السؤال: تعجبني الدعوة إلى الله والعمل على هداية الضالين، وأشعر أنني أمتلك القدرة العلمية لذلك، فأتمنى أن تنصحوني بما كسبتم من تجارب في هذا المجال.
الهداية الحقيقية من الله عز وجل، وما الإنسان إلا مجرد وسيلة، قد يحالفها التوفيق وقد لا يحالفها. وإنما عليه أن يسلك السبيل من جادته، فيدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالجدال الحسن، إن كان من أهله، وإلا فعليه أن يكون رابطاً بين هؤلاء المحتاجين، وبين أهل العلم والدين، ولا ينقص ذلك من أجره شيئاً، فإن الدال على الخير كفاعله.
وعلينا أن نعلم أن الهداية لا يمكن أن تحسب كمسألة رياضية محسومة النتيجة، لأن الله جل ذكره هو من أراد لها أن تكون عن اختيار تام، فمن أراد لنفسه الخير والنجاة، فإن الله قد سهّل له ذلك، بأن عرّفه الحق بعلامات ووسائل والباطل بعلامات ووسائل.
وما أكثر الأنبياء الذين كانوا في أعلى مستويات البشر علماً وتجرداً وأخلاقاً، لكنهم مع ذلك لم يؤمن معهم إلا قليل؛ قال تعالى: "لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ" (البقرة: 272).
على أن أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين الذين أذهب الله عنهم الرجس كله والجهل كله، قد ارشدونا إلى أن أفضل الطرق إلى ذلك هو أن نكون ناطقين صادقين عنهم، فهم الناطقون الصادقون المأمونون عن الله سبحانه، ولكن بالحكمة واللسان الطيب اللين.قال تعالى: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (النحل: 125). وعن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله: " إن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا" (بحار الأنوار: ج 2 ص30)
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق