حقا هو هذا السيل الجارف من الرسائل والمعايدات التي كانت تحسب الساعات الأخيرة من العام الميلادي الشمسي بالدقائق والثواني، لتبوح بأمنياتها وتبريكاتها في عامها الجديد وهو يطل على الأبواب.
 وأظن أيها الإخوة والأخوات أنكم معي في اعتبار هذا التيار العارم من الاحتفاء بالمناسبة غفلة عن قيمة جميلة وشامخة من قيم ديننا الحنيف، وانسياقا وراء الغالب في مظهر كئيب من مظاهر الاستلاب الثقافي والحضاري.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  6:49 م

2 التعليقات:

back to top