السؤال: نرى أن المنتمين إلى الحراك السياسي الاسلامي يختلفون في جواز الدعوة إلى النظم الوضعية، فيتبنى بعضهم مثلا الخيار الديمقراطي، وبعضهم الملكية الدستورية؟ وبعضهم غير ذلك. والسؤال هو هل يجوز الدعوة إلى النظم الوضعية أصلا؟
الجواب: مع إمكان تطبيق حكم الله في الأرض لا يجوز الدعوة إلى غيره من النظم، فإن لم يمكن في ظرف من الظروف، يلاحظ في هذا وأمثاله تقديم الأهم على المهم من أحكام الله وحدوده، مع رعاية الضوابط الشرعية مهما أمكن. فقد قال الله تعالى في صريح كتابه: "إن الحكم إلا لله "[1]، وقال: "ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون" و "الظّالمون" و "الفاسقون"[2]. وقال عز من قائل: " يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به "[3]، وقال: " وقد فصّل لكم ما حرّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه"[4].
وكل ما عدا الله فهو طاغوت، إلا أن يضطر المؤمن إلى ذلك اضطرارا، فيسوغ له ذلك تقية، أو لاستنقاذ الحقوق. لكن عليه أن يعقد النية من داخله أن هذا إنما لجأ إليه بسبب الاضطرار، وأنه ليس دين الله. وأن ما شرعه الله وأمر به اللطيف الرحيم والحكيم الخبير لهو ألطف وأرحم وأتقن وأعود بالنفع والخير على البشر.
وعلى كل حال فإن تشخيص ذلك يرجع إلى أولي الأمر والرأي من الفقهاء الثقاة، وعلى الكل أن يراجعوهم لمعرفة حصول الضرورة من عدمها، وحدودها، فإن الضرورات تقدر بقدرها.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
____________
[1] (يوسف: 40).
[2] (المائدة: 44 و45 و47).
[3] (النساء: 60).
[4] (الأنعام: 119).
0 التعليقات:
إرسال تعليق