الأربعاء، 4 يونيو 2014

هل كان إبليس طاووس الملائكة؟

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:49 م 0 تعليقات

السؤال: يقولون: إن إبليس كان طاووس الملائكة، وليس من الملائكة وحسب! فهل كان إبليس كذلك؟
 
الجواب: في هدي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، كما روي ذلك عن الإمام الهادي عليه السلام: طاووس الملائكة هو الروح الأمين جبرئيل عليه السلام[1]. وأما إبليس فقد كان جنياً؛ كما قال الله في كتابه: "إلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ"[2]. والجن مخلوقون من نار السموم، والملائكة مخلوقون من نور. لكن إبليس بلغ من القرب بعبادته وطاعته أن جعله الباري عز وجل ضمن الملائكة، بل في بعض الروايات جعله رئيساً لفريق منهم؛ وإن لم يكن في حقيقته وجنسه منهم، ولذلك خوطب باعتباره واحداً منهم؛ قال تعالى: " فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ . إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ . قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ"[3].
لكن الله عز وجل بيّن لنا أن عدم طاعته كانت نابعة من أصله الجني، وأنه لم يكن في يوم من الأيام ملَكاً حقيقيّاً، فإن الملائكة "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون"[4]. ولذلك امتثلوا لأمر السجود كلهم أجمعين أبصعين، ما خلا إبليس لأنه لم يكن منهم؛ "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا"[5].
 نعم، بعض الأخبار ولا سيما عند علماء الجمهور تنعته بلقب طاووس الملائكة، وعللت ذلك بأنه "مختار أن يطيع أو أن يعصي، لكنه أطاع مع قدرته على العصيان"[6]، وأما الملائكة فهم عقل محض. ومع ذلك فهذه الأخبار على فرض تسليمها يمكن حملها على التشريف، أو التعليل، بمعنى أنه لم يكن من جنس الملائكة، ولكنه كان فيهم بمثابة الطاووس بين غيره من الطيور، نتيجة لما ترقاه من رتب ومقامات بطاعاته السابقة. ولا منافاة بين تلقبه بذلك وتلقب الأمين جبرئيل به أيضاً، إذ قد تكون رتبة ينالها من يصل إلى مقام معين، فتكون عند إبليس في زمان استحقاقه، ثم تؤول إلى جبرئيل بعده. ولكن الأقوى والأظهر هو القول الأول الذي ذكرناه. والله سبحانه العالم.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
_______
[1]  بحار الأنوار: ج17 ص309.
[2]  الكهف: 50
[3]  الحجر: 30 - 32
[4]  التحريم: 6
[5]   الكهف: 51
[6]  انظر تفسير الشعراوي، عند تفسير الآية 61 من سورة الإسراء.




التسميات :
نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top