السؤال: في قوله سبحانه: "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ" فلماذا نفى الجهل عن نفسه، وكان الأقرب أن ينفي عن نفسه الاستهزاء، كما ادعوا، فلم لم لم يقل: أعوذ بالله أن أكون من المستهزئين؟
الجواب: ﻷن الاستهزاء يأتي من الاستصغار والاحتقار والاستعلاء وما أشبه هذه الخصال، واﻷصل فيها جميعاً غفلة الإنسان عن موقع نفسه. والغفلة شكل من أشكال الجهل والجهالة. وهو عليه السلام حين ينفي عن نفسه الجهل وأن يكون من الجاهلين ينفي عن نفسه كذلك الهزء بهم، باعتبار أن الاستهزاء علامة من علامات الجهالة، فكأنه لو قال: لست من المستهزئين، كان لبعضهم أن يردوا عليه بل استهزأت بنا، لكن حين ينفي عن نفسه الجهل، يكون قد أوضح السبب الذي يخاطب عقولهم وضمائرهم. فهو (عليه السلام) يقول لهم: وهل يمكن أن يصدر الاستهزاء من شخص نفض عن نفسه الجهل؟! واستهزاء رب العالمين سبحانه هنا بمعنى اصطدام الكافرين بنتيجة الاستهزاء، أو ﻷنه سبحانه له الحق في الاستهزاء بمن يستحقه. قال تعالى: "لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم"، وهذا لا معنى له في حق الله تبارك وتعالى. ومع ذلك فإن التفسير اﻷول ﻻستهزاء الله بهم هو اﻷولى واﻷليق بجلالته جل شأنه. والله تعالى هو العالم.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق