هو أبو عمارة، وقيل: أبو يعلى حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي ، الهاشمي ، المكي ، وأُمه هالة بنت وهيب بن عبد مناف ، المشهور بسيد الشهداء، وأسد الله، وأسد الرسول . وأحد أعمام النبي صلى الله عليه وآله .
كان من سادات قريش وزعمائها في الجاهلية والإسلام ، عزيزاً في قومه ، بطلاً شجاعاً شديد الشكيمة.
هاجر إلى المدينة المنورة، واشترك في واقعة بدر فأبلى فيها بلاء حسناً ، وكان يقاتل بسيفين بين يدي النبي صلى الله عليه وآله ، فاستطاع أن يقتل عدداً غفيراً من رؤساء وأبطال المشركين في تلك الواقعة.
جاء في كتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية : إن قوماً استشهدوا في سبيل الله من المهاجرين ، ولكلٍّ فضلٌ ، حتى إذا استشهد شهيدنا قيل : سيِّد الشهداء ، وخصَّه رسول الله صلى الله عليه وآله بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه ، أولا ترى أن قوماً قُطعت أيديهم في سبيل الله ، ولكلٍّ فضلٌ ، حتى إذا فعل بواحدنا كما فُعل بواحدهم ، قيل : الطيار في الجنة ، وذو الجناحين . وساق عليه السلام الكلام إلى أن قال : منَّا أسد الله ، ومنكم أسد الأحلاف.
وعن أبي أيوب الأنصاري ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لفاطمة عليها السلام : شهيدنا أفضل الشهداء وهو عمُّك ، ومنّا من جعل الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة وهو ابن عمِّك .
وروي عن النبيِّ صلى الله عليه وآله ، قال : من الركبان يوم القيامة عمّي حمزة ، أسد الله وأسد رسوله ، على ناقتي العضباء.
وروي عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : خير إخواني علي ، وخير أعمامي حمزة ، والعباس صنو أبي .
وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : نحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة : رسول الله ، وحمزة سيِّد الشهداء ، وجعفر ذو الجناحين ، وعلي وفاطمة ، والحسن والحسين ، والمهدي .
وعن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أحبُّ إخواني إليَّ علي بن أبي طالب ، وأحبُّ أعمامي إليَّ حمزة .
وعن القدّاح ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام : منّا سبعة خلقهم الله عزَّ وجلَّ ، لم يخلق في الأرض مثلهم ، منَّا رسول الله صلى الله عليه وآله سيِّد الأولين والآخرين ، وخاتم النبيين ، ووصيُّه خير الوصيين ، وسبطاه خير الأسباط : حسناً وحسيناً ، وسيِّد الشهداء حمزة عمُّه ، ومن طار مع الملائكة جعفر ، والقائم عليه السلام .
وروي عن النبيِّ صلى الله عليه وآله أنه قال : حمزة سيِّد الشهداء ، وروي : خير الشهداء ولولا أن تجده صفيَّة لتركت دفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع ، وكان قد مثِّل به وبأصحابه يومئذ .
ومن كتاب الطُرَف للسيِّد ابن طاووس قدَّس الله روحه ، نقلا من كتاب الوصية لعيسى بن المستفاد ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : لمَّا هاجر النبيُّ صلى الله عليه وآله إلى المدينة ، وحضر خروجه إلى بدر دعا الناس إلى البيعة ، فبايع كلهم على السمع والطاعة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خلا دعا عليّاً فأخبره من يفي منهم ومن لا يفي ، ويسأله كتمان ذلك ، ثمَّ دعا رسول الله صلى الله عليه وآله علياً وحمزة وفاطمة عليهم السلام ، فقال لهم : بايعوني بيعة الرضا ، فقال حمزة : بأبي أنت وأمي علامَ نبايع ؟ أليس قد بايعنا ؟ فقال : يا أسد الله وأسد رسوله ، تبايع لله ولرسوله بالوفاء والاستقامة لابن أخيك ، إذن تستكمل الإيمان ، قال : نعم ، سمعاً وطاعة ، وبسط يده ، فقال لهم : يد الله فوق أيديكم ، عليٌّ أمير المؤمنين عليه السلام ، وحمزة سيِّد الشهداء ، وجعفر الطيار في الجنّة ، وفاطمة سيِّدة نساء العالمين ، والسبطان : الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة ، هذا شرط من الله على جميع المسلمين من الجنّ والإنس أجمعين ، « فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً » ثمَّ قرأ : « إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله » ، قال : ولمَّا كانت الليلة التي أصيب حمزة في يومها دعا به رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال : يا حمزة! يا عمَّ رسول الله! يوشك أن تغيب غيبة بعيدة ، فما تقول لو وردت على الله تبارك وتعالى ، وسألك عن شرائع الإسلام وشروط الإيمان ؟ فبكى حمزة ، وقال : بأبي أنت وأمي ، أرشدني وفهِّمني.
فقال : يا حمزة! تشهد أن لا إله إلاَّ الله مخلصاً ، وأني رسول الله تعالى بالحقّ ، قال حمزة : شهدت ، قال : وأن الجنّة حقّ ، وأنّ النار حقّ ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الصراط حقّ ، والميزان حقّ ، ومن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرّة شراً يره ، وفريق في الجنّة ، وفريق في السعير ، وأن علياً أمير المؤمنين ، قال حمزة : شهدت وأقررت وآمنت وصدَّقت ، وقال : الأئمة من ذرّيّته الحسن والحسين ، وفي ذرّيّته ، قال حمزة : آمنت وصدَّقت ، وقال : فاطمة سيِّدة نساء العالمين ، قال : نعم ، صدَّقت ، قال : حمزة سيِّد الشهداء ، وأسد الله وأسد رسوله ، وعمُّ نبيِّه ، فبكى حتى سقط على وجهه ، وجعل يقبِّل عيني رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقال : جعفر بن أخيك طيَّار في الجنة مع الملائكة ، وأن محمداً وآله خير البريّة ، تؤمن ـ يا حمزة ـ بسرِّهم وعلانيتهم ، وظاهرهم وباطنهم ، وتحيى على ذلك وتموت ، توالي من والاهم ، وتعادي من عاداهم قال : نعم يا رسول الله ، أشهد الله وأشهدك ، وكفى بالله شهيداً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : سدَّدك الله ووفَّقك .
وروي في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على أهل الشورى قال : نشدتكم بالله ، هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر ، المزيَّن بالجناحين في الجنة ، يحلّ فيها حيث يشاء ، غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : نشدتكم هل فيكم أحد له عمٌّ مثل عمّي حمزة ، أسد الله وأسد رسوله ، وسيِّد الشهداء ، غيري ؟ قالوا : اللهم لا.
وعن عبد الرحمن بن بكير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : على قائمة العرش مكتوب : حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيِّد الشهداء … وعن سلمان قال : قال النبيُّ صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام : شهيدنا سيِّد الشهداء ، وهو حمزة بن عبد المطلب ، وهو عمُّ أبيك ، قالت : يا رسول الله! وهو سيِّد الشهداء الذين قُتلوا معك ؟ قال : لا ، بل سيِّد شهداء الأولين والآخرين ، ما خلا الأنبياء والأوصياء ، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيَّار في الجنة مع الملائكة.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إنه ليرى يوم القيامة إلى جانب الصراط عالم كثير من الناس ، لا يعرف عددهم إلاَّ الله تعالى ، هم كانوا محبّي حمزة ، وكثير منهم أصحاب الذنوب والآثام ، فتحول حيطان بينهم وبين سلوك الصراط والعبور إلى الجنة ، فيقولون : يا حمزة! قد ترى ما نحن فيه ، فيقول حمزة لرسول الله ولعلي بن أبي طالب : قد تريان أوليائي يستغيثون بي ، فيقول محمد رسول الله صلى الله عليه وآله لعليٍّ وليِّ الله عليه السلام : يا علي! أعن عمَّك على إغاثة أوليائه ، واستنقاذهم من النار ، فيأتي علي ابن أبي طالب عليه السلام إلى الرمح الذي كان يقاتل به حمزة أعداء الله في الدنيا ، فيناوله إيَّاه ويقول : يا عمَّ رسول الله ، ويا عمَّ أخي رسول الله صلى الله عليه وآله ذُدِ الجحيم بالرمي عن أوليائك برمحك هذا ، كما كنت تذود به عن أولياء الله في الدنيا أعداء الله ، فيتناول حمزة الرمح بيده فيضع زجَّه في حيطان النار الحائلة بين أوليائه وبين العبور إلى الجنة على الصراط ، ويدفعها دفعة فينحّيها مسيرة خمسمائة عام ، ثمَّ يقول لأوليائه والمحبّين الذين كانوا له في الدنيا : اعبروا ، فيعبرون على الصراط آمنين سالمين قد انزاحت عنهم النيران ، وبَعُدت عنهم الأهوال ، ويَرِدون الجنّة غانمين ظافرين .
