الخميس، 6 فبراير 2014

التبتل والرهبانية بين الإسلام والمسيحية

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  7:06 م 0 تعليقات

السؤال: حسب ما أفهم من القرآن الكريم أن في عهد المسيحيين كان التبتل جائز. (( إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم )) فهل جاء الإسلام ونسخ هذا الحكم ؟ إذا كان كذلك فهل أن الله - حاشا له سبحانه - أن يأتي بحكم ثم يأتي بحكم ينسخ الحكم الذي قبله وليس فقط نسخ الحكم بل تحريمه تبغيضه بغضاً شديد بالإضافة لأضراره الجسمية والنفسية؟

الجواب: أولاً أن هذا الأمر لم يكن في دين عيسى بن مريم عليهما السلام، فهو قبل ولادة أمه، فهو إذن في دين موسى عليه السلام.
 وثانياً: ليس هو بصدد الرهبانية والتبتل، بل هو لخدمة المعبد، وقد كانت العادة جرت عندهم أن ينذروا صبيانهم الذكور لخدمة المعابد إلى حين بلوغهم فيكونوا بعدها مختارين بين الاستمرار أو الترك. وهم يخدمونها  لكنهم يزاولون حياتهم المعتادة في غير أوقات الخدمة. ومعنى التحرر هو أنهم يكونون متحررين من خدمة الوالدين. وعلى هذا فلا نسخ في البين.
وثالثاً: على فرض احتمال النسخ، فإن النسخ أمر حاصل، وليس معناه عدم المعرفة ولا التنافي في علم الله سبحانه وأحكامه. بل يعني انتهاء مدة الحكم الأول بانتهاء موضوعه.  وكما قال الإمام الصادق لبعض المتصوفة الذين يظهرون الزهد للناس جهلاً أو كذبا: "أما علمتم أن اللّه عزوجل قد فرض على المؤمنين في أول الأمر أن يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين، ليس له أن يولي وجهه عنهم، ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبوأ مقعده من النار، ثم حوّلهم عن حالهم رحمة منه لهم، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفاً من اللّه عز وجل للمؤمنين فنسخ الرجلان العشرة" (بحار الأنوار: ج67  ص126) فنسخ الحكم الثاني والأمر الثاني الحكم والأمر الأولين، فهل تجد في شيء من ذلك شيئاً من التعارض والتضارب. ومع تسليم الرهبانية المزعومة، يقال: إن أوضاع أهل الدين اليهودي في ذلك الوقت كانت تقتضي ذلك الحكم فترة من الزمان، وبانتفائها ينتفي الداعي لها.
والحق أنها ليست من الرهبانية في شيء، وإنما كانت خدمة موقوتة محدودة، لا تنافي الطبع البشري، ولا غرائزه وحاجاته. وكذلك هو الإسلام دين الاعتدال والتقرب إلى الله عز وجل.


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

التسميات :
نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top