الجمعة، 26 سبتمبر 2014

هل المرأة خلقت من ضلع معوج، وهل ضلعها أعوج؟

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  9:23 م 0 تعليقات




السؤال: كما يقول العامة في احاديثهم " ان سيدتنا 
حواء خلقها الله من ضلع اعوج من سيدنا ادم "، و نفى ذلك الامام الصادق عليه السلام عند سؤاله عن ذلك و تبين لنا ذلك من الحديث وقد جاء في (علل الشرائع، والفقيه) ـ كلاهما للشيخ الصدوق ـ ما يدل على ردها من عدم خلقة حواء من ضلع آدم, فعن زرارة قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن خلق حواء من ضلع آدم الايسر الاقصى, قال سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا أيقول من يقول هذا ان الله تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجته من غير ضلعه وجعل لمتكلم من أهل التشنيع سبيلاً الى الكلام يقول إن آدم كان ينكح بعضه بعضاً ما لهؤلاء حكم الله بيننا وبينهم. (علل الشرائع1/17), (من لا يحضره الفقيه 3/379). الحديث الاخر الذي يثبت بان الله سبحانة خلق حواء عليها السلام من فاضل طينة ادم عليه السلام الحديث التالي : عن عمرو بن ابي المقدام ، عن ابيه قال : سألت ابا جعفر عليه السلام : من اي شيء خلق الله حواء ؟ فقال : اي شيء يقول هذا الخلق ؟ قلت : يقولون : ان الله خلقها من ضلع من اضلاع آدم ، فقال : كذبوا ، كان يعجزه ان يخلقها من غير ضلعه ؟ فقلت : جعلت فداك يابن رسول الله من اي شيء خلقها ؟ فقال : اخبرني ابي ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ان الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه ـ وكلتا يديه يمين (اي بقدرته) ـ فخلق منها آدم ، وفضلت فضلة من الطين فخلق منها حواء. (تفسير العياشي مخطوط ، عنه البحار : ج 11 ص 116). و الحديث الذي استغربت منه قول الامام علي عليه الصلاة و السلام في شأن المرأة التى ذهبت لشريح القاضي و هي من الذين لهم صفات النساء و الرجال ولها عضو انثوي وذكري و طرح امرها الى الامام امير المؤمنين علية الصلاة و السلام وفي اخر الحديث يقول الامام عليه السلام : من ابي ادم ان حواء خلقت من ضلع ادم فاضلاع الرجل اقل من اضلاع المرأة بضلع . (شرح الاخبار ، القاضي النعمان المغربي ج 2 ص 326 ). فما هو رايكم هل راي الامام علي علية الصلاة و السلام محمول على التقية ام ما هو رايكم. ونسألكم الدعاء.

الجواب: ألسنة الأحاديث في ذلك مختلفة، ظاهر بعضها الإثبات، وظاهر بعضها الآخر النفي. إلا أن النافي أكثر وأظهر وأقوى، فقد روى الصدوق في الفقيه، عن زرارة في الصحيح " قال: سئل أبو عبد الله ( عليه السلام ) عن خلق حواء وقيل له: إن أناساً عندنا يقولون: إن الله عز وجل خلق حواء من ضلع آدم الايسر الأقصى، فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً، أيقول من يقول هذا: إن الله تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجة من غير ضلعه، ويجعل للمتكلم من أهل التشنيع سبيلاً إلى الكلام أن يقول: إن آدم كان ينكح بعضه بعضاً إذا كانت من ضلعه، ما لهؤلاء! حكم الله بيننا وبينهم!. ثم قال عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما خلق آدم عليه السلام من طين وأمر الملائكة فسجدوا له ألقي عليه السبات، ثم ابتدع له حواء، فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه، وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل، فأقبلت تتحرك فانتبه لتحركها، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه، فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن، يشبه صورته، غير أنها أنثى، فكلمها فكلمته بلغته، فقال لها: من أنت؟ قالت: خلق خلقني الله كما ترى، فقال آدم عليه السلام عند ذلك: يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه، والنظر إليه؟ فقال الله تبارك وتعالى: يا آدم هذه أمتي حواء، أفتحب أن تكون معك تؤنسك وتحدثك وتكون تبعاً لأمرك؟ فقال: نعم يا رب، ولك علي بذلك الحمد والشكر ما بقيت، فقال له عزوجل: فاخطبها إلي فإنها أمتي، وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة، وألقى الله عز وجل عليه الشهوة، وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ فقال: يا رب فإني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟ فقال عز وجل: رضاي أن تعلمها معالم ديني، فقال: ذلك لك يا رب علي إن شئت ذلك لي، فقال عز وجل: وقد شئت ذلك، وقد زوجتكها فضمها إليك، فقال لها آدم عليه السلام: إليّ فأقبلي، فقالت له: بل أنت فأقبل إلي. فأمر الله عز وجل آدم أن يقوم إليها، ولولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى يخطبن على أنفسهن فهذه قصة حواء صلوات الله عليها ".

ثم قال الشيخ الصدوق بعد نقل الخبر:  وأما قول الله عز وجل: " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً"؛ فإنه روي: " أنه عز وجل خلق من طينتها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ".

والخبر الذي روي أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر صحيح، ومعناه من الطينة التي فضلت من ضلعه الأيسر، فلذلك صارت أضلاع الرجل أنقص من أضلاع النساء بضلع".

على أن أحاديث خلق المرأة من ضلع أعوج تواجه عدة مشاكل في الدلالة أيضاً، علاوة على السند، فإن مآلها حسب الألفاظ الواردة إلى أن آدم عيه السلام قد نُقص ضلعاً من أضلاعه ، وهذا الأمر لا يصمد أمام الحقائق العلمية الثابتة، وهي كون عدد الأضلاع عند الجنسين واحداً، مضافاً إلى كون الأضلاع لدى الجنسين كذلك معوجة، ولا خصوصية لأضلاع المرأة في ذلك. نعم ذكروا أن القفص الصدري عند المرأة أضيق منه عند الرجل، وعظم الحوض لديها أوسع منه لدى الرجل، وكل ذلك كمال بالنسبة إلى كل منهما، لكي يتمكن من أداء وظائفه كرجل أو كامرأة على أتم وجه. ولكن هذا أمر آخر غير ما تكلف بعضهم ببيانه لبيان كون المرأة تنحني على طفلها في رضاعته، وأن كل ألفاظ الحنان والعطف ناشئة من الانحناء والاعوجاج، مثل ألفاظ الحنُوّ والحدب والعطف وما إلى ذلك، فكل هذه أمور استحسانية ظنية، لا دليل عليها من كتاب ولا سنة، " وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ".

وتطرف قوم آخرون من جهة أخرى فقالوا: إن رواية الضلع المعوج تهين المرأة وتحط من قيمتها، وليت شعري ما المشكلة في أن يكون بعض البشر من بعض، إذا كان ناشئاً عن سرٍّ غرسه الله في خلقه للتواصل والتكامل بين الجنسين، كونهما بالمآل يرجعان إلى أصل واحد، مما يجعل بعضهما يألف بالقرب والميل من البعض الأخر. ولعل بعض الآيات تؤيد هذا المطلب، ولا أقل من عدم منافاتها له، في مثل قوله تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباًً"، وقوله عز وجل: " "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا "، بناء على حمل (من) هنا على التبعيض لا الجنس.

ثم أي مشكلة في أن يكون ضلع المرأة معوجّاً، وهل كمال كل شيء إلا بحسبه، فهل الانحناء إلاّ كمال  للدائرة والقوس والهلال، وهل يمكن أن تمدح المرأة بالضخامة والصلابة واستقامة البدن؟! ما لهم كيف يحكمون؟!


 سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top