وعن إسماعيل بن جابر وزرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : دفن رسول الله صلى الله عليه وآله عمَّه حمزة في ثيابه بدمائه التي أصيب فيها ، وردَّاه النبي صلى الله عليه وآله بردائه ، فقصُر عن رجليه ، فدعا له بأذخر فطرحه عليه ، فصلَّى عليه سبعين صلاة ، وكبَّر عليه سبعين تكبيرة .
وعن الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم السلام قال : قال الحسن بن علي عليهما السلام فيما احتجَّ على معاوية : وكان ممن استجاب لرسول الله صلى الله عليه وآله عمُّه حمزة وابن عمّه جعفر ، فقُتلا شهيدين ـ رضي الله عنهما ـ في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فجعل الله تعالى حمزة سيِّد الشهداء من بينهم ، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم ، وذلك لمكانهما من رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومنزلتهما وقرابتهما منه صلى الله عليه وآله ، وصلَّى رسول الله صلى الله عليه وآله على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه .
وعن حبيب بن أبي ثابت ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : لم يدخل الجنة حميّة غير حميّة حمزة بن عبدالمطلب ، وذلك حين أسلم غضباً للنبيِّ صلى الله عليه وآله في حديث السلا الذي أُلقي على النبي صلى الله عليه وآله .
وعن ابن عباس قال : قال لي النبي صلى الله عليه وآله : رأيت فيما يرى النائم عمّي حمزة بن عبد المطلب ، وأخي جعفر بن أبي طالب ، وبين أيديهما طبق من نبق ، فأكلا ساعةً فتحوَّل العنب لهما رطباً ، فأكلا ساعة ، فدنوت منهما وقلت : بأبي أنتما ، أيّ الأعمال وجدتما أفضل ؟ قالا : فديناك بالآباء والأمهات ، وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك ، وسقي الماء ، وحبّ علي بن أبي طالب عليه السلام .
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله مرَّ على دور من دور الأنصار من بني عبد الأشهل ، فسمع البكاء والنوائح على قتالهم ، فذرفت عيناه وبكى ، ثمَّ قال : لكنَّ حمزة لا بواكي له ، فلمَّا رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دور بني عبد الأشهل أمرا نساءهم أن يذهبن فيبكين على عمِّ رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلمَّا سمع رسول الله صلى الله عليه وآله بكاءهن على حمزة خرج إليهن وهن على باب مسجده يبكين ، فقال لهن رسول الله صلى الله عليه وآله : ارجعن يرحمكن الله ، فقد واسيتن بأنفسكن وفي رواية : ولمَّا انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله من وقعة أحد إلى المدينة سمع من كل دار قُتل من أهلها قتيل نوحاً وبكاء ، ولم يسمع من دار حمزة عمِّه ، فقال صلى الله عليه وآله : لكنَّ حمزة لابواكي له ، فآلى أهل المدينة أن لا ينوحوا على ميِّت ولا يبكوه حتى يبدؤوا بحمزة فينوحوا عليه ويبكوه ، فهم إلى اليوم على ذلك .
قال ابن الجوزي : ولمَّا أسلم وحشي قاتل حمزة قال له النبي صلى الله عليه وآله : غيِّب وجهك عنّي ، فإني لا أحبُّ أن أرى قاتل الأحبة ، قال هذا والإسلام يجبُّ ما قبله ، فكيف بقلبه صلى الله عليه وآله أن يرى من ذبح الحسين عليه السلام ، وأمر بقتله وحمل أهله على أقتاب الجمال .
وقد روي عن عبدالله بن مسعود ، قال : ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وآله باكياً قط أشدَّ من بكائه على حمزة بن عبد المطلب لما قتل . فكيف به إذن لو نظر إلى سبطه الحسين عليه السلام شلواً مبضَّعاً ، وقد وزَّعته الأسنَّة ، لكان حاله بلا شك أشد من حاله يوم مقتل حمزة بن عبد المطلب ، وكما قال الشاعر :
لو أنَّ رسولَ اللهِ يَبْعَثُ نَظْرَةً *** لَرُدَّت إلى إنْسَانِ عَيْن مؤَرَّقِ
وَهَانَ عليه يومُ حمزةَ عَمِّهِ *** بيومِ حسين وهو أعظم ما لقي
ونال شجىً من زينب لَمْ يَنَلْهُ من *** صفية إذ جاء بدمع مرقوقِ
فكم بَيْنَ مَنْ للخِدْرِ عادت مصونة *** ومن سيَّروها في السبايا بجلّقِ
0 التعليقات:
إرسال تعليق