السؤال: كيف سكت علي بن ابي طالب وهو البطل الغيور للقوم وهم يعتدون على فاطمة؟!
الجواب: لم يكن أهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام يرون أنفسهم شيئاً غير الدين الحنيف، فكانت حياتهم ومماتهم من أجل بقائه وعزته. وقد صرح عليه السلام في غير مرة أنه كان قادراً على أخذ حقه من مناوئيه وظالميه، لكنه كان يشفق على الدين وبقائه. مضافاً إلى ما جاءت به الأحاديث من الوصية بالصبر والتحمل، مهما بلغ التعدي! ومرجع الأمرين واحد.
لذلك كان عليه السلام يتحاشى أي شيء من شأنه أن يخدش الإسلام أو يزعجه. وقد وصف عليه السلام موقفه ذلك في رسالته التي بعث بها إلى أهل مصر مع مالك الأشتر حيث يقول فيها: "فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله، أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل" (نهج البلاغة الكتاب 62).
وروى الكلبي أنه لما أراد علي (عليه السلام) المسير إلى البصرة، قام فخطب الناس، فقال بعد أن حمد الله و صلى على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن الله لما قبض نبيه استأثرت علينا قريش بالأمر ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين و سفك دمائهم، و الدين يمخض مخض الوطب يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقل خلف... " (شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي: ج1 ص309).
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (شرح النهج: ج1 / 307، ط. إحياء الكتب العربية)، ونقله غيره أيضا، أنه (عليه السلام) خطب في أول إمارته وخلافته بالمدينة المنورة قائلاً:
" و ايمُ الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، و أن يعود الكفر و يبور الدين، لكنا على غير ما كنا لهم عليه...".
وفي بعض روايات أهل البيت (عليه السلام) أن فاطمة الزهراء سلام الله عليها لما رجعت من المسجد بعدما خطبت خطبتها العظيمة وألقت الحجج على خصومها، خاطبت أبا الحسن (عليه السلام) وهو جالس في البيت فقالت: "يا بن أبي طالب... اشتملت شملة الجنين، و قعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، وخانك ريش الأعزل! هذا ابن أبي قحافة يبتزّني نحلة أبي و بلغة ابنَيّ، لقد أجهر في خصامي، و ألفيته الألدّ في كلامي..."
قالوا: فبينما علي (عليه السلام) يكلمها ويهدئها وإذا بصوت المؤذن ارتفع ، فقال لها علي (عليه السلام): يا بنت رسول الله! إذا [كنتِ] تحبين أن يبقى هذا الصوت مرتفعا ويخلد ذكر أبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاحتسبي الله واصبري. فقالت: حسبي الله. وأمسكت.
أما عن الوصية بالصبر فقد روى الخوارزمي في مناقبه وابن المغازلي أيضا في مناقبه: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نظر يوما إلى علي (عليه السلام) فبكى، فقال له: ما يبكيك يا رسول الله صلى الله عليك؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها حتى أفارق الدنيا. قال (عليه السلام): فما أصنع يا رسول الله؟ قال: تصبر ، فيعطيك ربك أجر الصابرين.
و عن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأغلق عليهم الباب وقال: يا أهلي ويا أهل الله! إن الله عز وجل يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت، ويقول: إن الله عز وجل يقول: إني قد جعلت عدوكم لكم فتنة فما تقولون؟ قالوا: نصبر يا رسول لله لأمر الله وما نزل من قضائه حتى نقدم على الله عز وجل ونستكمل جزيل ثوابه فقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله.. فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية: (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا) (الفرقان: 20)...
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
الجواب: لم يكن أهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام يرون أنفسهم شيئاً غير الدين الحنيف، فكانت حياتهم ومماتهم من أجل بقائه وعزته. وقد صرح عليه السلام في غير مرة أنه كان قادراً على أخذ حقه من مناوئيه وظالميه، لكنه كان يشفق على الدين وبقائه. مضافاً إلى ما جاءت به الأحاديث من الوصية بالصبر والتحمل، مهما بلغ التعدي! ومرجع الأمرين واحد.
لذلك كان عليه السلام يتحاشى أي شيء من شأنه أن يخدش الإسلام أو يزعجه. وقد وصف عليه السلام موقفه ذلك في رسالته التي بعث بها إلى أهل مصر مع مالك الأشتر حيث يقول فيها: "فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله، أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل" (نهج البلاغة الكتاب 62).
وروى الكلبي أنه لما أراد علي (عليه السلام) المسير إلى البصرة، قام فخطب الناس، فقال بعد أن حمد الله و صلى على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن الله لما قبض نبيه استأثرت علينا قريش بالأمر ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين و سفك دمائهم، و الدين يمخض مخض الوطب يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقل خلف... " (شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي: ج1 ص309).
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (شرح النهج: ج1 / 307، ط. إحياء الكتب العربية)، ونقله غيره أيضا، أنه (عليه السلام) خطب في أول إمارته وخلافته بالمدينة المنورة قائلاً:
" و ايمُ الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، و أن يعود الكفر و يبور الدين، لكنا على غير ما كنا لهم عليه...".
وفي بعض روايات أهل البيت (عليه السلام) أن فاطمة الزهراء سلام الله عليها لما رجعت من المسجد بعدما خطبت خطبتها العظيمة وألقت الحجج على خصومها، خاطبت أبا الحسن (عليه السلام) وهو جالس في البيت فقالت: "يا بن أبي طالب... اشتملت شملة الجنين، و قعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، وخانك ريش الأعزل! هذا ابن أبي قحافة يبتزّني نحلة أبي و بلغة ابنَيّ، لقد أجهر في خصامي، و ألفيته الألدّ في كلامي..."
قالوا: فبينما علي (عليه السلام) يكلمها ويهدئها وإذا بصوت المؤذن ارتفع ، فقال لها علي (عليه السلام): يا بنت رسول الله! إذا [كنتِ] تحبين أن يبقى هذا الصوت مرتفعا ويخلد ذكر أبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاحتسبي الله واصبري. فقالت: حسبي الله. وأمسكت.
أما عن الوصية بالصبر فقد روى الخوارزمي في مناقبه وابن المغازلي أيضا في مناقبه: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نظر يوما إلى علي (عليه السلام) فبكى، فقال له: ما يبكيك يا رسول الله صلى الله عليك؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها حتى أفارق الدنيا. قال (عليه السلام): فما أصنع يا رسول الله؟ قال: تصبر ، فيعطيك ربك أجر الصابرين.
و عن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأغلق عليهم الباب وقال: يا أهلي ويا أهل الله! إن الله عز وجل يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت، ويقول: إن الله عز وجل يقول: إني قد جعلت عدوكم لكم فتنة فما تقولون؟ قالوا: نصبر يا رسول لله لأمر الله وما نزل من قضائه حتى نقدم على الله عز وجل ونستكمل جزيل ثوابه فقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله.. فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية: (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا) (الفرقان: 20)...
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق