: الإنسانُ ونَقدُ نفسه في حَرَاكِ التزكيَّةِ والتهذيبِ –
ضَرورةٌ تربويّة وسلوكيّة:
:1: إنَّ مِن المُهمِّ للإنسان أن يكون دائبَ التفكير في الأشياء المُهمّة والمصيريّة التي تهمّه، وبنحوٍ دائمِ النقدِ والتمحيصِ والمقارنةِ وملاحظة سلوكيّاته التي تتعلّق بذلك المجال.
:2: من المنهج المتعارف لدى العقلاء الاهتمام بالأشياء المهمّة والمصيريّة، والتي تكون دخيلةً في سعادةٍ طويلةِ الأمدِ للإنسان، وتُعتبَر من أساسيّات أمره.
:3: إنَّ على الإنسان المؤمن الذي يُريد أن يكون مَعنيّاً بطهارة نفسه وتزكيتها وبعمله في هذه الحياة بالشكل الملائم مع إيمانه بالله سبحانه وتعالى والدّار الآخرة – أن يكون مُهتمّاً بنفس هذا الشيء.
:4: لا يكفي أن يكون الإنسانُ مُتديّناً بمقدار ما تعلّم مِن صلاةٍ أو صيامٍ أو بعض الأحكام الشرعيّة – فقد يعتاد على ذلك – وإنّما الأهمُّ أن نُمحِصَ أنفسَنا ونتأمّل خطواتنا وننتقد أنفسَنا ونقرنها بالمتّقين مقارنةً حقيقيّةً، ونتأمّل لماذا هُم على شكّ من أنفسِهم - ولماذا ينتقدون خطواتِهم - ولماذا يحتملون الرياءَ في أفعالهم؟
:5: إنَّ أهلَ التقوى يحتملون مِن أنفسِهم الرياءَ والمُصانعة ويقارنون بين أعمالهم مع الآخرين وينتقدونها ويمحّصونها.
:6: أمّا الإنسان الذي إذا رأى أحداً سبقه إلى شيءٍ من الخير لم يُحَرّك فيه ساكناً، ولكن إذا سبقه شخصٌ إلى شيءٍ من الدنيا في دارٍ واسعةٍ أو زوجةٍ مميَّزَةٍ أو أولادٍ كُثُرٍ أو غير ذلك من الشؤون شعرَ باليأس والإحباط والافتقار، وهذا مرجعه إلى أنَّه ليس له تفكير حيّ واهتمام كبير بالموضوع، وإنّما يعيشُ الدينَ ويَجعَل اللهَ سبحانه وتعالى والدّارَ الآخرةَ على هامش اهتماماته في الحياة، ولا يَضيره إن سبقه سابقٌ وتقدّم عليه مُتقدّمٌ، ولا إن تأخّرَ عن الآخرين في شيء.
:7: إنَّ كثيراً من ذنوب الإنسان ومعاصيه لا تتبيَّن له إلّا بعد نقدٍ شديدٍ، لأنَّ انتقاد الإنسان لنفسه ليس بالأمر السهل، فيحتاج إلى أن ينفصل عنها حتى يستطيع أن يتّهمها ويناقشها ويحاسبها بحياديّة – وربّما كثير من الخطوات التي يقوم بها الإنسانُ عند التمحيص لا يعلم واقعاً أنّها من المصانعة أو من الرياء – وإذا لاحظ سمعته بين النّاس وواقعه في آناء ليله ونهاره فيجد البونَ بين هذه السمعة وبين حٌسن الظنّ من النّاس به وبين الواقع الذي يعيشه في ما بينه وبين الله سبحانه وتعالى.
:8: في كثيرٍ من الهواجس - الإنسانُ المُتّقي يستحي من الله سبحانه وتعالى، كالتي تُمثّل ميلاً ولو غريزيّاً إلى شيء محرّم، ويستحي من الله بهذه الطريقة فيصون نفسَه عن أن يتطوّر اّلأمر فيها إلى أمورٍ محرّمةٍ - فلا غنى للإنسان من تفكيرٍ دائبٍ ومن تأمّلٍ دائم.
:9: إنَّ هذه المعاني لابُدّ مِن أن تقعَ في قلوبنا وليس في أذهاننا بكثرةِ التفكير، فلابُدّ مِن أن تُحَرِّكَ فينا خوفاً ورجاءً وعزيمةً – وينبغي أن تكون وسيلةً لتمحيص أعمالنا وخطواتنا وهواجسنا، وإلّا فيكون إيمان الإنسان وما يأتي به من الأعمال على هامش اهتماماته في الحياة، وسوف تكون الآخرة بالنسبة إليه يومَ الحسرةِ والندامةِ على ما فرّط في جنبِ الله سبحانه وتعالى.
: قبسٌ من تذكِرَةِ سماحة السيّد الأُستاذ الفاضل مُحَمّد باقر السيستاني (دامت إفاضاته)
: اليوم، الأربعاء 24 جمادى الآخرة، 1441هـ - 19 - 2-2020 م
0 تعليقات
من طرف طريق الفضيلة |  نشر في : 6:08 ص