السؤال: منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٢٩٩: وروى السيد ابن طاووس في مهج الدعوات رواية ظريفة بالإسناد إلى عبد الله بن سلمان الفارسي عن أبيه قال: خرجت من منزلي يوما بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعشرة أيام فلقيني علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ابن عم الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) فقال لي: يا سلمان جفوتنا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: حبيبي أبا الحسن مثلكم لا يجفى غير أن حزني على رسول الله (صلى الله عليه وآله) طال فهو الذي منعني من زيارتكم، فقال (عليه السلام): يا سلمان ائت منزل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنها إليك مشتاقة تريد أن تتحفك بتحفة قد أتحفت بها من الجنة، قلت لعلي (عليه السلام): قد أتحفت فاطمة (عليها السلام) بشئ من الجنة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: نعم بالأمس.
قال سلمان الفارسي: فهرولت إلى منزل فاطمة (عليها السلام) بنت محمد (صلى الله عليه وآله)، فإذا هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا خمرت رأسها انجلى ساقها وإذا غطت ساقها انكشف رأسها، فلما نظرت إلي اعتجرت ثم قالت: يا سلمان جفوتني بعد وفاة أبي (صلى الله عليه وآله) قلت: حبيبتي أأجفاكم؟ قالت: فمه؟ اجلس واعقل ما أقول لك. إني كنت جالسة بالأمس في هذا المجلس وباب الدار مغلق وأنا أتفكر في انقطاع الوحي عنا وانصراف الملائكة عن منزلنا، فإذا انفتح الباب من غير أن يفتحه أحد، فدخل علي ثلاث جوار لم ير الراؤون بحسنهن ولا كهيئتهن ولا نضارة وجوههن ولا أزكى من ريحهن، فلما رأيتهن قمت إليهن متنكرة لهن فقلت: بأبي أنتن من أهل مكة أم من أهل المدينة؟ فقلن: يا بنت محمد لسنا من أهل مكة ولا من أهل المدينة ولا من أهل الأرض جميعا أننا جوار من الحور العين من دار السلام أرسلنا رب العزة إليك يا بنت محمد إنا إليك مشتاقات.
سؤالنا هو: ما صحة هذه الرواية، وكيف نفسر العبارة التالية (إذا هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا خمرت رأسها انجلى ساقها وإذا غطت ساقها انكشف رأسها)
وردت أيضا في: بحار الأنوار: ج ٤٣ ص٦٦، و: الثاقب في المناقب، لابن حمزة الطوسي ص٢٩٨.
الجواب: الرواية أولا: ضعيفة السند لجهالة عدد من رواتها. والنص الوارد منها بسند معتبر ليس فيه هذه الزيادة موضع الاعتراض.
وثانيا: مع الغض عن ضعف سندها: يمكن قبول مضمونها، إذا توجهنا إلى أن سلمان كان بإجماع الأخباريين يزيد عمره على مائتي سنة، فهو من غير أولي الإربة من الرجال، الذين استثناهم القرآن الكريم من الحجاب؛ فقال تعالى: " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلّا ما ظهر منها وليضربن بخمرهنّ على جيوبهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلّا لبعولتهنّ أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ أو بني أخواتهنّ أو نسائهنّ أو ما ملكت أيمانهنّ أو التّابعين غير أولي الإربة من الرّجال أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النّساء ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ وتوبوا إلى اللّه جميعا أيّه المؤمنون لعلّكم تفلحون" (النور: 31).
وهكذا إذا التفتنا إلى أن الرواية تتحدث عن العباء والخمار والاعتجار، وهي جميعا شيء زائد على أصل الحجاب والستر، الذي يظهر بوضوح من ألفاظ الرواية أن البضعة المرضية كانت متصفة به.
أما التعبير عنها بأنها "إذا خمرت رأسها انجلى ساقها وإذا غطت ساقها انكشف رأسها"؛ فهو تعبير وصفي يشير إلى الوضع المادي المزري للزهراء عليها السلام، مع أنها بنت النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، الذي هو السبب في هداية الناس، وارتقاء مستوى حياتهم المادي، كما يشير إلى زيادة التزامها وتسترها، لأنها مع ما كانت عليه من الحجاب والستر لم تكتف به، بل جلست، واعتجرت، والاعتجار يعني لف العباءة على الرأس والجيب والكتفين، بشكل محكم، لا ينفتل عنها بسبب الحركة، مع أن سلمان كان شيخا طاعنا في السن، كما ذكرنا، لا يجب التستر عنه من الأساس.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
قال سلمان الفارسي: فهرولت إلى منزل فاطمة (عليها السلام) بنت محمد (صلى الله عليه وآله)، فإذا هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا خمرت رأسها انجلى ساقها وإذا غطت ساقها انكشف رأسها، فلما نظرت إلي اعتجرت ثم قالت: يا سلمان جفوتني بعد وفاة أبي (صلى الله عليه وآله) قلت: حبيبتي أأجفاكم؟ قالت: فمه؟ اجلس واعقل ما أقول لك. إني كنت جالسة بالأمس في هذا المجلس وباب الدار مغلق وأنا أتفكر في انقطاع الوحي عنا وانصراف الملائكة عن منزلنا، فإذا انفتح الباب من غير أن يفتحه أحد، فدخل علي ثلاث جوار لم ير الراؤون بحسنهن ولا كهيئتهن ولا نضارة وجوههن ولا أزكى من ريحهن، فلما رأيتهن قمت إليهن متنكرة لهن فقلت: بأبي أنتن من أهل مكة أم من أهل المدينة؟ فقلن: يا بنت محمد لسنا من أهل مكة ولا من أهل المدينة ولا من أهل الأرض جميعا أننا جوار من الحور العين من دار السلام أرسلنا رب العزة إليك يا بنت محمد إنا إليك مشتاقات.
سؤالنا هو: ما صحة هذه الرواية، وكيف نفسر العبارة التالية (إذا هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا خمرت رأسها انجلى ساقها وإذا غطت ساقها انكشف رأسها)
وردت أيضا في: بحار الأنوار: ج ٤٣ ص٦٦، و: الثاقب في المناقب، لابن حمزة الطوسي ص٢٩٨.
الجواب: الرواية أولا: ضعيفة السند لجهالة عدد من رواتها. والنص الوارد منها بسند معتبر ليس فيه هذه الزيادة موضع الاعتراض.
وثانيا: مع الغض عن ضعف سندها: يمكن قبول مضمونها، إذا توجهنا إلى أن سلمان كان بإجماع الأخباريين يزيد عمره على مائتي سنة، فهو من غير أولي الإربة من الرجال، الذين استثناهم القرآن الكريم من الحجاب؛ فقال تعالى: " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلّا ما ظهر منها وليضربن بخمرهنّ على جيوبهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلّا لبعولتهنّ أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ أو بني أخواتهنّ أو نسائهنّ أو ما ملكت أيمانهنّ أو التّابعين غير أولي الإربة من الرّجال أو الطّفل الّذين لم يظهروا على عورات النّساء ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ وتوبوا إلى اللّه جميعا أيّه المؤمنون لعلّكم تفلحون" (النور: 31).
وهكذا إذا التفتنا إلى أن الرواية تتحدث عن العباء والخمار والاعتجار، وهي جميعا شيء زائد على أصل الحجاب والستر، الذي يظهر بوضوح من ألفاظ الرواية أن البضعة المرضية كانت متصفة به.
أما التعبير عنها بأنها "إذا خمرت رأسها انجلى ساقها وإذا غطت ساقها انكشف رأسها"؛ فهو تعبير وصفي يشير إلى الوضع المادي المزري للزهراء عليها السلام، مع أنها بنت النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، الذي هو السبب في هداية الناس، وارتقاء مستوى حياتهم المادي، كما يشير إلى زيادة التزامها وتسترها، لأنها مع ما كانت عليه من الحجاب والستر لم تكتف به، بل جلست، واعتجرت، والاعتجار يعني لف العباءة على الرأس والجيب والكتفين، بشكل محكم، لا ينفتل عنها بسبب الحركة، مع أن سلمان كان شيخا طاعنا في السن، كما ذكرنا، لا يجب التستر عنه من الأساس.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق