هل الإمام المهدي عجل الله فرجه يعلم أن له يوما يظهره الله فيه، فلماذا الخوف كما تقول الروايات والأدعية؟ وممن يخاف؟
الجواب: أما علمه عليه السلام بأن له يوما يظهره الله سبحانه فيه، فهو من أوضح المسلمات وأبده البدهيات، بل نحن بأنفسنا عالمون بذلك علم اليقين، بل وكل مسلم لا بد له من الإيمان والتصديق بذلك.
وأما إذا كان المقصود بالعلم المذكور علمه عليه السلام بوقته وساعته على وجه التحديد، فهو مما اختلفت فيه ألسن الروايات، فمنها ما يقول: بأن ذلك في علم الله اختص به نفسه، وأنه من علم الساعة، كما قال تعالى: "إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير" (لقمان: 34). قال الإمام الصادق (عليه السلام): "هذه الخمسة أشياء لم يطلع عليها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، وهي من صفات الله عزوجل" (بحار الأنوار: ج 26 ص102). وعن الإمام الرضا عليه السلام، أنه قال لدعبل الخزاعي الشاعر: يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين... ( إلى أن يصل إلى قوله عليه السلام ) ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذريتك ؟ فقال: مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة (كمال الدين: 372 وينابع المودة: 544).
ومنها: ما يقول: بأن ذلك مدخور عند الله تبارك وتعالى، لكنه يعلمه للإمام عليه السلام في الوقت الذي تقتضيه حكمته.
ومنها: ما يقول: إنه عليه السلام يعلم بذلك، لكنه من كتاب المحو والإثبات الذي يعرض عليه التغير والبداء.
ومنها: ما يقول: بأنه عليه السلام يعلم ذلك بتعليم الله وأهل البيت. وكل ذلك مروي، ولا تنافي بينها جميعا، لكن القولين الأخيرين أكثر وأشهر وأظهر.
وأما الخوف فهو أمر طبيعي فطري، وقد أثبته القرآن الكريم للأنبياء عليهم السلام. ولا ينافي الأحاديث خصوصا على القولين الأخيرين، أو على الجامع بينها جميعا؛ فإن مقتضاها أنه عليه السلام يعلم بها بالعلم الذي يجتمع مع البداء والتغير، أو يعلم بكل تفاصيلها، والتي منها أنه يحصل لها التغير بسبب الأعمال الفلانية، والقربات العلانية، كما يعلم بالوسائل التي عملت على التغيير والتبديل.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق