السؤال: أين يوجد الله سبحانه وتعالى؟
الجواب: إنما يصح توجيه مثل هذا السؤال لو كان الله سبحانه مخلوقاً ماديّاً متحيزاً محدوداً بحد. في حين أنه سبحانه خالق الزمان والمكان، فكيف يمكن أن يكون جزءاً من خلقه؟ وإلا فإن هذا السؤال يمكن أن يعود ليقول: وماذا عنه سبحانه يوم لم يكن زمان ولا مكان؟! إن الله تبارك وتعالى لا حدّ ولا ماهية لوجوده. وفي اي صورة مهما عظمت وكبرت، لو تصورناه سبحانه، فإننا نكون قد جعلناه سبحانه مخلوقاً محتاجاً وضعيفاً، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيرا.
وفي الرواية أسقفاً نجرانيّاً قد وجه مثل هذا السؤال إلى عمر بن الخطاب، فعجز عن الجواب، ثم حوّل هو السؤال بنفسه السؤال إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، " فعند ذلك قال الإمام عليه السلام: كنت يوما عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أقبل إليه ملك فسلم عليه فرد عليه السلام، فقال له: أين كنت؟. قال: عند ربي فوق سبع سماوات. قال: ثم أقبل ملك آخر فقال: أين كنت؟. قال: عند ربي في تخوم الأرض السابعة السفلى، ثم أقبل ملك آخر ثالث فقال له: أين كنت؟. قال: عند ربي في مطلع الشمس، ثم جاء ملك آخر فقال: أين كنت؟. قال: كنت عند ربي في مغرب الشمس، لأن الله لا يخلو منه مكان، ولا هو في شيء، ولا على شيء، ولا من شيء، وسع كرسيه السماوات والأرض، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، يعلم ما في السماوات وما في الأرض، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا"[1].
وفي نهج البلاغة قال أمير المؤمنين عليه السلام: "فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه، فقد جهله، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال فيم ؟ فقد ضمنه، ومن قال على م ؟ فقد أخلى منه، كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شئ لا بمزايلة"[2]، إلى آخر ما قاله عليه السلام في الخطبة الأولى من نهج البلاغة، ويمكنك الرجوع إلى من تعرض إليها بالشرح والتوضيح من أهل العلم والوثاقة.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
_________
[1] بحار الأنوار: ج31 ص595، نقلاً عن الفضائل لابن شاذان، والروضة للكليني.
[2] نهج البلاغة: الخطبة الأولى.
0 التعليقات:
إرسال تعليق