السبت، 14 يونيو 2014

طول عمر الإمام المهدي عجل الله فرجه

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  2:50 م 0 تعليقات


[طول عمر الإمام المهديّ غير معقول]


   يُطرح هذا السؤال بأكثر من أسلوب وهيئة، وتارة يخرج من لسان أعداء أهل البيت (صلوات الله عليهم)، وتارة يخرج - وللأسف الشديد - من لسان الموالين لأهل البيت (صلوات الله عليهم)، وهو:
   - كيف يمكننا التصديق بأنَّ الإمام المهدي (عجل الله فرجه) يعيش بهذا العمر الطويل ؟ حيث أنه قد ولد في عام ٢٥٥ للهجرة المشرّفة، ونحن اليوم في عام ١٤٣٥ للهجرة المشرفة، إن هذا أمر غير معقول.

   أقول: إنَّ الملائكة، وإبليس (عليه اللعنة)، والخضر (عليه السلام)، وغيرهم، لا يُناقش في طول أعمارهم، وإنما كلّ النقاش والعناد يدور حول الإمام الحجّة (صلوات الله عليه)، فمن هنا يتبيّن أن هذا السؤال لا ثمرة ترجى منه، ولكننا في مقام الإجابة نوضح ما أراده السائل والمُجادل، عسى أن نكون قد قدّمنا خدمة بسيطة لمولانا صاحب الأمر (أرواحنا له الفداء).

(١) الإمكان العقلي:
   إننا عندما نرجع لقواعد العقل، نرى أن قضية طول عمر الإمام الحجّة (صلوات الله عليه) قضية ممكنة، إذ عندنا أن الموجود إما أن يكون ممكنًا أو ممتنعًا، وظاهرٌ بأنه لا امتناع في المسألة؛ لأننا في الإمتناع يلزم منّا أن نعيده إلى أحد ثلاثة أمور، فإما أن يرجع إلى اجتماع المتناقضَين، أو ارتفاع المتناقضَين، أو اجتماع الضدَّين، ونحن لا نجد أيًّا من هذه المحذورات هنا، بل نرى أنَّ الأمر ممكن ومقدورٌ عليه، فلا إشكال في مسألة طول عمر الإمام المهدي (صلوات الله عليه)، وهذا ما يُسمَّى بالجواب الحلّي.

(٢) نماذج بشرية طويلة العمر:
   لو رجعنا قليلاً إلى صفحات القرآن الكريم، الراوي لنا تاريخ بعض الناس، نجد أن مسألة الإمام المهدي (صلوات الله عليه) مسألة طبيعية، وليست بالقضية المنفردة، وإليك بعض النماذج:
١- قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ...}، فإن هذه الآية المباركة تشير إلى أن  الفترة التي دعا فيها نوحٌ (عليه السلام) قومَه هي ٩٥٠ سنة، فكم كان عمره يوم أرسله الله نبيًّا؟ وكم عاش بعد الطوفان؟ وقد ورد عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «عاش نوح ألفي سنة وثلاثمائة سنة، فمنها ثمانمائة وخمسون سنة قبل أن يبعث، وألف سنة إلاّ خمسين عامًا وهو في قومه يدعوهم، وخمسمائة بعدما نزل من السفينة ونضب الماء، فمصَّر الأمصار، وأسكن واده البلدان ...»، فمدّة عمر نبينا نوح (عليه السلام) كانت طويلة، ولا إشكال في ذلك.
٢- قال الله تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، فظاهر من الآية الكريم أن يونس (عليه السلام) لو لم يكن من المسبّحين لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة، والحاصل أنه في بطن الحوت، وفي عمق المحيط، حيث لا هواء ولا طعام ولا شيء من لوازم الحياة والبقاء، ومع ذلك نرى أن الله (سبحانه وتعالى) يؤكد أنه لولا التسبيح لبقي حيًّا بلا إشكال في ذلك.   وقد ورد في كتاب «إكمال الدين وإتمام النعمة» للشيخ الصدوق (رض) أسماء عدّة أناس معمّرين لسنين طويلة، ونذكر بعضًا منهم:
١/ النبي آدم (عليه السلام) عاش ٩٣٠ سنة.
٢/ النبي سليمان بن داوود (عليهما السلام) عاش ٧١٢ سنة.
٣/ لقمان الحكيم عاش ٤٠٠٠ سنة، وقيل: ٤٠٠ سنة.
٤/ شدّاد بن عامر عاش ٩٠٠ سنة.
٥/ عزيز مصر عاش ٨٠٠ سنة.

   وهل من الإنصاف أن نصدّق بلا نقاش ولا جدل أن الله (سبحانه وتعالى) قد أمدّ في عمر نبيّه نوح (عليه السلام) ولم يمدّ في عمر وليّه وخليفته وخاتم أوصيائه وبقيّته في أرضه الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) !؟ وهل من العقل أن يُقبل ببقاء نبيّنا يونس (عليه السلام) في بطن الحوت إلى يوم القيامة مع كل تلك الظروف والأحوال ولا يُقبل بقاء مولانا ومقتدانا الإمام الحجّة (صلوات الله عليه) على الأرض مفاضًا عليه بهذا الهواء، وذاك المأكل والمشرب، وهذا الملبس، ولكن لغيبته عنّا لم يكن لنا التشرّف برؤيته، وما أوردناه هنا يُسمّى عندهم بالجواب النقضيّ.

(٣) طول العمر في العلم الحديث:
   لست ممّن أمتلك باعًا في العلوم الطبّية، ولكنني قرأت دراساتًا لعدّة أطباء، تؤكد أن جسم الإنسان لولا تعرّضه للحوادث والكوارث والآلام، كسوء التغذية وسوء التهوية وعدم رعاية التعاليم الصحّية، والأمراض الفتّاكة، وتراكم الهموم والأحزان، لكان عمره أطول وأطول؛ لأنها عوامل تسبّب قصر العمر، وقد ورد في مجلّة مصريّة ما نصّه: ”... لكن العلماء الموثوق بعلمهم يقولون: إن جميع الأنسجة الرئيسيّة في جسم الحيوان تقبل البقاء إلى ما لا نهاية له، وأنه في الإمكان أن يبقى الإنسان حيًّا ألوفًا من السنين، إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته“.
   أقول: من الجميل جدًّا أن يكتشف علماء الطب الحديث مثل هذه الأمور، ولكن - وللأسف الشديد - المجتمع الحالي صار لا يقبل إلاّ منهم، ويقوم مشكّكًا في الآيات القرآنية والروايات العترويّة، وكل ذلك ناتج لتعلّق الإنسان بالمادّيات، وتجاهله للغيبيّات، فـ(الناس أعداء ما جهلوا)، فالمرجوّ من المجتمعات المؤمنة هو السعي والكفاح للتعلّم، وفي شتّى المجالات، كي تكون قواعدنا قابلةً للأخبار بقواعد صلبة رصينة، لا نحتاج بعد ذلك في إثبات معتقداتنا إلى قول فيلسوف، أو بروفيسور، أو ما شابههما، بل نأخذ أقوالهم شواهد ومؤيّدات إن أردنا ذلك.
   ختامًا .. ينبغي علينا أن لا ننسى بأنَّ الإمام المهديّ المنتظر (صلوات الله عليه) هو في رعاية الله تعالى وتحت رحمته، فهل الله تعالى عاجزٌ عن إبقائه طوال هذه السنين دون أي مشكلة؟! فما لكم تعجزون الله (سبحانه وتعالى) عن مقدوره، وهو القائل: {إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.


أحمد نصيف البحرانيّ

التسميات :
نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top