السؤال: من هو واضع علم النحو؟ فقد سمعنا أنه أمير المؤمنين عليه السلام، لكن بعض الأساتذة ينفون ذلك، ويقولون: إنه من وضع أبي الأسود أو قيس بن عاصم.
الجواب: أما تأسيس أمير المؤمنين لعلم النحو فهو من الأمور المعروفة المتواترة، المتسالم عليها عند نقلة هذه الآثار. ومما يدل على ذلك شهادة أرباب الفن وعلماء اللغة أنفسهم؛ قال السيوطي في كتاب النظائر والأشباه في النحو: قال أبو القاسم الزجاجي في أماليه: حدثنا محمد بن رستم الطبرسي قال: حدثنا أبو حاتم السجستاني، حدثني يعقوب بن إسحاق الحضرمي، حدثنا سعيد بن مسلم الباهلي، حدثنا أبي، عن جدي، عن أبي الأسود الدؤلي قال: دخلت على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فرأيته مطرقاً متفكراً فقلت: فيم تفكر يا أمير المؤمنين؟ فقال: إنى سمعت ببلدكم هذا لحناً، فأردت أن أصنع كتاباً في أصول العربية فقلنا: إن فعلت هذا أحييتنا، ثم أتيته بعد ثلاث، فألقى إليَّ صحيفة فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، الكلام كله: اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل. ثم قال لي: تتبعه وزد فيه ما وقع لك. واعلم يا أبا الأسود أن الأشياء ثلاثة: ظاهر ومضمر وشيء لا ظاهر ولا مضمر، وإنما تتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر. قال أبو الأسود: فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه، فكان من ذلك حروف النصب فذكرت فيها " إن وأن وليت ولعل وكأن " ولم أذكر " لكن "، فقال لي: لم تركتها؟ فقلت: لم أحسبها منها، فقال: بلى هي منها فزدها فيها. كما روى أبو عبيدة معمر بن المثنى وغيره، أخذ أبو الأسود، النحو عن علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال: ويروى أن أبا الأسود الدؤلى قالت له ابنته: ما أحسنُ السماء! فقال لها: نجومها، فقالت: إني لم أُرد ذلك، وإنما تعجبت من حسنها فقال لها: إذن فقولي: ما أحسنَ السماء! فحينئذ وضع النحو، وأول ما رسم منه باب التعجب.
وحكى أبو حاتم السجستاني قال: ولد أبو الأسود الدؤلي في الجاهلية، وأخذ النحو عن علي بن أبى طالب قال: وزعم قوم أن أول من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وزعم آخرون أن أول من وضع النحو نصر بن عاصم، وليس بصحيح؛ لأنهما أخذا النحو عن أبي الأسود. والصحيح ان أول من وضع النحو علي بن أبى طالب ع، لان الروايات كلها تسند إلى أبي الاسود وأبو الاسود يسنده إلى علي بن ابي طالب (عليه السلام) وقال الأنباري بعد خطبة كتابه وقبل ما نقله المصنف عنه: اعلم أيّدك الله بالتوفيق وأرشدك إلى سواء الطريق أن أول من وضع علم العربية وأسس قواعده وحدّ حدوده، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأخذ عنه أبو الأسود. وقال ابن خلكان في تاريخه: أبو الأسود ظالم بن عمر بن سفيان الدؤلي كان من سادات التابعين وأعيانهم، صحب علي بن أبي طالب وشهد معه صفين وهو بصري، وكان من أكمل الرجال رأياً، وهو أول من وضع النحو، فقيل: إن علي بن أبي طالب وضع له الكلام ثلاثة أضرب، اسم وفعل وحرف، ثم دفعه إليه، وقال: تمم على هذا، إلى ان قال: وسمى النحو نحوًا لأن أبا الأسود استأذن علي بن أبي طالب أن يضع نحو ما وضع.
وفيما ذكرنا كفاية لإثبات تأسيس أمير المؤمنين (ع) لعلم النحو، ولمن أراد المزيد يمكنه مراجعة الكتب المختصة.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.