السؤال: قول مولانا امير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة رقم 164 من كلام له عليه السلام لما اجتمع الناس اليه وشكوا ما نقموه على عثمان ( ان الناس ورائي قد استسفروني بينك وبينهم ووالله ما أدري ما اقول لك ما اعرف شيئاً تجهله ولا ادلك على امر لاتعرفه انك تعلم ما نعلم ما سبقناك الى شيئ فنخبرك عنه ولا خلونا بشيئ فنبلغكه وقد رأيت كما رأينا وسمعت كما سمعنا وصحبت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كما صحبنا وما ابن قحافة ولا ابن الخطاب اولى بعمل الحق منك ) في كلام امير المؤمنين عليه السلام شهادة للخليفة الاول والثاني انهما عملا بالحق وكانا من اهله وكانت سيرتهم مستقيمة
فان كان الامام عليه السلام مكلف بمنصب وتكليف الهي والخليفة الاول والثاني قد تقدموا عليه في هذا المنصب ودفعوه عنه واغتصبو منه هذا المنصب في قيادة الامة فكيف يشهد الامام سلام الله عليه لهم انهم عملوا بالحق
الجواب: مع قطع النظر عن المناقشة السندية فإن نهج البلاغة كتاب مروي يخضع أيضاً للتقويم السندي وإعمال الضوابط الدرائية عليه، خصوصاً إذا كان الوارد فيه يخالف شهرة روائية، أو يتعارض مع مثله، فلا بد حينئذ من إجراء قواعد الترجيح الروائي.
ومع غض النظر عن ذلك، فإن اللفظ المذكور لو دققنا فيه، وأعملنا الإنصاف لما وجدنا فيه أي مدح لأبي بكر أو عمر. فإن كلام أمير المؤمنين عليه السلام مع عثمان كان يدور حول تأنيبه وملامته مع ما هو عليه من القرب السبـبي، الذي لم يتوفر على مثله أحد منهما. فكأنه عليه السلام يقول لابن عاقّ: لم عققت والدك، فالبر به والإحسان إليه عليك أوجب وألزم من فلان وفلان؛ فإنك أقرب إليه بكذا وكذا. وليس في هذه العبارة مدحٌ للفلانين، فقد يكونان عاقين هما أيضاً، متمردين عليه. نعم يمكن أن يكون هذا العتاب جواباً لاحتجاج عثمان بأني لم أفعل إلا كما فعل أبو بكر وعمر. فكان جوابه عليه السلام: إنك أولى بعمل الحق منهما، فهما وإن عصيا وآذيا وأجرما، لكن عصيانك وجرمك يكون أشد وأقبح لقربك من رسول الله صلى الله عليه وآله. فعلى هذا لا يكون في قوله عليه السلام شهادة لهما بعمل الحق، والله العالم.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق