الثلاثاء، 6 يناير 2015

عصمة النبي داود عليه السلام

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  10:24 م 0 تعليقات


السؤال: إذا كان النبي داود معصوما، فما معنى قوله تعالى عنه: "وظنّ داوود أنّما فتنّاه فاستغفر ربّه وخرّ راكعا وأناب. فغفرنا له ذلك"؟ وهل يمكن أن تصدر ألفاظ التوبة والإنابة من الأنبياء المعصومين؟

الجواب: نعم قد تصدر ألفاظ الإنابة والتوبة من الأنبياء أيضا، غير أن السؤال  الذي ينبغي أن يطرح هو: ما هي دوافعهم لتلك التوبة والإنابة؟ فإنهم عليهم السلام يتوبون ويستغفرون من أمور يستشعرون في أنفسهم التقصير لو صدرت منهم، باعتبار أنها لا تليق بحق الله سبحانه، وإن كان ذلك الأمر عاديا جدا بالنسبة إلى سائر الناس، وذلك لسمو مقامهم، ورسوخ اعتقادهم.
 بل وأكثر من ذلك ربما يقوم سائر المؤمنين ببعض الأعمال من باب التعبد والطاعة، ويمتدحهم الناس على ذلك، وهم كذلك يرون أنفسهم أنهم قد أدوا حق الطاعة والانقياد لله سبحانه، في حين أن هذا العمل العبادي لو صدر من أحد الأولياء، فضلا عن الأنبياء، لاعتبره تقصيرا وتجاوزا بحق مولاه وخالقه، لأنه يرى أن العبادة لا بد أن تكون أكثر انقيادا وأدبا؛ فتراه يستغفر من (ذنبه ذاك)!! وينيب إلى الله منه.
 وقد اشتهر على الألسنة: أن (حسنات الأبرار سيئات المقربين). والحق أن درجات الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام)، وجميع أهل البيت المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، هي أعلى وأسمى حتى من هذه الدرجة المذكورة. وقد كان الذنب الذي نسب في تلك الحادثة لداود عليه السلام من هذا القبيل!
ولو راجعنا الآيات، وتأملنا في مضامينها، وفي ما يعقب توهم المعصية من مدح الله سبحانه له، لتيقنا من الحقيقة التي ذكرناها آنفا. قال عز اسمه: " وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب . إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصّراط . إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب . قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإنّ كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وقليل ما هم وظنّ داوود أنّما فتنّاه فاستغفر ربّه وخرّ راكعا وأناب . فغفرنا له ذلك وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآب . يا داوود إنّا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين النّاس بالحقّ ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل اللّه إنّ الّذين يضلّون عن سبيل اللّه لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب "[1]، وما أجمل وصف الله، وأدق تعبيره! " فظن أنما فتناه"!، "وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب"!، و"يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض"!. وحاش لله أن يداهن ظالما، أو يولي عاصيا آثما.

سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

[1]  سورة ص: 21 – 26.



التسميات :
نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top