السؤال: هل صحيح أن الإمام المهدي حين يظهر يعمل القتل والعقوبات الجماعية، بحيث تذكر الروايات أنه سوف يذهب جراء ذلك ثلثا الناس، ولن يبقى إلا ثلث واحد فقد منهم. فهل يعتبر هذا الشكل من القتل والإبادة الجماعية إصلاحا، ونشرا للحق والعدل؟
الجواب: الروايات في ذلك مختلفة الألسنة، فبعضها يذكر أن ظهور الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه يكون بعد فناء قسم من الناس، قدرته بعض الأحاديث بالثلثين، وبعضها بالثلث، وبعضها بعدة ألوف. وبعضها يذكر أنه عليه السلام يعمل السيف في المجرمين والطغاة حتى يفنيهم، وبعضها يشير إلى العرب بشكل خاص، وبعضها يتحدث عن العالم برمته. والظاهر أن قسما من تلك الأخبار ستحصل قبل ظهور الإمام عليه السلام، وقسم آخر سيحدث بعد الظهور.
وإن المطالع بعين التدقيق والإنصاف في هذه الروايات لا بد أن يلتفت إلى عدة أمور:
الأول: أن الإمام عليه السلام قبل أن يكون منتقما من الطغاة والظالمين هو إمام مطهر ومعصوم، والأصل في من يكون كذلك هو الرحمة والإحسان مهما أمكن.
والثاني: أن الأرقام في آداب البشر عموما، وفي أدب اللغة العربية بشكل خاص مبني في الغالب على المبالغة والتسامح العرفي في التخاطب. فلو قرأنا خبرا عن اشتعال فتنة تأكل الأخضر واليابس، أو أن الدم فيها سيسيل إلى الركب، فهو لا يعني بالضرورة حصول المذكور بصورة حرفية، ولكنه أسلوب جرى لدى العرف للتعبير عن فظاعة ما سيحدث.
والثالث: أن هذه الأحاديث في أعمها الأغلب مراسيل، أو ضعيفة الإسناد، فإنما يؤخذ منها ما تواتر مفهومه، ولو إجمالا، أو استفاض نقله مما لا يصطدم مع إحدى المسلمات العقلية أو النقلية، بل ولا يتنافى حتى مع معتبر الروايات وإن كانت روايات آحاد. اللهم إلا أن يكون مضمونه هو الآخر معتبرا، فحينئذ تجري عملية الترجيح بينهما وفق الميزان الدرائي بين الخبرين المعتبرين.
والرابع: أن بعضا غير قليل من هذه الروايات كان يتحدث عن نتائج الفساد البشري قبل الظهور، من حروب عالمية، أو أسلحة دمار شامل، وغلبة بعض الوحوش البشرية على الزعامة في بعض البلاد، إلى جانب الفجائع والنكبات التي ستتقاذف الأمة أو العالم، من قبيل القحط والجوع والأمراض الوبائية.
وها نحن اليوم نرى بأم أعيننا أمثلة عملية من نتائج هذا الفساد البشري، نظير عصابات القتل على الهوية باسم الدين والجهاد، وأمراض الايدز والطاعون والكوليرا، وأنفلونزا الطيور، وجرائم الحروب والتجارب الكيميائية والذرية والنووية، التي يدعونها محرمة دوليا، لكن الدول الكبرى وأتباعها يتاجرون بها، ويجربونها في رؤوس معظم شعوب العالم المستضعفة والمغلوبة على أمرها، كما قال سبحانه في كتابه الكريم: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس" (الروم: 41)
فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض. وجراد في حينه وجراد في غير حينه كألوان الدم. فأما الموت الأحمر فالسيف. وأما الموت الأبيض فالطاعون". (الإرشاد للمفيد ص 405 والغيبة للطوسي277). والمقصود من كونه بين يدي القائم: أن ذلك يكون قبل ظهوره. وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (يختلف أهل الشرق وأهل الغرب، نعم وأهل القبلة. ويلقى الناس جهدا شديدا مما يمر بهم من الخوف. فلايزالون بتلك الحال حتى ينادي مناد من السماء. فإذا نادى فالنفر النفر) (البحار:52/235).
وعن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "لابد أن يكون قدام القائم سنة يجوع فيها الناس ويصيبهم خوف شديد من القتل" (البحار:52/229).
وفي النتيجة نقرأ عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: "لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس، فقلنا: إذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟ قال: أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي" (البحار: ج52 ص113). وفي بعض رويات البحار:"فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف) أي ثلاثة ملايين" (البحار: ج52 ص274)، كما عن الإمام الصادق عليه السلام: (قدام القائم موتان موت أحمر وموت أبيض، حتى يذهب من كل سبعة خمسة) (البحار:52/207)، وفي بعضها تسعة أعشار.
وهاقد ظهر بوضوح: أن الدمار الذي يقع على الناس لا دخل للإمام المنتظر عليه السلام فيه، بل يكون ظهوره كسفينة الخلاص لهم من لجج الموت العاتية، ولكن بعض الموتورين لا يسكن لهم جفن دون أن يقلبوا الحقائق، ويجعلوا المنقذ والمخلص مجرما سفاكا.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
الجواب: الروايات في ذلك مختلفة الألسنة، فبعضها يذكر أن ظهور الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه يكون بعد فناء قسم من الناس، قدرته بعض الأحاديث بالثلثين، وبعضها بالثلث، وبعضها بعدة ألوف. وبعضها يذكر أنه عليه السلام يعمل السيف في المجرمين والطغاة حتى يفنيهم، وبعضها يشير إلى العرب بشكل خاص، وبعضها يتحدث عن العالم برمته. والظاهر أن قسما من تلك الأخبار ستحصل قبل ظهور الإمام عليه السلام، وقسم آخر سيحدث بعد الظهور.
وإن المطالع بعين التدقيق والإنصاف في هذه الروايات لا بد أن يلتفت إلى عدة أمور:
الأول: أن الإمام عليه السلام قبل أن يكون منتقما من الطغاة والظالمين هو إمام مطهر ومعصوم، والأصل في من يكون كذلك هو الرحمة والإحسان مهما أمكن.
والثاني: أن الأرقام في آداب البشر عموما، وفي أدب اللغة العربية بشكل خاص مبني في الغالب على المبالغة والتسامح العرفي في التخاطب. فلو قرأنا خبرا عن اشتعال فتنة تأكل الأخضر واليابس، أو أن الدم فيها سيسيل إلى الركب، فهو لا يعني بالضرورة حصول المذكور بصورة حرفية، ولكنه أسلوب جرى لدى العرف للتعبير عن فظاعة ما سيحدث.
والثالث: أن هذه الأحاديث في أعمها الأغلب مراسيل، أو ضعيفة الإسناد، فإنما يؤخذ منها ما تواتر مفهومه، ولو إجمالا، أو استفاض نقله مما لا يصطدم مع إحدى المسلمات العقلية أو النقلية، بل ولا يتنافى حتى مع معتبر الروايات وإن كانت روايات آحاد. اللهم إلا أن يكون مضمونه هو الآخر معتبرا، فحينئذ تجري عملية الترجيح بينهما وفق الميزان الدرائي بين الخبرين المعتبرين.
والرابع: أن بعضا غير قليل من هذه الروايات كان يتحدث عن نتائج الفساد البشري قبل الظهور، من حروب عالمية، أو أسلحة دمار شامل، وغلبة بعض الوحوش البشرية على الزعامة في بعض البلاد، إلى جانب الفجائع والنكبات التي ستتقاذف الأمة أو العالم، من قبيل القحط والجوع والأمراض الوبائية.
وها نحن اليوم نرى بأم أعيننا أمثلة عملية من نتائج هذا الفساد البشري، نظير عصابات القتل على الهوية باسم الدين والجهاد، وأمراض الايدز والطاعون والكوليرا، وأنفلونزا الطيور، وجرائم الحروب والتجارب الكيميائية والذرية والنووية، التي يدعونها محرمة دوليا، لكن الدول الكبرى وأتباعها يتاجرون بها، ويجربونها في رؤوس معظم شعوب العالم المستضعفة والمغلوبة على أمرها، كما قال سبحانه في كتابه الكريم: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس" (الروم: 41)
فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض. وجراد في حينه وجراد في غير حينه كألوان الدم. فأما الموت الأحمر فالسيف. وأما الموت الأبيض فالطاعون". (الإرشاد للمفيد ص 405 والغيبة للطوسي277). والمقصود من كونه بين يدي القائم: أن ذلك يكون قبل ظهوره. وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (يختلف أهل الشرق وأهل الغرب، نعم وأهل القبلة. ويلقى الناس جهدا شديدا مما يمر بهم من الخوف. فلايزالون بتلك الحال حتى ينادي مناد من السماء. فإذا نادى فالنفر النفر) (البحار:52/235).
وعن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "لابد أن يكون قدام القائم سنة يجوع فيها الناس ويصيبهم خوف شديد من القتل" (البحار:52/229).
وفي النتيجة نقرأ عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: "لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس، فقلنا: إذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟ قال: أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي" (البحار: ج52 ص113). وفي بعض رويات البحار:"فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف) أي ثلاثة ملايين" (البحار: ج52 ص274)، كما عن الإمام الصادق عليه السلام: (قدام القائم موتان موت أحمر وموت أبيض، حتى يذهب من كل سبعة خمسة) (البحار:52/207)، وفي بعضها تسعة أعشار.
وهاقد ظهر بوضوح: أن الدمار الذي يقع على الناس لا دخل للإمام المنتظر عليه السلام فيه، بل يكون ظهوره كسفينة الخلاص لهم من لجج الموت العاتية، ولكن بعض الموتورين لا يسكن لهم جفن دون أن يقلبوا الحقائق، ويجعلوا المنقذ والمخلص مجرما سفاكا.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق