السؤال: يوجد عندي مشكلة مع أبي حيث إن أبي وأمي منفصلان، وأبي يكرهني، لأني أحب أمي، ودائما ما يتجاوز حدوده، ويشتم أمي، بحيث إن أبي إذا رآني يبدأ باختلاق المشاكل ويطردني من البيت، ولا أكترث لذلك، هذا سبب.
السبب الثاني أنا لا أعطيه نقودا علما أني موظف وراتبي لا يتجاوز 400 ألف د. ع. وأنا متكفل بإيجار والدتي، ومتكفل بقسط سلفة دراسة لأختي، أي يعني ان راتبي مقسم بين أمي وأختي، وليس لدي وارد آخر، ولا أعرف ماذا أفعل مع أبي...
الجواب: لقد أمرنا الله جل وعلا بمصاحبة الوالدين جميعا بالمعروف والمحبة وخفض الجناح، وتذليل النفس، حتى وإن عاملانا بالقسوة والجفوة، فإن حقهما علينا عظيم، أعظم مما نتصور. فإن رأينا أحدهما يظلم الآخر سعينا بالمحبة والحنان للحيلولة دون وقوع الظلم منه، لا بالتحيز ضده، والوقف في وجهه، مادام ذلك في مقدورنا، ولم يخرج عن حدود طاقتنا.
قال الله عز وجل: "ووصينا الإنسان بوالديه حسنا، وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما"[1].
وعن الإمام الباقر عليه السلام: ثلاث لم يجعل الله لأحد فيهن رخصة: أداء الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين"[2].
ويقول الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق: "أما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك، وأنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله"[3].
وفي الحديث عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام[4]. في تفسير قوله تعالى: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ... الآية"[5]؛ قال عليه السلام: "الإحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا ما يحتاجان إليه، وإن كانا مستغنيين". "وقل لهما قولا كريما"؛ قال عليه السلام: "إن ضرباك فقل لهما: غفر الله لكما.
( .. إما يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما .. )؛ قال عليه السلام: « إن أضجراك فلا تقل لهما أفّ، ولا تنهرهما إن ضرباك». ( واخفض لهما جناح الذّل من الرّحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا )، قال عليه السلام: « لا تملأ عينيك من النظر اليهما إلا برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدّم قدامهما ».
وعلى هذا فينبغي لك مراجعة مواقفك تجاه أبيك، وحتى إذا لم تجد نفسك قادرا على كفالة الجميع، عليك أن تتصرف بحكمة، وتسعى لزرع الثقة بينك وبين أبيك، لصلاح دنياك وآخرتك. أما كيفية ذلك فهي خاضعة للفطنة والحكمة وسعة الصدر التي ستحاول أن تتحلى بها.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
_________
[1] (العنكبوت: 8).
[2] (بحار الأنوار: ج74 ص 56).
[3] (بحار الأنوار: ج74 ص6).
[4] ( أصول الكافي ٢ : ١٦٥ / ١ باب البر بالوالدين).
[5] ( الإسراء ١٧ : ٢٣ ).
0 التعليقات:
إرسال تعليق