هو عيد إسلامي تأمر الأحاديث بإحيائه وتعظيمه، كالتعيد فيه، والغسل والصلاة فيه، وما إلى ذلك؟
الجواب: لا تصح الروايات حول النيروز، ولم تثبت نسبته إلى الشرع المبين كعيد. ولكن لا بأس بإحيائه كمناسبة شعبية إنسانية، لمكان التغير الفصلي الذي يحصل فيه، كما اعتاد البشر اليوم على إحياء يوم بعينه بعنوان عيد الأرض ، والشجرة والأم، والصحة، وما إلى ذلك. بل يمكن فهم الاستحباب العام باعتبار أن المناسبة تدعو إلى النشاط والتجدد في الحياة، وذكر الخالق وشكره على نعمه في الطبيعة، وتشدد على الاهتمام بالنظافة، والتزاور والتواصل بين الأرحام والأقارب، وكل هذه الأمور مما يحث الشرع الحنيف عليها. وقد وردت روايات متنافية في هذا المجال بعضها تؤكد المناسبة وتحث على إحيائها وتعظيمها، وبعضها يستنكر وينهى. فعلى هذا يكون الالتزام بمضامين بعضها مما نسب إلى أهل البيت عليهم السلام لا بأس به أيضاً في نفسه من باب الرجاء والاحتمال.
قد يقال: إن ثمة أعيادا تعارف عليها الناس أنها أعياد بشرية، بمعنى أنها من وضع البشر أنفسهم، فلا مانع من إحيائها بهذا العنوان، بعد عدم نسبتها إلى الله والشريعة. لكنها أعياد دينية ترجع إلى أديان لا يقرها الإسلام، خصوصا وأن فيها طقوسا تتنافى مع الشرع المبين. وعيد النوروز هو أحد تلك الأديان، فهو من بقايا المجوسية والزرادشتية. والجواب: أولا: لم يثبت كون النوروز يرجع إلى دين المجوس بمعنى أنهم هم الذين أوجدوه وشرعوه، فالأخبار في ذلك متشابكة، وبعضها على أنه لم يكن عند الفرس أصلا، بل أخذوه عن غيرهم من الأمم. وبعض تلك الأخبار تروي وجوده عند العرب السالفين، وأن مبدأه عندهم كان من بداية الخريف، ومن هناك نشأت تسمية السنة بالخريف. وهنا نحن إنما ذكرنا العرب كمثال لا أكثر، وإﻻ فإن اختلاف بدايات هذه المناسبة من تاريخ إلى آخر عند مختلف الأمم والشعوب تنسجم مع هذه الدعوى. وثانيا: حتى على فرض أن له جذورا دينية غير إسلامية، مع ذلك لا مانع منه إذا فرغ من محتواه الديني المزيف، وصار يأخذ شرعته وصبغته من دين الإسلام، بعد أن يحذف منه المحرمات وكل شوائب الكفر والشرك، ويستبقي منه التحربة البشرية والتراث الحضاري الحسن، مما ﻻ يعارضه الإسلام بل يقره ويمضيه. ولكن تبقى مع ذلك الفضيلة للانقياد التام لأحكام الله وتعاليمه، حتى في مستوى الآداب وغير الواجبات، حيث يغدو العبد حينها مستمدا كل مناسكه وحشره ونشره من نور الله النقي الطاهر. إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، وحده لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق