نفهم من بعض المستحبات أن الإنسان الذي يريد أن يدخل ببحر الصلاة بقوة وبإقبال، لا بد وأن يعتني بالمقدمات السابقة للصلاة.. فالإنسان الذي يقف للصلاة بدون توجه؛ من الطبيعي أن لا تفتح له الأبواب.. إن لقاء الشخصيات المهمة في العالم هذه الأيام، يحتاج إلى اجتياز عدة مراحل كي يلتقي بتلك الشخصية.. فكيف بلقاء جبار السموات والأرض؟..
إن من تلك المقدمات التي توجب فتح الأبواب:
المقدمة الأولى: الإتيان إلى المساجد قبل الأذان، ولو بفترة قصيرة.. وهذه الحركة هي علامة الشوق.. مثلا: إنسان يدعوك لبيته، فتذهب مبكرا.. فهذا الذهاب المبكر، دليل على أن هناك شوقا في البين.
المقدمة الثانية: الإتيان ببعض المستحبات.. هناك فرق بين الواجب والمستحب: فالإنسان يقوم بالواجب؛ خوفا من غضب الله، أو طمعا في جنته.. ولكن الذي يأتي بالمستحب، لا يأتيه بداعي الخوف.. فالمستحب هو الفعل الذي إذا قام به العبد أثيب، وإذا ما قام به لا يعاقب.. إذن، ليس فيه خوف، نعم فيه طمع.. وعليه، فإن التقرب بالمستحبات، من الممكن أن تكون من هذه الزاوية، أقوى من التقرب بالواجبات.
المقدمة الثالثة: الإتيان بركعتين بعنوان: تحية المسجد.. قد يقول قائل: كيف نحيي المسجد، وهل هو موجود حي؟.. هناك عدة أجوبة، منها:
أولا: إننا نحيّي الملائكة الموكلة في المساجد.. فكما أن للأشجار المثمرة ملائكة، وللأنهار والبحار والمحيطات ملائكة.. فإن بيت الله –عز وجل- أولى بهذه الملائكة.. قال رسول الله (ص): (إذا كان يوم الجمعة، كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة، يكتبون الأول فالأول.. فإذا جلس الإمام، طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر).
ثانيا: ما المانع أن نحيّي المسجد، قال تعالى في كتابه الكريم: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}.. هنالك معنى من معاني التعقل نحن لا نفقهها.. هناك روح نحن لا نلامس هذه الأرواح: فالكعبة لها روح، ولهذا عندما نقف أمام الكعبة نقول: (الحمدُ لله الذي عظمك وشرفك وكرمك، وجعلك مثابةً للناس وأمناً مباركاً، وهدىً للعالمين).
فإذن، ركعتان قبل الصلاة الواجبة، من الممكن أن تكون من موجبات انفتاح أبواب السماء.
إن هناك فرقا بين المستحب والواجب.. في الواجب: المصلي يراعي مخارج الكلمات؛ لأن هناك فريضة.. ويراعي حركته؛ لئلا تسلب منه الطمأنينة.. في الصلاة الواجبة، تكون عينه على الظاهر، وعينه على الباطن؛ فيتوزع اهتمامه.. أما في المستحب: فهو معفي من هذه الأمور.. ولهذا يجوز الصلاة المستحبة، ولو بدون سورة؛ أي يقرأ الحمد ويركع ويسجد، وإن أخطأ بقراءته لا ضير عليه.. وهناك صلاة الماشي: في الفريضة لا يحق للمصلي أن يحرك بدنه، ولكن في المستحب يمكنه أن يصلي وهو يمشي.. وهنيئا لمن يصلي ويختم القرآن أثناء الطواف حول البيت!..
سماحة الشيخ حبيب الكاظمي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق