الجمعة، 14 فبراير 2014

هل مدح أميرُ المؤمنين عمرَ بن الخطاب؟

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  6:48 م 0 تعليقات

السؤال: كلام مولانا امير المؤمنين صلوات الله عليه في نهج البلاغة – باب المختار من خطب مولانا امير المؤمنين، خطبة 134:  ومن كلام له (عليه السلام، (وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزو الروم)، (وقد توكل الله لأهل هذا الدين بإعزاز الحوزة وستر العورة والذي نصرهم وهم قليل لا ينتصرون ومنعهم وهم قليل لايمتنعون حي لا يموت. إنك متى تسير الى هذا العدو بنفسك فتلقهم بشخصك فتنكب لا تكن للمسلمين كانفة دون اقصى بلادهم وليس بعدك مرجع يرجعون إليه فابعث إليهم رجلاً محربا معه أهل البلاء والنصيحة فإن أظهر الله فذاك ما تحب وإن تكن الأخرى كنت ردءاً للناس ومثابة للمسلمين ).
السؤال: 1- كلام مولانا امير المؤمنين عليه السلام – (وقد توكل الله لأهل هذا الدين بإعزاز الحوزة وستر العورة)، وقوله (فذاك ما تحب) - يوحي أن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام يعتقد أن عمر بن الخطاب يحب إعزاز حوزة الدين وستر عورة المسلمين وله صدق ويقين في خدمة الدين و المسلمين.
2- وقوله عليه السلام (إنك متى تسير الى هذا العدو بنفسك فتلقهم بشخصك فتنكب لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم وليس بعدك مرجع يرجعون اليه) وقوله (وان تكن الاخرى كنت ردءا للناس ومثابة للمسلمين ). انه عليه السلام يعتقد ان لامرجع ولا قائد وزعيم للمسلمين بعد عمر وانه الملجأ والمرجع للمسلمين. نأمل الإجابة والتوضيح.

الجواب 1: أولاً: هناك تأمل عند أهل التحقيق في صحة صدور مثل هذا القول من أمير المؤمنين عليه السلام في هذا الرجل وبهذه المناسبة بالخصوص، ويمكن مراجعة ذلك في (بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة، في شرحه للخطبة الثانية والثلاثين بعد المائة).
 وثانياً: حتى على تسليم صدوره فإن معناه ليس كما يتوهم البعض منه، وذلك أن هدي أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام جرى دائماً على تقديم مصلحة الدين والمسلمين على أنفسهم. وهم حين يطالبون بحقهم في الخلافة فإنهم لا يطالبون بها لأنفسهم كأشخاص، بل لمصلحة الإسلام والمسلمين أيضاً. فتراهم عليهم السلام مبعدين عن أبسط حقوقهم، لكنهم حين يرون الإسلام يتعرض للخطر يتناسون أنفسهم، ولا يرون إلا إنقاذ الإسلام، حتى لو استلزم ذلك مساندتهم لعدو من أعدائهم.
هذه هي سيرة المعصومين عليهم السلام، وقصصهم في ذلك كثيرة، تجد نظيرها بين الإمامين الحسنين عليهما السلام مع معاوية، الملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله، وبينهما عليهما السلام أيضاً وبين مروان بن الحكم، والإمام زين العابدين عليه السلام مع مروان بن الحكم الوزغ بن الوزغ، واللعين بن اللعين على لسان النبي الأمي صلى الله عليه وآله، ومع عبد الملك بن مروان، وهكذا سائر المعصومين مع بني أمية الشجرة الملعونة في القرآن، وبني العباس الظالمين.
ثم إن ألفاظ الخبر لو دققنا فيها ليس فيها مدحٌ للرجل المذكور كشخص من قريب أو بعيد، بل هي موجهة إلى المنصب الخطير الذي تسنمه واستولى عليه. وهو القائل صلوات الله عليه: "لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها من غيري، وواللَّهِ لأسلِّمَنّ ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلّا عليَّ خاصّة؛ التماساً لأجر ذلك وفضله، وزهداً فيما تنافستموه من زُخرُفه وزِبرِجه" (نهج البلاغة: خ74).
فأما قوله عليه السلام: "وقد توكل الله لأهل هذا الدين بإعزاز الحوزة وستر العورة" فهي إشارة غير خفية لتخوف عمر من الدخول في تلك الحرب، وهو عليه السلام، يبشر المسلمين من خلاله أن الله ناصر المسلمين، وهو سبحانه الكفيل بذلك، وهو مثل قول النبي صلى الله عليه وآله لصاحب الغار: "لا تحزن إن الله معنا" (التوبة: 40).
 وأما قوله عليه السلام: "فذاك ما تحب" فلا دليل على الشهادة بها على باطن الرجل، بل هو استيعاب لوجوه الاحتمالات، بالحمل على ظاهر الحال الذي يدعيه الرجل أمام المسلمين، ولم يكن المقام حينها مقام نقد وعتاب، بل مقام استنفار وتقديم للأهم على المهم.
الجواب 2: مما ذكرنا يظهر أن خطابه عليه السلام للرجل كان بعنوان رئاسته وزعامته، فهو يمثل اسم الإسلام للأجانب، والملاذ والمعاذ ظاهراً لعامة المسلمين، لأنه هو المتسمي بالزعامة، والمعروف عند الناس بالرئاسة. وإن مقتله في الحرب الخارجية يعني كسيرة المسلمين، وربما كان يعني خذلان السماء لهم أيضاً في منظور الأجانب. لذلك اقتضى من أمير المؤمنين عليه السلام لأن ينصحه تلك النصيحة، وينعته بذلك التفخيم.
ولا يقاس عليه مشاركة أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه بنفسه، لأنها كانت حروباً داخلية. وأما حروب الأمير على الثغور فقد ندب إليها أشخاصاً آخرين كالربيع بن خثيم وغيره.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

التسميات :
نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top