السؤال: ذكروا أن هناك نوعين من الحجب، نورانية وظلمانية، فما هي الحجب النورانية وما هي الحجب الظلمانية؟
الجواب: الحجاب هو المانع الذي يحول بين الشيء والشيء الآخر. والمراد من الحجاب النوراني والظلماني هو الذي يمنع انكشاف الواقع للعبد. فالحاجب الظلماني هو ما يكون الحجب فيه بسبب الحواجز المصطنعة المكتسبة التي لم تكن بالأصل موجودة، ولكن رانت على القلب، وغطت على البصر والبصيرة، فلا يعود العبد يرى الحقائق كما هي بسببها. والحاجب النوراني هو ما ينشأ من القصور في القابلية والسعة الوجودية. وباعتبار أن الوجودات في الحقيقة أنوار، فإن تلك الأنوار تكون فوق قدرة العبد، بل تمسي سبباً لحجبه عن الإبصار والتطلع إلى حقائق تلك الوجودات العلية. وبتعبير آخر: إن الحجب الظلمانية تعد بمثابة الغشاوات، بينما تعد الحجب النورانية بمثابة العشاوات.
وفي المناجاة الشعبانية لأمير المؤمنين عليه السلام: "إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك"[1].
وفي حديث المعراج عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " لما عرج بي إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة المنتهى ومنها إلى حجب النور وأكرمني ربي جل جلاله بمناجاته ، قال لي: يا محمد، قلت: لبيك يا رب وسعديك تباركت وتعاليت، قال: ان عليّاً إمام أوليائي ونورٌ لمن أطاعني وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أطاعه أطاعني ومن عصاه عصاني فبشره بذلك"[2].
وعن الباقر عليه السلام: من قرء سورة القدر إحدى عشر مرة حين ينام خلق الله له نوراً سعته سعة الهواء عرضاً وطولاً ممتداً من قرار الهواء إلى حجب النور، فوق العرش في كل درجة منه ألف ملك، ولكل ملك ألف لسان، لكل لسان الف لغة، يستغفرون لقاريها إلى زوال الليل ثم يضع الله تعالى ذلك النور في جسد قاريها إلى يوم القيامة[3].
وعن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: ... ... ثم قال الله: قل لهم: (إذ يغشى السدرة ما يغشى) يقول: إذ يغشى السدرة ما يغشى من حجب النور. و (ما زاغ البصر) يقول: ما عمي البصر عن تلك الحجب، (وما طغى). يقول: وما طغى القلب بزيادة فيما أوحى إليه ولا نقصان[4].
وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزينب العطارة الحولاء: أن حجب النور سبعون ألف حجاب، يذهب نورها بالأبصار[5].
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
___________
[1] مفاتيح الجنان، للشيخ عباس القمي: أعمال شهر شعبان.
[2] بحار الأنوار: ج18 ص338.
[3] بحار الأنوار: ج84 ص179.
[4] بحار الأنوار: ج18 ص404 ح110.
[5] بحار الأنوار: ج57 ص84.
0 التعليقات:
إرسال تعليق