إن المؤمن بين وقت وآخر يتفقد قلبه، حيث أن هناك معاصي تصدر من الجوارح: معاصي النظر، النظر إلى الأجنبية.. ومعاصي السمع، الغيبة.. ومعاصي اللسان، الفحش في القول.. فالمؤمن بعد فترة من المجاهدة، -ولا أعتقد أنها مجاهدة مرهقة جدا- يصل إلى مرحلة العدالة الجوانحية، بحيث يصح الإئتمام خلفه.. ولطالما قلنا لإخواننا المؤمنين: لا تفوتوا على أنفسكم ثواب صلاة الجماعة في المنزل.. حيث هناك الزوجة والأولاد، والبعض له أحفاد يجتمعون عنده في الأسبوع مرة، فلماذا لا يلتفت إلى هذه النقطة؟..
إن ضبط الجوارح ليس بالصعب جدا، ولكن المشكلة الأرقى -ونحن غير مكلفين بها شرعا- هي السيطرة على المعاصي الجوانحية.. فالجوارح تحت السيطرة: لك جفنان، تغمضهما عند النظر إلى أجنبية.. عندك شفتان، تطبقهما عند الغيبة.. لك أذنان، صحيح لا تغلقان؛ ولكن بإمكانك السماع لا الاستماع.. فإذن، البصر واللسان والسمع، بإمكان الإنسان أن يحترز بها عن المحرمات.
ولكن المهم هو معاقبة الجوانح، على تلك الحركات السلبية التي في أعماق القلب.. هذه الحركات غير محرمة، من يقول: بأن الإنسان إذا تخيل الحرام أو الباطل، بأنه يعاقب؟.. ولكن هناك عبارة عن روح الله (ع)، بأنها كالدخان الذي يسود المكان، فيزيل بهاءه.. قال الصادق (ع): (اجتمع الحواريون إلى عيسى (ع) فقالوا له: يا معلّم الخير!.. أرشدنا، فقال لهم: إنّ موسى كليم الله (ع) أمركم أن لا تحلفوا بالله تبارك وتعالى كاذبين، وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين ولا صادقين، قالوا: يا روح الله!.. زدنا، فقال: إنّ موسى نبي الله (ع) أمركم أن لاتزنوا، وأنا آمركم أن لا تحدّثوا أنفسكم بالزنا فضلا عن أن تزنوا.. فإنّ مَن حدّث نفسه بالزنا، كان كمَن أوقد في بيت مزوّق، فأفسد التزاويق َالدخانُ وإن لم يحترق البيت).
إن من هذه الأدخنة التي تسود القلب، احتقار الآخرين.. على الإنسان أن لا يحتقر أحدا.. بل كل ما رأى أحدا يقول: هذا خير مني.. قد يقول قائل: هذه مبالغة!.. الأمر ليس فيه مبالغة، عندما أقول: فلان خير مني.. لا باعتبار حاضره، وإنما باعتبار خواتيم عمله.. فلماذا أجعل خاتمتي خيرا من خاتمة فلان، مادامت الخواتيم مبهمة؟!.. من كان يظن أن الحر سيكون من أنصار الإمام الحسين (ع)؟.. ومن كان يظن أن الشمر، وهو من أصحاب أمير المؤمنين (ع)، سيكون في صف قتلة الإمام الحسين (ع)؟..
سماحة الشيخ حبيب الكاظمي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق