جميع المواضيع

الثلاثاء، 31 مارس 2015


السؤال: في آية رقم 78 من سورة النساء مذكور أن الحسنة والسيئة كل من عند الله سبحانه وتعالى، وفي اﻵية التي بعدها مخاطبا الرسول (ص) :أن الحسنة من الله و أما السيئة فمن نفسك اي الرسول (ص)، فمالمقصود من ذلك الاختلاف؟
 
 
( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيّدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هَٰذه من عند اللّه وإن تصبهم سيّئة يقولوا هَٰذه من عندك قل كلّ من عند اللّه فمال هَٰؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا * ما أصابك من حسنة فمن اللّه وما أصابك من سيّئة فمن نفسك وأرسلناك للنّاس رسولا وكفىٰ بالله شهيدا).
.
الجواب: الإخباران القرآنيان كلاهما رد على اعتقاد خاطئ يسود عند الناس في كل زمان. ولكن كلاًّ منهما يراد منه شيء مختلف. فالأول منهما رد على الاعتقاد الذي ينسب الحسنات لله عز وجل، وثم ينسب السيئات للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. بمعنى أنهم كانوا يتهمون النبي بالنقص والنحس، فلو أصابهم الخير فهو من الله، أما السوء فليس من الله جل شأنه، بل من الرسول صلى الله عليه وآله. ومآل هذه التهمة ترجع على أصل الدين بالبطلان والنقيصة. فالله تبارك وتعالى يصحح لهم عقيدتهم، فيقول: قل كل من عند الله. لأن الأمر كله بيد الله.
والثاني الذي يقول الله جل شأنه لهم: "ما أصابك من حسنة فمن اللّه وما أصابك من سيّئة فمن نفسك"، فهو رد على من يفهم التصحيح السابق خطأ فيظن أن معناه أن الخير والشر من الله، بل الخير فقط من الله، وأما الشر فهو من البشر أنفسهم. بمعنى أن السبب المباشر الذي اختار جانب الشر هو البشر نفسه. وأما نسبة الحسنة هنا إلى الله فباعتبار أنه هو المحيط وهو المعطي والمتفضل، هو الذي أعطانا المال والقدرة والإرادة والمكان والزمان وأزال الموانع وأمدنا بالتوفيق وأمرنا بها، فلو قررنا القيام بفعل حسن، فبتوفيق الله وتسديده، ولولاه لم يكن. أما لو قررنا فعل الباطل والقبيح، فإن الله هو الذي أعطانا القدرة والمال والإرادة والمكان والزمان، لكنه لم يزل الموانع ولم يأمرنا بها، وإنما نحن الذين انسقنا نحوها انسياقا.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

هل الحسنة والسيئة من الله؟


السؤال: في آية رقم 78 من سورة النساء مذكور أن الحسنة والسيئة كل من عند الله سبحانه وتعالى، وفي اﻵية التي بعدها مخاطبا الرسول (ص) :أن الحسنة من الله و أما السيئة فمن نفسك اي الرسول (ص)، فمالمقصود من ذلك الاختلاف؟
 
 
( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيّدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هَٰذه من عند اللّه وإن تصبهم سيّئة يقولوا هَٰذه من عندك قل كلّ من عند اللّه فمال هَٰؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا * ما أصابك من حسنة فمن اللّه وما أصابك من سيّئة فمن نفسك وأرسلناك للنّاس رسولا وكفىٰ بالله شهيدا).
.
الجواب: الإخباران القرآنيان كلاهما رد على اعتقاد خاطئ يسود عند الناس في كل زمان. ولكن كلاًّ منهما يراد منه شيء مختلف. فالأول منهما رد على الاعتقاد الذي ينسب الحسنات لله عز وجل، وثم ينسب السيئات للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. بمعنى أنهم كانوا يتهمون النبي بالنقص والنحس، فلو أصابهم الخير فهو من الله، أما السوء فليس من الله جل شأنه، بل من الرسول صلى الله عليه وآله. ومآل هذه التهمة ترجع على أصل الدين بالبطلان والنقيصة. فالله تبارك وتعالى يصحح لهم عقيدتهم، فيقول: قل كل من عند الله. لأن الأمر كله بيد الله.
والثاني الذي يقول الله جل شأنه لهم: "ما أصابك من حسنة فمن اللّه وما أصابك من سيّئة فمن نفسك"، فهو رد على من يفهم التصحيح السابق خطأ فيظن أن معناه أن الخير والشر من الله، بل الخير فقط من الله، وأما الشر فهو من البشر أنفسهم. بمعنى أن السبب المباشر الذي اختار جانب الشر هو البشر نفسه. وأما نسبة الحسنة هنا إلى الله فباعتبار أنه هو المحيط وهو المعطي والمتفضل، هو الذي أعطانا المال والقدرة والإرادة والمكان والزمان وأزال الموانع وأمدنا بالتوفيق وأمرنا بها، فلو قررنا القيام بفعل حسن، فبتوفيق الله وتسديده، ولولاه لم يكن. أما لو قررنا فعل الباطل والقبيح، فإن الله هو الذي أعطانا القدرة والمال والإرادة والمكان والزمان، لكنه لم يزل الموانع ولم يأمرنا بها، وإنما نحن الذين انسقنا نحوها انسياقا.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:14 م

1 التعليقات:

الاثنين، 30 مارس 2015


متى يبدأ وقت الأسحار للاستغفار؟ وبالأسحار هم يستغفرون.
أتمنى إفادتي بالضبط متى يبدأ وينتهي وقت الأسحار؟ من أي ساعة ولغاية الساعة كم ينتهي؟ ولماذا خصص الله هذا الوقت؟ ما سر هذا الوقت؟
.
 .
الجواب:
أولا: تحديد معنى السّحر وزمانه:
السحر هو آخر ساعة من الليل قبل الفجر. وذلك لأنهم قسموا الليل والنهار إلى أربع وعشرين ساعة، اثنتاعشرة لليل واثنتاعشرة للنهار. ولكن هذه الساعات ليست كساعات عصرنا الحديث، بل المقصود منها الأجزاء. وبما أن الليل والنهار يتناوبان في الطول والقصر بحسب اختلاف الفصول الأربعة، فكذلك ساعاتهما، فتكون ساعات الليل في الشتاء أطول منها في الصيف. وعلى هذا تكون ساعة السحر في الشتاء أطول من ساعة السحر في الصيف.
وأما ساعات الليل فحسبما نقل في الأحاديث وكتب التراث والأدب: هي: الغسق[1]، والفحمة، والعشوة، أو العشاء، أو العشية[2]، والهدأة أو المهدأة، ومنه قولهم: في هدأة من الليل والسباع، والجنح، ومنه قولهم في جنح الظلام[3]، والهزيع[4]، والعفر أو اليعفور[5]؛ والزلفة[6]، والسحر[7]، والبهرة[8].
 وقال الشيخ المجلسي رحمه الله: (أقول : ورأيت في بعض الكتب أن العرب قسموا كلا من الليل والنهار باثنتي عشرة ساعة وسموا كلا منها باسم ، فساعات النهار (إلى أن يقول): وساعات الليل : الشفق[9] ، والغسق ، والعتمة[10] ، والسدفة[11]، والجهمة[12]، والزلفة ، والبهرة ، والسحر ، والسحرة ، والفجر ، والصبح ، والصباح[13]
 
وقال رحمه الله: "وأقول : الظاهر أن مرادهم بالفجر: [هو: الفجر] الأول ، وبالصبح [هو الفجر] الثاني ، وبالصباح الإسفار"[14].
 
ثانيا: لماذا خصص الله هذا الوقت؟ وما سره ؟
فإن الذي يظهر من النصوص هو أن الأوقات كما الأماكن والأفراد لها خصائص وآثار وزعها الله جل وعلا فيها. والمفهوم من طواهر الآيات والروايات هو مطلوبية العبادة في أوقات دون أوقات. ومن هنا نجد تركيز الآيات على أن الليل ووقت الظلمة هو وقت العبادة والذكر، وأطراف النهار. قال عز من قائل: "ليسوا سواء من أهل الكتاب أمّة قائمة يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون . يؤمنون باللّه واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصّالحين"[15]. وقال: "فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار لعلّك ترضى"[16]. وقال: "أمّن هو قانت آناء اللّيل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولو الألباب"[17]. وقال: "وأقم الصّلاة طرفي النّهار وزلفا من اللّيل"[18]. وقال: "يا أيّها المزّمّل . قم اللّيل إلّا قليلا . نصفه أو انقص منه قليلا . أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلا . إنّا سنلقي عليك قولا ثقيلا . إنّ ناشئة اللّيل هي أشدّ وطئا وأقوم قيلا"[19]. وقال عز من قائل: " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون . وبالأسحار هم يستغفرون"[20] إلى غيرها من الآيات.
وجاء في الروايات عن  محمد بن علي بن الحسين قال: روي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ): إن الله إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب قال: لولا الذين يتحابون بجلالي ويعمرون مساجدي ويستغفرون بالأسحار ، لولاهم لأنزلت عذابي[21].
 وعن علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن يوسف، عن أبيه قال: سأل رجل أبا جعفر ( عليه السلام ) وأنا عنده فقال: إني كثير المال وليس يولد لي ولد، فهل من حيلة؟ قال: استغفر ربك سنة في آخر الليل مائة مرة، فإن ضيعت ذلك بالليل فاقضه بالنهار، فإن الله يقول:  استغفروا ربكم )[22] الآية .
وعن أم سعد، عنه ( صلى الله عليه وآله )، أنه قال: « إن الله تعالى يحب ثلاثة أصوات: صوت الديك، وصوت قارئ القرآن، وصوت الذين يستغفرون بالأسحار»[23].
وروي أن داود ( عليه السلام )، سأل جبرئيل عن أفضل الأوقات، قال: لا أعلم، إلا أن العرش يهتز في الأسحار!"[24].
وفي وصايا لقمان لابنه: "يا بني، لا يكون الديك أكيس منك، يقوم في وقت السحر ويستغفر، وأنت نائم"[25].
وروى  الديلمي في الإرشاد : عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، أنه قال: « ثلاثة معصومون من إبليس وجنوده : الذاكرون لله، والباكون من خشية الله، والمستغفرون بالأسحار"[26].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1] قال الفيروز آبادي: الغسق محركة ظلمة أول الليل .ومنه قوله تعالى: "أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر".
[2] وقال بعضهم: العشية واحدة جميعا عشي، والعشاء بالكسر والمد أول ظلام الليل.
[3] وقال الراغب في مفرداته: الجنح قطعة من الليل مظلمة .
[4] وفي القاموس: هزيع من الليل كأمير طائفة أو نحو ثلثه أوربعه.
[5] وفي القاموس: اليعفور جزء من أجزاء الليل.
[6] وفي القاموس: الزلفة بالضم الطائفة من الليل والجمع زلف كغرف.
[7] وقال: السحر قبل الصبح، والسحرة بالضم السحر الاعلى. وقال الراغب في المفردات: السحر والسحرة اختلاط ظلام آخر الليل بضياء النهار، وجعل اسما لذلك الوقت، يقال لقيته بأعلى سحرين.

[8] والبهرة بالضم من الليل وسطه. وفي القاموس: ابهار الليل انتصف، أو تراكبت ظلمته، أو ذهبت عامته، أو بقي نحو ثلثه .
[9] وقال: الشفق بقية ضوء الشمس له حمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة.
وقال الخليل: الشفق الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، فإذا ذهب قيل غاب الشفق.
[10] وقال: العتمة وقت صلاة العشاء، قال الخليل: العتمة هو الثلث الاول من الليل بعد غيبوبة الشفق، وقد عتم الليل يعتم، وعتمته ظلامه.
[11] وقال: قال الأصمعي: السدفة في لغة نجد الظلمة، وفي لغة غيرهم الضوء، وهو من الاضداد، وكذلك السدف بالتحريك.
وقال أبوعبيد: بعضهم يجعل السدفة اختلاط الضوء والظلمة معا كوقت ما بين طلوع الفجر إلى الأسفار، وقد أسدف الليل أي أظلم.
[12] وقال الفيروز آبادي: الجهمة أول مآخير الليل أو بقية سواده من آخره ويضم.
[13] بحار الأنوار: ج 56 ص7. والتوضيحات المنسوبة لعلماء اللغة كلها مأخوذة من كتاب البحار بنفس المجلد والصفحة.
[14] بحار الأنوار: ج 56 ص8.
[15] آل عمران: 113 - 114.
[16] طه: 130.
[17] الزمر: 9.
[18] هود: 114.
[19] المزمل: 1 -6.
[20] الذاريات: 17 – 18.
[21] وسائل الشيعة: ج7 ص181  باب 27  باب استحباب الاستغفار في السحر وفي الوتر ح1.
[22] بحار الأنوار: ج84 ص221.
[23] مستدرك الوسائل: ج12 ص146،  (باب استحباب الاستغفار في السحر) ح2.
[24] نفس المصدر: ح3.
[25] نفس المصدر: ح4.
[26] نفس المصدر: ح5.

ما هو وقت السحر وما خصوصيته؟


متى يبدأ وقت الأسحار للاستغفار؟ وبالأسحار هم يستغفرون.
أتمنى إفادتي بالضبط متى يبدأ وينتهي وقت الأسحار؟ من أي ساعة ولغاية الساعة كم ينتهي؟ ولماذا خصص الله هذا الوقت؟ ما سر هذا الوقت؟
.
 .
الجواب:
أولا: تحديد معنى السّحر وزمانه:
السحر هو آخر ساعة من الليل قبل الفجر. وذلك لأنهم قسموا الليل والنهار إلى أربع وعشرين ساعة، اثنتاعشرة لليل واثنتاعشرة للنهار. ولكن هذه الساعات ليست كساعات عصرنا الحديث، بل المقصود منها الأجزاء. وبما أن الليل والنهار يتناوبان في الطول والقصر بحسب اختلاف الفصول الأربعة، فكذلك ساعاتهما، فتكون ساعات الليل في الشتاء أطول منها في الصيف. وعلى هذا تكون ساعة السحر في الشتاء أطول من ساعة السحر في الصيف.
وأما ساعات الليل فحسبما نقل في الأحاديث وكتب التراث والأدب: هي: الغسق[1]، والفحمة، والعشوة، أو العشاء، أو العشية[2]، والهدأة أو المهدأة، ومنه قولهم: في هدأة من الليل والسباع، والجنح، ومنه قولهم في جنح الظلام[3]، والهزيع[4]، والعفر أو اليعفور[5]؛ والزلفة[6]، والسحر[7]، والبهرة[8].
 وقال الشيخ المجلسي رحمه الله: (أقول : ورأيت في بعض الكتب أن العرب قسموا كلا من الليل والنهار باثنتي عشرة ساعة وسموا كلا منها باسم ، فساعات النهار (إلى أن يقول): وساعات الليل : الشفق[9] ، والغسق ، والعتمة[10] ، والسدفة[11]، والجهمة[12]، والزلفة ، والبهرة ، والسحر ، والسحرة ، والفجر ، والصبح ، والصباح[13]
 
وقال رحمه الله: "وأقول : الظاهر أن مرادهم بالفجر: [هو: الفجر] الأول ، وبالصبح [هو الفجر] الثاني ، وبالصباح الإسفار"[14].
 
ثانيا: لماذا خصص الله هذا الوقت؟ وما سره ؟
فإن الذي يظهر من النصوص هو أن الأوقات كما الأماكن والأفراد لها خصائص وآثار وزعها الله جل وعلا فيها. والمفهوم من طواهر الآيات والروايات هو مطلوبية العبادة في أوقات دون أوقات. ومن هنا نجد تركيز الآيات على أن الليل ووقت الظلمة هو وقت العبادة والذكر، وأطراف النهار. قال عز من قائل: "ليسوا سواء من أهل الكتاب أمّة قائمة يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون . يؤمنون باللّه واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصّالحين"[15]. وقال: "فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار لعلّك ترضى"[16]. وقال: "أمّن هو قانت آناء اللّيل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولو الألباب"[17]. وقال: "وأقم الصّلاة طرفي النّهار وزلفا من اللّيل"[18]. وقال: "يا أيّها المزّمّل . قم اللّيل إلّا قليلا . نصفه أو انقص منه قليلا . أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلا . إنّا سنلقي عليك قولا ثقيلا . إنّ ناشئة اللّيل هي أشدّ وطئا وأقوم قيلا"[19]. وقال عز من قائل: " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون . وبالأسحار هم يستغفرون"[20] إلى غيرها من الآيات.
وجاء في الروايات عن  محمد بن علي بن الحسين قال: روي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ): إن الله إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب قال: لولا الذين يتحابون بجلالي ويعمرون مساجدي ويستغفرون بالأسحار ، لولاهم لأنزلت عذابي[21].
 وعن علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن يوسف، عن أبيه قال: سأل رجل أبا جعفر ( عليه السلام ) وأنا عنده فقال: إني كثير المال وليس يولد لي ولد، فهل من حيلة؟ قال: استغفر ربك سنة في آخر الليل مائة مرة، فإن ضيعت ذلك بالليل فاقضه بالنهار، فإن الله يقول:  استغفروا ربكم )[22] الآية .
وعن أم سعد، عنه ( صلى الله عليه وآله )، أنه قال: « إن الله تعالى يحب ثلاثة أصوات: صوت الديك، وصوت قارئ القرآن، وصوت الذين يستغفرون بالأسحار»[23].
وروي أن داود ( عليه السلام )، سأل جبرئيل عن أفضل الأوقات، قال: لا أعلم، إلا أن العرش يهتز في الأسحار!"[24].
وفي وصايا لقمان لابنه: "يا بني، لا يكون الديك أكيس منك، يقوم في وقت السحر ويستغفر، وأنت نائم"[25].
وروى  الديلمي في الإرشاد : عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، أنه قال: « ثلاثة معصومون من إبليس وجنوده : الذاكرون لله، والباكون من خشية الله، والمستغفرون بالأسحار"[26].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1] قال الفيروز آبادي: الغسق محركة ظلمة أول الليل .ومنه قوله تعالى: "أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر".
[2] وقال بعضهم: العشية واحدة جميعا عشي، والعشاء بالكسر والمد أول ظلام الليل.
[3] وقال الراغب في مفرداته: الجنح قطعة من الليل مظلمة .
[4] وفي القاموس: هزيع من الليل كأمير طائفة أو نحو ثلثه أوربعه.
[5] وفي القاموس: اليعفور جزء من أجزاء الليل.
[6] وفي القاموس: الزلفة بالضم الطائفة من الليل والجمع زلف كغرف.
[7] وقال: السحر قبل الصبح، والسحرة بالضم السحر الاعلى. وقال الراغب في المفردات: السحر والسحرة اختلاط ظلام آخر الليل بضياء النهار، وجعل اسما لذلك الوقت، يقال لقيته بأعلى سحرين.

[8] والبهرة بالضم من الليل وسطه. وفي القاموس: ابهار الليل انتصف، أو تراكبت ظلمته، أو ذهبت عامته، أو بقي نحو ثلثه .
[9] وقال: الشفق بقية ضوء الشمس له حمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة.
وقال الخليل: الشفق الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، فإذا ذهب قيل غاب الشفق.
[10] وقال: العتمة وقت صلاة العشاء، قال الخليل: العتمة هو الثلث الاول من الليل بعد غيبوبة الشفق، وقد عتم الليل يعتم، وعتمته ظلامه.
[11] وقال: قال الأصمعي: السدفة في لغة نجد الظلمة، وفي لغة غيرهم الضوء، وهو من الاضداد، وكذلك السدف بالتحريك.
وقال أبوعبيد: بعضهم يجعل السدفة اختلاط الضوء والظلمة معا كوقت ما بين طلوع الفجر إلى الأسفار، وقد أسدف الليل أي أظلم.
[12] وقال الفيروز آبادي: الجهمة أول مآخير الليل أو بقية سواده من آخره ويضم.
[13] بحار الأنوار: ج 56 ص7. والتوضيحات المنسوبة لعلماء اللغة كلها مأخوذة من كتاب البحار بنفس المجلد والصفحة.
[14] بحار الأنوار: ج 56 ص8.
[15] آل عمران: 113 - 114.
[16] طه: 130.
[17] الزمر: 9.
[18] هود: 114.
[19] المزمل: 1 -6.
[20] الذاريات: 17 – 18.
[21] وسائل الشيعة: ج7 ص181  باب 27  باب استحباب الاستغفار في السحر وفي الوتر ح1.
[22] بحار الأنوار: ج84 ص221.
[23] مستدرك الوسائل: ج12 ص146،  (باب استحباب الاستغفار في السحر) ح2.
[24] نفس المصدر: ح3.
[25] نفس المصدر: ح4.
[26] نفس المصدر: ح5.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:20 م

0 التعليقات:

الجمعة، 27 مارس 2015


السؤال: بعد إثبات أن النبوة واجبة عقلاً، كيف نبين المصاديق  في تعيين من هو النبي بشخصه؟ هل يتم ذلك عن طريق الفحص والبحث عن كل الديانات  التي تعتقد ببعثة الأنبياء ومن ثم تحديد النبي اعتمادا على الصفات التي يثبتها العقل؟

أرجو أن تتكرموا علينا بتفصيل أكثر للمسألة.

.

.

الجواب: العقل لا يتكفل أزيد من إثبات وجوب وجود النبي المرسل، وكونه معصوماً منزهاً عن الكذب والنسيان والجهل، مما يتنافى مع صحة ادعائه الوساطة بين الرب والمربوبين في إيصال الوحي. فبهذا المقدار يفترض العقل خصالاً معينة يمكن الفحص عنها بين المدعين للنبوة. مضافاً إلى ذلك من أجل إثبات دعواه لا بد له من أن يجيب العباد فيما يطلبون منه من الخوارق والمعاجز، حتى يظهر صدقه ويثبت ارتباطه بقوة الله وقدرته. ومن هنا ﻻ يجب لمعرفة النبي المحق أن تسبر جميع الحالات لمدعي النبوات، بل يكفي ثبوت العلامات المشار إليها لمعرفته وتشخيصه.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



كيف يمكن لنا عقلاً أن نشخص النبي من بين المدعين؟


السؤال: بعد إثبات أن النبوة واجبة عقلاً، كيف نبين المصاديق  في تعيين من هو النبي بشخصه؟ هل يتم ذلك عن طريق الفحص والبحث عن كل الديانات  التي تعتقد ببعثة الأنبياء ومن ثم تحديد النبي اعتمادا على الصفات التي يثبتها العقل؟

أرجو أن تتكرموا علينا بتفصيل أكثر للمسألة.

.

.

الجواب: العقل لا يتكفل أزيد من إثبات وجوب وجود النبي المرسل، وكونه معصوماً منزهاً عن الكذب والنسيان والجهل، مما يتنافى مع صحة ادعائه الوساطة بين الرب والمربوبين في إيصال الوحي. فبهذا المقدار يفترض العقل خصالاً معينة يمكن الفحص عنها بين المدعين للنبوة. مضافاً إلى ذلك من أجل إثبات دعواه لا بد له من أن يجيب العباد فيما يطلبون منه من الخوارق والمعاجز، حتى يظهر صدقه ويثبت ارتباطه بقوة الله وقدرته. ومن هنا ﻻ يجب لمعرفة النبي المحق أن تسبر جميع الحالات لمدعي النبوات، بل يكفي ثبوت العلامات المشار إليها لمعرفته وتشخيصه.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:00 م

1 التعليقات:

الخميس، 26 مارس 2015


 السؤال: الصيحة... ما معنى الصيحة بأختصار ؟

وهل من علامات قيام الساعة الصيحة؟ ومن من الملائكة مختص بالصيحة يوم القيامة.. أفيدونا باختصار عن الصيحة؟ 



الجواب: الصيحة من صاح يصيح هي الصرخة، ويختلف استعمالها من حال إلى حال، ومن موضوع إلى آخر.

أما المقصود بالصيحة في آخر الزمان و أنها علامة من علامات ظهور الإمام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ومن العلامات المحتومة أن هناك علامة إذا حصلت جاء الظهور وراءها ، والمذكور أن الصيحة من السماء يصيح بها جبرائيل عليه السلام وأنها من المحتوم الذي لا بد منه وأنها تحصل في شهر رمضان وينادي جبرئيل فيها باسم القائم عليه السلام فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب كل بلغته، وتخرج لها العواتق من البيوت، أو العواتك. وعبرت بعض الروايات عنها بالهدة أو بالفزعة ، وعن الأئمة الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام هي تفسير قوله تعالى "إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت  أعناقهم لها خاضعين". وطبعا في بعض الروايات أيضا أن أبا جعفر عليه السلام كان يقول "خروج السفياني من المحتوم والنداء من المحتوم"  والمقصود من النداء هو الصيحة. 

وأيضا في الرواية عنهم عليهم أفضل الصلاة والسلام: "لا يخرج القائم حتى ينادى باسمه من جوف السماء، قلت: بما ينادى؟ قال: باسمه واسم أبيه: ألا إن فلان بن فلان قائم آل محمد -عجل الله فرجه الشريف - فاسمعوا له وأطيعوه. فلا يبقى شيء فيه روح إلا يسمع الصيحة". فالصيحة - إذن - والهدة والفزعة كلها من ألقاب من هذه الحادثة.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



ما هي الصيحة؟


 السؤال: الصيحة... ما معنى الصيحة بأختصار ؟

وهل من علامات قيام الساعة الصيحة؟ ومن من الملائكة مختص بالصيحة يوم القيامة.. أفيدونا باختصار عن الصيحة؟ 



الجواب: الصيحة من صاح يصيح هي الصرخة، ويختلف استعمالها من حال إلى حال، ومن موضوع إلى آخر.

أما المقصود بالصيحة في آخر الزمان و أنها علامة من علامات ظهور الإمام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ومن العلامات المحتومة أن هناك علامة إذا حصلت جاء الظهور وراءها ، والمذكور أن الصيحة من السماء يصيح بها جبرائيل عليه السلام وأنها من المحتوم الذي لا بد منه وأنها تحصل في شهر رمضان وينادي جبرئيل فيها باسم القائم عليه السلام فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب كل بلغته، وتخرج لها العواتق من البيوت، أو العواتك. وعبرت بعض الروايات عنها بالهدة أو بالفزعة ، وعن الأئمة الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام هي تفسير قوله تعالى "إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت  أعناقهم لها خاضعين". وطبعا في بعض الروايات أيضا أن أبا جعفر عليه السلام كان يقول "خروج السفياني من المحتوم والنداء من المحتوم"  والمقصود من النداء هو الصيحة. 

وأيضا في الرواية عنهم عليهم أفضل الصلاة والسلام: "لا يخرج القائم حتى ينادى باسمه من جوف السماء، قلت: بما ينادى؟ قال: باسمه واسم أبيه: ألا إن فلان بن فلان قائم آل محمد -عجل الله فرجه الشريف - فاسمعوا له وأطيعوه. فلا يبقى شيء فيه روح إلا يسمع الصيحة". فالصيحة - إذن - والهدة والفزعة كلها من ألقاب من هذه الحادثة.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:20 م

0 التعليقات:

الأربعاء، 25 مارس 2015


السؤال: لماذا أسمى الأئمة ابناءهم بأسماء الصحابة، إذا كان أهل البيت لا يقبلون الصحابة المذكورين؟؟


الجواب: لم يثبت أنهم صلوات الله وسلامه عليهم قد أسموا أولادهم اتباعا لأسماء الصحابة وتيمنا بهم، وإنما هي أسماء عربية كانت سائدة، مثل أن نسمي بعض الأشخاص بأسماء معينة في أيامنا هذه، مع كون بعض مخالفينا ومحارفينا متسمين بها. فنحن على هذا لم نسمّ أولادنا بأسماء هؤلاء الأشخاص المخالفين وإنما أسميناهم بأسماء عربية متداولة مشهورة!. ولو رجعنا لصدر الإسلام لوجدنا هذه الأسماء من الأسماء العربية المتعارفة، فما الذي يدل على أنهم سلام الله عليهم قصدوا أسماء هؤلاء بوجه الخصوص من بين سائر الأسماء؟!
ولو أننا ذهبنا لنتقصى أكثر، لوجدنا ما لا يعجب صاحب الشبهة؛ فلقد صرحت الأخبار والروايات أن عليّا عليه السلام إنما سمى ابنه عثمان تيمنا باسم عثمان بن مظعون لا غيره. وأما اسم عمر فهو غير موجود أصلا، بل هو تصحيف من عمرو!. وأما أبو بكر؛ فهو ليس باسم أصلا، بل كنية. وقد ذكر بعضهم أن هذه الكنية لحقته فيما بعد، وليس من تسمية أمير المؤمنين عليه السلام. وقال بعضهم: إن الكنية قد جعلت جعلا من مؤرخي بني أمية!.
ففي تقريب المعارف[1]، نقلا عن تاريخ الثقفي: أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: " إنما سميته بإسم عثمان بن مظعون". وفي زيارة الناحية المقدسة: "السلام على عثمان إبن أمير المؤمنين سمي عثمان بن مظعون"[2].
وعن تسميته أحد أبنائه باسم عمر، فإنما هو عمرو بالواو وإسكان الميم،  وقد سماه بهذا الاسم تخليدا لاسم جده عمرو بن عبد مناف المعروف بهاشم وسمي هاشما لأنه هشم الثريد وأطعمه قومه والحجاج أيام المجاعة[3].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

__________
[1] تقريب المعارف، لأبي الصلاح الحلبي: ص 52.
[2] راجع : بحار الأنوار: ج101 ص270، نقلا عن الإقبال ومزار المفيد.
[3] جمهرة العرب، لابن الكلبي ص26  طبعة عالم الكتب بيروت.

أبو بكر وعمر وعثمان أبناء علي صلوات الله عليه


السؤال: لماذا أسمى الأئمة ابناءهم بأسماء الصحابة، إذا كان أهل البيت لا يقبلون الصحابة المذكورين؟؟


الجواب: لم يثبت أنهم صلوات الله وسلامه عليهم قد أسموا أولادهم اتباعا لأسماء الصحابة وتيمنا بهم، وإنما هي أسماء عربية كانت سائدة، مثل أن نسمي بعض الأشخاص بأسماء معينة في أيامنا هذه، مع كون بعض مخالفينا ومحارفينا متسمين بها. فنحن على هذا لم نسمّ أولادنا بأسماء هؤلاء الأشخاص المخالفين وإنما أسميناهم بأسماء عربية متداولة مشهورة!. ولو رجعنا لصدر الإسلام لوجدنا هذه الأسماء من الأسماء العربية المتعارفة، فما الذي يدل على أنهم سلام الله عليهم قصدوا أسماء هؤلاء بوجه الخصوص من بين سائر الأسماء؟!
ولو أننا ذهبنا لنتقصى أكثر، لوجدنا ما لا يعجب صاحب الشبهة؛ فلقد صرحت الأخبار والروايات أن عليّا عليه السلام إنما سمى ابنه عثمان تيمنا باسم عثمان بن مظعون لا غيره. وأما اسم عمر فهو غير موجود أصلا، بل هو تصحيف من عمرو!. وأما أبو بكر؛ فهو ليس باسم أصلا، بل كنية. وقد ذكر بعضهم أن هذه الكنية لحقته فيما بعد، وليس من تسمية أمير المؤمنين عليه السلام. وقال بعضهم: إن الكنية قد جعلت جعلا من مؤرخي بني أمية!.
ففي تقريب المعارف[1]، نقلا عن تاريخ الثقفي: أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: " إنما سميته بإسم عثمان بن مظعون". وفي زيارة الناحية المقدسة: "السلام على عثمان إبن أمير المؤمنين سمي عثمان بن مظعون"[2].
وعن تسميته أحد أبنائه باسم عمر، فإنما هو عمرو بالواو وإسكان الميم،  وقد سماه بهذا الاسم تخليدا لاسم جده عمرو بن عبد مناف المعروف بهاشم وسمي هاشما لأنه هشم الثريد وأطعمه قومه والحجاج أيام المجاعة[3].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

__________
[1] تقريب المعارف، لأبي الصلاح الحلبي: ص 52.
[2] راجع : بحار الأنوار: ج101 ص270، نقلا عن الإقبال ومزار المفيد.
[3] جمهرة العرب، لابن الكلبي ص26  طبعة عالم الكتب بيروت.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:08 م

0 التعليقات:

الثلاثاء، 24 مارس 2015


السؤال : لماذا صاحب رسول الله صلى الله عليه و آله أبا بكر وعمر وعثمان ولماذا أسمى الأئمة ابناءهم بأسماء الصحابة، إذا كان أهل البيت لا يقبلون الصحابة المذكورين؟؟

الجواب:

هذان سؤالان، نفضل الإجابة عنهما بشكل منفصل، فنجيب عن هنا القسم الأول، وهو: لماذا صاحبهم النبي صلى الله عليه وآله؟ فنقول: ما هو المراد من الصحبة؟ إن كان المراد من الصحبة المقصود منها هذا اليوم من الحميمية والصداقة والمحبة والمودة فلم تثبت هذه الصحبة بالنسبة إلى المذكورين، وإن كان المراد من الصحبة هو من ذكره من  يقول بعدالة الصحابة، وأن المقصود منها هو لقاء الرسول ومعاصرته يعني كونهم في زمن واحد ولقاؤه، وإن كان هذا اللقاء قصيراً مع تشهد الشهادتين؛ فإن هذه الصفة يصح إطلاقها على كل من جمعهم مكان واحد، ولو للحظات، ولو كانوا أعداء. وفي القرآن الكريم أمثلة عديدة لأمثال هؤلاء الأصحاب الأعداء والمتخالفين!. ومثل هذه الصحبة ثابتة لعشرات الألوف في نظر القائلين بعدالة الصحابة، ولا شك أن كثيراً من هؤلاء الصحابة ملعونون، أو على الأقل مذمومون عند القائل بعدالة الصحابة نفسه، فلا بد إذن من توجيه الكلام على شخصية كل صحابي لنرى مقايستها بالضوابط الشرعية الإسلامية لنرى مصداقيتها وقربها وبعدها من الدين الحنيف ورسول الله العظيم صلى الله عليه و آله وسلم.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.




لماذا صاحبهم النبي صلى الله عليه وآله؟


السؤال : لماذا صاحب رسول الله صلى الله عليه و آله أبا بكر وعمر وعثمان ولماذا أسمى الأئمة ابناءهم بأسماء الصحابة، إذا كان أهل البيت لا يقبلون الصحابة المذكورين؟؟

الجواب:

هذان سؤالان، نفضل الإجابة عنهما بشكل منفصل، فنجيب عن هنا القسم الأول، وهو: لماذا صاحبهم النبي صلى الله عليه وآله؟ فنقول: ما هو المراد من الصحبة؟ إن كان المراد من الصحبة المقصود منها هذا اليوم من الحميمية والصداقة والمحبة والمودة فلم تثبت هذه الصحبة بالنسبة إلى المذكورين، وإن كان المراد من الصحبة هو من ذكره من  يقول بعدالة الصحابة، وأن المقصود منها هو لقاء الرسول ومعاصرته يعني كونهم في زمن واحد ولقاؤه، وإن كان هذا اللقاء قصيراً مع تشهد الشهادتين؛ فإن هذه الصفة يصح إطلاقها على كل من جمعهم مكان واحد، ولو للحظات، ولو كانوا أعداء. وفي القرآن الكريم أمثلة عديدة لأمثال هؤلاء الأصحاب الأعداء والمتخالفين!. ومثل هذه الصحبة ثابتة لعشرات الألوف في نظر القائلين بعدالة الصحابة، ولا شك أن كثيراً من هؤلاء الصحابة ملعونون، أو على الأقل مذمومون عند القائل بعدالة الصحابة نفسه، فلا بد إذن من توجيه الكلام على شخصية كل صحابي لنرى مقايستها بالضوابط الشرعية الإسلامية لنرى مصداقيتها وقربها وبعدها من الدين الحنيف ورسول الله العظيم صلى الله عليه و آله وسلم.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.




من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:25 م

0 التعليقات:

السبت، 21 مارس 2015


السؤال: يوجد عندي مشكلة مع أبي حيث إن أبي وأمي منفصلان، وأبي يكرهني، لأني أحب أمي، ودائما ما يتجاوز حدوده، ويشتم أمي، بحيث إن أبي إذا رآني يبدأ باختلاق المشاكل ويطردني من البيت، ولا أكترث لذلك، هذا سبب.
السبب الثاني أنا لا أعطيه نقودا علما أني موظف وراتبي لا يتجاوز 400 ألف د. ع. وأنا متكفل بإيجار والدتي، ومتكفل بقسط سلفة دراسة لأختي، أي يعني ان راتبي مقسم بين أمي وأختي، وليس لدي وارد آخر، ولا أعرف ماذا أفعل مع أبي...
 
الجواب: لقد أمرنا الله جل وعلا بمصاحبة الوالدين جميعا بالمعروف والمحبة وخفض الجناح، وتذليل النفس، حتى وإن عاملانا بالقسوة والجفوة، فإن حقهما علينا عظيم، أعظم مما نتصور. فإن رأينا أحدهما يظلم الآخر سعينا بالمحبة والحنان للحيلولة دون وقوع الظلم منه، لا بالتحيز ضده، والوقف في وجهه، مادام ذلك في مقدورنا، ولم يخرج عن حدود طاقتنا.
قال الله عز وجل: "ووصينا الإنسان بوالديه حسنا، وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما"[1].
وعن الإمام الباقر عليه السلام: ثلاث لم يجعل الله لأحد فيهن رخصة: أداء الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين"[2].
ويقول الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق: "أما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك، وأنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله"[3].
وفي الحديث عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام[4]. في تفسير قوله تعالى: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ... الآية"[5]؛ قال عليه السلام: "الإحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا ما يحتاجان إليه، وإن كانا مستغنيين". "وقل لهما قولا كريما"؛ قال عليه السلام: "إن ضرباك فقل لهما: غفر الله لكما. 
 ( .. إما يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما .. )؛ قال عليه السلام: « إن أضجراك فلا تقل لهما أفّ، ولا تنهرهما إن ضرباك». ( واخفض لهما جناح الذّل من الرّحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا )، قال عليه السلام: « لا تملأ عينيك من النظر اليهما إلا برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدّم قدامهما ». 
وعلى هذا فينبغي لك مراجعة مواقفك تجاه أبيك، وحتى إذا لم تجد نفسك قادرا على كفالة الجميع، عليك أن تتصرف بحكمة، وتسعى لزرع الثقة بينك وبين أبيك، لصلاح دنياك وآخرتك. أما كيفية ذلك فهي خاضعة للفطنة والحكمة وسعة الصدر التي ستحاول أن تتحلى بها.
 
 
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

_________
[1] (العنكبوت: 8).
[2] (بحار الأنوار: ج74 ص 56).
[3] (بحار الأنوار: ج74 ص6).
[4] ( أصول الكافي ٢ : ١٦٥ / ١ باب البر بالوالدين).
[5] ( الإسراء ١٧ : ٢٣ ).

أبي يكرهني ويشتم أمي كيف أتعامل معه؟


السؤال: يوجد عندي مشكلة مع أبي حيث إن أبي وأمي منفصلان، وأبي يكرهني، لأني أحب أمي، ودائما ما يتجاوز حدوده، ويشتم أمي، بحيث إن أبي إذا رآني يبدأ باختلاق المشاكل ويطردني من البيت، ولا أكترث لذلك، هذا سبب.
السبب الثاني أنا لا أعطيه نقودا علما أني موظف وراتبي لا يتجاوز 400 ألف د. ع. وأنا متكفل بإيجار والدتي، ومتكفل بقسط سلفة دراسة لأختي، أي يعني ان راتبي مقسم بين أمي وأختي، وليس لدي وارد آخر، ولا أعرف ماذا أفعل مع أبي...
 
الجواب: لقد أمرنا الله جل وعلا بمصاحبة الوالدين جميعا بالمعروف والمحبة وخفض الجناح، وتذليل النفس، حتى وإن عاملانا بالقسوة والجفوة، فإن حقهما علينا عظيم، أعظم مما نتصور. فإن رأينا أحدهما يظلم الآخر سعينا بالمحبة والحنان للحيلولة دون وقوع الظلم منه، لا بالتحيز ضده، والوقف في وجهه، مادام ذلك في مقدورنا، ولم يخرج عن حدود طاقتنا.
قال الله عز وجل: "ووصينا الإنسان بوالديه حسنا، وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما"[1].
وعن الإمام الباقر عليه السلام: ثلاث لم يجعل الله لأحد فيهن رخصة: أداء الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين"[2].
ويقول الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق: "أما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك، وأنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله"[3].
وفي الحديث عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام[4]. في تفسير قوله تعالى: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ... الآية"[5]؛ قال عليه السلام: "الإحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا ما يحتاجان إليه، وإن كانا مستغنيين". "وقل لهما قولا كريما"؛ قال عليه السلام: "إن ضرباك فقل لهما: غفر الله لكما. 
 ( .. إما يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما .. )؛ قال عليه السلام: « إن أضجراك فلا تقل لهما أفّ، ولا تنهرهما إن ضرباك». ( واخفض لهما جناح الذّل من الرّحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا )، قال عليه السلام: « لا تملأ عينيك من النظر اليهما إلا برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدّم قدامهما ». 
وعلى هذا فينبغي لك مراجعة مواقفك تجاه أبيك، وحتى إذا لم تجد نفسك قادرا على كفالة الجميع، عليك أن تتصرف بحكمة، وتسعى لزرع الثقة بينك وبين أبيك، لصلاح دنياك وآخرتك. أما كيفية ذلك فهي خاضعة للفطنة والحكمة وسعة الصدر التي ستحاول أن تتحلى بها.
 
 
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

_________
[1] (العنكبوت: 8).
[2] (بحار الأنوار: ج74 ص 56).
[3] (بحار الأنوار: ج74 ص6).
[4] ( أصول الكافي ٢ : ١٦٥ / ١ باب البر بالوالدين).
[5] ( الإسراء ١٧ : ٢٣ ).

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:18 م

0 التعليقات:

الجمعة، 20 مارس 2015


السؤال: بالنسبة الى اية التطهير هل ينسجم مع قول أن الأئمة معصومون من الولادة؟ لان الآية نزلت بتطهيرهم من الرجس وهم في سن متأخر عن الولادة وهل ممكن تطهيرهم من الرجس وهم مطهرون فيكون تحصيل حاصل؟

 

الجواب: إن الآية بصدد الإخبار بوجود هذه الحالة والكرامة لأهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام لا لإيجادها في ذلك الوقت. ولعل مما يشير إلى ذلك ويؤكده شمول الآية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث أنه معصوم من قبل نزول هذه الآية بشكل مسلّم عند كافة المسلمين. وإذا تم ذلك في حقه صلوات الله عليه وعلى آله تم كذلك في حق سائر أهل البيت المشمولين للآية.


 

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



آية التطهير طهرتهم أم أكدت طهارتهم؟


السؤال: بالنسبة الى اية التطهير هل ينسجم مع قول أن الأئمة معصومون من الولادة؟ لان الآية نزلت بتطهيرهم من الرجس وهم في سن متأخر عن الولادة وهل ممكن تطهيرهم من الرجس وهم مطهرون فيكون تحصيل حاصل؟

 

الجواب: إن الآية بصدد الإخبار بوجود هذه الحالة والكرامة لأهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام لا لإيجادها في ذلك الوقت. ولعل مما يشير إلى ذلك ويؤكده شمول الآية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث أنه معصوم من قبل نزول هذه الآية بشكل مسلّم عند كافة المسلمين. وإذا تم ذلك في حقه صلوات الله عليه وعلى آله تم كذلك في حق سائر أهل البيت المشمولين للآية.


 

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:03 م

0 التعليقات:

الخميس، 19 مارس 2015


السؤال: ذكر احد الاخوة المؤمنين في تعقيبة صلاة الظهر هذا الذكر: " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء وبارك على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من بركاتك شيء وارحم محمدا وآل محمد حتى لا يبقى من رحمتك شيء وسلم على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من سلامك شيء "وصار جدال بين المؤمنين حول صحة هذا القول، وهل هو قول مأثور عن احد المعصومين ام لا ؟؟. افتونا مأجورين  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟

 

الجواب: نعم هو مروي في كتاب (المجتنى من دعاء المجتبى) للسيد علي بن طاووس، ص107، نقلاً عن كتاب (الوسائل إلى المسائل في الأدعية والأعمال والأذكار)، لمؤلفه المعين أحمد بن علي بن أحمد وقد اعتمد على الكتاب بعض الأصحاب مثل ابن طاووس في الإقبال وغيره، ومثل الكفعمي في البلد الأمين والمصباح.

 

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



صحة قول اللهم صل على محمد وال محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء


السؤال: ذكر احد الاخوة المؤمنين في تعقيبة صلاة الظهر هذا الذكر: " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء وبارك على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من بركاتك شيء وارحم محمدا وآل محمد حتى لا يبقى من رحمتك شيء وسلم على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من سلامك شيء "وصار جدال بين المؤمنين حول صحة هذا القول، وهل هو قول مأثور عن احد المعصومين ام لا ؟؟. افتونا مأجورين  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟

 

الجواب: نعم هو مروي في كتاب (المجتنى من دعاء المجتبى) للسيد علي بن طاووس، ص107، نقلاً عن كتاب (الوسائل إلى المسائل في الأدعية والأعمال والأذكار)، لمؤلفه المعين أحمد بن علي بن أحمد وقد اعتمد على الكتاب بعض الأصحاب مثل ابن طاووس في الإقبال وغيره، ومثل الكفعمي في البلد الأمين والمصباح.

 

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:27 م

0 التعليقات:

الأربعاء، 18 مارس 2015


السؤال: كيف يصل المؤمن الى درجة التقوى ثم الى درجة حق اليقين؟

 

الجواب: التقوى والإيمان واليقين أمور ذات مراتب ودرجات متفاوتة، لكنها جميعا حقيقة واحدة، تسقى من عين واحدة هي صفاء العقيدة، وعمق المعرفة، والعمل الصالح. وقوام هذا الأخير الالتزام بطاعة الله، واجتناب نواهيه.

والذي يدل على كون التقوى درجات هو قوله تعالى: "واتقوا الله حق تقاته"[1] ، حيث يدل على أن التقوى المطلوبة هي حق التقوى، لكنها لا تتأتى لكل أحد، لذلك قال الله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم"[2]. ولا شك أن استطاعة البعض أقل وأدنى من استطاعة البعض الآخر. وقوله عز من قائل: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"[3].

ومثلما كانت التقوى درجات كذلك الإيمان واليقين هما أيضا درجات كثيرة، كما قال تعالى: " وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانا فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون"[4]، وإلا كان تحصيلا للحاصل، وهو محال. وقال الإمام أبو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) لعبد العزيز القراطيسي: " يا عبد العزيز إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم، يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد: لست على شيء.. حتى ينتهي إلى العاشرة.. الحديث "[5]. وعن مراتب اليقين يقول المولى تبارك وتعالى: " كلّا لو تعلمون علم اليقين . لترونّ الجحيم . ثمّ لترونّها عين اليقين "[6]، ويقول: " إنّ هذا لهو حقّ اليقين"[7].

ثم إن المدخل الواقعي لارتقاء المدارج في أيّ من هذه العناوين الثلاثة؛ أعني التقوى والايمان واليقين، يتوقف بالدرجة الأولى على اختيار العبد وإرادته، وصدقه في ذلك الاختيار، ثم احترامه لاختياره، واستقامته عليه، وتحمل تبعاته. والطريق إلى تحقق تلك الغاية هو المواظبة على الواجبات والطاعات، وتجنب المحرمات، وتوقي الشبهات، بل وبالإقبال على النوافل والقربات، وتحاشي المكروهات العبادية، بل وغير العبادية أيضا لما لها من الآثار التكوينية على روح العبد وبدنه؛ كما قال عز وجل: " ونكتب ما قدّموا وآثارهم"[8]. وإن المفهوم من النصوص الشرعية: أن كل عمل يجر إلى نفسه تبعات ظاهرة وباطنة، وكل مرحلة تمهد للتي بعدها، سواء كان في الخير أو الشر. قال تعالى : " وأقم الصّلاة طرفي النّهار وزلفا من اللّيل إنّ الحسنات يذهبن السّيّئات ذلك ذكرى للذّاكرين . واصبر فإنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين"[9]. وقال: "أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون . وخلق اللّه السّماوات والأرض بالحقّ ولتجزى كلّ نفس بما كسبت وهم لا يظلمون "[10].

 

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



[1]  آل عمران: 102.

[2]  التغابن: 16.

[3]  الحجرات: 13.

 [4] التوبة: 124.

 [5] بحار الأنوار: ج66 ص165.

[6]  التكاثر: 5-7.

[7]  الواقعة:95.

[8]  يس: 12.

[9]  هود: 14-15.

[10] الجاثية: 21-22.

درجات التقوى والإيمان واليقين


السؤال: كيف يصل المؤمن الى درجة التقوى ثم الى درجة حق اليقين؟

 

الجواب: التقوى والإيمان واليقين أمور ذات مراتب ودرجات متفاوتة، لكنها جميعا حقيقة واحدة، تسقى من عين واحدة هي صفاء العقيدة، وعمق المعرفة، والعمل الصالح. وقوام هذا الأخير الالتزام بطاعة الله، واجتناب نواهيه.

والذي يدل على كون التقوى درجات هو قوله تعالى: "واتقوا الله حق تقاته"[1] ، حيث يدل على أن التقوى المطلوبة هي حق التقوى، لكنها لا تتأتى لكل أحد، لذلك قال الله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم"[2]. ولا شك أن استطاعة البعض أقل وأدنى من استطاعة البعض الآخر. وقوله عز من قائل: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"[3].

ومثلما كانت التقوى درجات كذلك الإيمان واليقين هما أيضا درجات كثيرة، كما قال تعالى: " وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانا فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون"[4]، وإلا كان تحصيلا للحاصل، وهو محال. وقال الإمام أبو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) لعبد العزيز القراطيسي: " يا عبد العزيز إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم، يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد: لست على شيء.. حتى ينتهي إلى العاشرة.. الحديث "[5]. وعن مراتب اليقين يقول المولى تبارك وتعالى: " كلّا لو تعلمون علم اليقين . لترونّ الجحيم . ثمّ لترونّها عين اليقين "[6]، ويقول: " إنّ هذا لهو حقّ اليقين"[7].

ثم إن المدخل الواقعي لارتقاء المدارج في أيّ من هذه العناوين الثلاثة؛ أعني التقوى والايمان واليقين، يتوقف بالدرجة الأولى على اختيار العبد وإرادته، وصدقه في ذلك الاختيار، ثم احترامه لاختياره، واستقامته عليه، وتحمل تبعاته. والطريق إلى تحقق تلك الغاية هو المواظبة على الواجبات والطاعات، وتجنب المحرمات، وتوقي الشبهات، بل وبالإقبال على النوافل والقربات، وتحاشي المكروهات العبادية، بل وغير العبادية أيضا لما لها من الآثار التكوينية على روح العبد وبدنه؛ كما قال عز وجل: " ونكتب ما قدّموا وآثارهم"[8]. وإن المفهوم من النصوص الشرعية: أن كل عمل يجر إلى نفسه تبعات ظاهرة وباطنة، وكل مرحلة تمهد للتي بعدها، سواء كان في الخير أو الشر. قال تعالى : " وأقم الصّلاة طرفي النّهار وزلفا من اللّيل إنّ الحسنات يذهبن السّيّئات ذلك ذكرى للذّاكرين . واصبر فإنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين"[9]. وقال: "أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون . وخلق اللّه السّماوات والأرض بالحقّ ولتجزى كلّ نفس بما كسبت وهم لا يظلمون "[10].

 

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



[1]  آل عمران: 102.

[2]  التغابن: 16.

[3]  الحجرات: 13.

 [4] التوبة: 124.

 [5] بحار الأنوار: ج66 ص165.

[6]  التكاثر: 5-7.

[7]  الواقعة:95.

[8]  يس: 12.

[9]  هود: 14-15.

[10] الجاثية: 21-22.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:06 م

3 التعليقات:

الثلاثاء، 17 مارس 2015


السؤال: كيف كان رسول الله قبل البعثة؟
 
الجواب: الأخبار المعتبرة والآثار المستفيضة على أنه ( صلى الله عليه وآله ) كان قبل بعثته مذ أكمل الله عقله في بدو سنّه نبيّا مؤيدا بروح القدس[1]، يكلمه الملك ويسمع الصوت ويرى في المنام، ثم بعد أربعين سنة صار رسولا وكلمه الملك معاينة[2]، ونزل عليه القرآن وأمر بالتبليغ، وكان يعبد الله قبل ذلك بصنوف العبادات. وفي رواية يزيد الكناسي في الكافي: إن الله لم يعط نبيّا فضيلة، ولا كرامة، ولا معجزة، إلا أعطاها نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله)[3]، مما يعني أن الله تعالى قد أعطى نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله) الحكم والعلم والنبوة منذ صغره، أو فقل منذ ولد، ثم أرسله للناس كافة. بل في بعض الأحاديث: كما فيالمناقب[4]، باب ذكر سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في اللطائف، وفيه: (كنت نبيا وآدم منخول في طينته)، وفيه أيضا: (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين). وفي مسند أحمد بن حنبل[5]، وفيه: (وآدم بين الروح والجسد). وفي كنز العمال[6]، وفي الدر المنثور[7]: (بين الروح والطين). 


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1]  بحار الأنوار: ج18 ص277 . والمعيار والموازنة: ص222 وشرح نهج البلاغة: ج12 ص178 وكنز العمال: ج11 ص581 وتذكرة الموضوعات: ص94 وفيض القدير: ج5 ص414.
[2]  بحار الانوار: ج18 ص277 ط3 ( 1403 ه 1983 م.
[3]  بحار الانوار: ج18 ص278 و279 ط3 ( 1403 ه 1983 م.
 [4] المناقب لابن شهرآشوب، (ج ١ / ٢١٤.
[5]  مسند أحمد بن حنبل (ج ٤ / ٦٦.
[6]  ج ١١، كتاب الفضائل، الفصل الثالث في فضائل متفرقة وفيه ذكر نسبه (صلى الله عليه (وآله) وسلم)، حديث ٣٢١١٥.
[7]  الدر المنثور في التأويل بالمأثور لجلال الدين السيوطي: في تفسير قوله تعالى: "وإذ أخذنا من النّبيّين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا". وأخرجه ابن سعد في الطبقات: ج1 ص1 ح95، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال: ج11 ص450، ح32115.

كيف كان رسول الله قبل البعثة؟


السؤال: كيف كان رسول الله قبل البعثة؟
 
الجواب: الأخبار المعتبرة والآثار المستفيضة على أنه ( صلى الله عليه وآله ) كان قبل بعثته مذ أكمل الله عقله في بدو سنّه نبيّا مؤيدا بروح القدس[1]، يكلمه الملك ويسمع الصوت ويرى في المنام، ثم بعد أربعين سنة صار رسولا وكلمه الملك معاينة[2]، ونزل عليه القرآن وأمر بالتبليغ، وكان يعبد الله قبل ذلك بصنوف العبادات. وفي رواية يزيد الكناسي في الكافي: إن الله لم يعط نبيّا فضيلة، ولا كرامة، ولا معجزة، إلا أعطاها نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله)[3]، مما يعني أن الله تعالى قد أعطى نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله) الحكم والعلم والنبوة منذ صغره، أو فقل منذ ولد، ثم أرسله للناس كافة. بل في بعض الأحاديث: كما فيالمناقب[4]، باب ذكر سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في اللطائف، وفيه: (كنت نبيا وآدم منخول في طينته)، وفيه أيضا: (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين). وفي مسند أحمد بن حنبل[5]، وفيه: (وآدم بين الروح والجسد). وفي كنز العمال[6]، وفي الدر المنثور[7]: (بين الروح والطين). 


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1]  بحار الأنوار: ج18 ص277 . والمعيار والموازنة: ص222 وشرح نهج البلاغة: ج12 ص178 وكنز العمال: ج11 ص581 وتذكرة الموضوعات: ص94 وفيض القدير: ج5 ص414.
[2]  بحار الانوار: ج18 ص277 ط3 ( 1403 ه 1983 م.
[3]  بحار الانوار: ج18 ص278 و279 ط3 ( 1403 ه 1983 م.
 [4] المناقب لابن شهرآشوب، (ج ١ / ٢١٤.
[5]  مسند أحمد بن حنبل (ج ٤ / ٦٦.
[6]  ج ١١، كتاب الفضائل، الفصل الثالث في فضائل متفرقة وفيه ذكر نسبه (صلى الله عليه (وآله) وسلم)، حديث ٣٢١١٥.
[7]  الدر المنثور في التأويل بالمأثور لجلال الدين السيوطي: في تفسير قوله تعالى: "وإذ أخذنا من النّبيّين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا". وأخرجه ابن سعد في الطبقات: ج1 ص1 ح95، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال: ج11 ص450، ح32115.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:06 م

0 التعليقات:

الأربعاء، 11 مارس 2015


السؤال: نصيحة توجهونها لصاحب روح اثخنتها سيوف الهوى جراحات سلبت الكثير من التوفيقات.

 

الجواب: رب العزة حين خلقنا لم يتركنا هددا تتقاذفنا الأفكار والأهواء. فلا خوف إذن من الانجراف تحت طائلة الانحراف، وغائلة الأهواء، بحيث يكون الانسان مغلوبا على أمره، مفروضا عليه الضلال فرضا. إلا أن يكون سبب ذلك من الإنسان نفسه؛ " بل الإنسان على نفسه بصيرة"[1]، والله سبحانه حبانا بالعقل وبالميزان الذي نميز به بين الحق والباطل، يقول عز وجل: "ولكنّ اللّه حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الرّاشدون"[2].

على أن هناك حديثا مشهورا عند الفريقين، والعقل كذلك يؤيده، يقول: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"[3]. والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"[4]. ومما اتفقت كلمة المسلمين على اعتباره قوله صلى الله عليه وآله: " إني تارك فيكم الثقلين؛ كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا"[5]، وقوله (صلى الله عليه وآله): " مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق "[6]!.



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



[1]  القيامة: 14.

 [2] الحجرات: 7.

[3]  بحار الأنوار: ج2 ص259.

 [4] التوبة: 119.

[5]  حديث متواتر، أخرجه مسلم في صحيحه، والدارمي في فضائل القرآن، وأحمد في مسنده 2: 14، وغيرهم.

[6]  المستدرك على الصحيحين: 3 /150. ذخائر العقبى: 20. مجمع الزوائد: 9 /168.


كيف ننجو من تيارات الأفكار المنحرفة والأهواء الجارفة؟


السؤال: نصيحة توجهونها لصاحب روح اثخنتها سيوف الهوى جراحات سلبت الكثير من التوفيقات.

 

الجواب: رب العزة حين خلقنا لم يتركنا هددا تتقاذفنا الأفكار والأهواء. فلا خوف إذن من الانجراف تحت طائلة الانحراف، وغائلة الأهواء، بحيث يكون الانسان مغلوبا على أمره، مفروضا عليه الضلال فرضا. إلا أن يكون سبب ذلك من الإنسان نفسه؛ " بل الإنسان على نفسه بصيرة"[1]، والله سبحانه حبانا بالعقل وبالميزان الذي نميز به بين الحق والباطل، يقول عز وجل: "ولكنّ اللّه حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الرّاشدون"[2].

على أن هناك حديثا مشهورا عند الفريقين، والعقل كذلك يؤيده، يقول: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"[3]. والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"[4]. ومما اتفقت كلمة المسلمين على اعتباره قوله صلى الله عليه وآله: " إني تارك فيكم الثقلين؛ كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا"[5]، وقوله (صلى الله عليه وآله): " مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق "[6]!.



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



[1]  القيامة: 14.

 [2] الحجرات: 7.

[3]  بحار الأنوار: ج2 ص259.

 [4] التوبة: 119.

[5]  حديث متواتر، أخرجه مسلم في صحيحه، والدارمي في فضائل القرآن، وأحمد في مسنده 2: 14، وغيرهم.

[6]  المستدرك على الصحيحين: 3 /150. ذخائر العقبى: 20. مجمع الزوائد: 9 /168.


من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:56 م

0 التعليقات:

الثلاثاء، 10 مارس 2015




السؤال: أشعر أحيانا أن أفكاري تسيطر على نفسي كيف يمكن أن أتحكم في أفكاري ؟

 

الجواب: إن كانت أفكار خير فإن تغلّبها على النفس خير، وإلا فلا، والمعيار هو اختيار الإنسان وإرادته؛ قال تعالى: " بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره"[1]. وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "وإنما الامور ثلاثة: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم[2].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1]  القيامة: 14.

[2]  من لا يحضره الفقيه: ج3 ص10 باب الاتفاق على عدلين في الحكومة.

كيف أتحكم في أفكاري؟




السؤال: أشعر أحيانا أن أفكاري تسيطر على نفسي كيف يمكن أن أتحكم في أفكاري ؟

 

الجواب: إن كانت أفكار خير فإن تغلّبها على النفس خير، وإلا فلا، والمعيار هو اختيار الإنسان وإرادته؛ قال تعالى: " بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره"[1]. وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "وإنما الامور ثلاثة: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم[2].


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1]  القيامة: 14.

[2]  من لا يحضره الفقيه: ج3 ص10 باب الاتفاق على عدلين في الحكومة.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:05 م

0 التعليقات:

الأحد، 8 مارس 2015


السؤال: يقول أحد رجال الدين ما نصه: " إنَّ الحديث صريح في أنَّ الإمام لا يعلم أنه إمام إلا حين يمضي الإمام الذي قبله، وأنَّ الله يلهمه ذلك، والإمام الذي سيقضي نحبه لا يعلم من الوصي بعده حتى يُعلمه الله، أي أنَّ الله يُعلمه قبل وفاته، وليس بالضرورة أن يكون عالماً بذلك في حياته ".

فما قولكم في هذا الكلام؟، حفظكم الله ورعاكم.

 

الجواب: علم الإمام واسع جدّاً، وإن بعض الأفراد العاديين ليعلمون أكثر بكثير من هذا المقدار المشار إليه في السؤال، فكيف بالإمام المعصوم الحجة على الخلق، الذي لا يُسأل عن شيء فيقول: لا أعلم، وأنه يعلم علم ما كان وما يكون وما سيكون إلى يوم القيامة. والأدلة العقلية والنقلية، ولاسيما الروايات المعتبرة تكفلت ببيان سعة علمهم صلوات الله عليهم بشكل متواتر. لكن يبدو أن القائل المذكور قد اختلط عليه الأمر، لما ورد أن الإمام المعصوم يعلم بلحظة وفاة الإمام الذي قبله بسبب ما يغشاه من ثقل الإمامة، وذلك بإلهام الله عز وجل، أو أن الإلهام أمر آخر أيضاً يعرف به الإمام  حصول الإمامة له.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


سعة علم الإمام


السؤال: يقول أحد رجال الدين ما نصه: " إنَّ الحديث صريح في أنَّ الإمام لا يعلم أنه إمام إلا حين يمضي الإمام الذي قبله، وأنَّ الله يلهمه ذلك، والإمام الذي سيقضي نحبه لا يعلم من الوصي بعده حتى يُعلمه الله، أي أنَّ الله يُعلمه قبل وفاته، وليس بالضرورة أن يكون عالماً بذلك في حياته ".

فما قولكم في هذا الكلام؟، حفظكم الله ورعاكم.

 

الجواب: علم الإمام واسع جدّاً، وإن بعض الأفراد العاديين ليعلمون أكثر بكثير من هذا المقدار المشار إليه في السؤال، فكيف بالإمام المعصوم الحجة على الخلق، الذي لا يُسأل عن شيء فيقول: لا أعلم، وأنه يعلم علم ما كان وما يكون وما سيكون إلى يوم القيامة. والأدلة العقلية والنقلية، ولاسيما الروايات المعتبرة تكفلت ببيان سعة علمهم صلوات الله عليهم بشكل متواتر. لكن يبدو أن القائل المذكور قد اختلط عليه الأمر، لما ورد أن الإمام المعصوم يعلم بلحظة وفاة الإمام الذي قبله بسبب ما يغشاه من ثقل الإمامة، وذلك بإلهام الله عز وجل، أو أن الإلهام أمر آخر أيضاً يعرف به الإمام  حصول الإمامة له.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:35 م

0 التعليقات:

السبت، 7 مارس 2015


السؤال: اريد جوابا على هذه المسألة لاني داخل في حوار مع اهل الخلاف  واشكلوا علي بإشكال من خطبة لامير المومنين الى معاوية يعترف فيها بالشورى وهي موجودة في الجزء الرابع عشر في شرح ابن ابي الحديد ص244 حيث يقول ((ان بايعني القوم الذين بايعو ا ابو بكر وعمر......... الى ان يقول عليه السلام  وانما الشورى للمهاجرين والانصار فان اجتمعوا على رجل وسموه اماما كان ذلك لله رضا فان خرج عن امرهم خارج بطعن او بدعة ردوه الى ما خرج...)) فهل هذا اقرار من الامام على حجية الشورى؟

 

الجواب: ان ذلك منه (عليه السلام) يجري مجرى إلزام الخصم بما ألزم به نفسه. وهي قاعدة شرعية وعقلائية، يستخدمها الناس عادة في الموارد التي لا يعتقدون هم بها، ولكن خصومهم يعتقدون بها، أو يعملون وفقها. وإن مشروعية بقاء معاوية في الحكم هي أن عمر بن الخطاب ولاه على الشام، ثم أقرّه عثمان على ولايته تلك. فمشروعية ولايته تلك نابعة من مشروعية خلافة عمر وعثمان، وأصل مشروعية عمر وعثمان، ومن قبلهما أبو بكر، مستلة من استنادهم إلى الشورى. فيحتج أمير المؤمنين (عليه السلام) على معاوية بما لا يمكن له ردّاً، حتى لو لم يكن يعتقد هو بها في داخل نفسه، وإلاّ فإنه يبطل المستند القانوني والشرعي لولايته وينقضها.

أما أمير المؤمنين (عليه السلام) فلا يتوجه عليه هذا الكلام. كيف وقد اعترض على أصحاب السقيفة المتمسكين بالشورى قولاً وفعلاً. حيث إنه احتجب عنهم ورفض بيعتهم، إلى أن جرّوه غصباً وعنوة، ومروا به على قبر النبي (عليه السلام)، فخاطبه (عليه السلام) قائلاً: " ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني"[1]. وكم أبدى اعتراضه على مبدأ الشورى وعلى الطريقة التي سلكوها في ذلك، كقوله في خطبته الشقشقية: " فيا لله وللشورى متى اعترض الرَّيْبُ فيَّ مع الاوَّل مِنهم، حتى صِرتُ أُقْرَنُ إلى هذه النظائر! لكني أسْفَفتُ إذ أسَفُّوا، وَطِرتُ إذْ طارُوا، فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الاخر لصهره، مع هَنٍ وهنٍ [2]". وقوله عليه السلام موجهاً انتقاده قبل ذلك لأبي بكر[3]:

فإن كنت بالقربى ملكـت أمـورهم         ***    فغيرك أولى بالنبي وأقـربُ

وإن كنت بالشورى حججت خصيمهم       ***    فكيف بهذا والمشيرون غُيَّبُ

بل المعيار عنده صلوات الله عليه هو النص الصريح من النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وبأمرٍ من الله عز وجل. ولذلك تراه (عليه السلام) يقول في الخطبة المذكورة أعلاه: "أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينسدل عني السيل، ولا يرقى إليّ الطير، ... (إلى أن يقول فيها): فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهباً"[4]، فهو يعدها تراثاً له من رسول الله صلى الله عليه وآله بالنص والوحي الصريحين.



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1]  الأعراف: 150.

[2]  نهج البلاغة: خ3، شرح الشيخ محمد عبده).

[3]  شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 18: 416).

[4]  نهج البلاغة، المصدر السابق، نفس الخطبة.

هل قبل علي (ع) بمبدأ الشورى؟!


السؤال: اريد جوابا على هذه المسألة لاني داخل في حوار مع اهل الخلاف  واشكلوا علي بإشكال من خطبة لامير المومنين الى معاوية يعترف فيها بالشورى وهي موجودة في الجزء الرابع عشر في شرح ابن ابي الحديد ص244 حيث يقول ((ان بايعني القوم الذين بايعو ا ابو بكر وعمر......... الى ان يقول عليه السلام  وانما الشورى للمهاجرين والانصار فان اجتمعوا على رجل وسموه اماما كان ذلك لله رضا فان خرج عن امرهم خارج بطعن او بدعة ردوه الى ما خرج...)) فهل هذا اقرار من الامام على حجية الشورى؟

 

الجواب: ان ذلك منه (عليه السلام) يجري مجرى إلزام الخصم بما ألزم به نفسه. وهي قاعدة شرعية وعقلائية، يستخدمها الناس عادة في الموارد التي لا يعتقدون هم بها، ولكن خصومهم يعتقدون بها، أو يعملون وفقها. وإن مشروعية بقاء معاوية في الحكم هي أن عمر بن الخطاب ولاه على الشام، ثم أقرّه عثمان على ولايته تلك. فمشروعية ولايته تلك نابعة من مشروعية خلافة عمر وعثمان، وأصل مشروعية عمر وعثمان، ومن قبلهما أبو بكر، مستلة من استنادهم إلى الشورى. فيحتج أمير المؤمنين (عليه السلام) على معاوية بما لا يمكن له ردّاً، حتى لو لم يكن يعتقد هو بها في داخل نفسه، وإلاّ فإنه يبطل المستند القانوني والشرعي لولايته وينقضها.

أما أمير المؤمنين (عليه السلام) فلا يتوجه عليه هذا الكلام. كيف وقد اعترض على أصحاب السقيفة المتمسكين بالشورى قولاً وفعلاً. حيث إنه احتجب عنهم ورفض بيعتهم، إلى أن جرّوه غصباً وعنوة، ومروا به على قبر النبي (عليه السلام)، فخاطبه (عليه السلام) قائلاً: " ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني"[1]. وكم أبدى اعتراضه على مبدأ الشورى وعلى الطريقة التي سلكوها في ذلك، كقوله في خطبته الشقشقية: " فيا لله وللشورى متى اعترض الرَّيْبُ فيَّ مع الاوَّل مِنهم، حتى صِرتُ أُقْرَنُ إلى هذه النظائر! لكني أسْفَفتُ إذ أسَفُّوا، وَطِرتُ إذْ طارُوا، فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الاخر لصهره، مع هَنٍ وهنٍ [2]". وقوله عليه السلام موجهاً انتقاده قبل ذلك لأبي بكر[3]:

فإن كنت بالقربى ملكـت أمـورهم         ***    فغيرك أولى بالنبي وأقـربُ

وإن كنت بالشورى حججت خصيمهم       ***    فكيف بهذا والمشيرون غُيَّبُ

بل المعيار عنده صلوات الله عليه هو النص الصريح من النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وبأمرٍ من الله عز وجل. ولذلك تراه (عليه السلام) يقول في الخطبة المذكورة أعلاه: "أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينسدل عني السيل، ولا يرقى إليّ الطير، ... (إلى أن يقول فيها): فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهباً"[4]، فهو يعدها تراثاً له من رسول الله صلى الله عليه وآله بالنص والوحي الصريحين.



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1]  الأعراف: 150.

[2]  نهج البلاغة: خ3، شرح الشيخ محمد عبده).

[3]  شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 18: 416).

[4]  نهج البلاغة، المصدر السابق، نفس الخطبة.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:38 م

0 التعليقات:

الأربعاء، 4 مارس 2015



السؤال: يخص مظلومية السيده الطاهره المطهره فاطمـة الزهراء ومافعل فيها المجرمين لعنة الله عليهم اجمعين ....  وكما نعلم انها فتحت الباب وكان الامام عليه السلام موجود بداخل الدار لمـاذا هي التي فتحت الباب ولم يــكن الامام عليه السلام فانا لا اشكك ابدا لا سمح الله بمظلوميتها ولكن كان هناك نقاش باحد المنتديات عن المصائب التي انكبت عليها سيدتنا ومولاتنا  ولكن سأل أحد المخالفين: لماذا كانت فاطمه هي التي اتجهت للباب وكان هناك. الامام عليه السلام .. وهل كانت فضه خادمة الزهراء متواجده بالدار ..؟

 

الجواب: لا معنى لهذا الاعتراض من الأساس، فهو بيتها، ولها أن تفتح، الباب إذا شاءت. وطالما طرق رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك الباب فكانت هي التي تنطلق لفتح الباب له وفي استقباله. وربّما أرادت بعد أن سمعت الصوت أن تلقي الحجة كاملة عليه، فإنها بضعة النبي صلى الله عليه وآله الوحيدة التي خلّفها في أمته من بعده، والتي كان ينبغي عليهم أن يحفظوا رسول الله فيها. لا سيّما بعد ما عرفوا لها من المقام السامي الذي لا يناظرها فيه أحد، حيث قال صلى الله عليه وآله: «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني» و «فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها» بنقل البخاري نفسه في صحيحه (في كتاب بدء الخلق، وكتاب النكاح)، و ورد كثير غيره في غير الكتاب من سائر صحاح القوم، مثل صحاح مسلم، و أبي داود، و الترمذي، ومستدرك الصحيحين، ومسند أحمد، وغيرها من الكتب. ومع ذلك حين سمع الرجل صوت الزهراء صلوات الله عليها، وقد جاء ومعه قبس من نار ليحرق بيتها، بل قيل له: إن في الدار فاطمة، فقال: «وإن»!، غير مبالٍ بأذاها ولا أذى أبيها. والقرآن الكريم يقول: «وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله». وقد ذكرت الكتب المعتبرة عند القوم هذه التفاصيل المفجعة، مثل البلاذري في أنساب الأشراف، وابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة. وكذلك تاريخ أبي الفداء، وابن الأثير في الكامل. إننا أمام مصيبة عظمى، وفاجعة كبرى ارتكبها القوم بعدوانهم على الله جل وعلا، ورسوله صلى الله عليه وآله، بهجومهم على بيت الزهراء سلام الله عليها وتهديدها وارعابها واسقاطها جنينها واغتصاب حقها. وإن تحريف المواضيع عن مسارها، بافتراض أسئلة هامشية، واعتراضات غير هامة، ليس إلاّ لذر الرماد في العيون، وهيهات أن تستر الشمس بغربال!



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

فتح الزهراء للباب دون أمير المؤمنين صلوات الله عليهما



السؤال: يخص مظلومية السيده الطاهره المطهره فاطمـة الزهراء ومافعل فيها المجرمين لعنة الله عليهم اجمعين ....  وكما نعلم انها فتحت الباب وكان الامام عليه السلام موجود بداخل الدار لمـاذا هي التي فتحت الباب ولم يــكن الامام عليه السلام فانا لا اشكك ابدا لا سمح الله بمظلوميتها ولكن كان هناك نقاش باحد المنتديات عن المصائب التي انكبت عليها سيدتنا ومولاتنا  ولكن سأل أحد المخالفين: لماذا كانت فاطمه هي التي اتجهت للباب وكان هناك. الامام عليه السلام .. وهل كانت فضه خادمة الزهراء متواجده بالدار ..؟

 

الجواب: لا معنى لهذا الاعتراض من الأساس، فهو بيتها، ولها أن تفتح، الباب إذا شاءت. وطالما طرق رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك الباب فكانت هي التي تنطلق لفتح الباب له وفي استقباله. وربّما أرادت بعد أن سمعت الصوت أن تلقي الحجة كاملة عليه، فإنها بضعة النبي صلى الله عليه وآله الوحيدة التي خلّفها في أمته من بعده، والتي كان ينبغي عليهم أن يحفظوا رسول الله فيها. لا سيّما بعد ما عرفوا لها من المقام السامي الذي لا يناظرها فيه أحد، حيث قال صلى الله عليه وآله: «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني» و «فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها» بنقل البخاري نفسه في صحيحه (في كتاب بدء الخلق، وكتاب النكاح)، و ورد كثير غيره في غير الكتاب من سائر صحاح القوم، مثل صحاح مسلم، و أبي داود، و الترمذي، ومستدرك الصحيحين، ومسند أحمد، وغيرها من الكتب. ومع ذلك حين سمع الرجل صوت الزهراء صلوات الله عليها، وقد جاء ومعه قبس من نار ليحرق بيتها، بل قيل له: إن في الدار فاطمة، فقال: «وإن»!، غير مبالٍ بأذاها ولا أذى أبيها. والقرآن الكريم يقول: «وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله». وقد ذكرت الكتب المعتبرة عند القوم هذه التفاصيل المفجعة، مثل البلاذري في أنساب الأشراف، وابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة. وكذلك تاريخ أبي الفداء، وابن الأثير في الكامل. إننا أمام مصيبة عظمى، وفاجعة كبرى ارتكبها القوم بعدوانهم على الله جل وعلا، ورسوله صلى الله عليه وآله، بهجومهم على بيت الزهراء سلام الله عليها وتهديدها وارعابها واسقاطها جنينها واغتصاب حقها. وإن تحريف المواضيع عن مسارها، بافتراض أسئلة هامشية، واعتراضات غير هامة، ليس إلاّ لذر الرماد في العيون، وهيهات أن تستر الشمس بغربال!



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:18 م

0 التعليقات:

الثلاثاء، 3 مارس 2015


السؤال: سؤالي عن الامام علي ع بعد العدوان على فاطمة ع هل فعلا سكت، وما سبب سكوته ع فهل هي مسئلة صبر ام لا، وكيف يجتمع ذلك مع غيرة الإمام ع وشجاعته؟ وشكرا.
 
الجواب: لم يكن أهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام يرون أنفسهم شيئا غير الدين الحنيف، فكانت حياتهم ومماتهم من أجل بقائه وعزته. وقد صرح عليه السلام في غير مرة أنه كان قادرا على أخذ حقه من مناوئيه وظالميه، لكنه كان يشفق على الدين وبقائه. مضافا إلى ما جاءت به الأحاديث من الوصية بالصبر والتحمل، مهما بلغ التعدي! ومرجع الأمرين واحد.
 لذلك كان عليه السلام يتحاشى أي شيء من شأنه أن يخدش الإسلام أو يزعجه. وقد وصف عليه السلام موقفه ذلك في رسالته التي بعث بها إلى أهل مصر مع مالك الأشتر حيث يقول فيها "فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد ( صلى الله عليه وآله ) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله، أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل"[1].
ونقل ابن أبي الحديد رواية الكلبي أنه لما أراد علي (عليه السلام) المسير إلى البصرة، قام فخطب الناس، فقال بعد أن حمد الله و صلى على رسوله (صلى الله عليه وآله): "إن الله لما قبض نبيه استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم، والدين يمخض مخض الوطب يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقل خلف... "[2].
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة[3]، ونقله غيره أيضا، أنه (عليه السلام) خطب في أول خلافته بالمدينة المنورة قائلا: " وايم الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، وأن يعود الكفر ويبور الدين، لكنا على غير ما كنا لهم عليه...".
وفي بعض روايات أهل البيت (عليه السلام) أن فاطمة الزهراء سلام الله عليها لما رجعت من المسجد بعدما خطبت خطبتها العظيمة وألقت الحجج على خصومها، خاطبت أبا الحسن (عليه السلام) وهو جالس في البيت فقالت: "يا بن أبي طالب... اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، وخانك ريش الأعزل! هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي و بلغة ابني، لقد أجهر في خصامي، و ألفيته الألد في كلامي. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا ويل عليك، الويل لشانئك، نهنهي عن وجدك يابنة الصفوة، وبقية النبوة، فما ونيت عن ديني، ولا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البلغة، فرزقك مضمون، وكفيلك مأمون، وما اعد لك أفضل مما قطع عنك، فاحتسبي الله"[4]... 
قالوا: فبينما علي (عليه السلام) يكلمها ويهدئها وإذا بصوت المؤذن ارتفع، فقال لها علي (عليه السلام): "يا بنت رسول الله! إذا تحبين أن يبقى هذا الصوت مرتفعا ويخلد ذكر أبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاحتسبي الله واصبري". فقالت: "حسبي الله. وأمسكت"[5].
أما عن الوصية بالصبر فقد روى الخوارزمي في مناقبه وابن المغازلي أيضا في مناقبه: أن النبي (صلى الله عليه وآله) نظر يوما إلى علي (عليه السلام) فبكى، فقال له: "ما يبكيك يا رسول الله صلى الله عليك؟" قال (صلى الله عليه وآله): "ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها حتى أفارق الدنيا". قال (عليه السلام): "فما أصنع يا رسول الله؟" قال: "تصبر، فيعطيك ربك أجر الصابرين"[6]. ورواه من أعلام أهل السنة أيضا كثير: منهم البزار في البحر الزخار[7]، والطبراني في المعجم الكبير[8]، والهيثمي في مجمع الزوائد[9]، وغيرهم. 
وعن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأغلق عليهم الباب وقال: "يا أهلي ويا أهل الله! إن الله عز وجل يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت، ويقول: إن الله عز وجل يقول: إني قد جعلت عدوكم لكم فتنة فما تقولون؟ قالوا: نصبر - يا رسول الله - لأمر الله وما نزل من قضائه، حتى نقدم على الله عز وجل، ونستكمل جزيل ثوابه، فقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله" .. فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية: "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا"[10].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

___________
[1]  نهج البلاغة: قسم الكتب الرقم (62).
[2]  شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المدائني المعتزلي: ج1 ص288. طبعة دار الكتب العلمية، ببيروت سنة 1418.
[3]  شرح النهج: ج1 / 307، ط. إحياء الكتب العربية.
[4]  بحار الأنوار: ج29 ص234.
[5]  ليالي بيشاور: ص899
[6]  الموفق الخوارزمي - المناقب - ص 65.
[7]  مسند البزار، البحر الزخار: ح 647 .
[8] الطبراني - المعجم الكبير - ج 11  - ص 60.
[9] الهيثمي - مجمع الزوائد - أبواب مناقب علي بن أبي طالب(ر) - ج 9 - ص  118.
[10] بحار الأنوار: ج28 ص81 ، والآية في سورة الفرقان (25): 20.

كيف سكت علي للقوم وهم يعتدون على فاطمة؟!


السؤال: سؤالي عن الامام علي ع بعد العدوان على فاطمة ع هل فعلا سكت، وما سبب سكوته ع فهل هي مسئلة صبر ام لا، وكيف يجتمع ذلك مع غيرة الإمام ع وشجاعته؟ وشكرا.
 
الجواب: لم يكن أهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام يرون أنفسهم شيئا غير الدين الحنيف، فكانت حياتهم ومماتهم من أجل بقائه وعزته. وقد صرح عليه السلام في غير مرة أنه كان قادرا على أخذ حقه من مناوئيه وظالميه، لكنه كان يشفق على الدين وبقائه. مضافا إلى ما جاءت به الأحاديث من الوصية بالصبر والتحمل، مهما بلغ التعدي! ومرجع الأمرين واحد.
 لذلك كان عليه السلام يتحاشى أي شيء من شأنه أن يخدش الإسلام أو يزعجه. وقد وصف عليه السلام موقفه ذلك في رسالته التي بعث بها إلى أهل مصر مع مالك الأشتر حيث يقول فيها "فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد ( صلى الله عليه وآله ) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله، أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل"[1].
ونقل ابن أبي الحديد رواية الكلبي أنه لما أراد علي (عليه السلام) المسير إلى البصرة، قام فخطب الناس، فقال بعد أن حمد الله و صلى على رسوله (صلى الله عليه وآله): "إن الله لما قبض نبيه استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم، والدين يمخض مخض الوطب يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقل خلف... "[2].
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة[3]، ونقله غيره أيضا، أنه (عليه السلام) خطب في أول خلافته بالمدينة المنورة قائلا: " وايم الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، وأن يعود الكفر ويبور الدين، لكنا على غير ما كنا لهم عليه...".
وفي بعض روايات أهل البيت (عليه السلام) أن فاطمة الزهراء سلام الله عليها لما رجعت من المسجد بعدما خطبت خطبتها العظيمة وألقت الحجج على خصومها، خاطبت أبا الحسن (عليه السلام) وهو جالس في البيت فقالت: "يا بن أبي طالب... اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، وخانك ريش الأعزل! هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي و بلغة ابني، لقد أجهر في خصامي، و ألفيته الألد في كلامي. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا ويل عليك، الويل لشانئك، نهنهي عن وجدك يابنة الصفوة، وبقية النبوة، فما ونيت عن ديني، ولا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البلغة، فرزقك مضمون، وكفيلك مأمون، وما اعد لك أفضل مما قطع عنك، فاحتسبي الله"[4]... 
قالوا: فبينما علي (عليه السلام) يكلمها ويهدئها وإذا بصوت المؤذن ارتفع، فقال لها علي (عليه السلام): "يا بنت رسول الله! إذا تحبين أن يبقى هذا الصوت مرتفعا ويخلد ذكر أبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاحتسبي الله واصبري". فقالت: "حسبي الله. وأمسكت"[5].
أما عن الوصية بالصبر فقد روى الخوارزمي في مناقبه وابن المغازلي أيضا في مناقبه: أن النبي (صلى الله عليه وآله) نظر يوما إلى علي (عليه السلام) فبكى، فقال له: "ما يبكيك يا رسول الله صلى الله عليك؟" قال (صلى الله عليه وآله): "ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها حتى أفارق الدنيا". قال (عليه السلام): "فما أصنع يا رسول الله؟" قال: "تصبر، فيعطيك ربك أجر الصابرين"[6]. ورواه من أعلام أهل السنة أيضا كثير: منهم البزار في البحر الزخار[7]، والطبراني في المعجم الكبير[8]، والهيثمي في مجمع الزوائد[9]، وغيرهم. 
وعن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأغلق عليهم الباب وقال: "يا أهلي ويا أهل الله! إن الله عز وجل يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت، ويقول: إن الله عز وجل يقول: إني قد جعلت عدوكم لكم فتنة فما تقولون؟ قالوا: نصبر - يا رسول الله - لأمر الله وما نزل من قضائه، حتى نقدم على الله عز وجل، ونستكمل جزيل ثوابه، فقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله" .. فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية: "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا"[10].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

