الخميس، 5 يونيو 2014

من هم الأبدال؟ وكيف نصير أبدالاً؟

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:50 م 0 تعليقات



السؤال: تتوارد هذه الأيام ألقاب مثل أبدال وأوتاد ونجباء وعصائب وأمثالها، فما هو المراد منها بالتحديد؟ وهل يمكن للعبد أن يصل إلى مقاماتها؟
الجواب: الأبدال – جمع بدَل مثل درَج وقلَم، أو بِدْل مثل ثِقل وحِمل وسِفر – وهم كبار الأولياء وزهّاد العبّاد، كلما غاب واحد منهم أبدله الله بمثله، حتى لا تخلو الأرض منهم. وفي الأحاديث المروية عن أهل بيت العصمة والطهارة أنهم هم الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام، كما في الرواية عن خالد بن الهيثم الفارسي قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: إن الناس يزعمون أن في الأرض أبدالاً، فمن هؤلاء الأبدال؟ قال: صدقوا، الأبدال الأوصياء، جعلهم الله عز وجل في الأرض بدل الأنبياء، إذ رفع الأنبياء وختمهم محمد صلى الله عليه وآله[1].
وفي بعضها أنهم أتباعهم الخلّص وعباد الله الصادقون، كما في الخبر المروي عن أبي جعفر عليه السّلام: "يبايِع القائمَ بين الركن والمقام ثلاثُمائة ... فيهم الأبدال من أهل الشام"[2].
ولا تنافي بين الأمرين، فإن اللفظ يمكن أن يحمل على معناه اللغوي، فتكون البدلية إضافية، ولو مع انحفاظ أصل الإصطلاح. ومن أوصافهم –كما ورد في الروايات كذلك - أن أسماءهم معروفة عند أهل السماء مجهولة عند أهل الأرض، وقد يكونون معروفين لكن لا بهذه الصفة والعظمة[3]، وأنهم يكونون سبباً لحفظ الأنبياء عليهم السلام[4]، كما فعل مؤمن آل فرعون مع نبي الله موسى عليه السلام[5].
و قال الشيخ الكفعمي رحمه الله في هامش كتاب (الجنة الواقية) عند ذكر دعاء أُمّ داود: قيل إنّ الأرض لا يخلو من القطب وأربعة أوتاد وأربعين أبدالاً وسبعين نجيباً وثلاثمائة وستّين صالحاً. فالقطب هو المهديّ (عليه السلام)، ولا يكون الأوتاد أقلّ من أربعة؛ لأنّ الدنيا كالخيمة والمهدي كالعمود وتلك الأربعة أطنابها، وقد يكون الأوتاد أكثر من أربعة والأبدال أكثر من أربعين والنجباء أكثر من سبعين والصلحاء أكثر من ثلاثمائة وستّين، والظاهر أنّ الخضر وإلياس من الأوتاد؛ فهما ملاصقان لدائرة القطب.
وأمّا صفة الأوتاد فهم قوم لا يغفلون عن ربّهم طرفة عين، ولا يجمعون من الدنيا إلاّ البلوغ، ولا تصدر منهم هفوات الشرّ، ولا يشترط فيهم العصمة من السهو والنسيان بل في فعل القبيح، ويشترط ذلك في القطب، وأمّا الأبدال فدون هؤلاء من المراقبة، وقد تصدر منهم الغفلة فيتداركونها بالتذكّر، ولا يتعمّدون ذنباً.
وأمّا النجباء فهم دون الأبدال، وأمّا الصلحاء فهم المتّقون الموفون بالعدالة، وقد يصدر منهم الذنب فيتداركونه بالاستغفار والندم، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}[6]، جعلنا الله من القسم الأخير؛ لأنّا لسنا من الأقسام الأُول، لكن ندين الله بحبّهم وولايتهم، ومن أحبّ قوماً حشر معهم.
وقيل: إذا نقص أحد من الأوتاد الأربعة وضع بدله من الأربعين، وإذا نقص أحد من الأربعين وضع بدله من السبعين، وإذا نقص أحد من السبعين وضع بدله من الثلاثمائة وستّين، وإذا نقص أحد من الثلاثمائة وستّين وضع بدله من سائر الناس[7].
وقال ابن ميثم البحراني: في الحديث: الأبدال بالشام، و الأبدال هم الذين يذكر أن اللّه تعالى يحفظ الأنبياء بمكانهم. و قيل: إنهم لا ينقصون عن أربعين نفساً، كلما مات منهم واحد قام بدله آخر. .. و في الحديث: "الأبدال بالشام، والنجباء بمصر، والعصائب بالعراق، جمع عصبة يجتمعون فيكون بينهم حرب"[8].
ومنها: ما روي في قصّة شقيق البلخي المعروفة مع الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، حيث شاهد منه العجائب فلمّا رأى منه ذلك قال: "إنّ هذا الفتى لمن الأبدال، لقد تكلّم على سرّي مرّتين"[9].

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

_______
[1] (بحار الأنوار: ج27 ص48).
[2] (الغيبة، للشيخ الطوسي: ص477).
[3] (بحار الأنوار: ج22 ص407)
[4] (منهاج البراعة، للراوندي: في الهامش)
[5] (سورة غافر: 28).
[6] ( الأعراف: 201).
[7] (البحار 53 / 301)
[8] انظر شرح ابن ميثم البحرانى: ج1 ص105.
[9] (بحار الأنوار: ج48 ص81).



التسميات :
نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top