السؤال: قرأنا أن قبور الأولياء والأنبياء خالية من أجسادهم، وأنها ترتفع إلى السماء بمجرد الدفن، فما فائدة قصد قبورهم لزيارتهم، ومخاطبتهم عن قرب؟
الجواب: لسان الروايات في ذلك ليس واحداً، ولعل منشأه اختلاف الحالات، بما يقتضيه المقام في حفظ شأنهم، وتسجيل كراماتهم. ففي بعضها كما عن زياد بن أبي الحلال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ما من نبي ولا وصي نبي يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيام حتى يرفع روحه وعظمه ولحمه إلى السماء، وإنما يؤتى مواضع آثارهم، ويبلغونهم من بعيد السلام، ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب"[1].
وفي بعضها كما عن عطية الأبزاري عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: "أنها لا تبقى في الأرض أكثر من أربعين يوماً" [2]. ولكن في بعضها كما عن المفضل بن عمر الجعفي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: "إذا زرت أمير المؤمنين فاعلم أنك زائرٌ عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب عليهم السلام"[3]. فظاهر الجامع بين هذه اﻷخبار وغيرها أن أجسادهم صلوات الله عليهم موجودة في الجملة في قبورهم، وأن اﻷرض لا تمس أبدانهم عليهم السلام.
على أنا لو سلمنا انتقال أجسادهم إلى السماء، فذلك لا يتنافى مع زيارة قبورهم، ﻷنهم بقدرة الله يرون المقام، ويسمعون الكلام، ويردون السلام. بل إن في صعود أرواحهم دافعاً آخر يدعو المؤمنين لزيارتهم والإحتفاء بهم، كما تعد مثاويهم بقاعاً طاهرة مقدسة مباركة، لمكان انتسابها إليهم، ولما فيها من اﻷسرار التي أودعها الله عز وجل فيها.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
__________
[1] فروع الكافي ج 1: 320.
[2] التهذيب ج6 ص106.
[3] كامل الزيارات ص90 والتهذيب ج6 ص22 وغيرهما.
0 التعليقات:
إرسال تعليق