___________
[1]  نهج البلاغة: قسم الكتب الرقم (62).
[2]  شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المدائني المعتزلي: ج1 ص288. طبعة دار الكتب العلمية، ببيروت سنة 1418.
[3]  شرح النهج: ج1 / 307، ط. إحياء الكتب العربية.
[4]  بحار الأنوار: ج29 ص234.
[5]  ليالي بيشاور: ص899
[6]  الموفق الخوارزمي - المناقب - ص 65.
[7]  مسند البزار، البحر الزخار: ح 647 .
[8] الطبراني - المعجم الكبير - ج 11  - ص 60.
[9] الهيثمي - مجمع الزوائد - أبواب مناقب علي بن أبي طالب(ر) - ج 9 - ص  118.
[10] بحار الأنوار: ج28 ص81 ، والآية في سورة الفرقان (25): 20.

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:48 م

0 التعليقات:

الاثنين، 2 مارس 2015


السؤال: هل الامام علي عليه السلام بايع ابا بكر و البقية من الصحابة ؟ مع
الدليل ان كان  مختارا ، أو مجبرا .

 

الجواب: اتفقت الأحاديث الواردة من طرق علمائنا الإمامية أعلى الله مقاماتهم على عدم بيعته لهم مختاراً، ثم اختلفت بين أنه عليه السلام لم يبايع أصلاً، وإنما سكت ، وبين أنه بايعهم تحت الإكراه والإجبار. والثاني أشهر وأعرف. ومعلوم أن بيعة المكره باطلة شرعاً ولا يعتدّ بها. وهذه الحقيقة منقولة حتى في كتب أهل الخلاف.

فقد روى الشيخ الصدوق بسنده عن عثمان بن المغيرة، عن زيد بن وهب قال: كان الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة، وتقدمه على علي بن أبي طالب اثني عشر رجلاً من المهاجرين والأنصار، وكان من المهاجرين خالد بن سعيد بن العاص، والمقداد بن الأسود، وأبيّ بن كعب، وعمار بن ياسر، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن مسعود، وبريدة الأسلمي، وكان من الأنصار خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الهيثم بن التيهان، وغيرهم. فلما صعد المنبر تشاوروا بينهم في أمره، فقال بعضهم: هلّا نأتيه فننزله عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله.

وقال آخرون: إن فعلتم ذلك أعنتم على أنفسكم، وقال الله عز وجل: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ولكن امضوا بنا إلى علي بن أبي طالب نستشيره ونستطلع أمره، فأتوا عليا عليه السلام، فقالوا: يا أمير المؤمنين ضيّعت نفسك وتركت حقًّا أنت أولى به، وقد أردنا أن نأتي الرجل فننزله عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فإن الحق حقك، وأنت أولى بالأمر منه، فكرهنا أن ننزله من دون مشاورتك، فقال لهم علي عليه السلام: لو فعلتم ذلك ما كنتم إلا حرباً لهم، ولا كنتم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد، وقد اتفقت عليه الأمة التاركة لقول نبيها، والكاذبة على ربها، ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلا السكوت لما تعلمون من وغر صدور القوم وبغضهم لله عز وجل، ولأهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله، وإنهم يطالبون بثارات الجاهلية، والله لو فعلتم ذلك لشهروا سيوفهم مستعدين للحرب والقتال، كما فعلوا ذلك حتى قهروني وغلبوني على نفسي ولببوني! وقالوا لي: بايع وإلا قتلناك، فلم أجد حيلة إلا أن أدفع القوم عن نفسي، وذاك أني ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إن القوم نقضوا أمرك واستبدوا بها دونك وعصوني فيك، فعليك بالصبر حتى ينزل الأمر، ألا وإنهم سيغدرون بك لا محالة، فلا تجعل لهم سبيلاً إلى إذلالك وسفك دمك، فإن الأمة ستغدر بك بعدي! كذلك أخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربى تبارك وتعالى.

ولكن ائتوا الرجل فأخبروه بما سمعتم من نبيكم ولا تجعلوه في الشبهة من أمره ليكون ذلك أعظم للحجة عليه، وأبلغ في عقوبته إذا أتى ربه وقد عصى نبيه وخالف أمره[1]"!.

كما روى ابن عبد ربه في العقد الفريد[2]، تحت عنوان: ( الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر ): فأما علي والعباس والزبير، فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة، فقال له: إن أبوا فقاتلهم! فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟! قال: نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة، فخرج عليٌّ حتى دخل علي أبي بكر فبايعه). إنتهى .

وقد روى البلاذري، عدة روايات في إجبارهم عليا على البيعة، منها:

 "عن ابن عباس قال: بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي حين قعد عن بيعته وقال: ائتني به بأعنف العنف، فلما أتاه جرى بينهما كلام فقال له علي: احلِب حلباً لك شطره! والله ما حرصك على إمارته اليوم إلا ليؤمرك غداً . . . ثم أتى فبايعه" . . . . 

"وعن عدي بن حاتم قال: ما رحمت أحداً رحمتي عليًّا حين أتي به ملبباً فقيل له: بايع، قال: فإن لم أفعل؟ قالوا: إذا نقتلك، قال: إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسوله، ثم بايع كذا، وضم يده اليمنى!".

"وعن أبي عون أن أبا بكر أرسل إلى علي يريده على البيعة فلم يبايع، فجاء عمر ومعه قبس فلقيته فاطمة على الباب فقالت: يا ابن الخطاب أتراك محرقا علي بابي قال: نعم وذلك أقوى فيما جاء به أبوك! وجاء علي فبايع.

 "وعن حمران بن أعين عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال: والله ما بايع علي عليه السلام حتى رأى الدخان قد دخل بيته" انتهى[3]

وعلى هذا الأساس استمر في عهد عمر وعثمان.



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1]  الخصال، للشيخ الصدوق: ص461.

[2]  العقد الفريد: 3 / 64.

[3]  أنساب الأشراف : 1 / 586 - 587.


هل بايع علي؟ وباختيار كان منه أم بإجبار؟


السؤال: هل الامام علي عليه السلام بايع ابا بكر و البقية من الصحابة ؟ مع
الدليل ان كان  مختارا ، أو مجبرا .

 

الجواب: اتفقت الأحاديث الواردة من طرق علمائنا الإمامية أعلى الله مقاماتهم على عدم بيعته لهم مختاراً، ثم اختلفت بين أنه عليه السلام لم يبايع أصلاً، وإنما سكت ، وبين أنه بايعهم تحت الإكراه والإجبار. والثاني أشهر وأعرف. ومعلوم أن بيعة المكره باطلة شرعاً ولا يعتدّ بها. وهذه الحقيقة منقولة حتى في كتب أهل الخلاف.

فقد روى الشيخ الصدوق بسنده عن عثمان بن المغيرة، عن زيد بن وهب قال: كان الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة، وتقدمه على علي بن أبي طالب اثني عشر رجلاً من المهاجرين والأنصار، وكان من المهاجرين خالد بن سعيد بن العاص، والمقداد بن الأسود، وأبيّ بن كعب، وعمار بن ياسر، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن مسعود، وبريدة الأسلمي، وكان من الأنصار خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الهيثم بن التيهان، وغيرهم. فلما صعد المنبر تشاوروا بينهم في أمره، فقال بعضهم: هلّا نأتيه فننزله عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله.

وقال آخرون: إن فعلتم ذلك أعنتم على أنفسكم، وقال الله عز وجل: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ولكن امضوا بنا إلى علي بن أبي طالب نستشيره ونستطلع أمره، فأتوا عليا عليه السلام، فقالوا: يا أمير المؤمنين ضيّعت نفسك وتركت حقًّا أنت أولى به، وقد أردنا أن نأتي الرجل فننزله عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فإن الحق حقك، وأنت أولى بالأمر منه، فكرهنا أن ننزله من دون مشاورتك، فقال لهم علي عليه السلام: لو فعلتم ذلك ما كنتم إلا حرباً لهم، ولا كنتم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد، وقد اتفقت عليه الأمة التاركة لقول نبيها، والكاذبة على ربها، ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلا السكوت لما تعلمون من وغر صدور القوم وبغضهم لله عز وجل، ولأهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله، وإنهم يطالبون بثارات الجاهلية، والله لو فعلتم ذلك لشهروا سيوفهم مستعدين للحرب والقتال، كما فعلوا ذلك حتى قهروني وغلبوني على نفسي ولببوني! وقالوا لي: بايع وإلا قتلناك، فلم أجد حيلة إلا أن أدفع القوم عن نفسي، وذاك أني ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إن القوم نقضوا أمرك واستبدوا بها دونك وعصوني فيك، فعليك بالصبر حتى ينزل الأمر، ألا وإنهم سيغدرون بك لا محالة، فلا تجعل لهم سبيلاً إلى إذلالك وسفك دمك، فإن الأمة ستغدر بك بعدي! كذلك أخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربى تبارك وتعالى.

ولكن ائتوا الرجل فأخبروه بما سمعتم من نبيكم ولا تجعلوه في الشبهة من أمره ليكون ذلك أعظم للحجة عليه، وأبلغ في عقوبته إذا أتى ربه وقد عصى نبيه وخالف أمره[1]"!.

كما روى ابن عبد ربه في العقد الفريد[2]، تحت عنوان: ( الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر ): فأما علي والعباس والزبير، فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة، فقال له: إن أبوا فقاتلهم! فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟! قال: نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة، فخرج عليٌّ حتى دخل علي أبي بكر فبايعه). إنتهى .

وقد روى البلاذري، عدة روايات في إجبارهم عليا على البيعة، منها:

 "عن ابن عباس قال: بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي حين قعد عن بيعته وقال: ائتني به بأعنف العنف، فلما أتاه جرى بينهما كلام فقال له علي: احلِب حلباً لك شطره! والله ما حرصك على إمارته اليوم إلا ليؤمرك غداً . . . ثم أتى فبايعه" . . . . 

"وعن عدي بن حاتم قال: ما رحمت أحداً رحمتي عليًّا حين أتي به ملبباً فقيل له: بايع، قال: فإن لم أفعل؟ قالوا: إذا نقتلك، قال: إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسوله، ثم بايع كذا، وضم يده اليمنى!".

"وعن أبي عون أن أبا بكر أرسل إلى علي يريده على البيعة فلم يبايع، فجاء عمر ومعه قبس فلقيته فاطمة على الباب فقالت: يا ابن الخطاب أتراك محرقا علي بابي قال: نعم وذلك أقوى فيما جاء به أبوك! وجاء علي فبايع.

 "وعن حمران بن أعين عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال: والله ما بايع علي عليه السلام حتى رأى الدخان قد دخل بيته" انتهى[3]

وعلى هذا الأساس استمر في عهد عمر وعثمان.



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.


[1]  الخصال، للشيخ الصدوق: ص461.

[2]  العقد الفريد: 3 / 64.

[3]  أنساب الأشراف : 1 / 586 - 587.


من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:58 م

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top