السبت، 10 مايو 2014

شهوات الحلال وشهوات الحرام

من طرف طريق الفضيلة  |  نشر في :  8:18 م


السؤال: قرأت حديثا عن النبي (ص) أنه قال: من أكل ما يشتهي، لم ينظر الله إليه حتى ينزع أو يترك" .ص78، ولست ادري هل يعني ذلك أن على الإنسان أن يأكل ويلبس ويركب ما يشتهيه الآخرون، ولا تشتهيه نفسه؟ أوليس هذا التكلف بعينه؟

الجواب: في رواية أخرى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: من أكل ما يشتهي، ولبس ما يشتهي، وركب ما يشتهي لم ينظر الله إليه حتى ينزع أو يترك.
جمعا بين النصوص الشرعية الوحيانية لا محيص عن القول بأن المراد من هذا الحديث وأمثاله: أن يكون العبد لا هم له سوى نفسه، ولا اعتبار عنده للخالق ولا للمخلوق. فهو حين تشتهي نفسه شيئا يرتمي عليه سواء أخالف دين الله أو العرف والحياء أم وافقهم!.
وهكذا يظهر أن إنسانا كهذا يكون عبدا لشهواته، أسيرا لملذاته، قد تفلتت نفسه من عقالها لترديه مسالك المهالك، فتجعله أهون هالك. فلا يمكن بعدها أن يتوجه إلى الله سبحانه بالعبودية، لأنه يكون ممن "طغى وآثر الحياة الدنيا"(النازعات: 37- 38).
أما إذا كان العبد منضبطا  في حاجاته وشهواته بضوابط الشرع والاعتدال العرفي، فهو في نظر الله غير خارج عن طاعته ومرضاته.
ومع أن الله عز وجل: زين للنّاس حبّ الشّهوات، وغرسها لهم في أبدانهم، إلا أنه جل شأنه شرع لها حدودا وضوابط، لتقود الإنسان نحو الاعتدال والكمال، وتنهج له طريق الطاعة والعبودية الحقة، فأما من صارت نفسه تقوده، هجمت به نحو الفساد والفجور، فأبعدته عن نظرة الله الرحيم ورضوانه العميم.
وفي الكتاب المجيد: " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصّلاة واتّبعوا الشّهوات فسوف يلقون غيّا . إلّا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون شيئا" (مريم: 59- 60).
ومن كلمات الجواد (ع): "راكب الشهوات لا تستقال له عثرة"( بحار الأنوار: ج67 ص78)،  و: "من أطاع هواه أعطى عدوه مناه" (بحار الأنوار: ج67 ص78). وفي وصايا الإمام الكاظم (ع): " يا هشام! أوحى الله إلى داود: حذر ونذر أصحابك عن  حب الشهوات، فإن المعلقة قلوبهم بشهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عني" (مستدرك سفينة البحار: ج6 ص94). وفي نهج البلاغة: "من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهوته" (نهج البلاغة: الكلمة449).


سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.

التسميات :
نبذة عن الكاتب

اكتب وصف المشرف هنا ..

اشتراك

الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

أرشيف المدونة الإلكترونية

back to top