الأربعاء، 22 أبريل 2015

صلح الحسن (عليه السلام) وكفر معاوية

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:44 م 0 تعليقات


السؤال: أنا سني وتراودني أسئلة كثيرة حول مذهب الإمامية ..

أسئلتي هي ..

3- كيف تنازل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما .. وهو عندكم كافر أيضا .. فهل يجوز التنازل عن الخلافة لكافر ؟ ويقول بعضهم عصمة لدماء المسلمين .. فهل تعصم دماء المسلمين بتولي كافر عليهم ؟ يقول الله تعالى " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" .. 

ومن المعلوم كما في مذهب الإمامية أن الإمام الحسن عليه السلام معصوم ولا يمكن أن يقع بالخطأ .. فهل الإمام الحسن لا يرى كفر معاوية ؟ أم يرى جواز تولي الكافر أمر المؤمنين ؟

هذه بعض الأسئلة التي لم أجد لها جوابا شافيا .. أرجو أن تفيدوني جزاكم الله خيرا .. والسلام عليكم

 

الجواب: كيف تفسر صلح النبي (صلى الله عليه وآله) مع كفار قريش؟ وكذلك مع الكفار من بني ضمرة وأشجع[1]؟!

 فما يكون جوابك هناك نجيب به هنا! 

وقد احتج الإمام الحسن عليه السلام نفسه بذلك في رده على أبي سعيد عقيصا التيمي، حيث اعترض عليه بقوله: يا ابن رسول الله، لم داهنت معاوية وصالحته، وقد علمت أن الحق لك دونه وأن معاوية ضالّ باغ؟ فقال عليه السلام: يا أبا سعيد ألست حجة الله تعالى ذكره على خلقه وإماما عليهم؟ قلت: بلى. قال عليه السلام: ألست الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولأخي: الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا؟ قلت: بلى. قال عليه السلام: فأنا إذن إمام لو قمت وأنا إمام لو قعدت. يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله صلى الله عليه وآله لبني ضمرة وبني أشجع ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية. أولئك كفار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل. يا أبا سعيد إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب أن يسفّه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة، وإن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا. ألا ترى الخضر عليه السلام لمّا خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط موسى عليه السلام فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضي ، وهكذا أنا سخطتم عليّ بجهلكم بوجه الحكمة فيه، ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل)[2]. 

ولا بد أن يلقي المتابع نظرة فاحصة على الظروف الداخلية والخارجية، ويراجح بين المصالح والخسائر، حتى يتمكن من معرفة الأصلح. وقد كان الأعداء يتربصون بالمسلمين ويقعدون لهم الدوائر، كما هو الحال بالنسبة للروم، فضلا عن الأوضاع المنذرة بالسوء والانتكاس في أوساط المسلمين[3].

وقد قال الإمام الباقر  عليه السّلام  لشخص اعترض على صلح الإمام الحسن  عليه السّلام : "اسكت، فإنه أعلم بما صنع لولا ما صنع لكان أمر عظيم[4]".

وأما عن حال معاوية، فقد كان محكوما بظاهر الإسلام، لكنه يبطن الكفر، وقد كان يظهر ذلك في أحيان كثيرة. وقد لعنه القرآن العظيم[5] ورسول الله الكريم صلى الله عليه وآله مرارا[6]. وليس هذا من مما تفرد به أتباع أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين. 

وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة تحت عنوان (أخبار متفرقة عن معاوية) وقد طعن كثير من أصحابنا في دين معاوية ولم يقتصروا على تفسيقه وقالوا فيه: إنه ملحد لا يعتقد النبوة. وقد نقلوا عنه في فلتات لسانه وسقطات ألفاظه ما يدل على ذلك. وروى الزبير بن بكار في (الموفقيات ) وهو غير متهم ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة، لما هو معلوم من حاله من مجانبة علي (عليه السلام) والانحراف عنه :- قال المطرف بن المغيرة بن شعبة – دخل أبي على معاوية وكان أبي يأتيه ويتحدث معه – ثم ينصرف إلي فيذكر معاوية وعقله – ويعجب ما يرى منه – إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء! ورأيته مغتمّا، فأنتظرته ساعة وظننت أنه لأمر حدث فينا – فقلت – ما لي أراك مغتمّا منذ الليلة ؟ قال: يابني، جئت من عند (أكفر الناس وأخبثهم )[7].

ومما يشير إلى أن القول بالرضا عن معاوية وسيرته كان رأيا سياسيّا إجباريّا تقوده راية العصا والجزرة: ما يقوله ابن طاهر؛ قال: كان  أي الحاكم النيسابوري  منحرفا غاليا عن معاوية، يتظاهر بذلك ولا يعتذر منه. فسمعت أبا الفتح سمكويه بهراة، سمعت عبدالواحد المليحى، سمعت أبا عبدالرحمن السلمي يقول: دخلت على الحاكم وهو فى داره لا يمكنه الخروج، فقلت له: لو خرجت وأمليت فى فضائل هذا الرجل حديثا، لاسترحت من المحنة! فقال: لا يجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي![8]. 



سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.



[1]  تاريخ الطبري 2 / 122 حوادث سنة 6 ه، البداية والنهاية 4 / 136 حوادث سنة 6 ه).

[2]  علل الشرائع:1/211

[3] تاريخ اليعقوبي:2/206.

[4] علل الشرائع: ج1 ص211.

[5] الإسراء: 60. وفي تفسير الدر المنثور للمفسر الكبير الطبري: "وأخرج ابن مردويه ، عن عائشة رضي الله عنها « أنها قالت لمروان بن الحكم : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لأبيك وجدك » إنكم الشجرة الملعونة في القرآن" (ج6 ص295). وذكر ذلك غيره من مفسري العامة.

[6] تاريخ أبي الفداء - أحداث سنة مئتين وثلاثة وثمانون، ومسند البزار، والبحر الزخار - ما أسند سفينة، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد - ج1 ص113، وتاريخ الطبري: ج 8  ص185.

[7] شرح نهج البلاغة ج5 /129 ط إحياء التراث العربي.

[8] سير اعلام النبلاء 17 : 175  تذكرة الحفاظ 3 : 1054. المنتظم 7 : 75.

التسميات :
نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

back to top