السؤال: لدي سؤال واود ان تجيبوني عليه من بعد اذنكم: ماهي الطريقة التي يتوجب ان ادعو بها الله وكيف يجب ان اتوسل بالمعصومين عليهم السلام فانا كثيراً ادعو ولكن لا يستجاب لي؟ ماهي اهم الطرق للتضرع الى الله واهل البيت حتى يستجاب لي؟؟
الجواب: لقد ضمن الله تبارك وتعالى الإجابة لمن يدعوه صادقاً ويتوجه اليه مخلصاً؛ فقال عز وجل: «وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ اذا دعاني، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون» (البقرة:186). وجعل سبحانه إجابته للمضطرين المحاطين بالهموم والغموم؛ فقال: «أمّن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء» (النمل:62). بل في سورة غافر قال سبحانه: «وقال ربكم ادعوني استجب لكم إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ » (غافر:60)، فلم يضع الله جل وعلا - ظاهراً - أي شرط للقبول سوى الخضوع لله، باعتبار أن الدعاء بنفسه يتضمن معنى الخضوع والإذعان بالفقر والحاجة له سبحانه.
لكنّ هذه الآيات أشارت إلى شروط ينبغي توفرها لاستجابة الدعاء.
فمن تلك الشروط أن يكون الداعي متوجهاً الى الله بالدعاء، وان لا يقوم بالأعمال التي تناقض دعاءه. فقد روي عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: «أربعة لا يستجاب لهم دعوة: رجل جالس في بيته يقول: اللهم ارزقني، فيقال له: ألم امرك في الطلب؟ ورجل كانت له امرأة فدعا عليها، فيقال له: ألم أجعل أمرها إليك؟ ورجل كان له مال فأفسده، فيقول: اللهم ارزقني. فيقال له: ألم آمرك بالاقتصاد؟! ألم آمرك بالإصلاح؟! ثم قال: «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، وكان بين ذلك قواماً»، ورجل كان له مالٌ فأدانه بغير بيّنة، فيقال له: ألم آمرك بالشهادة؟!».
ومن شروط استجابة الدعاء أن يكون دعاؤه بانكسار واستعبار. فقد ورد في الحديث القدسي قول الله سبحانه لنبيّه صلى الله عليه وآله: «أنا عند المنكسرة قلوبهم».
و من الشروط أيضاً الالتزام بطاعة الله عز وجل واجتناب معصيته واكتساب المال الحلال فإن بعض المعاصي تحجب الدعاء، ففي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: «إذا أراد أحدكم أن يستجاب له فليُطِب كسبه، وليخرج من مظالم الناس. إنّ الله لا يرفع إليه دعاء عبدٍ وفي بطنه حرام، أو عنده مظلمة لأحد من خلقه»!.
ومن شروطه الكمالية أيضاً الالتزام بآدابه من الطهارة واستقبال القبلة، والصدقة وتخير الأزمنة المناسبة والأمكنة المقدسة وأن يبدأ ويختم بتحميد الله والصلاة على النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين.
ثم إن على المؤمن أن يسلّم أمره إلى الله الرحمن الرحيم، العالم بالصالح، فقد لا يرى صلاحاً للعبد أن يستجيب له، فربما كان لا يفيده، بل يضره، كمثل من يطلب الزواج من امرأة معينة وهو سبحانه يعلم أنها سبب في انحرافه، أو من يطلب مالاً والله يعلم أنه سبب لبطره.
وقد يستجيب الله الدعاء بطريقة أخرى بأن يدفع به عنه البلاء.
وقد يكون الله عز اسمه يريد أن يجيب عبده لكنه يحبّ منه الإطالة في الدعاء، ليباهي به ملائكته، أو ليرفع به مقامه. وفي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: «أن العبد إذا دعا لم يزل الله تبارك وتعالى في حاجته ما لم يستعجل». وعنه أيضاً عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رحم الله عبداً طلب من الله عز وجلّ حاجة فألحّ في الدعاء، استجيب له أو لم يستجب، وتلا هذه الآية: «وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيّا».
ثم إن هذا الكلام يصدق إجمالاً في حقّ التوسل بالمعصومين عليهم السلام. لأنها ترجع في مآلها إلى الدعاء والطلب من الله عز وجل. قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة» (المائدة:35).
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق